تونس تراهن على السوق الصينية لتعزيز حضورها السياحي

11
تونس تراهن على السوق الصينية لتعزيز حضورها السياحي
تونس تراهن على السوق الصينية لتعزيز حضورها السياحي

أفريقيا برس – تونس. شهدت السوق السياحية الصينية خلال السنوات الأخيرة اهتمامًا متزايدًا بالوجهة التونسية، حيث أكّد مسؤولون بوزارة السياحة أنّ الصين باتت تمثّل أحد أهم الأسواق الصاعدة التي تسعى تونس إلى اختراقها بقوة عبر استراتيجيات متكاملة للترويج والتعاون الدولي. فقد قال ممثلو الديوان الوطني التونسي للسياحة إن المشاركة في التظاهرات السياحية الكبرى بالصين خلال شهر سبتمبر الجاري تعكس رغبة واضحة في تعزيز التواجد التونسي، وتثبيت صورة البلاد كوجهة سياحية تجمع بين التاريخ والثقافة والطبيعة والابتكار.

من أبرز هذه المحطات، معرض السياحة الدولي بمدينة ڨوانزو CITIE، الذي مثّل منصة هامة لعرض ثراء المقومات السياحية التونسية. وأوضح المكتب أنّ اللقاءات الثنائية مع كبار منظمي الرحلات وشركات الطيران الصينية أفضت إلى بحث مبادرات تعاون جديدة، مع التأكيد على ضرورة تكثيف الحملات الترويجية المشتركة. كما أضاف المسؤولون أنّ وسائل الإعلام الصينية خصّصت مساحات معتبرة للتعريف بجاذبية تونس، مركّزة على خصوصياتها الثقافية والبيئية، إلى جانب فرص الاستثمار في قطاع الفندقة والسياحة البديلة.

وفي إطار تعزيز الشراكة مع المؤسسات العالمية، شاركت تونس أيضًا في منتدى الاتحاد العالمي للمدن السياحية WTCF، حيث خُصّص فضاء خاص للتعريف بمدينة توزر ضمن منصّة التعاون الدولي، إلى جانب مدن سياحية مرموقة من مختلف أنحاء العالم. وأكد ممثلو الديوان أنّ عرض ومضات إشهارية حول جمال تونس وتنوّع منتوجها السياحي، لقي تفاعلًا إيجابيًا من المشاركين، خاصة مع الترويج للمهرجان الدولي للمناطيد الذي سينتظم بين 24 أكتوبر و1 نوفمبر 2025 في ولايات دوز وتوزر وجربة. هذا الحدث المنتظر اعتُبر فرصة ذهبية لإبراز طابع السياحة البديلة في تونس، وربطه بالأسواق البعيدة كالسوق الصينية.

أما على صعيد المعارض الدولية المتخصصة، فقد سجّلت تونس حضورًا متميّزًا في معرض الصين الدولي لتجارة الخدمات CIFTIS 2025، وهو أحد أبرز الفعاليات التي تجمع أكثر من 600 مشارك من 66 دولة، بينهم مسؤولون حكوميون وخبراء في مجالات السياحة الرقمية والمستدامة. وقال ممثلو الديوان الوطني أنّ هذه المناسبة كانت محطة لطرح تونس كوجهة سياحية ذكية، قادرة على المزاوجة بين التراث الثقافي والابتكار الرقمي. وأضافوا أنّ شعار المنتدى “السياحة الرقمية والذكية من أجل مستقبل مشترك” ينسجم تمامًا مع التوجهات التونسية في مجال تحديث القطاع وتبني التقنيات الحديثة لتعزيز تجربة السائح.

وتجدر الإشارة إلى أنّ السوق الصينية تُعتبر من أكبر الأسواق السياحية العالمية من حيث عدد المسافرين والقدرة الإنفاقية العالية. فوفق تقارير دولية، تجاوز عدد السياح الصينيين في الخارج مئة مليون سنويًا قبل جائحة كوفيد-19، ما يجعلها سوقًا واعدة للوجهة التونسية. وفي هذا السياق، أكّد خبراء السياحة أنّ نجاح تونس في استقطاب نسبة ولو صغيرة من هذا السوق الضخم، من شأنه أن يحدث فارقًا كبيرًا في عائدات القطاع ويمنحه دفعة قوية نحو التنويع.

ومن جانب آخر، لا ينفصل الحضور التونسي في المعارض الدولية عن جهود الدبلوماسية الاقتصادية والثقافية. فقد قال مسؤولون بوزارة السياحة إنّ المشاركة النشطة في مثل هذه التظاهرات تعكس إصرار تونس على الاستفادة من مكانتها الجغرافية، باعتبارها جسرًا بين إفريقيا وأوروبا، ومن إرثها الحضاري العريق الممتد على ثلاثة آلاف سنة. وأكدوا أنّ الجمع بين البعد الرقمي والبعد الثقافي هو ما يميز الاستراتيجية الجديدة، التي تسعى إلى خلق صورة متكاملة لتونس في أذهان السياح والمستثمرين الصينيين.

من الناحية التاريخية، لطالما سعت تونس إلى تنويع أسواقها السياحية بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على السوق الأوروبية. فقد شهدت السنوات الأخيرة محاولات متكررة للانفتاح على الأسواق الروسية والجزائرية، لتأتي السوق الصينية اليوم كخيار استراتيجي جديد. ويرى محللون أنّ التركيز على السوق الآسيوية يتجاوز البعد السياحي نحو أفق أوسع يتمثل في تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين تونس والصين، خاصة في مجالات الفندقة، البنية التحتية، وتطوير الخدمات السياحية الذكية.

وتؤكد وزارة السياحة أنّ هذه المشاركات ليست مجرد حضور رمزي، بل هي جزء من خطة استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى رفع تنافسية الوجهة التونسية، وفتح آفاق تعاون مع مؤسسات عالمية مرموقة، وتعزيز إشعاع تونس كسوق ناشئة جاذبة للسائح الصيني. وأضافت أنّ نجاح هذه الرؤية مرهون بمدى قدرة الفاعلين السياحيين التونسيين على تطوير منتجات مبتكرة تلبي تطلعات السياح الآسيويين، مع الحفاظ على أصالة التجربة التونسية. وبذلك، تضع تونس نفسها على خارطة الوجهات العالمية التي تجمع بين الأصالة والحداثة، وتراهن على السوق الصينية كمفتاح لمستقبل سياحي واعد.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here