آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. فتح توقيع تونس لاتفاق عسكري مع الجزائر مؤخرا باب الجدل بسبب غموضه وعدم الكشف عن تفاصيله، وذلك رغم إصدار وزارتي الدفاع التونسية والجزائرية بيانين أوضحا من خلالهما هدف الاتفاقية المتمثل بالأساس في مواجهة المستجدات الإقليمية.
ووقع رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أول السعيد شنقريحة ووزير الدفاع التونسي خالد السهيلي الاتفاق مؤخرا، خلال استقبالهما في الجزائر من قبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
وذكر بيانان لوزارتي الدفاع التونسية والجزائرية أن الاتفاق يعتبر “محطّة فارقة في تاريخ العلاقات بين البلدين، وخطوة مهمة في مسار تعزيز العلاقات العسكرية الثنائية”. فيما أوضح البيان التونسي أن “أهمية الاتفاقية الدفاعية التي تم إبرامها بين الطرفين تتمثل في دفع التعاون العسكري ودورها المحوري في تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة”.
وتباينت ردود الفعل في تونس على إثر الإعلان عن توقيع الاتفاقية العسكرية مع الجزائر، بين من رحب بهذه الخطوة واعتبرها ضرورية لمواجهة المخاطر الأمنية المحدقة بالمغرب العربي، وأصوات أخرى انتقدت ضبابيتها وعدم نشر كل تفاصليها للرأي العام خاصة أنها اتفاقية تهم الأمن القومي للبلاد، مبدية توجسها من أن تمس هذه الاتفاقية من السيادة الوطنية أو تشكل فرصة لتوسع النفوذ الغربي في شمال أفريقيا.
ورصد موقع “أفريقيا برس” أراء سياسيين من أحزاب مختلفة ومحللين بخصوص السجال الدائر بشأن هذه الاتفاقية، وما إذا كانت هناك أطراف خارجية تسعى لاستهداف العلاقة بين دولتين جارتين في وقت سبق أن وقعت فيه تونس والجزائر العديد من الاتفاقات العسكرية المشابهة سابقا.
صيد في الماء العكرة
اعتبر النائب بالبرلمان التونسي، علي زغدود، في حديثه مع “أفريقيا برس” أن”الجدل حول الاتفاقية العسكرية بين تونس والجزائر صيد في المياه العكرة.”
ويقول”اتفاقية التعاون العسكري بين تونس والجزائر جاءت تتمة لاتفاق التعاون العسكري لسنة 2001، وتجمع تونس اتفاقيات تعاون عسكري مع عديد بلدان كغيرها من الدول،منها توقيع اتفاق تعاون عسكري بين تونس والولايات المتحدة لعشر سنوات سنة 2020 في عهد الرئيس الحالي قيس سعيد، وفي 2015 في عهد الرئيس الراحل الباجي وقعت تونس وفرنسا إعلان نوايا لتجديد اتفاق التعاون العسكري الموقع بين البلدين منذ عام 1973م،وغيرها من الاتفاقيات لم نسمع لهؤلاء الذين يصرخون ضد اتفاقية التعاون مع الجزائر ردحا.
ويضيف” كذلك منحت واشنطن سنة 2015 تونس صفة حليف أساسي خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو)، هذه الأخيرة، التي أسالت كثير من الحبر لأن تونس أخذت هذه الصفة حينها في ظل حكم النهضة والنداء، وكانت الدولة رقم 17 إلى جانب دول مثل مصر والمغرب والكويت والبحرين والأردن وكيان العدو الصهيوني وغيره، وربما هذه الاتفاقية مع الحلف الأطلسي التي يجب مراجعتها أو إلغاؤها لأنها في نظرنا مخالفة لدستور 2022،والذين يحتجون اليوم لم نسمع لهم صوتا، وحتى لما شاركت تونس في مناورات الأسد الأفريقي لم نسمع صوتهم،نريد موقفهم ممن يخدمون من التونسيون في جيش العدو الصهيوني ونعرف أنهم لا يستطيعون لأنهم ظلوا طيلة العشرية السوداء زوار دائمين للغريبة لكسب الرضا.”
ورأى أن” التعاون العسكري بين تونس والجزائر وغيره من دول المنطقة عادي وأكثر من عادي بل ومطلوب في ظل حالة توتر حادة يعيشها العالم،وكان المطلوب تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك للتصدي لجملة المخاطر المحدقة بأمن بلداننا… هناك بلدان لا يناقش فيها البرلمان ميزانية الجيش،وهناك بلدان ميزانية الجيش تناقش في جلسات سرية وهناك جيوش لها أكثر من ميزانية يعني شيء معلن وشيء خفي وبالتالي حتى محاولة الزج بالبرلمان في رهاناتهم الخاسرة محاولة بائسة، نحن ندعم أي تقارب وأي تنسيق وتعاون مع الأشقاء وثقتنا في جيشنا لا تتزعزع.”
ويلفت محمد الكحلاوي، الأمين العام لحزب الوطد الاشتراكي، في حديثه مع “أفريقيا برس” معلقا عن الاتفاقية بالقول” نحن كوطد اشتراكي نتباين مع كثير من المسائل و سياسات 25 جويلية، ونتعامل معها بصورة نقدية مع تقديرنا لعديد المواقف الايجابية في المسألة الوطنية ولعديد الإجراءات الاجتماعية، وبالنسبة إلى التقارب بين النظام الجزائري والنظام التونسي حيث تم أخيرا إمضاء اتفاقية أمنية مشتركة بينهما أثارت جدلا وانتقادا صادرين عن خلفيات تفتقد إلى النزاهة والموضوعية للأسباب التالية: أولا: أن تونس أمضت خلال حكم نداء تونس والنهضة سنة 2015 اتفاقات مع أمريكا وحلف شمال الأطلسي كحليف أساسي خارج حلف الناتو” ولم يصدر أي انتقاد ممن ينددون اليوم بالاتفاق الأمنية بين تونس و الجزائر.”
ويتابع” ثانيا: نحن في عصر التكتلات والأحلاف الاقتصادية والتجارية و العسكرية و الأمنية، والاتفاقية الأمنية بين تونس والجزائر وهي في رأينا إن كانت لا تخدم البلدين فهي لا تضر بهما في جميع المجالات كالتجارة البينية وخطوط النقل الجوية والسكك الحديدية وكذلك محاربة التهريب والإرهاب مع التذكير بفشل اتحاد المغرب العربي، وعليه لا خطر على تونس ولا خطر على الجزائر من هذه الاتفاقية الأمنية، ولا يستقيم النقد المغرض لهذا التقارب بين بلدين جارين من المغرب العربي إلا إذا كان لخدمة أجندات أجنبية.”
ويتساءل “أين موقف هؤلاء المنتقدين لهذه الاتفاقية الثنائية بين تونس و الجزائر من الاتفاقيات التطبيعية مع الكيان الصهيوني؟ من الاتفاقيات الإبراهيمية؟هذه الاتفاقيات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على عديد الأنظمة العربية الرجعية، التي كبلتها و جعلتها منحازة إلى سياسة الكيان الصهيوني وأمريكا، وإلى جرائمها وإبادتهما الجماعية لسكان غزة؟”.
ويشير إلى أن” الأطراف المنددة بالاتفاقية المشتركة بين تونس والجزائر هي نفس الأطراف المدافعة عن منظومة 24 جويلية 2021 وهي نفس الأطراف التي تعتبر إجراءات 25 جويلية 2021 انقلابا وهي نفس الأطراف المرتبطة بسفارات الدول الامبريالية الأجنبية الداعمة للكيان الصهيوني،وهي أي هذه الأطراف تتخفى وتتستر وراء مثل هذه الانتقادات للنيل من سلطة 25 جويلية وهدفها النهائي هو إعادة منظومة 24 جويلية إلى الحكم.ولذا كان الأولى بها البحث عن مواطن النقص والإخلال للولوج إلى النقد الموضوعي لأية منظومة في السلطة.”
من جهته، أبرز جيلاني الهمامي، القيادي بحزب العمال في حديثه مع “أفريقيا برس” أن” معاهدة التعاون العسكري، التي وقعت مؤخرا بين تونس والجزائر، ليس لها مثيل في تاريخ العلاقات بين البلدين سوى معاهدة سنة 2001. وبحسب ما رشح من معطيات حولها فإنها جاءت لتوسّع من نطاق مجالات التعاون الأمني والعسكري بين البلدين. ويذكر أن الجزائر كانت سعت من قبل لإحراز هذا الاتفاق الذي أمّلت إمضاءه في شهر جوان من السنة الماضية 2024. ولكن تفاصيل ما كانت حالت دون ذلك.”
وحسب الهمامي” تأتي هذه المعاهدة، التي لم يكشف بعد عن تفاصيلها،في ظرف سياسي وأمني يتميز بتصاعد التوترات على الصعيد العالمي وخاصة على الصعيد الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وحيال هذا الوضع نلاحظ في المدة الأخيرة ومنذ الغارة الصهيونية على قطر تسارع عمليات التقارب وإمضاء معاهدات أمنية وعسكرية من ذلك مثلا بين السعودية وباكستان من جهة وبين تركيا وقطر من جهة أخرى. هذا من ناحية السياق العام، أما بخصوص الانشغالات الخاصة لكلا البلدين، فمعلوم أن الجزائر دخلت منذ مدة في نسق قوي في استعداداتها للتحديات الأمنية المترتبة عن التطورات التي تعرفها المنطقة، وتعتبر نفسها استراتيجيا مستهدفة. وترى في توتر علاقاتها مع فرنسا من جهة ومع المغرب من جهة ثانية ومع دول الصحراء جنوبا (مع مالي خاصة) سببا كافيا كي تكثف من استعداداتها العسكرية لمواجهة ما يمكن أن يخبئه لها المستقبل.”
وبرأيه” تجد الجزائر نفسها في محيط “معادي” بدوافع ولاعتبارات متنوعة. المغرب باتت ساحة مفتوحة أمام الكيان الصهيوني وليبيا مازالت مصدرا لمخاطر الإرهاب مثلها مثل دول الصحراء جنوبا. البوابة الوحيدة التي يمكن أن تعوّل عليها في تأمين حدودها الشرقية هي تونس. لذلك هناك أكثر من سبب ودافع أمني واقتصادي وتجاري لعقد هذه الاتفاقية مع تونس التي باتت تمثل الفضاء الحيوي للنظام الجزائري. أما تونس فهي علاوة على حاجتها للتنسيق مع الجزائر لمواجهة آفة الإرهاب، ذلك أن أكثر من نصف الشريط الحدودي بين البلدين مازال يمثل موضوعيا وكرا للمجموعات الإرهابية حتى وإن تمت السيطرة نسبيا عليه.”
ويضيف” من جانب آخر تعاني تونس من عزلة كبيرة في علاقاتها بمحيطها الخارجي العربي والدولي. وتكاد تكون الجزائر البلد الوحيد الذي تجد فيه تونس ملجأ مطمئنا على جميع الأصعدة. تعول تونس على أن تجد في الجزائر التي تفوقها إمكانيات اقتصادية ومالية وعسكرية العون الذي تحتاجه الآن بشدة في ظل الأزمة الحادة التي مازالت جاثمة عليها. وقد أيقنت في المدة الأخيرة إثر الهجوم الصهيوني (كما أكدته شبكة س. ب. س. الأمريكية) على سفن الأسطول الدولي لرفع الحصار على غزة في مرفأ سيدي بوسعيد أنها فضاء متاح لأي عمل عسكري معادي من كيان “إسرائيل” أو أية قوة أخرى. وهذه الحاثة من الأسباب التي عجلت بالنسبة إلى السلط التونسية بعقد هذه المعاهدة.”
ويعتقد أن “الأهداف متباينة من هذه الاتفاقية، فهي بالنسبة للجزائر تامين لحدودها الشرقية ومجال لتمدد نفوذها الإقليمي وستجد في ذلك سندا لها دبلوماسية في بعض المحافل الدولية والإقليمية (الوحدة الإفريقية والجامعة العربية الخ…) وهي في المقابل بالنسبة لتونس مظلة للحماية من المخاطر الخارجية وحتى الداخلية وفرصة لتطوير الصادرات في بعض المواد والسياحة ومصدر للاستثمار والتمويلات. وعلينا انتظار الكشف عن معلومات أدق عن فحوى هذه المعاهدة ذلك أن القليل مما توفر الآن لا يسمح بإصدار أحكام باتة أكثر من يمكن استنتاجه في ضوء السياقات السياسية والجيو-إستراتيجية الراهنة”.
غموض وتساؤلات
وصفت الأحزاب المعارضة التونسية الاتفاق العسكري مع الجزائر بالضبابي وطالبت السلطة بالكشف عن تفاصيله باعتباره يهم الأمن القومي، كما استنكرت مواصلة السلطة النهج الفردي في الحكم وعدم تشريك الأحزاب والفاعلين السياسيين في نقاش ملفات وطنية.
ويقول رياض رمضاني، عضو المكتب تنفيذي للحزب الاشتراكي في حديثه مع “أفريقيا برس” أن”الاتفاق العسكري غامض في ظل مناخ سياسي متقلب، حيث لا تفاصيل دقيقة حول بنوده، ولا آليات تنفيذ واضحة، ولا حدود قانونية وسياسية معلنة”.
ويلاحظ أن”الإعلام الرسمي يقدّم الاتفاقية كخطوة لتعزيز الأمن المشترك وتأمين الحدود، لكن هذه الشعارات لا تكشف ما يجري بالفعل، خصوصًا في مناخ سياسي تُتركّز فيه كل السلطات بيد الرئيس وتتراجع فيه التعددية والمساءلة العامة. وهذا الغموض يفتح الباب مباشرةً للتساؤل عن السيادة الوطنية، ومدى قدرة المواطن على المشاركة الفعلية في صنع القرار ومساءلة الحاكم.”
وفي تقديره فإن” تونس بحاجة إلى وضوح سياسي ومؤسساتي يعيد ثقة الناس في دولتهم، ويضمن أن أي تحرك في السياسة الخارجية ينبني على الحرية والمشاركة والشفافية، لا على الصمت والخضوع”.
بدوره، أوضح رياض الشعيبي، القيادي البارز في حركة النهضة في حديثه مع “أقريقيا برس” أن”المشكل ليس في توقيع مثل هذه الاتفاقيات الخارجية، فالدولة التونسية أبرمت مئات الاتفاقيات التي اتخذت مسارها القانوني واتسمت بالشفافية والوضوح سواء داخل مؤسسات الدولة أو لدى الرأي العام.”
واستدرك”ملابسات إبرام اتفاقية الدفاع المشترك مع الأشقاء الجزائريين اكتنفتها عديد التساؤلات، على غرار طابعها الفجئي والسريع، وكذلك تفاصيلها، وغياب قيادة الأركان عن مراسم التوقيع (عكس الطرف الجزائري)، وعدم وضوح الجوانب الفنية، ومدى احترامها للسيادة التونسية على ترابها وقرارها، وخطر أن تكون هذه الاتفاقية مدخلا للتدخل في الشأن الداخلي.. كل هذا الغموض أثار انشغالات الرأي العام الوطني وتخوفاته من التفريط في مصالحنا وسيادتنا مقابل تنازل السلطة لضمان استمرارها بعيدا عن كل إرادة شعبية”.
ويتسق رأي الشعيبي مع رأي وسام الصغير، الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري الذي يشير في حديثه مع “أفريقيا برس” إلى “وجود محاذير كبرى ومآخذ حول هذا الاتفاق.”
ويشرح بالقول”لقد تم توقيع هذه الاتفاقيات الإستراتيجية في جنوح الظلام ودون علم الرأي العام التونسي بتمثيلياته المختلفة، وكان من المنطقي أن يفتح بشأنها نقاش مجتمعي، خاصة أنها تمس الأمن القومي والسيادة الوطنية، لكن وقع التوقيع عليها بشكل سري وفردي، وهو ما يعتبر شكل من أشكال تغييب الفاعلين بالمجتمع التونسي.”
وحسب الصغير فإن”الخطر الثاني يتمثل في عدم الدراية بالتفاصيل الدقيقة بشأنها، وهذا يعتبر مس من السيادة الوطنية والاستقلال الوطني، وهي تكرس الاحتكام لقرار فرد في تقرير مصير بلد بتاريخها وتعدديتها ومؤسساتها، ما هكذا تدار الأمور، ونحن نعتبر أنها علامة أخرى من سوء التسيير”.
مخاوف أمنية
يجمع المحللون والمتابعون على أن المخاوف الأمنية وراء توقيع تونس لاتفاق عسكري مع الجزائر خاصة في هذا التوقيت مع بروز توترات اجتماعية في المغرب وغياب الاستقرار في الغرب الليبي، على غرار الحروب المفتوحة في المشرق العربي على أكثر من جبهة.
وبالنسبة لعز الدين الزياني، الدبلوماسي السابق، فقد بين في حديثه مع “أفريقيا برس” أن”الأوضاع الإقليمية المتوترة هي التي جعلت من هذه الاتفاقية موضوعا للجدل. وقد يكون تدهور الأوضاع في المغرب هو الذي عجل بإبرام الاتفاقية. الجارة الجزائر أرادت إن تحمي نفسها سيما وأن ما يجري في المغرب قد ينتقل بفعل العدوى إلى التراب الجزائري.”
ولا يستبعد أن”تكون الأطراف المعنية، والتي ربما تحرك ما يحدث في المملكة المغربية، هي الرابح الأول من الحملة المطالبة بالكشف عن بنود الاتفاقية العسكرية بين الجارتين. ”
وأردف بالقول”كان بالإمكان تفادي كل هذا الجدل العقيم بنشر الخطوط العريضة للاتفاقية دون الدخول في التفاصيل حتى يعلم الجميع أنها لا تستهدف أحدا، وأنها تهدف إلى التصدي لكل عمل مبيت ضد امن البلدين، وهو أمر أصبح ملحا هذه أيام المتسمة بارتفاع وتيرة التهديدات الأمنية في المنطقة”.
ويقول علي زمرديني، الخبير الأمني ل”أفريقيا برس” أن”هذه الاتفاقية هي امتداد لاتفاقيات سابقة. نحن نعلم أنه منذ استقلال الجزائر إلى اليوم أنه هنالك العديد من المعاهدات. لكن تبقى هذه الاتفاقية رغم أنه لم يكشف عنها أحد من الطرفين إلى الآن، هي أعمق مما سبقها، حيث سيكون هناك تعاون بين اللجان الحدودية للبلدين.”
ويزيد بالقول”هذه الاتفاقية جاءت في وقت يشهد فيه العالم جملة من التحولات والتحالفات الجانبية، لم تعد هنالك تحالفات إقليمية، وكل تحالف جانبي يثير ضجة إعلامية وردود فعل من هذا المنحى، وفي هذا الاتجاه تندرج الحملة الحاصلة حاليا خاصة بسبب ضبابيتها، وهو ما جعل الألسن تمتد وتشمل العديد من التأويلات.”
وعلق” صحيح من جانب آخر هناك من يريد استهداف العلاقات بين البلدين لأن هناك أطراف لا ترضى بهذا التقارب، لكن يجب أن تأخذ بعين الاعتبار علاقة الند بالند وليس الضعيف مع القوي.”
ويرى منذر ثابت، المحلل السياسي، في حديثه مع “أفريقيا برس” أنه”طبيعي جدا أن يوجد مثل هذا الاحتراز والتظنن في علاقة بالأهداف الحقيقية للاتفاقية المبرمة بين تونس والجزائر، غير أنه هناك دوافع ومبررات أمنية لهذه الخطوة.”
ويتابع”الوضع الإقليمي مضطرب وغير مستقر في أكثر من مستوى وعلى أكثر من واجهة بسبب القطيعة بين الجزائر والمغرب حول موضوع الصحراء، يضاف ذلك إلى معطى النشاط الإرهابي في دول الساحل، خاصة في مالي الذي يهدد مباشرة الأمن الجزائري. على غرار الوضع الغير مستقر في الغرب الليبي وهو مجال توسع وتنفذ تركي قطري وانتشار للميليشيات، دون أن ننسى معضلة الهجرة والمخدرات، وبالتالي الاتفاق في حد ذاته طبيعي في ظل هذه الأوضاع.”
واستدرك” لكن الجوار المغربي لا يمكن أن ينظر إلى هذا المشروع نظرة ايجابية لتوجسه بأن تكون الجزائر مدفوعة بهدف توسعي لبسط هيمنتها على المحيط. لكن في تقديري الجزائر تعلم جيدا أن هناك توازنات إقليمية ودولية لا يمكن تخطيها، كما ليس من مصلحتها تجاوز تلك الحدود، وقد كلن هذا واضحا بعد تأكيد تبون أن القوة العسكرية الجزائرية هي دفاعية وليست لديها نوايا توسعية”.
ويستنج محمد بريك، المحلل السياسي، في حديثه مع “أفريقيا برس” أن”السجال والضوضاء الكبيرة التي أحدثتها هذه الاتفاقية مرده غياب قراءة صحيحة للمشهد العالمي، حيث سبق وأن توقع خبراء أمنيين وعسكريين مثل هذه الاتفاقية بين تونس والجزائر، بسبب ما يشهد العالم من صراع كبير بين الغرب والشرق، وما نجم عنه من إعادة تقسيم المشهد الجغرا سياسي حسب مناطق النفوذ لهذين المعسكرين.”
وخلص بالقول” تشعر تونس والجزائر بقلق إزاء هذه المتغيرات، وهو ما ساهم في التسريع في توقيع هذه الاتفاقية لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية.”
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس





