آمنة جبران
أهم ما يجب معرفته
وقعت تونس والجزائر 25 اتفاقية جديدة في مجالات متعددة، تشمل الاقتصاد والأمن والثقافة، خلال الدورة 23 للجنة الكبرى المشتركة. الباحث السياسي علية العلاني أكد أن هذه الاتفاقيات ستساهم في تعزيز التعاون بين البلدين وتخفيف البطالة، خاصة في ظل التحديات الإقليمية والدولية الراهنة. كما أشار إلى أهمية الحفاظ على السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
أفريقيا برس – تونس. وقعت تونس والجزائر، الجمعة، 25 اتفاقية وبرنامج تعاون في مجالات عديدة من بينها الاقتصاد والأمن والدبلوماسية والثقافة والإعلام، في إطار الدورة 23 للجنة الكبرى المشتركة بين البلدين.
وأشار علية العلاني، الباحث والمحلل السياسي، في حواره مع “أفريقيا برس” أن “هذه الاتفاقيات الـ25 إذا تمّ تنفيذها بالكامل وتقييم دورها ونجاعتها بشكل دوري، ستكون إضافة هامة لاقتصاد البلدين، خاصة وأن قضية التشغيل مطروحة بقوة في هذه الاتفاقيات، كما أن مساهمة القطاع العام والخاص في البلدين له دور مركزي في تقليص نسبة البطالة.”
واعتبر أن “نجاح هذا الحراك الاقتصادي من شأنه أن يجنب البلدين سيناريوهات حراك اجتماعي على شاكلة ما وقع في المغرب فيما عرف مؤخراً بحراك جيل زد 212.”
وأبرز أن “الانسجام في المواقف بين البلدين ينبع من قناعات مشتركة ومن إرادة سياسية قوية في دفع التعاون المشترك، خاصة في وضع إقليمي متوتر. مؤكداً في المقابل “حرص تونس على الحفاظ على سيادتها الوطنية وعلى مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول حتى ولو كانوا جيرانا لها.”
كيف تقرأ الاتفاقيات المشتركة الأخيرة التي وُقّعت بين تونس والجزائر والتي بلغ عددها 25 اتفاقية ومذكرة في مختلف المجالات؟
هذه الاتفاقيات الـ25 تأتي في ظروف إقليمية ودولية تتسم بالكثير من التحديات. ففي المستوى الإقليمي ما يزال قطار التعاون المغاربي الشامل معطلاً بسبب استمرار الخلاف بين الجزائر والمغرب. أما في المستوى الدولي، فكل أنظار العالم مشدودة لمآل الأزمة الروسية- الأوكرانية ولقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالترفيع في الرسوم الجمركية، ومدى تأثير ذلك على العلاقات الاقتصادية بين الدول ومنها المنطقة المغاربية، يُضاف إلى ذلك الجدل الكبير حول إمكانية المرور خلال سنوات قليلة (ربما 5 سنوات) إلى نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب. إذًا، في ظل هذه المعطيات الإقليمية والدولية اختار البلدان تونس والجزائر المضي قدماً في تعاون مشترك في المجال الأمني والاقتصادي. وهذا لا يعني بالطبع الاستغناء عن مواصلة التعاون مع شركاء تونس الحاليين شرقا وغربا.
هذه الاتفاقيات إذا تمّ تنفيذها بالكامل وتقييم دورها ونجاعتها بشكل دوري، ستكون إضافة هامة لاقتصاد البلدين، خاصة وأن قضية التشغيل مطروحة بقوة في هذه الاتفاقيات، كما أن مساهمة القطاع العام والخاص في البلدين له دور مركزي في تقليص نسبة البطالة. أما الاستثمار في الطاقات المتجددة فسيعود بالنفع على البلدين خاصة وأن تونس لها اتفاقيات مماثلة مع الشريك الأوروبي تنتظر التفعيل. الاتفاقيات الجديدة بين تونس والجزائر، والخاصة بالنقل والتعليم والصحة، إذا تمّ تفعيلها بشكل جيد وناجح فإن ذلك سيجنب تونس والجزائر سيناريو حراك زاد 212 مثلما حصل مؤخراً مع بعض الدول. وإجمالاً فالاتفاقيات المنشأة مؤخراً تصب في صالح البلدين خاصة وأن الإرادة السياسية متوفرة في كلا البلدين، ونأمل في تسوية الخلافات المغاربية القديمة لدفع قطار التعاون المغاربي إلى أبعد مدى.
هل بوسع الاتفاق العسكري الأخير المبرم بين البلدين مواجهة التحديات الأمنية خاصة فيما يتعلق بالهجرة وتأمين الحدود؟
الاتفاق العسكري المبرم بين تونس والجزائر لا يتعارض مع الاتفاقيات العسكرية مع العديد من الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، لكن خصوصية الاتفاق التونسي- الجزائري هي الحفاظ على تأمين الحدود، وعندما يتمّ تأمين الحدود فإن ذلك يساعد على التحكم في الهجرة غير النظامية ومخاطرها. وأعتقد أن تونس لها الخبرة في تأمين حدودها منذ عقود. كما أن الاتفاقيات الـ25 الأخيرة تتكامل مع اتفاقية الدفاع المشترك التي وقعت في أكتوبر 2025 لأن الاتفاقيات الـ25 أكدت أكثر على التعاون في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل.
برايك ما هي دوافع هذا الانسجام في المواقف بين البلدين؟
هذا الانسجام في المواقف بين البلدين ينبع من قناعات مشتركة ومن إرادة سياسية قوية في دفع التعاون المشترك، خاصة في وضع إقليمي متوتر. لكن تونس حافظت ولا تزال على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول حتى ولو كانوا جيرانا لها.
هل من شأن الاجتماعات البديلة بين تونس وليبيا والجزائر أن تجد حلولاً لأزمات المنطقة؟ وهل تمهد مثل هذه الاجتماعات لإنهاء دور الاتحاد المغاربي؟
لا أعتقد أن زعماء الدول الثلاث تونس والجزائر وليبيا يفكرون في إنهاء دور الاتحاد المغاربي. ونشير بهذه المناسبة أنه رغم الخلاف بين الجزائر والمغرب في ملف الصحراء الغربية فإن ذلك لم يمنع المغرب من عقد اتفاقيات ثنائية مع دول أفريقية ومغاربية. ونحن نأمل أن لا يطول النزاع كثيراً بين الجزائر والمغرب حول ملف الصحراء الغربية، لأن التحديات القادمة لا تسمح بوجود كُتل اقتصادية محدودة التأثير، وأعتقد أن مشروع الخط الحديدي الذي سيربط طرابلس بأقصى الشرق الليبي، والذي وافقت إيطاليا على إنجازه سيكون حافزاً لكل من تونس والجزائر على ربط هذا الخط الحديدي بالشبكة الحديدية لكلا البلدين ويدعم التبادل التجاري بينها جميعاً. وإذا ما تمّ التوصل إلى حل الأزمة بين المغرب والجزائر فإن الشبكة الحديدية ستتمدد أكثر فأكثر في انتظار ربطها يوماً ما بالفضاء الموريتاني، وللإشارة هناك مشروع اتفاق أولي لخط حديدي بين المغرب وموريتانيا.
هل برأيك تحتاج الدبلوماسية إلى وضوح أكثر خاصة في ظلّ المتغيرات الدولية المتسارعة؟
أعتقد أنّ المطلوب من الدبلوماسية التونسية: أولا، الحفاظ على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. ثانيا، التركيز أكثر على الدبلوماسية الاقتصادية مع الدول الشقيقة والصديقة، اعتمادا على مبدأ تعدد الشركاء. ثالثا، توسيع تعاون تونس مع محيطها العربي وخاصة الخليجي. فهناك اليوم الكثير من الدول الغربية التي تتنافس على شراكات اقتصادية مع الدول الخليجية. رابعا وأخيرا، في تقديري فإن الدبلوماسية التونسية تحتاج أيضا إلى رؤى استشرافية لما يمكن أنْ يكون عليه الوضع في شمال أفريقيا والشرق الأوسط بعد هذه التغيرات الإقليمية والدولية. وهناك بداية حديث عن مشروع اتحاد عربي ربما يُعوًض الجامعة العربية، وأنّ هذا الاتحاد العربي الجديد سيكون له شأن كبير مع اقتراب ظهور نظام عالمي جديد، وربما يكون للسعودية إسهام كبير في نشأته.





