بقلم الأستاذ بولبابه سالم
شهد السبت الفارط لقاء مفاجئا بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد و رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بدعوة عاجلة من الشاهد .
و بعيدا عن التصريحات الديبلوماسية التي اطلقها الغنوشي مثل تثمين اتفاق الحكومة و الاتحاد العام التونسي للشغل بعد إلغاء الاضراب العام او الاعلان عن نهاية ازمة التعليم الثانوي التي شغلت الرأي العام لفترة طويلة ،، فإن عودة الغنوشي السريعة الى القصبة و تأجيل انطلاق اشغال مجلس شورى حركة النهضة لساعات الى حين عودة رئيس الحركة يؤكد أهمية و قيمة اللقاء ،، لقد بلغ الى علم رئيس الحكومة عزم اطراف مؤثرة داخل النهضة و منهم لطفي زيتون و آخرون حث مجلس الشورى على ضرورة قيام حكومة انتخابات بعد تأسيس الشاهد لحزب جديد “حركة تحيا تونس” من اجل تحييد مؤسسات الدولة ، اضافة الى تصاعد بعض التصريحات العنيفة من بعض نواب كتلة الائتلاف الوطني فيها دعوة الى تحجيم حركة النهضة بدل التعاون و التعايش و التضامن الذي يقتضيه الائتلاف الحكومي ، و طبعا لا يخفى حجم الهجمات السياسية التي تعرضت لها النهضة منذ فك الارتباط مع نداء تونس و رئيس الجمهورية بعد تمسكها بالاستقرار الحكومي و رفضها اسقاط يوسف الشاهد .
لا شك ان مساندة النهضة للشاهد كلّفها خسارة دعم رئيس الدولة الباجي قايد السبسي لكنها اصبحت تواجه ايضا تصريحات مستفزة فيما تعتبره نوعا من الغدر و “نكران الجميل ” من الكيان السياسي الجديد للشاهد مما جعل مراكز قوى داخلها تدعو الى مراجعة العلاقة مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد .
يدرك الشاهد جيدا حجم تأثير الغنوشي في حزبه لذلك استدعاه على عجل لوضع النقاط على الحروف و التأكيد على مواصلة الشراكة مع حركة النهضة باعتبارها الكتلة النيابية الاكبر في مجلس النواب ، مع تملّصه من التصريحات غير المسؤولة التي صدرت من المحسوبين على كتلة الائتلاف الوطني او المتعاطفين معها ، وهي شراكة اعلن عنها رئيس مجلس شورى النهضة عبد الكريم الهاروني بعد انتهاء اشغال المجلس .
كما تناول لقاء القصبة بين الشاهد و الغنوشي طبيعة الاستعدادات للمرحلة السياسية القادمة و خاصة الانتخابات بعد نهاية الأزمة الاجتماعية ، و هنا كان التاكيد على ضرورة مواصلة الشراكة و التعاون بعد انتخابات 2019 لأن حزب الشاهد الجديد جمع أغلب الغاضبين من نداء تونس و سياسة مديره التنفيذي حافظ قايد السبسي و شهد إنضمام ابرز رجال الأعمال المؤثرين مما يجعل حظوظه قائمة في الموعد الانتخابي ..
كما يناقش حزب الشاهد ايضا امكانية التحالف مع حزب مشروع تونس بقيادة محسن مرزوق الذي كثّف لقاءاته في الفترة الاخيرة مع سليم العزابي .هذا التعايش و الشراكة يستوجب خفض منسوب التوتر من العناصر الراديكالية للحزبين .
و لا تستبعد بعض المصادر امكانية دعم النهضة للشاهد اذا ترشح للانتخابات الرئاسية خاصة ان الاتجاه داخل النهضة يميل الى دعم شخصية من خارج الحركة ، او النظر في دعم الحزبين معا لشخصية توافقية .
لقاء السبت الفارط يشبه لقاء البريستول في باريس بين الباجي قايد السبسي و راشد الغنوشي سنة 2013 و الذي مهد لترتيبات السلطة سنة 2014 .اما لقاء الشاهد و الغنوشي الأخير فهو تحضير لما بعد انتخابات 2019 .