مركز واشنطن: إستراتيجية الغنوشي البراغماتية نجحت أمام لهفة السبسي للسلطة

الغنوشي: نساند الدولة في حربها على الدواعش

نشر مركز واشنطن العربي  Arab Center Washington ورقة بحثية تحت عنوان Tunisia’s Fragmented and Polarized Political Landscape للباحث دانيال برومبيرغ الذي قام بزيارة عمل إلى تونس مؤخرا ، تحدث فيها عن الوضع السياسي في تونس والذي شبهه الباحث بالسياسة “البيزنطية ” لشدة تعقيده و صعوبة فهمه بشكل واضح، نظرا لتفتت المشهد السياسي والإنقسام الذي تعرفه العائلة الديمقراطية والذي إنعكس على الوضع العام.

وأضاف برمبيرغ أنه من حسن حظ تونس وجود مؤسسة عسكرية غير مسيسة لا يمكنها الإنقلاب على السلطة، وبالرغم من ذلك فإن الوضع الأمني الإقليمي الصعب في المنطقة يخيم بظلاله على الدولة الصغيرة في شمال إفريقيا لا سيما بعد التطورات الأخيرة التي عرفتها الجزائر.

و أضاف الباحث الأمريكي بأن الصراعات حول السلطة الشخصية والعائلية داخل حركة نداء تونس الفائز بالإنتخابات الأخيرة قد إنعكست على الجو السياسي والإقتصادي العام في البلاد، كما أنه و مع إقتراب موعد الإنتخابات التشريعية و من بعدها الرئاسية نهاية هذه السنة يسعى رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي إلى إثارة الجدل الهووي لإحياء الإستقطاب الثنائي ، وذلك من خلال إقتراح مشروع قانون للمساواة في الميراث بين الجنسين.

وكان يراهن في ذلك على إحتجاجات كبيرة من أنصار الإسلاميين حتى يظهر في مقام المدافع عن الدولة المدنية أما الجمهور العلماني و هو ما لم يتحقق ،حيث غطت الإحتجاجات الإجتماعية على الإحتجاجات الهووية ،ليخسر الباجي ورقة هامة كان يسعى من خلالها إلى إعادة الإستقطاب الثنائي قبل الإنتخابات في إستحضار لسيناريو ما قبل 2014، و أردف الكاتب بأن مبادرة الرئيس التونسي كانت أحد إرهاصات الصدمة بعد خسارة حزبه نداء تونس للإنتخابات البلدية وإنهيار شعبيته وبالتالي الضغط على جرح الحداثة قبل خريف 2019.

وفي المقابل فإن حركة النهضة قد تعاملت بحنكة مع هذا المقترح و أمسكت العصا من وسط دون أن تظهر في موقع الضعف أمام أنصارها المحافظين وأكدت أنها لن تسمح بمرور هذه المبادرة برلمانيا،

و أردف دانيال برومبيرغ بأن إستراتيجية الغنوشي البراغماتية تتجلى في محاولاته الظهور بشكل غير المتلهف للسلطة، فعلى الرغم من الإنقسامات الداخلية لحركة النهضة فإنها تبقى الحزب الأكثر نفوذا مقارنة بالأحزاب العلمانية المتناحرة، و ذلك يعود إلى الإستراتيجية بعيدة المدى التي رسمها راشد الغنوشي بالقبول بتمثيلية صغيرة في حكومة مابعد إنتخابات 2014 حيث قبل بحقيبة وزارية واحدة لإعادة ترتيب صفوف حزبه بعد خسارته الإنتخابات و محاولة تدارك الأخطاء و عينه على إنتخابات 2019 ،و قد نجحت هذه الإستراتيجية بحيث أصبحت النهضة الداعم الأول للحكومة و الحزب المرشح للفوز في الإستحقاق الإنتخابي المقبل ،و ما يقابله من تفكك في حزب رئيس الجمهورية الذي أظهر “لهفة” على السلطة و إحتكارا للرئاسات الثلاث مع إهمال الشأن الداخلي للحزب ،حيث إستقال أكثر من 50 نائبا من كتلته البرلمانية التي تقهقهرت من الكتلة الأولى إلى الكتلة الثالثة.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here