توفيق الزعفوري
في البلدان التي تحترم فيها سلطة القانون، يقع إنفاذه حينيا عندما يتعلق الأمر بأموال المجموعة الوطنية، في تونس ترسانة القوانين التي لدينا فشلت في التصدي لظاهرة التهرب الضريبي، و الاقتصاد الموازي ، و لم يبق الا تجريمه بنص قانوني واضح..
في فرنسا وقع إيقاف برنار تابي، و كان عمدة مرسيليا، و التحقيق معه من أجل التهرّب الضريبي، و لاعب التنس المشهور بوريس بيكير أوقف في مطار فرانكفورت بألمانيا، من أجل التهرب الضريبي، و وقع تتبع أبيه أيضا لتلاعبه بأموال الضرائب الموظفة على ثروة إبنه، و هو يعيش حاليا في موناكو، مقاطعة فرنسية ينعم فيها الفاسدون بغطاء قانوني، و تعتبر من الجنان الضريبية، كالمالديف، و السيشال، و غيرها، تونس كلها جنة ضريبية لأهلها، رغم أنها خرجت لتوها من القائمة السوداء، و المتهربون من دفع ما عليهم من أداءات تقدر أعدادهم بالملايين، رغم إسقاط أجزاء منها، و تقليص البعض الآخر، و إعادة جدولة، تبقى علاقة التونسي بالضريبة و الأداء غامضة و مبهمة..
مارادونا أوقف في إيطاليا نتيجة التهرب الضريبي، في إيطاليا اِمتثل برلوسكوني للقضاء بتهم تتعلق بالتهرب الضريبي مرات عديدة،اذا كانت أولويات الرئيس الجديد، إقتصادية بالأساس، فإن من أوكد أولويات، الشعب أنه يريد تأمين أمواله ضد اللصوص..
الممتنعون عن دفع الضرائب، هم أيضا لصوص، و هم كثر، و من المفروض البحث في جيوب هؤلاء من أجل تمويل خزائن الدولة و إنعاش الاقتصاد، و قد كان للرئيس خطة واضحة في ذلك، جاء وقت تنفيذها الان، بعدما وقع تهميشها لارتعاشة الأيادي، و هي الأكثر فسادا يستثمر في المناطق الاكثر فقرا، و الرئيس تعهد أن يكون القدوة، و الا يمس مليما واحدا من مال التونسيين، و هي حجة قوية للمبادرة بتجريم التهرب الضريبي، الذي يسبب خسارة لخزينة الدولة تقدر ب 1.5 مليار دينار سنويا، أي بنسبة 25٪ تقريبا من الميزانية المخصصة للتنمية سنة 2019. وهو مبلغ قادر على تغيير واقع الحياة في عديد الجهات نحو الأفضل..
سياسة المجابهة، و إلزام الناس، بالقانون، ستكون إحدى تحديات الرئيس الجديد، غير انه لتنظيف الأدراج علينا أن نبدأ من الأعلى بإتجاه الأسفل، حتى يكون التنظيف سهلا و ناجعا…حمى الله تونس من اللصوص و الفاسدين…
