الفيلم المغربي ”آدم” يعيد فتح قضية الأم العزباء

51

المرأة التي تنجب خارج إطار الزواج في المجتمع المغاربي أو العربي بصفة عامة،مسألة غير مقبولة بتاتا في المجتمع الذي تنتمي إليه رغم اكتسابها للعديد من الحقوق المدنية، وذلك جراء العادات والتقاليد والمعتقدات الدينية المتوارثة من جيل إلى جيل.

تم تسليط الضوء على هذه القضية الاجتماعية في المجتمع المغربي الذي يشبه أغلب المجتمعات الشرقية الأخرى، بعيون المخرجة المغربية مريم التوزاني بفيلمها الروائي الطويل”آدم”.

استطاع هذا الفيلم استقطاب أعداد غفيرة من جمهور أيام قرطاج السينمائية 2019 يوم أمس الإربعاء، بمسرح الأوبرا الذي يحتضن عروض الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة المشاركة في المسابقات الرسمية في الدورة الثلاثين لأيام قرطاج السينمائية.

في 98 دقيقة استطاعت المخرجة المغربية مخاطبة العقول والقلوب، من خلال مشاهد مؤثرة ومعبرة ساعدت على تسلسل أحداث الفيلم بدقة متناهية.

تلعب الممثلة المغربية نسرين الراضي في فيلم “أدم” دور “سامية” الأم الحامل بابن غير شرعي، الذي مثل عائقا بالنسبة لها لمواصلة حياتها وسط عائلتها المحافظة.

تحاول “سامية” الهروب من عار الأسرة والأهل وتلتجأ إلى دق منازل الناس قصد العمل عندهم والتستر على نفسها لكن أغلب الأبواب أغلقت في وجهها وظلت وحيدة في الشارع.

لكن سرعان ما تتغير الأحداث وتجد الشخصية الرئيسية من يساعدها على حمل هذا العبء الثقيل عليها، حيث التقت “سامية”ب”عبلة”، وهي أرملة تعيش صحبة طفلتها في منزل بسيط بالدار البيضاء (المغرب)، قبلت أن تأويها عندها والتسترعليها بعد أن حركت فيها مشاعر الشفقة والرحمة.

وتدور أحداث الفيلم بالأساس في منزل “عبلة” المرأة الكادحة والمجتهدة التي تعمل كل يوم في صنع الخبز المغربي من أجل كسب قوتها وتعليم ابنتها الصغيرة.

تلبس “عبلة” الأسود ولا تهتم بنفسها وبأنوثتها حدادا على زوجها الراحل وهو الشيء الذي دفع “سامية”، بالرغم من معاناتها وآلامها العميقة، إلى بذل قصارى جهدها لإخراجها من قوقعتها والانفتاح مرة أخرى على الحياة.

وقد بدأت بوادر التغيير تظهر على “عبلة” التي حاولت إقناع الشخصية الرئيسية بعدم التخلي عن “وليدها” مهما كانت الظروف فالأمومة غريزة قوية جدا لا يمكن التحكم فيها،وبالفعل لم تستطع الشخصية الرئيسية نفر رضيعها بعد ولادته لمدة طويلة، وضمته إلى حضنها بمشاعر جياشة تمزج بين الحب والإحساس بالذنب، جسدتها المخرجة وكاتبة السيناريو مريم التوازني، في مشهد مؤثر ومحبوك تقنيا.

هوعالم نسائي بامتياز نسجته مريم التوزاني في فيلمها “آدم” الذي تبرز فيه قوة المرأة المغربية وقدرتها على تحمل أعباء الحياة في حياتها وتحملها مسؤولية أفعالها.

ويجدر الإشارة أن المخرجة غيبت تقريبا ظهورالرجل، وكأنها أرادت أن تقول عبر هذا العمل السينمائي أن المرأة ليست كائنا ضعيفا وهي إنسان واع ومسؤول يستطيع تجاوز الصعوبات من دون أن يكون الرجل الشرقي إلى جانبها أو على الأقل من دون أن يتسبب لها في المشاكل.

ورغم قسوة المجتمعات التي يغلب عليها نزعة الدين ووطأة العادات والتقاليد هناك دائما نافذة أمل في هذه الحياة وأناس يؤمنون بعمل الخير والرحمة منهم “عبلة” الشخصية الرئيسية الثانية لهذا الفيلم.

كما حاولت كاتبة السيناريو مريم التوازني في فيلمها الروائي الأول إبراز الهوية المغربية من خلال توظيف اللباس التقليدي (القفطان) واللهجة المغربية والأجواء الفلكلورية التي تتميز بها هذه البلاد.

ينتصر”آدم ” في النهاية لقيم الإنسانية كحب الحياة والأمومة والصداقة التي بدأت تنعدم عند بعض الأشخاص.ومريم التوزاني مخرجة تهتم كثيرا بطرح القضايا الاجتماعية في أفلامها حيث أنجزت سنة 2015 فيلم روائي قصير بعنوان “آية تذهب إلى البحر” الذي تناول ظاهرة استغلال الأطفال الصغار كخادمات بيوت .

كما أنجزت فيلما وثائقيا حول الدعارة بالمغرب أقتبس أحداثه زوجها نبيل عيوش لإنتاج فيلم سنة 2014 بعنوان “الزين اللي فيك”.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here