حياة بن يادم
تتواصل المهزلة المتمثلة في عربدة رئيس كتلة الحزب الدستوري الحرّ عبير موسي، في حرمة قصر باردو… إذ لم تكتف بالاعتصام … بل اقتحمت جلسة لجنة المالية محاولة تعطيلها و الدخول في مشّادات كلامية مع نواب لا ينتمون لكتلة النهضة عدوّها الأول… كما منعت رئيس مجلس النواب من دخول مقرّه، و أعلنت أن كتلتها ستمنع انعقاد الجلسة لمناقشة قانون المالية 2020.
لتصلنا صورا صادمة لاعتصام كتلة “الظاهرة النشاز” عبير فيها اعتداء على حرمة البرلمان، و انقلاب على دستور الثورة…. و كأن البلاد ينطبق عليها المثل العامّي “لقاو المدينة خالية قاموا فيها الأذان”.
رغم صدور بلاغ من رئاسة مجلس النواب، في شكل اعتذار يؤكد التالي: ” وستقوم رئاسة المجلس بما يتعين لسحب العبارات المنافية من مداولات مجلس نواب الشعب”. لكن عبير تريد اعتذارا من كتلة النهضة. و الأصل و أنها تعرضت “لعبارات نابية” في جلسة عامة، و تحت قبة البرلمان، و المسؤول على أي تجاوز هو رئيس مجلس النواب، و رئاسة المجلس قامت باللّازم.
يتّضح و أننا أمام حالة شاذّة ومستعصية و مريضة نفسية “بمتلازمة” النهضة و الثورة، أخذت مقرّ السيادة “البرلمان” رهينة لتستبيح حرمته و تجعله مسرحا لنوباتها الصّرعية و عجرفتها، لتشوه ما تبقى من رمزية مقرّات السيادة مستغلة بذلك رمزية شهر ديسمبر لتأخذ بثأرها من الثورة، و هو لعمري جريمة في حق هذا الوطن.
يصير هذا على مرآى و مسمع من الجميع، و لحسابات سياسية ضيقة، تقف الأطراف السياسية متفرّجة على المعركة بين “عبير” ممثلة نظام ما قبل الثورة، و “جميلة” ممثلة النهضة الحاكمة بعد الثورة، و هذا يعتبر مشاركة في الجريمة.
لكن بالرّجوع إلى السبب الأصلي فيما يحدث اليوم، نجد أن سياسة العفو التي انتهجتها النهضة منذ هبوب رياح ديسمبر المفعمة بالحرية و الكرامة، على أساس و أن الوطن يتّسع للجميع أفرزت لنا شاكلة عبير التي تعتبر الوطن مزرعتها الخاصة.
ليأتي القانون الانتخابي الذي ساعد على وصول كيانات غريبة و شاذّة و رديئة و معادية لثورة 17 ديسمبر إلى قبة البرلمان.ما الحلّ، هل سنبقى نتفرّج على هذه المسرحية الركيكة، في ظلّ وضع هشّ تعيشه البلاد، و في ظلّ فراغ رهيب تلعب فيه حكومة تصريف الأعمال دور تسريع التعيينات على أساس المصالح و الغنائم؟.
أمام هذه الحالة العصبية المستعصية لعبير، و المتمثلة في حالة “صرع ذاتي مجهول الهوية”، و لو أن مجهول الهوية معلوم، هو النهضة و الثورة… فإن العقاقير المهدئة في هذه الحالة، و المتمثلة في صدور بلاغ اعتذار من رئاسة المجلس لم يأتي أكله و نظرا لخطورة الوضع و عدم السيطرة على النوبات الصّرعية فإن العمليات الجراحية ضرورية لوقفها، لذلك:
أطالب السيد رئيس الجمهورية بتحمل مسؤوليته التاريخية، بالمصادقة على القانون التعديلي للانتخابات الموجود على مكتبه، و إن لزم الأمر المرور إلى انتخابات مبكرة، لعلّها تزيل الأجزاء التي تحدث النوبات الصّرعية.
أطالب السيد رئيس مجلس النواب بصفته المسؤول الأول على مقر سيادة الشعب، أن يتحمل مسؤوليته و أن يطبق الفصل 48 من النظام الداخلي الذي ينصّ بكل وضوح: “يشرف رئيس المجلس على حسن سير جميع مصالح المجلس وله اتخاذ التدابير اللازمة لحفظ النظام والأمن داخل المجلس وحوله” لمنع هذه الفوضى تحت قبّة البرلمان.ما يحدث بمقر البرلمان مهزلة و اغتصاب بامتياز لإرادة الشعب التونسي العظيم، فضيحة بجميع المقاييس …
