كيف نصحح اخطاء الماضي و نحتفظ بافضل ما فيه لبناء المستقبل؟

39
كيف نصحح اخطاء الماضي و نحتفظ بافضل ما فيه لبناء المستقبل؟
كيف نصحح اخطاء الماضي و نحتفظ بافضل ما فيه لبناء المستقبل؟

بقلم: المهدي الجندوبي / استاذ متقاعد
افريقيا برس
تونس.
حضرة الرئيس سنة طيبة و صحة وافرة و كل التوفيق في اعمالكم لصالح الوطن اعرف حرصكم على الانصاف الاخلاقي و الفكري و الاجتماعي و استسمحكم الملاحظات التالية:

بعد 10 سنوات من الثورة لم يعد من الممكن اختزال المنظومة السابقة في عيوبها، فهي حقبة عاشتها تونس سلطة و شعبا و تحمل السلبيات كما الايجابيات و ليس اقل ايجابياتها انكم ثمرة مباركة من ثمرات نظامها التربوي.

حان وقت التقييم العقلاني لهذه المرحلة و ليس افضل من تكليف فريق من الجامعيين المحايدين لاداء هذه المهمة بعيدا عن التسرع و الاهواء و القراءات الايديولوجية. اذ لا يمكن اخذ القرارات المناسبة على ضوء تشخيص غير دقيق للواقع التونسي بكل تعقيداته. كيف يمكن القطع مع الماضي في اسوء مظاهره دون التفريط في افضل مكاسبه.

نحتفل بعشرية اولى للثورة اي تقريبا نصف الفترة التي ادارها الرئيس السابق بن علي و حان وقت تحمل مسؤولية حصيلة المنظومة الحالية سلبا و ايجابا و عدم الهروب باتهام رجال الماضي على تقصير رجال الحاضر.

من اخوتنا في الوطن من انتمى الى النظام السابق و منهم ايضا من لم ينتم اليه لكنه اصبح يدرك بالمقارنة بعض مكاسبه من غير غفلة عن اخطائه، فهؤلاء قبل الثورة و بعدها تونسيون رسمت لهم الثورة قواعد جديدة يلتزمون بها، فمن احترمها له حقوق مواطنة كاملة و من لا يحترمها يواجه العدالة لكن لا احد منهم يستحق تشبيهه بسلالة متجددة لجرثومة، اذا حرصنا على صون هذا الوطن فضاء امنا لعيش مشترك رغم الاختلاف.

اما المناورات فهي الخبز اليومي لكل السياسيين في كل الانظمة و انتم ادرى بما وثقته كتب العلوم السياسية عبر كل الازمنة. و من لا يرغب او لا يقدر على المناورة، عليه ترك الفعل السياسي و التوجه نحو كتابة الكتب و القاء المحاضرات لنشر افكار المستقبل دون استبطاء النتائج لان الافكار مهما كانت جميلو و مفيدة بطيئة في استقرارها في العقول.

ابارك مشروعكم المتعلق ببرامج خاصة بالجرحى و الشهداء، ببعث مؤسسة فداء و مبادرة الصلح الجزائي و استسمحكم اقتراح تجنب بعث هياكل جديدة تضاف الى هياكل متواجدة، اذ سستبتلع مصاريف تسيير الهياكل المستحدثة قسما من الموارد التي سيحرم منها المستفيدون و هذا توجه ذهبت اليه قيادات الدولة المتعاقبة التي ولدت الهياكل و زادت من اعباء التسيير على حساب المهام الاصلية.

و يمكن تكليف الهياكل الحالية مثل الصندوق القومي للضمان الاجتماعي و التقاعد الذي يملك شبكة من المكاتب و خبرة في توزيع الجرايات بمهمة مؤسسة فداء المزمع بعثها. اما المؤسسات الامنية و العسكرية فلها هياكلها التقليدية التي يمكنها ان ترعى اهالي منظوريها من الجرحى و الشهداء. و سيسمح هذا التوجه اضافة الى تخفيف اعباء التصرف من التقصير في وقت الانجاز لان كل هيكل جديد يحتاج الى وقت طويل ليرى النور قانونيا و يطور خبرته الميدانية و جاهزيته الفعلية.

اعجبتني ايما اعجاب فكرة تشريك الشباب في الحوار الوطني و استسمحكم تقديم اقتراح يتعلق بعدم اعتماد الخلفية الجهوية وحدها و استكمالها بخلفيات اخرى مثل الانتماء المهني و التعليمي حتى تكون المجموعة ممثلة لكل شرائح الشباب، و ارى اشراك الجامعة التونسية و المرصد الوطني للشباب في هذه المهمة اذ يمكن لفريق من علماء الاجتماع و علم النفس الاجتماعي تكوين فرق من الشباب المتعدد الاخصائص و تجميع افكارهم و اقتراحاتهم و تجاربهم و صياغتها في ورقة تاليفية جامعة تضاف الى ملف الحوار الوطني. و ستكون هذه التجربة اشارة لطيفة و مشجعة لدمج الجامعة مستقبلا في كل مجالات التنمية و ربط البحث بالمشاغل الوطنية. و لكم سديد النظر.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here