هل تطالب إسرائيل تونس بدفع تعويضات ضخمة مقابل أملاك اليهود؟

38
هل تطالب إسرائيل تونس بدفع تعويضات ضخمة مقابل أملاك اليهود؟
هل تطالب إسرائيل تونس بدفع تعويضات ضخمة مقابل أملاك اليهود؟

افريقيا برستونس. خلّف حديث وزير أملاك الدولة التونسية السابق، حاتم العشي، عن مطالبة “إسرائيل” تونس تعويضات ضخمة لفائدة مواطنيها اليهود الذين غادروا البلاد نهاية الستينيات وبداية السبعينيات، موجة من التساؤلات حول جدية هذه المسألة ومدى مشروعية هذا الطلب.

فيما ربط البعض هذا الأمر بمحاولات الضغط على تونس من أجل ربط علاقات رسمية مع “إسرائيل”، والالتحاق بركب الدول العربية المطبعة. ونقلت تقارير “إسرائيل”ية سابقة نية “إسرائيل” مطالبة سبع دول عربية من بينها إيران وليبيا والمغرب بتعويضات قدرها 250 مليار دولار عن ممتلكات اليهود الذين غادروا هذه البلدان بعد الإعلان عن قيام الكيان ال”إسرائيل”ي سنة 1948.

مبالغ تتجاوز ميزانية تونس

صرح وزير أملاك الدولة في حكومة الحبيب الصيد، حاتم العشي لـ”سبوتنيك”، بأن هذا الموضوع ليس بالجديد، وإنما طفى على السطح مجددا بعد أن أثاره النائب المستقل في البرلمان الصافي سعيد، الذي أكد في برنامج تلفزيوني أن “”إسرائيل” بصدد إعداد ملف لرفع قضية دولية ضد تونس ومطالبتها بتعويضات كبيرة جدا على خلفية تهجير عدد من المواطنين اليهود من تونس خلال السنوات 1967 و 1973″.

وقال العشي إنه يساند تحذير النائب من خطورة مطالبة “إسرائيل” بتعويضات على أملاك اليهود بتونس، استنادا إلى معلومات نقلتها إليه سفيرة الاتحاد الأوروبي بتونس في الفترة التي كان يتولى فيها الإشراف على وزارة أملاك الدولة سنة 2015.

وأكد أن السفيرة نصحته بأن تعجل تونس بتسوية أملاك اليهود التي لم يقع البت فيها من الناحية القانونية في أقرب الآجال. وأضاف “نقلت لها أن اليهود الذين لديهم عقارات في تونس هم تونسيو الجنسية، وأن أملاكهم مسجلة ضمن السجلات التونسية للعقارات، وأن عددا منهم توجه بالفعل إلى القضاء لتسوية بعض الوثائق العالقة التي تخص ملكية العقارات”.

وقال العشي إنه لم يعلم رئيس الحكومة آنذاك الحبيب الصيد بالموضوع لأنه لم يكن أولوية، على اعتبار تزامنه مع عملية باردو الإرهابية، مضيفا أن الصيد صرح لاحقا بأن كان لديه علم بالموضوع حتى قبل الحديث الجانبي مع سفيرة الاتحاد الأوروبي.

وأوضح أن مسألة التعويضات لا تهم تونس فقط، وإنما دول عربية أخرى على غرار المغرب ومصر والجزائر وليبيا، وقال إن وزارة الخارجية ال”إسرائيل”ية شكلت لجنة لمتابعة هذا الموضوع وجرد عدد الأملاك المنسوبة لليهود.

واعتبر العشي أن موضوع التعويضات خطير جدا ولا يمكن السكوت عنه، داعيا الدولة التونسية ووزارة الخارجية إلى التحرك والقيام بالإجراءات الاستباقية حتى لا يقع الضغط عليها من “إسرائيل”.

قضية لا تهم “إسرائيل”

تعليقا على هذا الموضوع، قال الدبلوماسي، سفير تونس السابق في ليبيا محمد الحصايري، إن موضوع التعويضات غير قابل للتشكيك، وأن المسألة طرحت منذ زمن. وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك” “تلوّح “إسرائيل” باستخدام هذه الورقة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى اليوم، وهي عادة تنتهجها مع عدد من الدول وخاصة ألمانيا التي تتلقى منها إلى الآن تعويضات على أملاك اليهود، وهي تحاول اليوم أن تطبق نفس الشيء مع الدول الأخرى ما دام لديها إمكانية الضغط وإرغامها على الدفع”.

وقال الحصايري إنه لا دخل ل”إسرائيل” بهذا الملف، موضحا “إن كانت لليهود حقوق في ملكية بعض العقارات فإنه يتوجب عليهم مطالبة الدولة التونسية والقضاء بها باعتبارهم مواطنين يحملون الجنسية التونسية، ولا يمكن قانونيا ل”إسرائيل” أن تطالب تونس بأي تعويضات لأن القضية تهم الدولة التونسية ومواطنيها اليهود”.

التطبيع هو المقابل!

واعتبر الدبلوماسي أن موضوع التعويضات أثير في سياق موجة التطبيع مع “إسرائيل”، قائلا إن تلويحها باستخدام هذه الورقة ربما يندرج ضمن سياسة تخويف الدول العربية التي لم تطبع.

وأكد الحصايري أن “إسرائيل” لوحت سابقا بالقول إن هذه الورقة سيحين وقتها، مضيفا أن كل الدول العربية تقريبا معنية بهذا الملف على اعتبار أنها كانت تحتضن جالية أو مواطنون يهود.

وتابع أن الدول العربية التي تعرف بدول الممانعة والرفض ستكون مستهدفة أكثر من غيرها، قائلا “ولكن حتى مصر التي طبعت العلاقات منذ 1978 فهي مهددة أيضا بأن تطالبها “اسرائيل” بدفع مقابل لأملاك اليهود”.

حديث خارج عن السياق

على الجانب الآخر، استبعد الدبلوماسي والمستشار السابق لوزير الخارجية عبد الله العبيدي في حديثه لـ “سبوتنيك” صحة المعلومات التي تناقلها وزير أملاك الدولة السابق حاتم العشي والنائب بالبرلمان الصافي سعيد.

وقال إن “الوزير السابق لم يكن ملما بالموضوع وتحدث بطريقة خارجة عن السياق”، متسائلا عن علاقة سفيرة الاتحاد الأوروبي بهذا الأمر في حين أنها ليست سفيرة ل”إسرائيل” أو حتى ممثلة عن المنظمة الأممية.

وأكد العبيدي انطلاقا من عمله لسنوات كمستشار لدى وزير الخارجية وخبرته الطويلة في العمل صلب الوزارة، أن العادة جرت في أن تنقل الاتصالات الخارجية في شكل مذكرة شفوية يتم توجيهها لاحقا لمن يهمه الأمر في البلاد، ثم يعقب ذلك اتخاذ الدولة التونسية لموقف معين، وهو ما لم يحصل في موضوع مطالبة “إسرائيل” بتعويضات وفقا لتأكيده.

وأكد العبيدي أنه ليس لليهود أملاك خارج السجلات القانونية في تونس، مضيفا أن العقارات الموجودة حاليا لا تزال على ذمتهم، وهي متروكة بعلمهم وبموافقتهم إما لأقاربهم أو للإيجار”.

وردا على مسألة حملة جرد ممتلكات اليهود التي أعلنت عنها “إسرائيل”، قال العبيدي “كل ما في الأمر أن جمعية دولية تحاول تجميع معطيات عن عدد اليهود أصيلي البلدان العربية، سعيا منها لإثبات أنه مثلما تم تهجير الفلسطينيين فإنه تم أيضا تهجير اليهود وافتكاك أرزاقهم، وذلك بعد أن أحصت منظمة اللاجئين الفلسطينيين 700 ألف فلسطيني هجّروا إلى بلدان عربية منها لبنان وسوريا والأردن من العام 1949”.

وأكد أن عمليات التهجير وإن ثبت وقوعها في عدد من البلدان العربية الأخرى، فإن تونس ليست معنية بهذا الموضوع، على اعتبار أنها لم تقم بطرد مواطنيها اليهود، مؤكدا أن “إسرائيل” ليست مخولة قانونيا بأن تطالب تونس بدفع تعويضات على ممتلكات اليهود.

وكانت تونس تحتضن في سنوات ما قبل الاستقلال عددا كبيرا من اليهود بما يناهز المائة ألف، لكن عددهم اليوم لا يتجاوز الـ 1200 شخص، يتمركز معظمهم في الجنوب التونسي وتحديدا في مدينة جرجيس وجزيرة جربة التي جنوبي البلاد وتقام في جزيرة جربة “موسم حج الغريبة”، فيما تتوزع ثلة قليلة منهم في مدينيْ حلق الوادي ومنطقة لافايات بتونس العاصمة.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here