
أفريقيا برس – تونس. كشف قيادي في حزب حركة النهضة، عن وجود مساعٍ لدى بعض قيادات الحركة حول تأسيس حزب جديد، مشيراً إلى وجود خلافات داخل الحركة حول طريقة التعامل مع الوضع الجديد في ظل القرارات الاستثنائية للرئيس قيس سعيد، فيما أعلن الوزير السابق والقيادي في الحركة، عبد اللطيف المكي، مقاضاة صحيفة اتهمته بـ ”تهريب” أسلحة تركية إلى ليبيا، في وقت حذرت فيه أطراف سياسية من تيار سياسي جديد يحمل اسم “الحشد الشعبي” ويتبنى آراء الرئيس المتعلقة بالديمقراطية القاعدية والرافضة للأحزاب السياسية.
وقال الوزير السابق والقيادي في حركة النهضة محمد بن سالم، إن الأزمة السياسية الحالية “يتم تجاوزها عن طريق حلول وسطى وحوار مع الرئيس قيس سعيّد، لكن ليس بين سعيد و النهضة، بل عن طريق مكونات المجتمع السياسي والرئاسة، أو عن طريق تحالف سياسي يدافع على الحريّات والديمقراطية في حال إلغاء الأحزاب وما يتم الحديث عنه من تصور لرئيس الجمهورية.
قيادة النهضة غير مؤهلة للحوار
وأضاف بن سالم في تصريحات إعلامية: “فكرة الحوار مع رئيس الجمهورية لا يمكن أن تتبلور مع حركة النهضة في ظل وجود القيادة الحالية للحركة، وكلما تم فتح انتخابات داخلية، الشق الإصلاحي يفوز بالأغلبية، لكن عندما يكون القرار مضيّق، تحصل ضغوط.
وتابع بقوله: أدعو الرئيس سعيد إلى البدء بحركة النهضة في حال ثبت وجود ملفات فساد لدى قياديي حركة النهضة”.
كما دعا بن سالم ، رئيس الحركة راشد الغنوشي، إلى تفويض القيادة للشباب داخل الحزب لمساهمة بحل مشاكل البلاد، مضيفاً: “في حال عدم الرجوع خطوة إلى الوراء، قد نضطر إلى إطلاق حزب جديد”.
وقرر وزير الصحة السابق والقيادي في حركة النهضة، عبد اللطيف المكي، مقاضاة صحيفة محلية اتهمته بتهريب أسلحة تركية إلى ليبيا.
وكتب على صفحته في موقع فيسبوك: جريدة الشروق نشرت اليوم نصاً في ثلث صفحة كاملاً بلا اسم لمن كتبه، تدعي فيه أنني مررت أسلحة تركية إلى ليبيا على أنها أدوية عندما كنت وزيراً للصحة سنة 2020. ألا تدرين يا كاذبة أن تصدير الأدوية من مشمولات الخواص تحت إشراف وزارة التجارة ولا علاقة لوزارة الصحة بذلك؟ يا جاهلة. ألا تدرين يا كاذبة أنك هكذا تتهمين قطاع الصحة كاملاً (من استقبل ومن صدر ومن ومن)؟.
وأضاف، مخاطباً الصحيفة: ألا تدرين يا كاذبة، أنك تتهمين الديوانية (الجمارك) والأمن أنهم لم يكتشفوا الأسلحة في الحدود التي دخلت منها والحدود التي خرجت منها؟ ألا تدرين يا كاذبة، أنك أكبر جريدة تآمرت على أحلام التونسيين مع الأنظمة المستبدة المتساقطة؟ ألا تدرين يا كاذبة، أنك ساهمت بقسط كبير في وجود الإعلام التونسي في المرتبة 223 عالمياً من حيث صدقية الخبر؟ (…) ليست هذه المرة الأولى بل هي صناعتك. سأقاضيك يا كاذبة. تكذبين وتعلمين أنك تكذبين.
وتأتي تدوينة المكي في إطار حرب شائعات تقول حركة النهضة إنها تتعرض لها من قبل بعض وسائل الإعلام التي تستهدف قيادات الحركة مؤخراً، حيث نفى مستشار الغنوشي أخيراً شائعات تحدثت عن تعكر صحته فضلاً عن وضعه في الإقامة الجبرية عقب القرارات الاستثنائية للرئيس قيس سعيد.
كما نفى نواب في الحركة أخباراً مغلوطة نشرتها بعض وسائل الإعلام وتتحدث عن تأسيسهم جمعيات غير قانونية ترتبط بالخارج.
وأثار تيار جديد يحمل اسم “الحشد الشعبي” جدلاً ومخاوف داخل تونس، وخاصة أن اسمه وشعاره يتشابهان مع “الحشد الشعبي” في العراق، فضلاً عن أنه يتبنى أفكار الرئيس قيس سعيد الرافضة للأحزاب. وتحت عنوان “الحشد الشعبي ميليشيات مهدِّدة للسلم الأهلي”، كتب مصدّق الجليدي، عضو المكتب التنفيذي لحزب الحراك، على صفحته في موقع فيسبوك: “أعلن منذ ما يزيد عن عشرة أيام تكوين تنظيم الحشد الشعبي بتونس، وأسندت مهمة ناطق رسمي باسمه للمدعو منصف الوحيشي في بلاغ إعلامي صادر عما سُمّي بمجلس قيادة الحشد. والمعلوم أن الحشد الشعبي تنظيم شيعي مسلح موال للحكومة العراقية تأسس رسمياً في العراق سنة 2016. ومما لا شك فيه أن تسمية الحشد الشعبي بتونس مستمدة مباشرة من اسم ذلك التنظيم العراقي الشيعي المسلح، وقد اتخذ له أصحابه شعاراً شبيهاً بشعار جنيسه العراقي: الشكل الدائري المضاعف، ومكان التسمية والتسمية نفسها وكتابتها المائلة، ويشتركان في أربعة ألوان: الأسود والأبيض والأحمر والأخضر”.
وأضاف: “هذا وقد أُسّس الحشد الشعبي، كما جاء على لسان ناطقه الرسمي، ليكون بديلاً عن الأحزاب ويكون نقيضاً لها. وهذا في طبيعة الحال، في سياق استثمار انقلاب 25 يوليو/تموز 2021. فهو بمثابة ميليشيا مع تأجيل التنفيذ لهرسلة القوى المدنية الديمقراطية المناهضة للانقلاب وترهيبها. وهو نذير بقيام صراع أهلي عنيف قد يصل إلى حد الاحتراب الأهلي. فمن واجب الدولة منع هذا التنظيم المهدد للسلم الأهلي، ومن واجب القوى المدنية الديمقراطية التنبيه إلى خطره والمناداة بحظره”.
وكتب القيادي في حركة النهضة عبد اللطيف المكي: “لا بد أن تتحرك الأجهزة الأمنية والقضائية ضد العديد من الأشياء المسترابة التي تتسم بالغرابة وتوحي بالعنف مثل ما يسمى بالحشد الشعبي، فمن هو وما هي قانونيته وما برنامجه وماذا يريد ومن يموله؟”.
من يمول الحشد؟
ودعا المفكر الإسلامي محمد الحبيب المرزوقي (أبو يعرب)، للتصدي لما سمّاه “فيروس الحشد الشعبي الذي لا يمكن تداركه. فهو مشروع لا يكتفي بضرب الأحزاب والمنظمات المدنية، بل يضرب أداتي الحماية في كل دولة لإفقادها شروط السيادة الداخلية والخارجية، عبر ضرب الحماية الداخلية؛ أي سلطان القانون ممثلاً بالقضاء والأمن الداخلي، وجعل المليشيات صاحبة القول الفصل فوق كل قانون أو بقانون تابع لإرادة الحشد الشعبي، وضرب الحماية الخارجية؛ أي سلطان السيادة الوطنية ممثلة بالدفاع والدبلوماسية، وجعل الملالي والحاخامات والمستعمر من خارج البلاد يأمرون، فتطبق المليشيا بعد أن تكون قد أخضعت الدفاع والدبلوماسية”.
وأضاف: “هذا الحشد وظيفته إلغاء سلطان شروط السيادة في الخارج بجعل القرار يأتي من عند من أوصلوا رئيسه إلى الحكم وفي كل مستعمرات فرنسا الإفريقية: ليس لتونس رئيس لأنه رئيس الحشد الشعبي لا غير. وبعد الفشل في توظيف الأمن والقضاء في الداخل لخدمة نفس المشروع بتعطيل سلطان القانون وتعويضه بسلطان اغتيال كل معارض لإرادة هذا التسيير عن بعد بالرموت كونترول. فلا يبقى للقضاء ولا للأمن دور في حماية دولة القانون.
ورداً على هذه الانتقادات، أصدر “الحشد الشعبي” بلاغاً أكد فيه أنه “يستمد اسمه من يوم احتشدت فيه الناس للإطاحة بمافيا الفساد (في إشارة ليوم 25 تموز)، وتسمية الحشد الشعبي لا يمكن تحميلها أكثر من دلالتها اللغوية، وهو ائتلاف سياسي مدني يحترم قانون الدولة وسياستها ومؤسساتها وينضبط لها”.