بقلم: خالصة حمروني
افريقيا برس – تونس. ارتفع سعر برميل خام برنت بحر الأسبوع الجاري الى حدود 80 دولار مسجلا ارتفاعاً غير مسبوق منذ نحو 3 سنوات وتحديدا منذ 23 أكتوبر 2018.
ومن المتوقع أن يرتفع سعره مجدداً إلى حدود 90 دولار مع نهاية السنة الحالية بسبب ارتفاع الطلب لاسيما مع خروج أغلب مجتمعات العالم ببطء من أزمة كوفيد-19 وتسجيل عودة نشطة للحياة اليومية.
وتونس ليست بمعزل عما يعيشه العالم الذي تعيش أغلب بلدانه على وقع الارتفاع المهول في أسعار هذه المادة الحساسة، وحالة من الهلع لما سيخلفه هذا الارتفاع الملحوظ من آثار سلبية تمس خزينة الدولة اولاً والقدرة الشرائية للمواطن ثانياً.
ليس خفياً على أحد أن قانون المالية لسنة 2021 اعتمد عند إعداده معدل سعر برميل النفط في حدود 45 دولارا لكنّه، وعلى هذا الأساس حددت حسابيا نفقات الدعم وقيمة عجز الميزانية، غير أن المتابع للشأن الاقتصادي العالمي يعرف أنه ومنذ شهر يونيو 2021 تجاوز هذا السعر مستوى 75 دولارا واليوم هو على عتبة الـ80 دولار.
وحسب ما ورد في قانون المالية لسنة 2021 فإن الزيادة بـ1 دولار فقط في برميل النفط تكلف خزينة الدولة حوالي 130 مليون دينار. فما الذي سيكلفه زيادة تتراوح 35 دولار؟
خسائر فادحة
باحتساب الفارق بين فرضية قانون المالية والسعر الحالي فإن خزينة الدولة تكبدت تكلفة إضافية تفوق 4500 مليون دينار مضافة في نفقات الدولة المتعلقة بأسعار البترول.
وعلى هذا الأساس فإن فرضية وحيدة (تمثلت في حصر سعر النفط ب45 دولار) قد نسفت الموازنات المالية للدولة وزادت من فجوة ميزانيتها. الأمر الذي بات يتطلب من الدولة ضرورة مراجعة هذه الفرضية وإيجاد موارد إضافية لتغطية انخرام الميزانية بسبب النفقات الإضافية المنجرة عن هذه الفرضية الغير متوقعة.

وحسب ما أوضحه مدير عام الطاقة سابقاً بوزارة الطاقة والمسؤول الحالي بإحدى الشركات البترولية رضا بوزوادة؛ فإن ارتفاع أسعار النفط الخام في العالم ينعكس سلباً على ميزانية الدولة بشكل عام، وعلى الميزانية المخصصة للدعم على وجه الخصوص مبينا “إن أكثر من 60 % من جل المواد الأولية في الطاقة في تونس يتم توريدها، وأنه كلما ارتفعت الأسعار العالمية، كلما رافقها ارتفاع كبير لميزانية الدعم”.
ودعا بوزوادة إلى ضرورة وضع فرضية لا تقل عن 65 إلى 70 دولار للبرميل كمعدل للأسعار العالمية المحتملة للبترول في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2022.
وبيّن مدير عام الطاقة السابق أن هذا المقترح يمثل الجانب الاحتياطي للميزانية وضمان توازنها حتى تكون البلاد في أريحية خلال العام المقبل في حال تسجيل ارتفاع جديد في الأسعار العالمية للبترول.
زيادة مكلفة
رضا بوزوادة قال أيضا إنه في صورة مواصلة عمل آلية التعديل الأوتوماتيكي لأسعار المحروقات في السوق الداخلية بشكل طبيعي، فإنه من المنتظر أن يتم إعلان ترفيع جديد في الأسعار، إلا إذا حصل تدخل سياسي أو اجتماعي يوقف هذا التعديل المنتظر وفق تقديره.

وقد وافقه الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان الرأي “يرجح المختصون أن يبلغ السعر العالمي للبترول مع موفى العام الجاري 90 دولارا للبرميل الواحد”. وحسب تحليله سيكون لهذا الارتفاع انعكاساً كبيراً على ميزانية الدولة والمستهلك التونسي.
وأوضح سعيدان أن ارتفاع سعر النفط في الأسواق العالمية يرافقه ارتفاع عجز ميزانية الدولة. الأمر الذي يجبرها على مراجعة أسعار المحروقات الموجهة للمستهلك التونسي والترفيه فيها.
ورجح سعيدان أن يكون هامش الترفيع في سعر المحروقات للمستهلك هام جدا عند المضي في التعديل الآلي للأسعار المعمول به في تونس والذي ينص على الارتفاع الاتوماتيكي لأسعار المحروقات عند ارتفاع سعره في الأسواق العالمية وانخفاض سعره في حال تراجع الأسعار عالميا ايضا.