أفريقيا برس – تونس. ملخّص: على الرغم من المقاربة الأمنية المشددة التي اعتُمِدت عند الحدود البرية لتونس، تستمر التجارة غير الرسمية عبر الحدود في الازدهار. لقد أُغلِقت الممرات البرية لكن النشاط المستمر على قدم وساق في الممرات البحرية عوّض عن هذه الخسارة، ما أتاح للسلع الاستهلاكية التركية والآسيوية التي تناسب القدرة الشرائية المتدهورة للتونسيين بالدخول إلى الأسواق المحلية. وتُعزى ديناميكية الممرات البحرية التونسية إلى حد كبير إلى ظهور صغار روّاد الأعمال والدخلاء غير المحظيين الذين يعملون بطريقة غير رسمية من خلال الشبكات التجارية التي تربط بين الموانئ التونسية والآسيوية. وقد اعتمدت بعض الشركات الراسخة أيضًا استراتيجيات غير رسمية للالتفاف على الحواجز والقيود التجارية التي تعترض التجارة الثنائية بين تركيا وتونس. يعكس صعود هذه الشبكات والمقاربات غير الرسمية توجهًا متناميًا يتمثل في التحوّل التدريجي للتجارة التونسية بعيدًا من أوروبا وصعود تركيا والصين في موقع الشريكين التجاريين الأساسيين لتونس.
مقدّمة
منذ العام 2013، أدّى تدهور الأوضاع الأمنية في تونس، والذي تجلّى بصورة خاصة من خلال اغتيال الشخصيتين السياسيتين التونسيتين شكري بلعيد ومحمد براهمي في العام 2013 والهجمات الإرهابية على السيّاح الأجانب في العام 2015، إلى مزيد من التشدد في ضبط الأمن عند المناطق الحدودية بين تونس والدول المجاورة.1 ولكن على الرغم من اعتماد إجراءات أكثر تشددًا لضبط الحدود، لم تتمكن السلطات التونسية من الحد من علاقات التجارة غير الرسمية عبر الحدود. فقد اخترقت كميات البضائع الكبيرة المستورَدة بطريقة غير قانونية أو عن طريق الاحتيال الاقتصاد التونسي بصورة متزايدة، سواء من خلال الممرات البرية التي تربط تونس بالدول المجاورة (وتحديدًا ليبيا والجزائر) أو من خلال الممرات البحرية التي تربط الموانئ التونسية بالأسواق الآسيوية.
على مر السنين، ركّزت الحكومة والمراقبون التونسيون عادةً على المسائل الأمنية المتعلقة بازدهار التهريب عبر الممرات البرية. ولكن هذه المقاربة تحجب أهمية التجارة غير الرسمية التي تتم عن طريق الممرات البحرية. يقول وزير سابق للتجارة في تونس إن الممرات البرية تمثّل 15 إلى 20 في المئة فقط من مجموع التجارة غير الرسمية في البلاد.2 وليست هيمنة التجارة عبر الممرات البحرية ظاهرة جديدة، فقد كان عددٌ كبير منها يعمل في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي. ولكن بعد فرض الإغلاق والقيود على الممرات البرية، ولا سيما عند الحدود التونسية-الليبية بسبب تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا والإجراءات الهادفة إلى القضاء على شبكات التهريب المرتبطة بالمجموعات الإرهابية، أصبحت الممرات البحرية المعابر الأبرز للتجارة غير الشرعية عبر الحدود.3 ويسلّط ازدهار هذه الشبكات البحرية الضوء أيضًا على صعود الصين وتركيا في موقع الشريكتَين التجاريتين الأساسيتين لتونس خلال العقد المنصرم.
منذ العام 2011، تتطوّر التجارة غير الرسمية عبر الحدود وتتكيّف مع التغييرات الأمنية والتنظيمية على الأرض. فالسلطات التونسية في المناطق الحدودية تتعامل مع الوضع من منظور تبسيطي وساذج بحيث تخلط بين التجارة غير الرسمية من جهة والتهريب والإرهاب من جهة ثانية، ولذلك تضرب بيد من حديد لكبح النشاط التجاري غير الرسمي.4 صحيحٌ أن هذه المقاربة أدّت إلى خفض كميات البضائع التي تمرّ عبر الحدود، ولكن كان لها تأثيران عكسيّان أساسيان: فقد أصبحت الشبكات العابرة للحدود في المناطق الحدودية أكثر براعة في التهرّب من الضوابط التي تفرضها الدولة، وباتت الموانئ مراكز أكثر أهمية للتجارة غير الرسمية. إضافةً إلى المرونة التي أظهرتها الشبكات التجارية غير الرسمية (وكذلك غير الشرعية)، ثمة تطوّر أقل وضوحًا للعيان إنما لا يقل أهمية، وهو أن الطرقات البحرية والتجارة غير الرسمية عن طريق الموانئ أدّت دورًا أساسيًا في تزويد الاقتصاد التونسي بمعدّات وسلع استهلاكية أكثر تنافسية مصدرها الصين وتركيا. تعكس ديناميكيات هذه الطرقات التجارية البحرية تحوّلًا استراتيجيًا وتدريجيًا في العلاقات التجارية التونسية مع تركيا والصين، وانفصالًا تدريجيًا عن أوروبا.5
التجارة عبر الحدود في عهد بن علي
لطالما كانت التدفقات التجارية غير الرسمية قوّةً محرّكة في الاقتصاد التونسي، ولا سيما بسبب روابطها غير القانونية مع السلطات الحكومية. وفي عهد بن علي الذي حكم البلاد طوال ثلاثة وعشرين عامًا، كان طريقان أساسيان للتجارة غير الرسمية (إضافةً إلى عمليات تهريب أصغر نطاقًا) يؤمّنان نقل الواردات إلى المستهلكين التونسيين: الأول برّي، والثاني بحري. والطريق الأول المعروف بـ”الخط” كناية عن الطريق البري الذي يربط تونس بليبيا.6 وشكّل “الخط” طريقًا تجاريًا حيويًا منذ نهاية الثمانينيات، وكان ضباط الجمارك عند هذا “الخط” يتعمّدون تحديدتعرفة السلع بأقل من قيمتها الفعلية مقابل عمولات يحصلون عليها من التجّار الذين يستوردون البضائع.7 وفي بعض الأحيان، لم تكن البضائع تُدوَّن في السجلات إطلاقًا، من دون تحديدقيمتها، وبالتالي كانت المبالغ الوحيدة التي تُدفَع مقابل إدخالها إلى البلاد هي الرشاوى التي يسدّدها المستورِد للمسؤولين عند الحدود. وقد أدّى “الخط” دورًا مهمًا في تزويد الاقتصاد التونسي بمجموعة واسعة ومتنوّعة من البضائع، بما في ذلك الأدوات المنزلية والملابس والمعدّات والأجهزة الإلكترونية، علمًا بأن الوقود المستورَد من ليبيا المجاورة كان على الأرجح السلعة الأكثر أهمية.8 وكانت هذه البضائع تُشحَن عن طريق معبر رأس جدير الحدودي في شمال غرب ليبيا، على مقربة من البحر المتوسط. ولم تكن التجارة غير الرسمية تقتصر على الحدود التونسية-الليبية. فقد عرفت الحدود التونسية-الجزائرية ديناميكية مماثلة من خلال طرقات تجارية وعمليات تهريب أصغر نطاقًا.
طبعت هذه الطريق البرية الاقتصاد الحدودي التونسي-الليبي. وقد سمحت الأجهزة الأمنية بالتجارة غير الرسمية عبر الحدود على الرغم من فرض ضوابط شديدة عليها. وكان هذا القبول جزءًا من مقاربة منخفضة الكلفة للحوكمة في المناطق الحدودية. فنظرًا إلى غياب التنمية المدعومة من الحكومة في المناطق الحدودية بصورة عامة، كانت هذه المناطق أكثر قابلية لعدم الاستقرار والاحتجاجات في حال رفضت السلطات الجمركية والشرطة التحلي بالمرونة واختارت بدلًا من ذلك مكافحة التجارة غير الرسمية عبر الحدود. وقد أدركت الأجهزة الأمنية التونسية هذه المعوّقات، لذلك رأت في “الخط” صمام أمان من شأنه الحؤول دون اندلاع احتجاجات اجتماعية وإبقاء البطالة والفقر تحت السيطرة في المناطق الحدودية حيث كانت الاستثمارات العموميّةضئيلة جدًّا.9 فبالنسبة إلى السكان الذين عانوا مطوَّلًا من إهمال الدولة لهم على المستويَين الاجتماعي والاقتصادي، غالبًا ما كانت المداخيل التي يحصلون عليها من التجارة غير الرسمية البديل الحيوي الوحيد. وكان تسامح الأجهزة الأمنية أيضًا مكوّنًا ضروريًا في حوكمة هذه المناطق،ماساهم في تشجيع المحسوبيات بين التجّار وأصحاب محلاّت الصرافة. وكان السماح بممارسة التجارة عبر “الخط” مرتبطًا بقبول التجّار لمنظومة غير رسمية تتّصف بالزبائنية والفساد.10 ونتيجةً لذلك، باتت التجارة غير الرسمية عبر الحدود جزءًا لا يتجزأ من الميثاق الاجتماعي الضمنيبين نظام بن علي وسكان هذه المناطق، وعنصرًا أساسيًا في إرساء الاستقرار وبسط الدولة سيطرتها في الأراضي الحدودية.
طوال عقود، حجبَ التركيز على طرقات التهريب البرية والتحديات الأمنية المحتملة التي يطرحها تدفّق البضائع والأشخاص بطريقة غير قانونية عبر الحدود، الممر الثاني للتجارة غير الرسمية في تونس، وقوامه الشبكات البحرية، علمًا بأن هذه الشبكاتكانت ولا تزال القناة الطاغية لتدفّق البضائع بطريقة غير رسمية. فمثلما هو الحال مع الطرقات البرية، سعى عدد كبير من التجّار الناشطين عبر الطرقات البحرية إلى التهرّب من سداد تعرفات الاستيراد المفروضة على البضائع المنقولة بحرًا، وذلك من خلال التلاعب بأسعار السلع التي يتم إدخالها إلى البلاد، وكمياتها ونوعياتها عبر تحديدها بأقل من قيمتها الحقيقية. وقد نمت الشبكات البحرية في عهد بن علي وازدهرت لأسباب عدة. فقد كان بإمكان التجّار الذين يستوردون البضائع عبر البحر إحضار كميات أكبر من السلع مقارنةً بالطرقات البرية، فيما يستفيدون من التساهل الأكبر في إجراءاتالتسجيل وتنفيذ القوانين، ومن فرص إضافية بتسديد ضرائب منخفضة من خلال التلاعب بالفواتير التي تُحدّد الأسعار بأقل من قيمتها الفعلية. واستفادت الشبكات البحرية أيضًا من تضخيم فواتير الواردات لأن ذلك يُسهّل هروب الرساميل بالعملات الصعبة، الأمر الذي يتيح بدوره مراكمة الرساميل بالعملات القوية بطريقة غير شرعية ما يسمح باستيراد المزيد من السلع.
تمكّنت الشبكات البحرية أيضًا من توليد أرباح أكبر للنخب والشركات التي كانت تعمل في إطار شبكات متطوّرة ومدعومة سياسيًا ومرتبطة بالرئيس وعائلته.11 كان أزلام بن علي ومقرَّبون منه يعملون بمثابة سماسرة لدى الجمارك وإدارات الدولة، لذا كان بإمكان الشركات وروّاد الأعمال الذين أرادوا تجنّب التصلّب المؤسسي والعوائق غير الجمركية والإجراءات المرهِقة والبطيئة والتنظيمات والضوابط الإدارية المشدّدة، دفع الأموال لأولئك السماسرة للالتفاف على القيود في الموانئ وتمرير عمليات التهريب التي كانوا يمارسونها.12 وشكّل التهرّب من الرسوم الجمركية والتلاعب الواسع بفواتير الواردات بما يصبّ في مصلحة الأزلام المحسوبين على النظام، شكلًا من أشكال “التهريب التقني”، إذ إن كميات البضائع التي استُقدِمت إلى البلاد عن طريق المعابر الحدودية الشرعية كانت أكبر من الأرقام المعلَن عنها رسميًا.13
كانت منظومة “الخط” التي تمرّ عبر معبر رأس جدير الحدودي (إضافةً إلى طرقات تهريب أصغر عند الحدود الجزائرية)، و”التهريب التقني” الذي كان يتم من خلال نخب اقتصادية مدعومة سياسيًا في الموانئ التونسية، محوريَّين في الاقتصاد السياسي لنظام بن علي. فقد استخدمت هاتان القناتان الرشاوى والعمولات للالتفاف على الإجراءات القانونية والإشراف التنظيمي. وعلى صعيد الاقتصاد السياسي، أتاحتا للرئيس بن علي وأنصاره الحفاظ على استراتيجية استتباعية واسعة النطاق هدفها ضبط سكان المناطق الحدودية المحرومة وضمان ولاء الأزلام المتورّطين في التجارة غير الرسمية عبر الحدود.14 وفقًا لتقرير صادر عن البنك الدولي في العام 2015، كانت فجوات التهرب الضريبي خلال حكم بن علي، وتعريفها هو الفارق بين قيمة الصادرات إلى تونس المبلَّغ عنها من جانب البلدان المصدِّرة وبين قيمة الواردات المبلَّغ عنها من جانب الجمارك التونسية، على صلة بالبضائع المستورَدة من شركات مدعومة سياسيًا.15 وكان هذا الرابط قويًا بصورة خاصة في حالة البضائع التي تخضع لتعرفات جمركية عالية ويجري التلاعب بأسعارها التي تُدوَّن بأقل من قيمتها الحقيقية، مثل الأجهزة الإلكترونية ومعدات السيارات ومنتجات التبغ. فالأسعار التي كانت هذه الشركات المدعومة سياسيًا تبلّغ عنها للسلطات الجمركية كانت أدنى من تلك التي صرّحت عنها الشركات الأخرى. وقد أظهرت تقديرات أجرتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) في العام 2018 أن التدفقات المالية غير الشرعية مثّلت نسبة 16 في المئة من التجارة الخارجية غير النفطية لتونس بين العامَين 2008 و2015، وهي النسبة الأعلى في المنطقة العربية.16
يمكن أن يُعزى هذا الرقم إلى حاجة بن علي إلى كميات من السلع الاستهلاكية تتيح الحفاظ على نموذج إنمائي يقوم على تنافسية الرواتب المتدنّية. فقد سمحت له البضائع المستورَدة من الصين عبر الطرقات البحرية غير الرسمية باستيفاء هذه المقتضيات من خلال إبقاء معدل التضخم في البلاد تحت السيطرة وفي الوقت نفسه تأمين سلع بأسعار معقولة يستطيع السكان تحمّلها. كانت السلع الاستهلاكية الرخيصة والواردات المنخفضة الكلفة جزءًا من حسابات النظام من أجل البقاء وتأمين الاستقرار الداخلي فضلًا عن فرض الرضوخ المستمر على الطبقتَين الوسطى والعاملة.
لم تكن القيود التجارية في البلاد، سواء استندت إلى عوائق جمركية أو غير جمركية، مجرد عوائق إجرائية. فقد أدّت هذه القيود العشوائية وظيفة سياسية حيوية لنظام بن علي، تمثّلت في منح العائلات التي تجمعها روابط بالرئيس القدرة على القيام بالسمسرات. وقد استفادت مجموعة كبيرة من أزلام النظام من هذا الموقع من خلال وصولها إلى سوق الاستيراد المربحة (والمقيَّدة) في تونس. وقد فصلت هذه القيود التجارية بين الشركات المدعومة من الأزلام وروّاد الأعمال المدعومين من العائلات النافذة من جهة وبين التجّار العاديين أو الشركات العادية التي لم تتمكّن من التنافس في ظل هذه الشروط المجحفة من جهة ثانية. فقد كان على الشركات الراغبة في الانضمام إلى دائرة الأوساط المقرّبة من النظام والمتحصّنة في مواقعها أن تدفع أموالًا لتلك العائلات النافذة لحماية نفسها من المطاردة من الأجهزة التونسية المعنية بتنفيذ القوانين والتي كانت قد اعتادت على منظومة الرشاوى التي رافقت التجارة عبر الحدود. وقد ولّدت منظومة السمسرة هذه انقسامًا بين مَن هم جزء منها ومَن هم خارجها، ودفعت روّاد الأعمال إلى الاعتماد على خدمات السمسرة لتسديد ضرائب أقل، وتجنُّب الضوابط المشددة، وعدم التبليغ عن الكميات والأسعار الحقيقية للبضائع المستورَدة.
هذه الترتيبات التي تجيز التهرّب الضريبي، والتلاعب بالفواتير على نطاق واسع وتحديد أسعار الواردات بأقل من أسعارها الحقيقية، وتسمح بانتشار الفساد، تعكس كيف أنه في ظل الحكم السلطوي، غالبًا ما يُضحّى بالمصالح الوطنية على مذبح مصلحة النظام. وفي حالة تونس، لم تؤدِّ هذه الترتيبات إلى تكبّد الدولة خسائر مالية فادحة فحسب، بل تسببت أيضًا بخلل في الأسواق المحلية، لأنها منحت أفضلية على صعيد التكلفة لشركات تنقصها الكفاءة لكن تحظى بدعم سياسي، مقارنةً مع الشركات الأخرى. وقد ظهرت شرائح جديدة من النخب الاقتصادية في قطاع الاستيراد تجمعها روابط مع الرئيس وعائلته الموسَّعة. وقد جمعت دراسة البنك الدولي أدلة على أن مصالح الأعمال الخاصة المملوكة من أسرة بن علي وجماعته أحكمت قبضتها على الشروط المتعلقة بالدخول إلى قطاعات كثيرة، وفرضتها إلى حدٍّ ما. وكانت الأعمال والمشاريع المملوكة من أسرة بن علي ضخمة ومربحة للغاية من منظار الاقتصاد الكلّي.17 وأمّنت الشركات ذات الملكية المرتبطة مباشرةً بأسرة بن علي والتي وُضِعت اليد عليها بعد ثورة 2011، ما يعادل 3 في المئة من مجمل إنتاج القطاع الخاص، واستحوذت على نحو خُمس أرباح القطاع الخاص.18
على نحوٍ استراتيجي أكثر، جمعت الممرات البرية والبحرية، والاقتصادات الحدودية والمرفئية، وروّاد الأعمال والتجّار، بين الأنشطة الرسمية وغير الرسمية. وتنافست الشبكات المختلفة التي شكّلت جزءًا من سلاسل التموين والتوزيع في مختلف أنحاء تونس، لتزويد المتاجر والأسواق التونسية بالبضائع. ومع مرور الوقت، أصبحت الشبكات غير الرسمية جزءًا من الاقتصاد التونسي. وشكّلت الرشاوى ورسوم الحماية التي كانت الأجهزة الأمنية تتقاضاها، حافزًا للحفاظ على ولائها للنظام. وقد أدّى النظام والعائلات الحليفة له دورًا أساسيًا في موقع الحماة والمحكِّمين على مستوى توزيع الحصص والفرص في الأسواق بين الشبكات التجارية من خلال تكوين اقتصاد سياسي للتجارة الخارجية حيث كانت الممارسات غير القانونية جزءًا لا يتجزأ من المنظومة.
إعادة تصور شبكات التجارة غير الرسمية وغير الشرعية بعد انتفاضة 2011
أحدثت انتفاضات العام 2011 في تونس وليبيا خللًا في الاقتصاد الحدودي وجميع ترتيباته الداخلية. وقد أتاح فراغ السلطة ازدهار شبكات جديدة في جهتَي الحدود، ولا سيما في ليبيا حيث أعادت القوى المناهضة لمعمر القذافي تنظيم الشبكات التجارية في المنطقة الواقعة غرب ليبيا.19 وسطّر سقوط بن علي نهاية حقبة الامتيازات التي تمتّع بها أزلامه السابقون الذين سعوا جاهدين لإيجاد حماة جدد والتوصل إلى ترتيبات جديدة مع النخب السياسية الناشئة. وانخرطت الأجهزة المولجة تنفيذ القانون وبيروقراطيو الدولة الذين تحرروا من سيطرة بن علي وأنسبائه، في نوع من “الفساد المؤسسي” الذي كان هدفه الوحيد مراكمة الأرباح الشخصية من دون أي أجندة سياسية (على نقيض الدوافع المسيّسة التي سادت في ظل النظام السابق).20 وفي الوقت نفسه، احتدمت المنافسة الشديدة داخل الشبكات التجارية البرية من جهة والشبكات التجارية البحرية من جهة أخرى، وكذلك بينهما. وأدّى انهيار المنظومة السياسية السابقة إلى تفكك العوائق والترتيبات التي أعطت الأفضلية لبعض المجموعات على حساب إقصاء مجموعات أخرى. فظهر لاعبون جدد على الساحة نتيجة الفرص التي أفرزها غياب الاستقرار.
خلال السنتين اللتين أعقبتا مباشرةً سقوط النظام، ونتيجة الصعوبات التي واجهتها الأجهزة الأمنية في ضبط الحدود، وتزايد الأعمال الإرهابية، تفاقمت وصمة العار التي تطبع نظرة الرأي العام إلى المهرّبين والتجّار عبر الحدود.21 ولكن هذا الوضع لم يدم طويلًا. فقد سعت تونس من خلال شنّها حربًا على الإرهاب بدءًا من العام 2013 إلى التشدد في ضبط الوضع الأمني وفي فرض ضوابط على الشبكات العابرة للحدود. وقد أدّى حفر الخنادق على طول الحدود؛ وبناء سياج بطول 125 ميلًا (200 كيلومتر) على امتداد الحدود مع ليبيا (بدعمٍ من الولايات المتحدة وأوروبا)؛ وزيادة أعداد الحواجز والدوريات التي تنفّذها الشرطة والحرس الوطني والجيش، إلى الحد من تدفقات البضائع، وإلى تراجع مطّرد في أعداد التجّار المنخرطين في الأنشطة التجارية عبر الحدود.22 وبعدما كانت ليبيا مركزًا إقليميًا للتجارة غير الرسمية، انحسر هذا النشاط التجاري إلى حد كبير منذ العام 2015. وتراجعَ الاقتصاد الحدودي بسبب الانتشار المتجدد للقوى الأمنية وتنظيم التجارة غير الرسمية عبر اللجوء المتزايد إلى الإكراه. نتيجةً لذلك، كان على المهرّبين والتجّار أن يتنافسوا لوضع أنفسهم تحت حماية وكلاء الدولة بغية ضمان أرباحهم قدر الإمكان. وقد أعاد السياق الأمني الجديد رسم المشهد في مجال التجارة غير الرسمية.
اللافت هو أن الممرات البحرية أفادت من الحملة المكثّفة التي استهدفت الممرات البرية بعد إطلاق الحرب على الإرهاب، مع ما رافقها من تراجع في الاقتصاد الحدودي وانتشار الفساد في أوساط الأجهزة المكلَّفة تنفيذ القوانين. فبعدما ضاقت المساحة المتاحة أمام الاقتصادات الحدودية، تقدّمت إلى الواجهة الشبكات الواسعة التي كانت تستورد السلع مباشرةً من تركيا والأسواق الآسيوية عن طريق البحر، على حساب الشبكات البرية الأصغر نطاقًا التي لم تستطع أن تضاهي منافسيها الأكبر حجمًا في مجال الأسعار أو كمية البضائع. تعكس هذه الشبكات البحرية قابلية الحدود للاختراق، بفعل تخالط الاقتصاد الرسمي مع الاقتصاد غير الرسمي، ما يشكّل قطاعًا خاصًا بالتجارة الخارجية تبدو أنشطته خاضعة للإجراءات الرسمية ولكنها في الواقع غير منظَّمة في جزء منها وغير مدوَّنة في سجلات الدولة.
تباطؤ الاقتصادات الحدودية والاستقطاب بين الشبكات العابرة للحدود
تسبّبَ تشديد الإجراءات الأمنية في المناطق الحدودية والحملة المكثّفة للقضاء على شبكات التهريب مع ليبيا بزيادة كبيرة في الأكلاف التشغيلية للشبكات التجارية عبر الحدود البريّة، وبالحد من تدفقات السلع والمنتجات التي كانت تمدّ الاقتصاد التونسي باحتياجاته. كذلك أدّت التغييرات التي شهدتها ليبيا، بما في ذلك هبوط أسعار النفط وإصلاح نظم الدعم الحكومي، إلى تباطؤ نشاط الاقتصاد الحدودي. لا تزال الضوابط المتزايدة التي تفرضها الشرطة والجيش والجمارك عند الحدود الليبية تعرقل التجارة غير الرسمية عبر الحدود.23 ولكن هذه الإجراءات التي ترتد بنتائج عكسية أدّت إلى تقسيم مجتمع التجّار بين تجّار بريين “كبار” و”صغار” عند الحدود الليبية، والأهم من ذلك، أتاحت هذه الإجراءات توسيع الشبكات البحرية غير الرسمية العابرة للحدود، التي استغلت تهميش “الخط” لملء الفراغ الاقتصادي في تونس.
وعلى الرغم من تعزيز الإجراءات الأمنية عند المناطق الحدودية، لم تتمكن السلطات التونسية من القضاء كليًا على ممر “الخط” البري. ومع أن الحكومة تحدثت عن مصادرة ما يزيد عن 2.5 مليارَي سلعة مهرَّبة في الفترة الممتدة فقط من كانون الأول/ديسمبر 2015 إلى كانون الثاني/يناير 2016، تشير تقارير أخرى إلى استمرار أنشطة التهريب نظرًا إلى الخروقات التي يتعرض لها السياج والفساد المستشري في أوساط حرس الحدود.24 إضافةً إلى ذلك، أمّنت القيود المفروضة على حركة السلع غير الرسمية منافع لشبكات التهريب الأوسع والمنظَّمة جيدًا التي تواصل عملها بعدما باتت تواجه منافسة أقل من صغار المشغّلين. يتعامل التجّار “الكبار” مع مستودعات وجهات شحن تعمل لحسابهم، ويستخدمون ليبيا بمثابة نقطة عبور. تُسلَّم البضائع المستورَدة بصورة أساسية من تركيا والصين في ليبيا حيث تُخزَّن أيضًا، ثم تُنقَل إلى تونس من خلال ترتيبات مع الأجهزة الأمنية التونسية والمجموعات المسلّحة الليبية. أما التجّار “الصغار” الذين ينقلون بضائعهم عن طريق “الخط”، فهم مجرد باعة في أسواق الشوارع أو عمّال شحن يزوّدون المتاجر في هذه الأسواق بالبضائع. لقد ترك المشهد الأمني المفكّك في غرب ليبيا صغار التجّار التونسيين تحت رحمة القوى التي تسيطر على الجانب الليبي من معبر رأس جدير. وحتى فيما تعمل الشبكات الكبرى بسهولة نسبية، غالبًا ما يتعرّض صغار التجّار للابتزاز من المجموعات المسلّحة التي تسيطر على الطرقات التجارية.
لقد أدركت تونس ضرورة التخفيف من الضغوط على المناطق الحدودية، فسمحت لمجموعات مدنية محدّدة الهدف وبلديات محلية بالانخراط في مبادرات شعبية وفي الدبلوماسية القائمة على التواصل بين الأشخاص على الأرض، ما أسفر عن اتفاقات حول التجارة الحدودية مع مراكز نفوذ محلية ليبية.25 وقد أصبحت هذه الاتفاقات الشعبية التي أطلقها أفرقاء غير دولتيين وأبرموها في ما بينهم المعيار السائد. ولكن نظرًا إلى هشاشة الوضع الأمني والخصومات بين الفصائل الليبية، فشلت هذه الاتفاقات في تأمين آليات مستدامة للتجارة تحتاج إليها الأراضي الحدودية الواقعة شرق تونس كي تتمكن من الصمود والاستمرار. والأهم من ذلك، يعاني المشهد التجاري التونسي أيضًا الانقسام والتجزئة، ويشوبه الاستقطاب بين الأفرقاء الذين تحرّكهم مصالح متباينة. فالمجموعات المدنية وصغار التجّار الذين يريدون انتزاع اتفاق دائم لدعم مستقبلٍ اقتصادي حيوي، يقبلون بالسقف الذي تفرضه السلطات الليبية على قيمة البضائع التي تُشحَن من ليبيا في إطار معركتها ضد التهريب وإدارتها نقص السلع الذي يعانيه الاقتصاد الليبي.26 على النقيض، يسعى كبار التجار إلى التحرر من الاتفاقات والترتيبات المعمول بها عند الحدود من أجل تحقيق الحد الأقصى من الأرباح والحصة السوقية. وهم يملكون القدرة على دفع الأموال للقوى الأمنية التونسية والمجموعات المسلحة الليبية من أجل الحصول بطريقة حصرية على بعض السلع وتأمين نقلها عبر تونس.
بعد إغلاق معبر رأس جدير في صيف العام 2018 إبان اندلاع نزاع هناك بين السلطات التونسية والليبية، نظّمت نقابة التجّار في بلدة بنقردان جنوب شرق تونس اعتصامًا رفعت فيه الشعار التالي “سيب نسيب”،27 في رسالة موجَّهة إلى ليبيا بأنه لن يُؤذَن للمسافرين الليبيين بالدخول إلى تونس للحصول على الرعاية الصحية أو بداعي السياحة إذا لم يُستأنَف السماح بعبور البضائع. وبعد اجتماعات عدّة عُقِدت بين ممثّلي المجتمع المدني في جهتَي الحدود، جرى التوصّل إلى اتفاق مع الليبيين (إنما تحت ضغوط شديدة) قامت القوى الأمنية التونسية على إثره بفضّ الاعتصام. وقد أجاز هذا الاتفاق لكل مسافِر، ويُفهَم منه تاجر في الحالة التونسية، بنقل كميات صغيرة من البضائع المختلفة (مثلًا: مكيّفان هوائيان، أو ثلاثة إطارات، أو بضع عبوات وقود)، على ألا تتعدّى القيمة الإجمالية لهذه البضائع 10000 دينار ليبي (2225 دولارًا أميركيًا)، مقابل ضريبة قدرها 450 دينارًا تونسيًا (أي نحو 165 دولارًا) تُسدَّد للسلطات الجمركية التونسية. ولكن هذا الاتفاق كان ليُعرقل أنشطة كبار التجّار الذين ينقلون كميات كبيرة من البضائع من ليبيا. فمن مصلحة هؤلاء ألا يكون هناك سقفٌ لقيمة السلع التي يُسمَح بشحنها، أو أقلّه أن يتأكدوا من أن السقف مرتفع بما فيه الكفاية ليتمكنوا من جني الأرباح من هذه الترتيبات. وقد نجح كبار التجّار في إسقاط هذا الاتفاق في أيلول/سبتمبر 2019 وتفاوضوا لرفع سقف قيمة السلع المستوردة إلى 150000 دينار تونسي (54500 دولار) مع تحديد الضريبة على هذا المبلغ بـ3500 دينار تونسي (1275 دولارًا). وبعد بضعة أيام، أُلغي السقف تمامًا.
وانضّم إلى المهربين التونسيين الكبار في مفاوضاتهم حليف مهم من الجانب الليبي يتمثّل في وكلاء شحن مدينة زوارة، يعملون بالقرب من معبر رأس جدير الحدودي. ولا يُعتبر هؤلاء هيئة رسمية، بل سماسرة يتقاضون أموالهم من كبار التجار لقاء تسهيل التبادلات التجارية عند معبر رأس جدير حيث أقاموا مكاتب لهم. وأثناء صياغة الاتفاق الذي حصل عليه صغار التجار، والذي حدّد سقف 10000 دينار ليبي على البضائع، حمل وكلاء شحن زوارة السلاح وتجمّعوا أمام مبنى بلدية زوارة، على الجانب الليبي من الحدود، للتنديد به. ووصف أحد أعضاء جمعية تجار بنقردان ما حصل قائلًا: “لقد حاصروا البلدية وتمكنوا من عرقلة الاتفاق خلال 24 ساعة”.28 أما على الجانب التونسي، فينسّق وكلاء شحن زوارة مع سماسرة تونسيين يعملون كوسطاء لتسهيل مرور البضائع مستفيدين من علاقاتهم مع الفروع الأمنية المتعددة في تونس. لهذه الأسباب، لا يعتبر وكلاء الشحن الليبيين في زوارة والسماسرة التونسيين أن إبرام اتفاق لتحديد سقف الواردات وفرض ضريبة ثابتة يصبّان في صالحهم، نظرًا إلى أنهم يستفيدون من حالة غياب الشفافية على الحدود وإمكانية التفاوض بشأن قيمة الضريبة بشكل غير قانوني.
أدّىتدهور الوضع الأمني وتنامي التوترات في رأس جدير إلى صعود الشبكات التي تعمل في الجزء الجنوبي من الحدود مع ليبيا و خصوصًا في محيط بلدة ذهيبة التونسية. وقد انخرط المهربون العاملون في ذهيبة، التي تشكّل معبرًا حدوديًا ثانويًا في منطقة تطاوين الواقعة جنوب تونس، على مقربة من الحدود الليبية، في عملية نقل البضائع في إطار سلسلة توريد تمتد من طرابلس إلى بنقردان وغيرها. وباتوا شركاء لتجار بنقردان الذين كانوا يبحثون عن ممرات أخرى لعبور السلع الخاضعة إلى ضرائب مرتفعة أو المحظورة، كالتبغ مثلًا. ويتولّى مهرّبو ذهيبة نقل البضائع من بلدة وازن الليبية المجاورة إلى ذهيبة، وتضمّ سلسلة النقل الخاصة بهم ليبيين، ما يضفي على تجارتهم طابعًا أكثر أمانًا ويوفر حافزًا لتقاسم المكاسب. وفي إشارة واضحة إلى قدرة الشبكات الرئيسة العاملة عبر الحدود على التكيّف خلال السنوات الأخيرة، بات المهربون الكبار يمتلكون الآن سيارات تويوتا رباعية الدفع من طراز لاند كروزر، وهي من بين السيارات القليلة التي يمكن قيادتها في الصحراء، والقادرة على اجتياز الكثبان الرملية، والمفيدة في المطاردات مع القوات الأمنية. يبدو من الواضح إذًا أن المهربين الصغار الذين لا يملكون سوى وسائل محدودة لا يمكنهم التنافس مع هذه المجموعات التي تتمتّع بتنظيم جيد وتحظى بدعم كبير.
مع ذلك، يواجه الاقتصاد الحدودي صعوبات جمّة بسبب حالة اللايقين السائدة على الحدود التونسية الليبية، والناجمة عن المشهد الأمني الفوضوي وعمليات الإغلاق غير المتوقعة. وحدها أقوى الشبكات غير الرسمية استطاعت الاستمرار في ممارسة أنشطتها التجارية. وعلى الرغم من أن الاقتصاد الحدودي شكّل مصدر دخل لآلاف الأشخاص من سكان المناطق الجنوبية في تونس، وساهم في تزويد أسواق المناطق الداخلية باحتياجاتها، لم يعد الوضع كذلك اليوم. فقد انخفضت كميات البضائع المنقولة انخفاضًا حادًا، وبات من الضروري الاعتماد على شبكات المهربين الكبار التي باستطاعتها التعامل مع الوضع المحلي غير المستقر. وفي ظل تراجع الأنشطة التجارية عبر الممرات البرية، يسعى التجار الذين يزوّدون الأسواق والبازارات التونسية بالسلع إلى تأمين سلسلة توريد عبر الممرات البحرية.
علاوةً على ذلك، أدّى قمع المورّدين البريين التونسيين والليبيين إلى إعادة تشكيل الشبكات العابرة للحدود من خلال تحفيز النشاط في الممرات البحرية. وفيما يتمّ استبدال سوق بنقردان بحركة ناشطة جدًّا في الموانئ التونسية مثل سوسة وصفاقس وتونس العاصمة، بات حتى كبار التجار العاملين برًّا يواجهون صعوبة في منافسة التجار والشبكات العاملة بحرًا.
إضفاء طابع غير رسمي على التجارة الدولية وانخراط الشركاء التجاريين في الشبكات العابرة للحدود
شهدت الحكومات التي تشكّلت في تونس خلال مرحلة ما بعد العام 2011 ارتفاعًا مطردًا في أنشطة التجارة غير الرسمية عبر الممرات البحرية. وشكّل تشديد الإجراءات الأمنية عنصرًا حاسمًا في إعادة تنظيم الشبكات التجارية غير الرسمية. فقد بات التجار التونسيون الذين كانوا يستوردون السلع المنتجة في الصين أو تركيا عبر الطرق البرية من ليبيا يعتمدون بدلًا من ذلك على الشبكات البحرية والموانئ التونسية. يُشار في هذا الإطار إلى أن الكثير من هؤلاء عبارة عن جهات غير رسمية، لكن بعض الشركات العاملة في الاقتصاد الرسمي كانت مستعدة لتبني استراتيجيات اقتصادية غير رسمية بهدف خفض تكاليفها، وتجاوز القيود المفروضة على التجارة بين تونس وتركيا منذ العام 2018، والالتفاف على الأنظمة وخفض الضرائب المفروضة على السلع الصينية المستوردة.
تنطوي عملية إضفاء طابع غير رسمي على التجارة على عدد من العمليات. ففيما يرتفع حجم الواردات عبر الموانئ التونسية، تزداد أيضًا العمليات غير القانونية المرتبطة بالواردات، من بينها ارتفاع حجم المدفوعات خارج القنوات المصرفية الرسمية، مثل خطابات الاعتماد التي يتمّ إصدارها إلى المستوردين عبر تحويلات نقدية غير مشروعة. ويضمن القائمون بعمليات تحويل الأموال غير الرسميين تحويل الأموال بين تونس والموردين في تركيا ودبي ودول آسيوية، ما يسمح للتجار التونسيين بدفع ثمن