الوريمي ل”أفريقيا برس”: النهضة خيبت آمال من كان يريد أن يراها في مربع الصدام مع الدولة

305
الوريمي ل
الوريمي ل"أفريقيا برس": النهضة خيبت آمال من كان يريد أن يراها في مربع الصدام مع الدولة

حوار آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. أعلنت حركة النهضة التونسية، مؤخرا، عن اختيار القيادي العجمي الوريمي لتولي منصب الأمانة العامة للحزب، بعد شغور المنصب منذ 2019، وهي خطوة تأتي حسب استنتاجات المتابعين لكونه شخصية تحظى بتوافق داخل الحزب، كما يعرف عنه خطابه الهادئ مع جميع مكونات المشهد السياسي ونجاحه الاتصالي.

وفي حواره مع “أفريقيا برس” بعد توليه أمانة الحركة، أكد العجمي الوريمي أن أمل الحياة بالنسبة للحركة مازال قائما على عكس من توقع تراجعها أو تشظيها حيث أن “الحركة نجحت في تخطي الانزلاقات وخيبت آمال من كان يريد أن يراها في مربع الصدام مع الدولة وأجهزتها والعودة إلى الحقبة الإحتجاجية وإلى زمن السرية، ولدينا من الوعي ما يمكننا من تبين مصلحة البلاد العليا وأقوم المناهج لعودة الديمقراطية”، حسب وصفه.

وبين أن النهضة بحثت بعد الإنقلاب عن منطقة مشتركة مع الرئيس قيس سعيد لكنه أصر على المضي في مشروعه الفردي وإقصاء معارضيه.

وشغل الوريمي منذ 2011، مناصب قيادية في حركة النهضة لينتخب في 2014 نائبا بمجلس النواب عن حزبه، إلى حدود 2019.

بعد انتخابك أمينا عاما جديدا لحركة النهضة، ماهي أولوياتكم في هذه المرحلة الانتقالية لإخراج الحركة من أزماتها؟

أزمة حركة النهضة إذا جاز لنا إستعمال هذا اللفظ في وصف وضعها هي أزمة تطور أي كيف تنجح القيادة في منع إصابة الحزب بحالة تكلس وجمود وكيف تبقيه كمنظمة لها هياكل ومؤسسات مفتوحا على المستقبل وله القابلية الذاتية للتأقلم والتطور بل أكثر من ذلك يمتلك مقومات المبادرة وصنع السياسات وتكوين الكفاءات واجتذاب الطاقات الشبابية والمساهمة في إقناع المواطن التونسي بأهمية الإهتمام بالشأن العام والإنخراط في أي جهد جماعي سياسي ومدني للإصلاح والتغيير ضمن الأطر الدستورية والقانونية وتحصين التونسيين والتونسيات بمختلف شرائحهم ضد الإحباط واليأس، ونحن نعتبر أن اليأس من قدرة الدولة والنخب والمجتمع على التغيير يمثل خطورة على مناعة الدولة ووحدة المجتمع، وأولويتنا الداخلية في الحركة في هذه المرحلة هي الإصلاح وما دمنا قد فرضت علينا الظروف تأجيل عقد المؤتمر فإن شعارنا هو: الإصلاح الآن ودون إنتظار.

لماذا لم تفصح الحركة في بيانها عن تفاصيل مشروع لائحة تتعلق بصلاحيات الأمين العام للحزب، هل ممكن توضيح ذلك وتوضيح مهام الأمانة العامة؟

الأمين العام هو المسؤول التنفيذي الثاني في حضور رئيس الحزب والأول أثناء غيابه وهو يتولى المهام التالية :
– الإشراف العام على الهياكل التنفيذية والتنسيق بينها.
– تنظيم إجتماعات المكتب التنفيذي وضبط جدول أعماله.
– رئاسة جلسات المكتب التنفيذي في حالة تعذر حضور رئيس الحزب وفي حالة تعذر مباشرة رئيس الحزب لمهامه يتولى الأمين العام.
– رئاسة المكتب التنفيذي وتنفيذ سياسات الحزب ومقرراته وتسيير الهياكل التنفيذية للحزب.
– يُمثل الحزب في علاقاته الداخلية والخارجية.
– يقترح أعضاء المكتب التنفيذي ويقدمهم للتزكية من طرف مجلس الشورى.
– يعفي أو يقبل إستقالة أي عضو من أعضاء المكتب التنفيذي.

هذا ما جاء في اللائحة وصادق عليه مجلس الشورى ومقتضاه أن الأمين العام يتمتع بصلاحيات واسعة في التعيين والإعفاء والتسيير والتنسيق ورسم السياسات والإشراف على تنفيذها وتمثيل الحزب وهو يخاطب بقية الأطراف من سلطات وأحزاب وهيئات وخاضع لرقابة مجلس الشورى باعتباره أعلى سلطة بين المؤتمرين.

هل سيساهم تعيينك على رأس أمانة الحركة في تقريب وجهات النظر مع السلطة بوصفك شخصية توافقية داخل الحركة؟

نحن اليوم حزب معارض ونعمل في إطار جبهة الخلاص الوطني على عودة الديمقراطية ونعتبر أن مسار الإنتقال الديمقراطي قد توقف يوم 25 جويلية 2021 واعتبرنا التدابير والإجراءات التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد يومها في خطاب إنقلابا على الشرعية وخرقا للدستور وهو موقف سياسي مؤسس على منطوق دستور 2014 ومقتضياته ورغم نفي الرئيس في اليوم الموالي وأثناء لقائه بممثلي المنظمات الوطنية أن ما قام به إنقلاب ونفيه عن نفسه أن يكون دكتاتورا أو أن يتحول إلى دكتاتور في تلك السنة والمرحلة من حياته وتاريخه السياسي فإن ما تلا ذلك أكد بالأدلة القطعية وبالممارسة وبفرض أمر واقع أننا خرجنا من النظام الديمقراطي التعددي ومن النظام البرلماني المعدل إلى حكم فردي تسلطي تم تركيزه على مراحل كان أبرزها سن دستور جديد يمنح لرئيس الجمهورية سلطات وصفها الإعلام والخبراء بالسلطات الفرعونية وكل الكتابات الموضوعية عن تطور الأوضاع السياسية الداخلية منذ ذلك الحين تتحدث عن المنعرج الإستبدادي وعن الإنعطافة القمعية وقد شهدنا موجات إعتقالات طالت السياسيين والإعلاميين والمدونين وتم ضرب مبدأ التوازن بين السلط وتحولت إلى وظائف خاضعة لتأثير السلطة التنفيذية التي أصبحت بالكامل تحت تصرف الرئيس لا يتقاسمها مع أي طرف بما في ذلك رئيس الحكومة.

لقد أخرجنا من السلطة بعد أن كنا الحزب الفائز بالإنتخابات والحزب الذي يرأس البرلمان ويدعم الحكومة والسبب في ذلك الخلافات بين المؤسسات ورفض الرئيس تسويتها بطريقة توافقية إذ إستغل الأزمة للمضي في تنفيذ مشروعه السياسي الشخصي معتمدا على شرعيته الإنتخابية وعلى موقعه داخل المنظومة متجاهلا شرعية غيره وصلاحياتهم الدستورية ولم تكن هناك محكمة دستورية تعاين الخطر الداهم أو تبت في دستورية ما أقدم عليه قيس سعيد فكانت الغلبة للأقوى لا للقانون والدستور، نحن نعتبر أن المعارضة ضرورية في النظام الديمقراطي من أجل إستقراره وديمومته وهي مسؤولية عند الإنحراف بالسلطة لإحداث التوازن وتصحيح المسار واليوم نحن أمام مهمة إنقاذية بعد أن تعمقت الأزمة وتأخرت الحلول ورغم أن الخروج من الأزمة مسؤولية السلطة لا المعارضة فنحن في النهضة وفي جبهة الخلاص نعمل من أجل إيجاد أفق سياسي للبلاد ولا نعتبر أن السلطة القائمة تملك عرضا سياسيا يفضي إلى ذلك، فقد رُفضت كل المبادرات وكل دعوات الحوار وهي ترى نفسها على حق وتتمادى في طريق نعتبرها طريقا خاطئة ونرفض الإنخراط فيها من باب المسؤولية أمام شعبنا ونحن لا نصادر ولا نلعن المستقبل لكن لا نرى أي إرادة في التجاوز أو إستعداد للإنصات للرأي المخالف.

إذا كانت النهضة تبحث عن مكان في مرحلة ما بعد 25 جويلية لماذا لا تقوم بمراجعات حقيقية وواضحة خاصة فيما يتعلق بالديمقراطية التي تعرض الحركة لانتقادات دائمة؟

ما يعرف بمسار25 جويلية والذي إمتنعنا عن الإنخراط فيه وتمايزنا عنه من موقع المعارضة المدافعة عن الشرعية وعن الدستور لم يحقق القطيعة مع الأزمة ومع سلبيات المرحلة السابقة هو فقط هدم المكتسبات الديمقراطية التي تحققت بتضحيات أجيال من المناضلين وبانتفاضات شعبنا ضد الدكتاتورية والحكم الفردي وكان آخرها ثورة الحرية والكرامة التي يدعي أنصار الإنقلاب أنهم يصدرون عنها ويواصلونها بعد أن حاد الحاكمون والطبقة السياسية عن مسارها كثورة رفعت شعار “شغل حرية كرامة وطنية” فماذا حققوا من تلك الشعارات غير إزدياد نسبة البطالة وارتفاع مشط في الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية للعائلة التونسية وتردي الخدمات والمرافق العمومية بل تفشي الفساد والعجز عن مقاومته ومقاومة اللوبيات التي ترعاه وقد بقي الخطاب الرسمي صرخة في واد هذا فضلا عن التراجع المذهل في واقع الحريات العامة والفردية والمشاركة السياسية وغياب أفق سياسي يعيد الأمل والثقة في المستقبل.

أما ما سألت عنه من ضرورة القيام بمراجعات فأظن أننا شرعنا في ذلك قبل الإنقلاب وقد تأكدت الحاجة إلى ذلك بعده ونحن لسنا حركة ميتة ومنتهية وهي لا تتقدم نحو الهاوية وتعرف المربعات المحظورة وقد عرفت كيف تتجنبها وتتفادى الإنزلاق إليها فلم يغريها الهرولة نحو مربع السلطة على حساب الديمقراطية ونرى اليوم أطرافا كانت متحمسة للإنقلاب تأخذ مسافة الأمان وتتحول إلى المعارضة كما خيبنا آمال من كان يريد أن يرانا في مربع الصدام مع الدولة وأجهزتها والعودة إلى الحقبة الإحتجاجية وإلى زمن السرية وأقدر بأن لدينا من الوعي ما يمكننا من تبين مصلحة البلاد العليا وأقوم المناهج لعودة الديمقراطية.

لا أنكر أننا بحثنا بعد الإنقلاب عن منطقة مشتركة مع الرئيس قيس سعيد وليس بالضرورة شراكة في الحكم أو التحول من المعارضة إلى الموالاة وقد كنا على يقين أن الهروب إلى الأمام بفرض مسار فوقي ومنفرد وإرساء حكم الفرد وحكم الأقلية سيحول دون قيام أي شراكة، ولكن بقينا نأمل أن يقتنع الرئيس بأن يكون جزءا من الحل وأن يتعالى على الصراعات وأن لا ينحاز لفئة دون فئة وقد تبخر ذلك الأمل بإصرار قيس سعيد أن يمضي في مشروعه الشخصي ويقصي معارضيه ومخالفيه.

في حال انعقاد مؤتمر حركة النهضة، هل سيحسم في موضوع الهوية الحزبية من خلال التخفيف من أعباء الجناح الدعوي؟

نحن أقررنا في المؤتمر العاشر مبدأ التخصص وهو نوع من الفصل بين الدعوي والسياسي وقد تطلب هذا الخيار نقاشات إمتدت على سنوات درسنا فيها تطورات الواقع التونسي ومقتضيات المرحلة الديمقراطية كما اطلعنا على تجارب مقارنة وأخذنا من كل ذلك ما يناسب البيئة التونسية، كان هدفنا تحويل الحركة من حركة شمولية في وظائفها واهتماماتها إلى حزب وطني يهتم بالشأن العام يحتفظ بمرجعيته ولكن يقتصر على الدور السياسي كما كان هدفنا إيجاد حياة ديمقراطية قائمة على الأحزاب وعلى المجتمع المدني وعلى حرية الإعلام وتوزيع الأدوار بين الحكم والمعارضة وقد أعطينا الأولوية للحزب في إختيار أفضل الكفاءات من رصيد الحركة البشري وتركنا لمن يأنس في نفسه الميل إلى النشاط المدني الدعوي أو الثقافي أو الخيري أن يتخفف من الإلتزام الحزبي وأن يمارس مواطنته في إطار القانون في مجالات فعل غير المجال الحزبي والسياسي.

كان هدفنا إبعاد شبح الإزدواجية وتحرير فعالية الفرد وجعل الحزب تعبيرة سياسية عن قطاع عريض من المجتمع لكن ليس هو الوعاء الوحيد لنشاطهم وممارستهم لمواطنتهم بما هي واجبات مدنية قبل أن تكون حقوقا سياسية وبمراجعة الخيار الدامج للبعدين الدعوي والسياسي والذي درجت عليه الحركة منذ تأسيسها نحو صيغة جديدة لتصريف مشروعها في الزمن الديمقراطي خطت خطوة نحو الإسلام الديمقراطي وأصبحت واضحة المعالم في تمايزها عن التيارات المنتسبة للعائلة الإسلامية والتيارات والأحزاب العلمانية واللائكية.

على ما يبدو تواجد الحركة في مؤسسات الحكم بعد الثورة أفقدها التواصل المستمر مع قاعدتها الشعبية، هل هناك خطط جديدة لإحياء هذه القاعدة باعتبارها مخزون بشري واجتماعي للحركة؟

على خلاف ما يعتقد البعض فإن إصلاح الحزب وتطويره مطلب داخلي قبل أن يكون مطلبا خارجيا أي أن أصحاب المصلحة فيه والداعين إلى التعجيل به هم مناضلات ومناضلي الحزب ورغم أن النهضة من أكثر الحركات تواصلا مع قواعدها وحريصة على تشريكهم في الخيارات وفي القرار فإن وتيرة التواصل أقل من المطلوب ومنسوب الرضى عن ذلك وعن الأداء القيادي أقل من المأمول ونحن نعمل على التغلب على العقبات التي وضعها في طريقنا غلق المقر المركزي ومنع الإجتماعات داخله بقرار إداري تعسفي وغير دستوري وعوض أن تسهل السلطة عمل الأحزاب وتخفف أعباءها بما في ذلك سن تشريع يمنح الأحزاب الحق في التمويل العمومي نجدها تعمد التضييق على أنشطتها وتتعامل معها بارتياب وهو ما يتنافى مع أبسط قواعد الحياة الديمقراطية إن بلادنا في حاجة في هذه المرحلة التاريخية وفي ظل التحديات والمصاعب الإقتصادية والإجتماعية إلى دور متقدم للأحزاب والمنظمات والمجتمع المدني وفي حاجة إلى مواطنة نشيطة وإنخراط في الشأن العام وكل ما يمكن أن يسير عكس ذلك من عزوف وانعدام ثقة في العملية السياسية وفي النخبة والطبقة السياسية حكما ومعارضة يمثل إنتكاسة ويضعف مناعة المجتمع ويمكن أن يقلص القاعدة الإجتماعية للسلطة السياسية بما يضعف من شرعيتها والحماسة لخياراتها.

يرى البعض أن حركة النهضة بعد عقود من العمل مستهدفة حاليا في وجودها أكثر من السابق، ماذا ستفعلون لمواجهة التفكيك التدريجي للحركة؟

هناك من الباحثين ومن المستشرقين من بشر بنهاية الإسلام السياسي منذ نهاية تسعينات القرن الماضي قبل أن يراجع حكمه وتوقعاته، الحركات الاجتماعية لا تولد ولا تموت بقرار قد تشهد حالة مد وحالة جزر وقد تنتقل من الحكم إلى المعارضة ومن المعارضة إلى الحكم وتلك دورة سياسية تحتملها الحياة الديمقراطية وفي كل دورة فرصة للمراجعات والتدارك ولا تتراجع الأحزاب إلا إذا عجزت عن التطور أو وجد من هو أفضل منها وأقرب إلى إنتظارات المواطنين والناخبين وعلى الأحزاب أن تجدد طواقمها وعيالها وعرضها السياسي .

ورغم أنه ليس هناك حزب صالح لكل زمان ومكان فإن أمل الحياة بالنسبة لحركة النهضة لا يزال قائما ولن يرثها إلا من يحمل جيناتها وإني أقول لمن يتعجلون تراجع حركة النهضة أو تشظيها وإنقسامها لا تفرحوا بنهاية تجربة وحركات الإسلام السياسي لأن ما ستخلفه من فراغ في المساحة التي كانت تشغلها قد تأتينا بما لا يسر ولا يطمئن وبكل تأكيد أن مغادرة النهضة مواقعها التي لن تعوضها قوة علمانية حداثية خاصة بعد صدمة الإنحياز الغربي والأوروبي للكيان الصهيوني في حربه على غزة والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني فلا يستفيد من تهميش الإسلام الديمقراطي الذي تمثله حركة النهضة إلا تيارات راديكالية على يمينها وهي مسألة بالغة الأهمية ولا يمكن الآن توقع إنعكاساتها السياسية والمجتمعية.

ماهو تقييمكم للتعاطي الدبلوماسية التونسية مع الملف الفلسطيني مع أحداث طوفان الأقصى، وهل تتوقع مصادقة البرلمان على قانون التجريم التطبيع أم سيحظى بانتكاسة على شاكلة ما وقع في البرلمانات السابقة؟

المسألة الفلسطينية قضية العرب والمسلمين ولا تهم الفلسطينيين وحدهم بل الحديث عنها كقضية ومسألة يعني أطراف الصراع المباشرة وغير المباشرة لأن من سلب الفلسطينيين أرضهم وديارهم وحقوقهم وهجرهم وشردهم وتسبب في مأساتهم ومعاناتهم وناصبهم العداء ويستحوذ على مقدساتهم ويدنسها ويخطط كل يوم لإبعادهم بالترهيب والتقتيل وإحلال أجانب وغرباء محلهم لا يزال يعمل ضمن تحالف دولي ويحظى بالدعم العسكري والمالي وبالفيتو في مجلس الأمن ضد المحاسبة على جرائمه ولقد كان الموقف الرسمي في تونس الذي عبر عنه قيس سعيد متناغما مع نبض الشارع ومع مطلب الثورة التونسية “الشعب يريد تحرير فلسطين” ورغم الجدل الدائر حول المفاهيم ومفردات الخطاب فلا خلاف حول الجوهر فالتونسيون موحدين حول فلسطين.

وفي الحقيقة أعطى الشارع التونسي الداعم للمقاومة سندا للموقف المعبر عنه باسم الدولة وكان على الدبلوماسية التونسية التي عرفت حركية مع الوزير الجديد أن تتبع ذلك الخط وتبني عليه تحركها ولكن يبدو أنها أخفقت مرتين مرة بالتحفظ على القرار العربي بعد التصويت عليه وبالإمتناع عن التصويت في مجلس الأمن عندما طلبت المقاومة التصويت لفائدة القرار ولا أتصور بأن الموقف الرسمي المعلن عنه في أكثر من مناسبة وخطاب يهدف إلى مصادرة أي إمكانية للقيام بمبادرة تونسية أو دور سياسي ودبلوماسي لصالح المقاومة والشعب الفلسطيني والسبب في ذلك أن الدبلوماسية التونسية فهمت أن دورها هو فقط تكرار خطاب الرئيس أو تفسيره في إتجاه واحد وهي ليست مطالبة بالنزول بسقف الموقف ولكن كان بإمكانها البناء على تاريخ علاقتنا بمجريات القضية ودور بلادنا النشيط في إيصال صوت الشعب الفلسطيني والدفاع عن حقه المشروع بقوة في كل المحافل.

وأنا على يقين بأن المقاومة التي استبشرت بخطاب الرئيس وشكرته عليه كانت تتطلع إلى مبادرة سياسية تونسية وإلى الإستفادة من علاقات تونس العربية والإفريقية والدولية لإستصدار قرارات لوقف العدوان وفك الحصار وإنقاذ الأرواح ولا أستبعد أن تكون عولت على دور تونسي جزائري أو مغاربي في فتح أفق دبلوماسي يعزز صمود المقاومة على الأرض ويستثمر لصالحها ما تملك من ورقات أما في خصوص قانون تجريم التطبيع كان بودي لو نجحنا في تمريره قبل الإنقلاب وقد توفرت الإرادة والشروط لذلك ولن يطبع شعبنا مع الإحتلال الصهيوني ولن تهرول أي حكومة تونسية نحو التطبيع مهما كانت المغريات والضغوطات وما قيل من وجود إعتبارات إنتخابية وراء مزايدة بعض الكتل البرلمانية على قيس سعيد في برلمان الأقلية الصوري صحيح ولا غبار عليه وفي تقديري من لا يدين الإنقلاب ويطبع معه لا يستطيع أن يجرم التطبيع ومحاولة التمايز عبر المزايدة سلوك إنتهازي وهو الوجه الآخر للشعبوية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here