سياسيون: شروط قيس سعيد حجر عثرة أمام تنظيم الحوار الوطني

74
سياسيون : شروط قيس سعيد حجر عثرة أمام تنظيم الحوار الوطني
سياسيون : شروط قيس سعيد حجر عثرة أمام تنظيم الحوار الوطني

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. تستبعد أوساط سياسية تونسية أن تذهب البلاد التي ترزح تحت أزمة سياسية حادة إلى حوار وطني شامل، في ظل تمسك الرئيس قيس سعيد بشروطه ورفضه الجلوس على طاولة واحدة مع الأحزاب التي يتهمها بالانقلاب والتآمر على أمن الدولة منذ إطلاقه إجراءات 25 جويلية.

وزاد تعديل الرئيس سعيد لمرسوم هيئة الانتخابات الذي يمنحه صلاحيات إضافية لتغيير تركيبة والهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتعيين أعضائها من حالة التأزم السياسي التي اعتبرته المعارضة ضربة لاستقلالية الهيئة، ما يصعب إجراء الحوار الوطني في ظل سياسة الإقصاء التي ينتهجها سعيد وتثير المخاوف من تهديد الديمقراطية، حسب منتقديه.

وكان الرئيس سعيد قد أعلن في بداية أفريل الجاري، أن “الحوار انطلق فعلا من أجل الإعداد لتنظيم استفتاء حول نظام الحكم في جويلية المقبل، ثم انتخابات تشريعية في ديسمبر2022”. لكن دون توضيح الأطراف المشاركة فيه، ووضع فيه خطوطا حمراء يستثني فيها الأحزاب وخصومه من النخبة، الأمر الذي يشكك في نجاعة الحوار ومصداقيته.

وأكد سعيد إن الإصلاحات التي سيشملها الحوار الوطني يجب أن تستند إلى نتائج الاستشارات عبر الإنترنت التي شارك فيها 500 ألف مواطن فقط، فيما أبدى الاتحاد الوطني للشغل، المنظمة النقابية ذات الثقل في البلاد، معارضة لشروط مسبقة من الرئاسة.

ونقلت وسائل إعلامية عن الاتحاد تأكيده أن “أي حوار وطني بشأن تعديلات مقترحة للدستور يجب أن يكون بلا شروط مسبقة، وليس استنادا إلى نتائج المشاورات الإلكترونية مثلما أعلن سعيد”، فيما يتساءل متابعون عن قدرة الاتحاد عن ثني سعيد عن شروطه والذهاب نحو حوار شامل مع استمرار حالة التصعيد بين سعيد ومعارضيه.

ضغوط الاتحاد


لاءات الاتحاد تصطدم بلاءات سعيد

يطرح النجاح في تنظيم حوار شامل يجمع الرئاسة مع النخبة السياسية تحديا لاتحاد الشغل، حيث بوسع الاتحاد، وهو طرف رئيسي في البلاد ويضم أكثر من مليون عضو ويمكنه إغلاق الاقتصاد، معارضة أي خطوة أحادية من طرف الرئاسة للمضي في إصلاحات أساسية، الأمر الذي سيحول دون إجراء حقيقي.

ويتساءل متابعون عن قدرة اتحاد الشغل في ممارسة ضغوط ضد الرئاسة لفرض مشاركة الأحزاب في الحوار التي يعتبرها طرفا أساسيا ولا يمكن استبعاده.

منجي الحرباوي، نائب سابق في البرلمان التونسي

وأشار منجي الحرباوي، الناشط سياسي والنائب السابق بالبرلمان في حديثه لـ”أفريقيا برس”؛ أن”الحل الوحيد والأوحد في تونس هو الحوار والحوار الغير المشروط على قاعدة أساسية وهي قاعدة البناء الجماعي للوطن الذي يشمل الجميع”. وأعتبر أن “الشروط المسبقة تتحول إلى املاءات وتقود في النهاية إلى تعطيل الحوار”.

ولا يعتقد الحرباوي أن سعيد سيذهب إلى حوار وطني بمعنى الحوار الوطني الشامل، وبرأيه “لو كان يريد ذلك فقد كانت هناك العديد من الفرص التي أتيحت لذلك في عديد المرات خاصة وان اتحاد الشغل يدعو إلى حوار وطني منذ ثلاث أو أربع سنوات”. وأضاف “هذه حجة واهية.. الشروط هي شروط لتعجيز وتعطيل الحوار”.

وفي معرض رده عن دور اتحاد الشغل، يلفت الحرباوي أن”المنظمة الشغيلة في حوار دائم من أجل المطالبة باستحقاقات لفائدة العمال وغيرها، كما أنها تدرك من يجب أن يذهب للحوار ومن يغيب عنه بالتالي تمسك الاتحاد بحضور الأحزاب هو تمسك منطقي ومعقول باعتبار انه لا يمكن حل مسالة سياسية بعيدا عن الأحزاب السياسية ولا يمكن أن نحل هذه المشاكل بدون أحزاب”. وفي تقديره فإن “حضور الأحزاب ضرورة وليس خيار”.

حوار شكلي


الأزمة السياسية تشتد

ورغم الآمال المعلقة على قدرة الحوار الوطني في معالجة الأزمة السياسية والاقتصادية بطرحه حلول حقيقية وخارطة طريق للعبور بالبلاد إلى بر الأمان، إلا أنه برأي الأوساط المعارضة مجرد حوار على مقاس الرئيس لن يحمل معه أي آفاق أو حلول وعلى العكس سيشكل منفذا آخر لترجمة مشروعه السياسي الذي بدأت ملامحه تتضح للطيف السياسي والشعبي.

وتتهم المعارضة سعيد بمحاولة فرض مشروعه الشخصي وأنه لا يريد سوى حوار شكلي لتمرير مقترحاته، فيما يخفف محللون من توقعاتهم بخصوص دور اتحاد الشغل في فرض حوار تشارك فيه الأحزاب.

ويعتقد هؤلاء أن تعنت سعيد وإصراره على ممارسة سياسة الإقصاء باستخدامه سلاح القانون قد عمق الهوة أكثر بين الرئاسة والنخبة، في حين يميل الاتحاد إلى اصطفافه خلف الرئاسة حفاظ على موقعه ورغبة في مزيد النفوذ في المشهد.

فتحي الزغل، محلل سياسي

ولفت المحلل السياسي فتحي الزغل في تصريح لـ”أفريقيا برس”؛ أنه لا يمكن للحوار الذي يريد إطلاقه رئيس الجمهورية بالصيغة المعلنة أن يحقق نتائج لحلحلة الوضع السياسي المتأزم أصلا بالبلاد. لما لتلك الصيغة من فجوات اعتبارية سواء من تلك الخاصة باشتراطات المشاركة فيه أو المخرجات التي يريد الرئيس فرضها والتي أعلن عنها قبل انطلاقه في عديد المناسبات والتصريحات”.

وشرح بالقول “إقصاء الأحزاب وخاصّة الأحزاب ذات الوزن الانتخابي الهام، هو ضرب من ضروب تجاهل الواقع و القفز فوق المعطيات الموضوعية الحقيقية. فأي حوار مع تمثيليات ليس لها وزن حقيقي في الشارع؟”.

أما في ما يخصّ اتحاد الشغل فإن دعوته تشريك الأحزاب هي دعوة خافتة تُظهر بعض تصريحات قيادييه أنهم يمكن لهم إذا ما توفّرت شروط معيّنة أن يتجاوزوها، وهي التسريع بإقصاء مكوّن سياسي بعينه وأقصد المحور المسمّى على الثورة وهو الشق الإسلامي و شق ائتلاف الكرامة، بيد الرئيس ليقع تحميله هو المسؤولية عمّا يمكن أن ينتج من تبعات، حسب تقديره.

وعلى عكس الآراء الداعمة لدور اتحاد الشغل، يعتقد الزغل أن “توجهات المنظمة وسعت الهوّة بين ما يدعون إليه في مسائل سياسية هامة جدا كالوضع الذي آلت إليه البلاد اليوم، وممارساتهم التي أفقدتهم الكثير من منسوب الثقة التي ورثوها من تاريخ المنظمة ككلّ. ممّا يجعل تحرّكاته هذه التي يراها البعض أنها ضغوطات على الرئيس، مصنّفة حسب رأيه في خانة توزيع الأدوار فقط”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here