مازن الشريف: الإرهابيون قد يلجؤون إلى “الخديعة” للتسلل إلى تونس

92
مازن الشريف: الإرهابيون سيلجؤون إلى
مازن الشريف: الإرهابيون سيلجؤون إلى "الخديعة" للتسلل إلى تونس

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. توقع الخبير الأمني مازن الشريف في حواره مع “أفريقيا برس” أن “يقع إعادة مقاتلين وإرهابيين إلى تونس بطريقة فيها “شيء من الخديعة”، كما تم إخراجهم والدفع بهم إلى بؤر القتال بكثير من الخديعة والخيانة والتواطؤ من بعضهم”، وذلك أعقاب سقوط النظام السوري ما يشكل تهديدا حقيقيا لأمن البلاد، غير أن “الأجهزة الأمنية والعسكرية التونسية ستكون بالمرصاد وقادرة على التصدي لمثل هذه التهديدات”، وفق تقديره.

واعتبر الشريف أن “وصول الجماعات المسلحة إلى الحكم في سوريا هو فصل جديد من العبث الجيوستراتيجي لبعض الدول ذات المصالح بالمنطقة”، وأن “المتغيرات الدولية تفرض على تونس انتهاج دبلوماسية جديدة ومتطورة، أو على الأقل القيام بنقلة في العمل الدبلوماسي والأداء”.

ومازن الشريف هو خبير تونسي في الإستراتيجيات الأمنية والعسكرية ومكافحة الإرهاب.

ما هو تقييمكم للسياسة الأمنية في تونس، هل نجحت الأجهزة الأمنية في التصدي للإرهاب أم مازال هذا الخطر يهدد أمن واستقرار البلاد خاصة بوجود جماعات مسلحة في الجبال؟

بالنسبة لتقييمي للسياسة الأمنية في تونس، وقد كنت شاهدا على تطورها ومساهما فيها سواء بشكل ذاتي كمختص في هذا المجال أو صلب عملي في المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل كرئيس لقسم الاستشراف ومكافحة الإرهاب وضمن ما قدمناه من استشارات للمؤسستين الأمنية والعسكرية، فإننا نرى تطورا ملحوظا للسياسات الأمنية، حيث باتت لدينا إستراتيجية وطنية أمنية لمكافحة الإرهاب، وقد كان لها أثر قوي في دعم العمل الاستباقي الأمني.

لكن الإرهاب مازال يشكل خطرا على كل دول العالم وليس على تونس فقط، خاصة أمام تواصل المتغيرات الدولية وآخرها التطورات في سوريا، وحسب اعتقادي هناك إمكانية لإطلاق بعض الإرهابيين التونسيين وتزييف وثائقهم بهدف العمل على إعادتهم إلى البلاد، ورغم ذلك كلي ثقة في مدى نجاعة قواتنا الأمنية والعسكرية واستخباراتنا التونسية، وكذلك في رئاسة الدولة والحكومة لمواجهة هذه التهديدات.

في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، هل تعتقد أن الدبلوماسية التونسية بحاجة إلى تجديد المقاربة والأداء؟

المتغيرات الدولية والإقليمية الجارية حاليا هي متغيرات عميقة جدا، صادمة في بعض وجوهها مثل فوز دونالد ترامب مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية الأميركية بعد كل الجدل الذي أثاره خلال فترة حكمه الأولى، وما جرى في سوريا من انهيار دولة ومن تدمير الصهاينة للجيش السوري بشكل كامل، وكذلك المتغيرات الإقليمية المجاورة وما تشهده ليبيا من تطورات، والعمق الأفريقي من تغيرات خاصة السياسات الرافضة لمزيد الهيمنة الفرنسية، هذا كله يمكن إعادة النظر فيه وفي سياق لا ينفصل عن الحرب الصهيونية على غزة ولبنان والحرب الأوكرانية-الروسية، وإجمالا وفي مواجهة هذه المتغيرات، لا بد من انتهاج دبلوماسية جديدة متطورة أو على الأقل القيام بنقلة في العمل الدبلوماسي والأداء، هذا ضروري ولا بد منه.

كيف يمكن أن يؤثر إطلاق سراح آلاف المقاتلين من الجماعات المسلحة على الأمن والاستقرار في تونس؟

بالتأكيد يشكل ذلك تهديدا حقيقيا لأمن تونس، خاصة بعد ما تمكن هؤلاء المقاتلين بعد عقد من الزمن من الحرب و بما أمكن لهم من القضاء على دولة وعلى جيش، صحيح هناك مخاطر حقيقية، لكننا لسنا مع نظرية التخويف والقلق غير المبرر، بل مع أخذ الاحتياط والاستباق والعمل المخابراتي الذي يستوجب أن يكون ذو بعد دولي.

ما هي التدابير والخطوات الاستباقية التي يمكن أن تتخذها تونس لتقليل التهديدات الناشئة عن وصول الجماعات المسلحة للحكم في سوريا؟

وصول الجماعات المسلحة إلى الحكم هو فصل جديد من العبث الجيوستراتيجي والجيوسياسي لبعض الدول ذات المصالح بالمنطقة، خاصة مع وصول أحدهم إلى رئاسة الجمهورية العربية السورية، بعد أن كان يعمل في القاعدة ثم في داعش ثم في هيئة تحرير الشام، وبالرغم كل ما يقال عن النظام السوري السابق، إلا أنه كان هناك دولة وجيش، والآن لا وجود لأي من ذلك، وهل سنشهد بهذا التغيير بالمشهد السوري تكرارا لنموذج بعينه، هذا ما يجب دراسته والتعمق فيه وتفكيكه أكثر.

وفيما يخص تونس، فإننا نرى أنها منيعة أمام هكذا مخاطر، بالتأكيد الدولة لن تسقط، لكن قد يحاول البعض التفكير في المخاطر والمناوشات حتى يستمد قوة من ذلك، لذلك لا بد أن تكون هناك رسالة إعلامية واضحة حتى لا تكون هناك عودة لمثل هذا الفكر ولا لهذه المجاميع على التراب التونسي، وما هو مطمئن أن الدولة جاهزة لسحق كل من يفكر في ذلك.

هل أن فرض إجراءات جديدة لدخول تونس مؤخرا من قبل السلطات خطوة استباقية لعودة المقاتلين من بؤر التوتر؟

نعم قد يكون فرض إجراءات جديدة لدخول تونس خطوة استباقية، لكن العمل يتطلب بعد مخابراتي بشكل أعمق لنعرف إن كان المشبوه فيه مثلا عاملا في دولة عربية أو غربية أم أنه زيف عمله في دولة ما خاصة من الدول المجاورة لسوريا، ومعرفة خلفيته الفكرية قبل أن يغادر تونس، لأنه بالفعل توجد مخاطر حقيقية، وحسب توقعاتي، هناك إرهابيين سيتم إعادتهم بشيء من الخديعة، كما تم إخراجهم بكثير من الخديعة والخيانة والتواطؤ من بعضهم.

هل تعتقد أن المقاربة الأمنية هي الحل لمواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وهي برأي منتقديها تمس الجانب الحقوقي كما حولت تونس إلى حارس بالوكالة لأوروبا؟

المقاربة الأمنية ليس الحل الوحيد لظاهرة الهجرة غير الشرعية، هناك عمل عميق جدا على مستوى اجتماعي والثقافي والفكري، علينا الاعتناء بهذه المسائل، كما لا بد من التنسيق مع الدول التي يأتي منها هؤلاء المسلحين وأخص بالذكر الجزائر وليبيا لمعرفة كيف دخلوا إلى البلاد وماذا يريدون منها هذا فيما يخص المهاجرين الأفارقة. أما بالنسبة لهجرة الشباب التونسي، فلا بد أن نعطي الشباب أملا جديدا في بلدهم، وأن نبعث رسائل طمأنة إليهم، كما يستوجب في المقابل التصدي للشبكات الدولية والمافيات التي تتاجر بالبشر وتحرض الشباب على الهجرة عبر قوارب الموت.

كخبير أمني، كيف تقيّم التعاون العسكري بين تونس مع الولايات المتحدة وإلى إي مدى ستعمل واشنطن على الحفاظ على “نفوذها” في تونس، وأفريقيا عموما، في مواجهة التمدد الروسي والصيني؟

الدولة التونسية تعرف جيدا خياراتها، المؤسسة العسكرية التونسية هي مؤسسة عريقة، ومن المؤكد أن تونس إذا قررت التعاون عسكريا مع دولة من الدول، فإن لها أهداف واستراتيجيات وتحليل واقع سواء مع الولايات المتحدة الأميركية أو مع دول حلف الشمال الأطلسي أو غيرهم، ويمكن لتونس تنويع علاقاتها وفق ما ينفع ويخدم مصالحها وما يوظف موقعها المهم بين أوروبا والعالم العربي وأفريقيا، هذا يحتاج إلى الكثير من التنسيق في المراحل القادمة، كما يجب أن نستفيد من التطور التقني وتقديم دعم أكبر للمؤسسة العسكرية.

وبالنسبة للولايات المتحدة، ما من شك أنها تنازع على مصالحها، وموضوع التنافس مع روسيا والصين موضوع جلي خاصة في العمق الأفريقي وفي ليبيا، وهو من طبائع السياسات الدولية، أما تونس فهي دولة مستقلة وتتحرك وفق ما يخدم مصالحها الوطنية بشكل لا يضر بمصلحة أشقائنا أو بعلاقتنا الإقليمية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here