آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. اعتبر محسن النابتي، الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي، في حواره مع “أفريقيا برس” أن “إيران خرجت من الحرب منتصرة، حيث دافعت عن المنطقة بكاملها في ظل غياب عربي”، كما “حققت مكاسب أخرى كبيرة أبرزها أنها كرست نفسها كقوة إقليمية ذات سيادة، وصححت الصورة التي رسمها لها الإعلام الصهيوني في المنطقة، فيما سيحاول الكيان الصهيوني تعويض فشله في ميادين أخرى، وأولها التصعيد من حرب الإبادة في غزة.”
وأكد أن “التيار الشعبي لا يساوم لما يتعلق الأمر بالمقاومة وبالصراع مع العدو الصهيوني، وأنه يدعم المقاومة ضد الهيمنة والظلم فوق كل أرض، فما بالك والطرف المقاوم شعب مسلم شقيق ويشن عليه عدوان ظالم لأنه يقف مع المقاومة العربية ضد إجرام الكيان الغاصب، فدعمه واجب”. وفق تعبيره.
ورأى أن “موقف تونس من العدوان على إيران كان واضحا وشجاعا”، إلا أنها “مطالبة ببناء قدراتها الذاتية، والاستمرار في التمهيد لتعديل تموقعها الدولي، وإدارة حالة من التوازن بما يضمن نجاح العلاقة مع الأطراف الدولية المتنافسة.”
ومحسن النابتي هو سياسي تونسي، وهو الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي في تونس.
ماهي قراءتك للتطورات بالحرب بين إيران وإسرائيل والوصول إلى هدنة مؤخرا، أي تداعيات سياسية لهذا الصراع على المنطقة العربية؟
العدوان على إيران كان منتظرا، فالعدو بعد تحييد سوريا وتحييد المقاومة اللبنانية جزئيا، بات أمامه سيناريوهات ثلاثة كلاها تمر عبر تحييد طهران، وأولها العمل على تهجير أهل الضفة وتشتيت أهل غزة وثانيها إسقاط اليمن، وبالنسبة له إسقاط اليمن عمل فيه مخاطر عالية والتهجير يتطلب تحييد القوة الإيرانية وهو ما حاول فعله. إذا، العدوان على إيران هو حلقة رئيسية في العدوان الصهيوني بغية فرض إسرائيل الكبرى وبسط هيمنتها على المنطقة، والعدو بعد إيران سيحيد مصر ويفكك الأردن والسعودية بعد سيطرته على سوريا لتنفيذ عملية التوسع الكبرى كمرحلة رابعة وأخيرة في بناء دولتهم المزعومة من النيل إلى الفرات وسيطال التدمير والتفكيك دول إقليمية أخرى كتركيا وباكستان.
إيران دافعت عن المنطقة بكاملها للأسف في ظل غياب عربي وصل حد يمكن القول أن النظام العربي مات سريريا، والعدو بعد فشله في إيران سيحاول التعويض في ميادين أخرى، وأولها سيصعد من حرب الإبادة في غزة والتوسع أكثر في جنوب سوريا تمهيدا لعملية التهجير، وللأسف النظام الرسمي العربي وحتى الشعوب باتت جميعها خارج الخدمة.
هل تعتقد أن إيران خرجت من الحرب منتصرة، وأي آفاق لبرنامجها النووي؟
إيران خرجت منتصرة أكيد جدا، فإيران لم تبادر بالهجوم، فالعدو هو الذي شن العدوان وأعلن عن أهدافه وهي إسقاط النظام وتدمير النووي والقوة الصاروخية، لكن لم يحقق أي من هذه الأهداف برغم الخسائر، بل تكبد خسائر مادية ومعنوية لن يعوضها لسنوات، إذا إحباط مخطط العدو ومنعه من تحقيق أهدافه هو الانتصار بالنسبة لإيران، ولكن هناك مكاسب أخرى كبيرة أولها أنها كرست نفسها كقوة إقليمية ذات سيادة وصححت الصورة التي رسمها لها الإعلام الصهيوني في المنطقة، وكسبت قوة وحضور معنوي كبير لدى الجماهير العربية المتعطشة لنموذج تحرري في المنطقة وعند عموم المسلمين وأحرار العالم، والأهم كسبت وحدة وطنية استثنائية ودرس كبير لكل الشعوب.
كيف تنظر تونس ودول المغرب العربي لهذا العدوان على إيران، وهل كانت المواقف موحدة في التضامن مع إيران مقارنة بدول المشرق والخليج؟
تونس موقفها شجاع وأخلاقي ومحل فخر لشعبنا، مغاربيا الموقف المغربي لم يكن في المستوى باعتبار ارتهان النظام المغربي للصهيونية العالمية، بقية المواقف محترمة الحقيقة ويمكن البناء عليها، شعبيا الموقف العربي داعم لإيران بالمطلق شرقا وغربا.
أي تداعيات أمنية واقتصادية لهذا الصراع على تونس ودول المغرب العربي؟
كل صراع له تداعيات أمنية واقتصادية، ولكن هزيمة العدو الصهيوني أمام إيران مهم لتونس والجزائر، فالدولتين ليسا محل رضا في مواقفهما من قبل الصهيونية ورعاتها وعملائها، فكل هزيمة لمحور العدوان هي مكسب لنا ويجب تثمين الصمود الإيراني ودعمه شعبيا ورسميا.
التيار الشعبي دان العدوان على إيران فيما اكتفت أحزاب أخرى بالصمت، برأيك هل كشف هذا الصراع عمق الانقسامات بين الأحزاب التونسية في تعاطيها مع الملفات الخارجية؟
التيار الشعبي لا يساوم لما يتعلق الأمر بالمقاومة وبالصراع مع العدو الصهيوني، نحن ندعم المقاومة ضد الهيمنة والظلم فوق كل أرض وتحت أي سماء فما بالك والطرف المقاوم شعب مسلم شقيق ويشن عليه عدوان ظالم لأنه يقف مع المقاومة العربية ضد الصهيوني فدعمه واجب، ونعتبر إيران جزء أصيل من قوى التحرر العالمية من أمريكا اللاتينية حتى غرب آسيا، بالنسبة لبقية الأحزاب هناك من أصدر بيان فقط بعد قصف قاعدة العدو الأمريكي في العديد، وهو ما يعكس ارتباطه بمحور من محاور الرجعية، وهناك من صمت وهناك من وضع نفسه مع الجولاني والمرتزقة الايغور والشيشان بدعوى دعم ما يسمى الربيع العربي وفي النهاية هو مع الصهيونية العالمية.
برأيك ماهو مستقبل السياسة الخارجية التونسية في ظل التغيرات بالشرق الأوسط، وهل ستغير تونس من مواقفها التقليدية؟
احترام سيادة البلدان وحق الشعوب في تقرير مصيرها ودعم الشعب الفلسطيني حتى تحرير أرضه كاملة هذه ثوابت، الموقف من العدوان على إيران كان موقف متقدم جدا وشجاع، أما بخصوص السياسة الخارجية عموما تحتاج تونس للعبور إلى المستقبل والمضي في التمهيد الإستراتيجي من خلال تعزيز العلاقات مع القوى الدولية الصاعدة، مع تجنب التوتر العالي مع حلفائها التقليديين، ومطالبة بتصعيد موقفها السياسي تجاه العدو الصهيوني بمواجهة المطبعين قانونيا، وهذا ما يطلب تشريع يمكن الدولة من مطاردة المطبعين وعملاء الكيان ويعطيها قوة معنوية داخليا وخارجيا.
عموما نحن نرى أن تونس مطالبة بإدارة حالة من التوازن بما يضمن نجاح العلاقة مع الأطراف الدولية المتنافسة،ويؤمن مرحلة التمهيد الاستراتيجي للتحول في العلاقات باتجاه القوى الصاعدة والتخلص من قوى الهيمنة مع العمل الإستراتيجي لبناء قوة ذاتية، فالقوة الذاتية هي التي تمنح بلادنا هامش مناورة واسع لتطوير علاقتها الخارجية، فالضعيف والهش هامش المناورة أمامه يكون محدود وهذا ما يجب أن ندركه سلطة وشعب.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس