مناورات الأسد الأفريقي 2025: تدريب أم إعادة تمركز؟

2
مناورات الأسد الأفريقي 2025: تدريب أم إعادة تمركز؟
مناورات الأسد الأفريقي 2025: تدريب أم إعادة تمركز؟

إلهام اليمامة

أفريقيا برس – تونس. للعام الثامن على التوالي تستضيف تونس المناورات العسكرية الأميركية-الدولية المشتركة، المعروفة بـ “الأسد الأفريقي”. تعرّف هذه المناورات بأنها تهدف إلى تعزيز التعاون العسكري وتطوير الجاهزية القتالية وتحسين التنسيق بين الجيوش المشاركة، لكن دائما هناك جانب من الريبة من طرف الخبراء والمتابعين حول طبيعة هذه التمارين العسكرية الكبرى وهل أن هذه المناورات تعزّز السيادة أم تكرس التبعية تحت عنوان مكافحة الإرهاب وتبادل التجارب؟

تجري هذه المناورات العسكرية من 22 إلى 30 أفريل 2025، بالقاعدة العسكرية بالعوينة، وهي وفق تصريحات الخبير الأمني التونسي عليّة العلاني لـ”أفريقيا برس” “تمرين تقني لتحسين كفاءة الجيوش استنادا إلى أفضل التقنيات المقدَّمة. وهي في نفس الوقت تدعم بعض الأحلاف اختياريا وليس إجباريا”.

ومناورات الأسد الأفريقي هي سلسلة من التدريبات العسكرية المشتركة، تُنظَّم سنويا بقيادة الولايات المتحدة، بالتعاون مع عدة دول منها تونس والمغرب والسنغال وغانا وإيطاليا وفرنسا والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى مراقبين من دول أخرى.

وأوضح مدير التمرين من الجانب التونسي، وفق بيان نشرته وزارة الدفاع التونسية على موقعها، أن «الأسد الأفريقي 25 مدرج في إطار تعزيز حالة الاستعداد العملياتي للقوات المسلحة التونسية.

ويشمل التمرين تأثير التدريبات في العديد من المجالات مثل استكشاف التضاريس ومكافحة المحركات المتفجرة المرتجلة والمساعدة الطبية والتنسيق الجوي والتكوين العملي والأمن السيبراني ومحاكاة السيناريوهات الواقعية المتوافقة مع التحديات التي قد تهدد الوحدات العسكرية”.

من جانبه، قال المدير الأميركي للتمرين إن “تونس إحدى الدول المتحالفة مع الدول الأكثر أهمية في القارة الأفريقية. وأعرب عن امتنانه للدعم المهم الذي تقدمه تونس لاستئناف مناورات الأسد الأفريقي، التي تعتبرها مناسبة قاهرة لتطوير العلاقات العسكرية وتعزيز الثقة وتعزيز الاستعدادات التشغيلية بالإضافة إلى القدرات العسكرية للقوات المسلحة”.

وتجمع مناورات الأسد الأفريقي AL25 حوالي 2000 عنصر عسكري في تونس منها عناصر من دول من حلف الناتو مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا إلى جنب مع الولايات المتحدة وتونس وغانا وكينيا وليبيا ونيجيريا والسنغال. وستستضيف هذه الأخيرة المناورات في شهر ماي إلى جانب غانا والمغرب، فيما أعلنت الجزائر عن عدم مشاركتها في مناورات “الأسد الأفريقي 2025″، رغم تلقيها دعوة رسمية من القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم(.

وقال اللواء أندرو سي. جيني، القائد العام لقوة مهام جنوب أوروبا في أفريقيا (SETAF-AF): “يُعد تمرين الأسد الأفريقي 25 أكبر تمرين مشترك متعدد الجنسيات للقيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا. ويُظهر هذا التمرين قدرات القوة الشاملة من خلال بناء الجاهزية الإستراتيجية والتوافق التشغيلي مع شركائنا وحلفائنا الأفارقة للانتشار والقتال والانتصار في بيئة معقدة متعددة المجالات”.

ورغم أهميتها، ينظر متابعون بريبة إلى هذه التمارين، التي قدّمت منذ انطلاقها سنة 2002، على أنها مناسبة لتبادل التجارب والتكامل بين الجيوش. ومع اتساع نطاقها وزيادة الحضور الأميركي فيها، تطرح أسئلة عن الأهداف الحقيقية الكامنة وراءها، وهل نحن أمام شراكة متوازنة تخدم المصالح الوطنية، أم أمام إعادة إنتاج لصيغ النفوذ العسكري عبر أدوات “التدريب والدعم اللوجستي”، خاصة بالنظر إلى التطورات الأمنية والسياسية التي يعيش على وقعها العالم منذ حوالي عقد من الزمن وفي ظل التحولات الجيوسياسية التي تعرفها منطقة شمال أفريقيا والساحل، ومع صعود الصين في القارة الأفريقية وتراجع الدور الفرنسي/الأوروبي. وتزايد الاهتمام الدولي بممرات الطاقة والأمن الإقليمي.

هنا، يرى العلاني في حديثه مع “أفريقيا برس” أن “هذه المناورات لا تمس من سيادة الدول بل تستفيد منها الدول المشاركة خاصة فيما يتعلق الأمر بمكافحة الإرهاب. كما أنّ تونس الحاصلة على مرتبة عضو مميّز من خارج حلف الناتو ليست مطالبة بالانخراط في بعض الأحلاف. وهي تنظر إلى مناورات الأسد الأفريقي كفرصة لإثراء خبرتها في مجال مكافحة الإرهاب دون أنْ تكون مُجْبرة على الالتزام بموقف يتعارض مع توجهاتها السياسية والأمنية والدفاعية”.

ويضيف العلاني أن “تونس التي لم تتخلف منذ سنوات عديدة عن المشاركة في هذه المناورات، لا تزال متمسكة بسيادتها ومواقفها من العديد من القضايا الإقليمية والدولية، ولا ترى في مثل هذه التمرينات العسكرية المشتركة تعارضا بل اكتسابا لقدرات أكبر في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بما في ذلك المخدرات وتجارة البشر، في قارة تعيش تحديات كبرى بعد انتقال آلاف الدواعش من الشرق الأوسط إلى أفريقيا منذ سقوط داعش”.

ووفق خدمة توزيع المعلومات البصرية للدفاع (DVIDS)، وهي منصة رسمية تابعة لوزارة الدفاع الأميركية: “يتضمن التمرين سلسلة من الجلسات الأكاديمية الدقيقة، وتمارين الأسلحة المشتركة، ومحاكاة مراكز القيادة المصممة لاختبار وتحسين قدرات المشاركين في التخطيط والتنفيذ”.

ويضيف البيان أنه “إلى جانب الاستجابة للتهديدات الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية، تشمل الأنشطة تكاملًا جو-أرض، وتدريبا على مكافحة العبوات الناسفة المرتجلة، بالإضافة إلى نشر أنظمة متطورة مثل نظام المدفعية الصاروخية عالي الحركة. وستكون العمليات المحمولة جوا أيضا عنصرا أساسيا في المناورات، مما يُبرز قدرات الانتشار السريع للواء 173 المحمول جوا مع القوات الشريكة”.

ويذهب الخبير الأمني التونسي علي الزمرديني، في تصريح لـ”أفريقيا برس”، إلى أن “التعاون العسكري تقليد وأمر حتمي تفرضه الأحداث وتفرضه الوقائع، وفي هذا الإطار تتنزل مناورات الأسد الأفريقي، والتي تأتي لتبادل الخبرات والاطلاع على الإمكانيات وهي برنامج تدريبي سنوي بيني الأجهزة العسكرية التي تتقارب على مستوى العقيدة، ولها نفس الإمكانيات المدنية”.

بينما تُقدّم مناورات الأسد الأفريقي كتمارين لتعزيز القدرات الدفاعية ومكافحة الإرهاب، تُظهر الانتقادات أن هناك مخاوف من أن تستخدم هذه التدريبات كوسيلة لتحقيق أهداف إستراتيجية لا تتماشى مع مصالح الدول المشاركة، لكن اللافت في الانتقادات الأخيرة حول هذه التدريبات أنها تجاوزت الحديث التقليدي عن السيادة وتبعية القرار إلى رفض تام لها في علاقة بقضية التطبيع مع أي جهة موالية لإسرائيل وداعمة لها، ويأتي الناتو هنا كأحد أبرز المشاركين غير المرحب بهم.

من ذلك، ما كتبه شكري لطيف، رئيس الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام، في تدوينة له على حسابه على فايسبوك، عن هذه التدريبات خاصة فيما تعلق بمشاركة الناتو الذي وصف بـ “الأذرع العسكرية للقوى الاستعمارية وللعدو الصهيوني الملطخة بدماء أشقائنا في فلسطين ولبنان واليمن وقبلهما في العراق وليبيا”.

وقال شكري لطيف في تدوينة له على حسابه على فايسبوك: “لم تتورّع السلطة الحاكمة عن استقبال مسؤول منظمة الناتو كضيف مُبجّل خلال زيارة عمل إلى تونس يومي 7 و8 افريل 2025. والتقى الأمين العام المساعد لحلف الناتو المسؤول عن “منطقة الحوار الجنوبي المتوسط” التي تضُمُّ في عضويتها إلى جانب العدو الصهيوني، تونس وكالمغرب ومصر والأردن وموريتانيا والجزائر ـ خلال هذه الزيارة الرسمية بوزيري الدفاع والخارجية “للتباحث حول واقع وآفاق الحوار القائم بين تونس والمنظمة الأطلسية على الصعيدين الثنائي والإقليمي… وإمعانا في هذا التحدّي أصدرت وزارة الدفاع التونسية بلاغا رسميا تُعلنُ فيه عن “مشاركة أفراد من القوّات المسلّحة التونسية وعناصر من الجيش الأمريكي في التمرين العسكري المشترك “الأسد الإفريقي 25” في جزئه الذي سيُقامُ بتونس خلال الفترة من 22 إلى غاية 30 أفريل 2025….”

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here