أحكام التآمر هل تهز الإسلاميين في تونس؟

21
أحكام التآمر هل تهز الإسلاميين في تونس؟
أحكام التآمر هل تهز الإسلاميين في تونس؟

إلهام اليمامة

أفريقيا برس – تونس. شهدت تونس مؤخرا أحداثا واحتجاجات دفعت متابعين إلى التساؤل عمن يقف وراءها وهل يمكن أن تكون تطورات من قبيل الأحكام الصادرة فيما يعرف بقضية “التآمر على أمن الدولة” الشرارة سببا في تحريك الخلايا النائمة من الإسلاميين والسلفيين مما يؤدي إلى تدهور الوضع الأمني؟

عشية انعقاد الجلسة الثالثة، في قضية “التآمر على أمن الدولة”، بعث زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي برسالة مطوّلة إلى أنصاره، من سجنه، الذي يقبع فيه منذ عامين، انتقد فيها النظام الحاكم في تونس وندّد بالمحاكمة في قضية “التآمر على أمن الدولة”، وحثّ أنصاره ضمنيا على التحرّك ضد ما وصفه بـ”الدكتاتورية” و”الثورة للمضي قدما… حيث الأماكن نفسها التي أشعلت ثورة الحرية والكرامة تشتعل الآن من جديد، وهذا أمر لا يمكن تجاهله”.

ويقول الخبير علي الزرميدي، تعقيبا على الأحكام وما أثارته من حفيظة في صفوف الإسلاميين: “بهذه الأحكام وبغيرها فإن أنصار الاسلام السياسي والسلفيين والتكفيريين لن يهدأ لهم بال”.

وأضاف في تصريحاته لـ”أفريقيا برس”، الإسلاميون يتحركون باستمرار لكن عبر الخلايا النائمة والعمل السري وبالتالي لا يمكن الاطمئنان إليهم في أي لحظة. هم يسعون إلى التحكم ومسك مقاليد السلطة بكل الأشكال بما في ذلك بث الإشاعات المغرضة وبث الفوضى والركوب على الأحداث مهما كان نوعها”.

بدت رسالة الغنوشي مشحونة بالغضب وعكست سطورها قلقا مما يمكن أن تسفر عنه المحاكمة، التي طوت صفحتها في مرحلتها الابتدائية يوم 18 أفريل بإصدار أحكام تتراوح بين 45 عاما و13 عاما في حق قياديين مخضرمين من حركة النهضة منهم نور الدين البحيري (43 سنة) وعبدالحميد الجلاصي (13 سنة) وخيام التركي (48 سنة)…

بالتزامن مع ذلك، نظّمت “جمعية ضحايا التعذيب بجنيف” (مقرها مدينة جنيف)، ندوة تم بثها عبر منصات التواصل الاجتماعي، بمناسبة الذكرى الثانية لسجن الغنوشي، دعت خلالها إلى اطلاق سراحه، الأمر الذي أثار جدلا بين التونسيين على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبروا أن مثل هذه الندوات تؤكد أن الإسلاميين لن يحيدوا عن نهجهم في “الاستقواء بالخارج” واصرارهم على “استهداف الدولة التونسية”.

وبالنسبة لحركة، النهضة التي تعيش أسوأ فتراتها منذ تأسيس حركة الاتجاه الإسلامي في تونس سنة 1979، فإن هذه الأحكام بمثابة “حظر قاتل” حيث يقبع رئيس الحركة وكل القادة المخضرمين والذين يمكن أن يقودوا ويوجّهوا الجيل الصاعد في السجن، فيما انشق عنها آخرون.

ويظهر النظام في تونس حزما في التعامل مع هذه القضية ومع ملف الإسلاميين بشكل عام، باعتبار أن من أكثر الملفات التي دعمت الرئيس قيس سعيد ورفعت شعبيته حل البرلمان الذي تقوده حركة النهضة ويرأسه راشد الغنوشي في 25 جويلية 2021، الأمر الذي قد يدفع بالإسلاميين إلى اتباع طريق العنف وإثارة الفوضى.

ويقول مختار بن نصر، عميد متقاعد من الجيش التونسي، لـ”أفريقيا برس”: “القضاء هو من أصدر هذه الأحكام، ونحن نعلم أن بعض العناصر التي وقع القبض عليها تنتمي إلى تنظيمات تكفيرية، لذلك فاحتمال تحرك بعض هذه العناصر يبقى دائما احتمال وارد. وأعتقد أن اليقظة الأمنية ضرورية، وأمام اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب عمل كبير لمنع من حدوث اضطرابات وفوضى”.

ويضيف بن نصر: “رغم تباين الآراء بخصوص الأحكام، الشعب مقتنع بضرورة حماية الدولة والمؤسسات والوقوف ضد كل مساعي الفوضى”.

وأوقف الأمن الغنوشي في 17 أبريل 2023، إثر مداهمة منزله، ثم أمرت محكمة ابتدائية بإيداعه السجن في قضية “التصريحات المنسوبة له بالتحريض على أمن الدولة”. وقد كان لإلقاء القبض على زعيم حركة النهضة في تلك الفترة صدى إيجابيا في صفوف أغلب التونسيين الذين اعتبروه مسؤولا عن تدهور الوضع في البلاد وفشل المرحلة الانتقالية.

ورغم اتفاق الجميع على أهمية الرجل على المستوى السياسي ودوره تاريخيا في قيادة حركة النهضة، إلا أن الغنوشي يعتبر من أقل زعماء حركة النهضة شعبية لدى عموم التونسيين الذين لم ينسوا للإسلاميين أحداث باب سويقة 1991 حين تم استهداف مقر لجنة التنسيق الحزبي الحاكم في تونس آنذاك.

بعد استلامهم الحكم في تونس، في 2011، لم يعمل الإسلاميون في تونس على نسيان الماضي وفتح صفحة جديدة توصلهم إلى كسب ثقة التونسيين، بل عملوا مع فوزهم وفق مبدأ الغنيمة، ونجحوا في البداية في تصدير خطاب المظلومية وشيطنة الأنظمة السابقة، إلا أنهم سرعان ما كشفوا عن مخطط لضرب الدولة المدنية في تونس الأمر الذي أنقص من رصيدهم الكثير، ثم جاء تصاعد العنف ودخول التكفيريين على الخط وظهور الدواعش والحرب في سوريا وليبيا لينتهي المطاف في الأخير بالإسلاميين وقد تراجع رصيدهم مع كل انتخابات.

هذا التاريخ، هو الذي يجعل التونسيين اليوم في قطيعة تامة معهم وهذا ما يفسر وفق المحلل السياسي باسل ترجمان: “حالة التجاهل الشعبي التي قوبلت بها هذه الأحكام”، لافتا في تصريح لـ”أفريقيا برس” إلى أن “الحديث عن إمكانية تحريك خلايا إسلاميين وتكفيريين أمر غير مطروح وذلك لأن قوات الأمن في تونس قامت بتفكيك القاعدة الأساسية لهذه المجموعات وحصارها ولم يعد لها القدرة على التحرك من جهة، ومن جهة ثانية، العودة إلى الفوضى ستزيد من ورطة هذه الأطراف لأن اللجوء إلى العنف أو الإرهاب سيزيد من تحميلهم المسؤولية وسيزيد من حالة الغضب الشعبي ضدهم أكثر، وبالتالي استبعد ذلك”.

رغم أن الأحكام الصادرة يوم 18 أفريل 2025 أحكام ابتدائية، ويتوقع أن تشهد القضية تطورات قادمة، إلا أنها فتحت الباب أمام حديث آخر لا يقل إثارة للجدل ويمكن أن يتصدر الساحة في الأيام القادمة، وهو الحديث المتعلق بتصنيف حركة النهضة ككل “تنظيما إرهابيا”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here