آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. قيّم أحمد ونيس، الدبلوماسي ووزير الخارجية الأسبق، في حواره مع “أفريقيا برس”، توجهات الدبلوماسية التونسية في الآونة الأخيرة، على غرار الواقع الدبلوماسي لدول المغرب العربي.
ورأى أن “المغرب العربي يعيش أزمة، كما أن فرص لمّ شمل دول المغرب الكبير تأخرت بسبب توتر العلاقات بين المغرب والجزائر والصراعات التي تعيشها ليبيا، الأمر الذي حال دون أخذ زمام المبادرة لتوحيد هذه الدول”، داعيًا إلى “ضرورة انعقاد قمة مغاربية لطرح كل القضايا على مائدة المفاوضات وبحث سبل حلها، خاصة فيما يخص النزاع المغربي-الجزائري بشأن قضية الصحراء.”
وفي معرض تعليقه على مساعي الدبلوماسية التونسية لزيادة تمثيلها في القارة الأفريقية، أشار إلى أن “تونس مازالت لا تملك بعدُ القدرات الكافية لزيادة تمثيلها بالقارة بشكل كامل ومكثف”، مشيدًا بـ”الدور الدبلوماسي النشط الذي تلعبه السفارة التونسية لدى الأمم المتحدة حيث تقوم بدور لافت وبارز لدى المجموعة الأفريقية في نيويورك.”
وفيما يخص الموقف التونسي من الملف الفلسطيني، اعتبر أن “الدول الأقرب إلى الأراضي المتأزمة في فلسطين هي من لديها الأولوية في التدخل في هذا الملف، أما نحن فندعمها ونساندها، وهذا هو دور الدبلوماسية التونسية الذي تقوم به بكل شغف”، وفق تقديره.
وأحمد ونيس هو دبلوماسي وسياسي تونسي، عمل سفيرًا في كل من موسكو ونيودلهي في عهد الرئيس زين العابدين بن علي، ثم عُيّن كاتب دولة للشؤون الخارجية في الحكومة التي شكلها محمد الغنوشي في 17 يناير 2011، ثم وزيرًا للشؤون الخارجية في الحكومة الثانية التي شكلها الغنوشي في 27 جانفي 2011 خلفًا لكمال مرجان، لكنه أُجبر على الاستقالة في 13 فيفري 2011.
كيف تقيم زيادة التمثيل الدبلوماسي لتونس في أفريقيا وأوروبا في الآونة الأخيرة، هل غيرت تونس بوصلتها الدبلوماسية على وقع المتغيرات الدولية؟
بصفة عامة ليس لنا القدرات الكافية حتى نزيد التمثيل الدبلوماسي بشكل كامل ومكثف في القارة الأفريقية، لدينا تمثيل في شمال أفريقيا كامل باعتباره إقليم عربي، وبعض العواصم الأفريقية المختارة مثل داكار وأبيدجان وأديس أبابا، بخلاف ذلك لم نتمكن من تعزيز تمثيلنا في القارة أكثر، لكن السفارة التونسية لدى الأمم المتحدة نشطة جدا وبشكل لافت وبارز لدى المجموعة الأفريقية بنيويورك، جميع الدول الأفريقية تركز على التنسيق مع الأمم المتحدة وهذا الأهم، وهي الأرضية التقليدية التي تشتغل عليها الدبلوماسية التونسية إلى اليوم.
كيف يمكن لتونس تعزيز حضورها الدبلوماسي والاقتصادي في أفريقيا مثل ماهو الحال مع المغرب؟
قدرات المملكة المغربية والأزمات التي تعيشها المملكة لا تقاس بالموقف التونسي والسياسة التونسية عموما، نحن ليس لدينا مثلا نزاع يخص قضية الصحراء مثل المغرب، ليس لدينا قطع علاقات دبلوماسية مثل ماهو الحال بين المغرب والجزائر، أو غيرها من الأزمات، هذا فيما يخص الجانب السياسي حيث تسعى المغرب لتدارك هذه الأزمات من خلال تقوية العلاقات مع أفريقيا وغيرها من الدول.
أما على الصعيد الاقتصادي، فبالنسبة لتونس فإن كمية المواد القابلة للتصدير إلى الخارج في الساحة الأوروبية وليس في الساحة الأفريقية لأننا نعوض الاستيراد التونسي الضخم مع دول شمال المتوسط، حيت أن الميزان التجاري بيننا وبين هذه الدول يجعلنا نعوض هذا الفارق من الاستيراد بأولوية لديهم ولا لغيرهم، وهو ما يؤثر على قدراتنا الاقتصادية في الأسواق الأفريقية، لكن من حيث التواصل مع الدول الأفريقية فالعلاقات مع تونس متميزة وهو ما يعكسه تواجد الشباب الأفريقي في تونس للدراسة في جامعاتنا، وهي خطوة تعمل عليها تونس منذ استقلالها، حيث أن عديد النخب الأفريقية تعرف تونس عن قرب وتعرف المدرسة التونسية والجامعة التونسية.
هل أن إعادة افتتاح قنصلية في بنغازي محاولة لإذابة الجليد مع حكومة الشرق أم إجراء عادي؟
حسب تقديري الواجب القنصلي التونسي هو المتغلب على هذا القرار وليس المصالح التي تخص السياسة الخارجية، هذه الخطوة تخص الجالية التونسية بالأساس حتى يجد المهاجر التونسي الخدمات الضرورية له ولعائلته عن قرب ولا يضطر للذهاب إلى القاهرة مثلا أو طرابلس، في اعتقادي إعادة فتح القنصلية في بنغازي أمر ضروري يخدم الجالية التونسية، وليست مصالح تخص السياسة الخارجية التونسية
كيف تقرأ الدور التونسي في الملف الفلسطيني، وهل يمكن لتونس أن تلعب دور أكثر في هذا الملف؟
برأيي من عليه أن يلعب دور أكثر في الملف الفلسطيني هي الدول المحيطة بالمنطقة، يعني على سبيل المثال نحن أيام المقاومة الجزائرية، كنا قطب من أقطاب الحركة المساندة للمقاومة الجزائرية، وبالنسبة لنا الدول القريبة إلى الأراضي المتأزمة في فلسطين هي من لديها الأولوية في التدخل في هذا الملف، أما نحن فندعمها ونساندها، وهذا دور الدبلوماسية التونسية الذي تقوم به بكل شغف.
كيف ستواجه تونس ودول المغربي التحديات الأمنية الناجمة عن التطورات في المنطقة خاصة في سوريا؟
برأيي المغرب العربي يمر بأزمة، هناك قطع علاقات دبلوماسية بين المغرب والجزائر، رغم أن العاهل المغربي يمد يد الأخوة للجزائر بشكل مستمر، ثانيا هناك أزمة بين جيران الجزائر الجنوبيين مع العاصمة الجزائرية، ثالثا هناك حرب أهلية في ليبيا، بحيث أن فرص لم شمل دول المغرب الكبير تتأخر أكثر منها تتقدم.
إذن كيف يمكن شمل دول المغرب العربي في خضم هذه الأزمات؟
لم الشمل يتطلب حسب رأيي تدخل دولة محايدة بالنسبة للمعاداة التي تواجهها الصلة بين الجزائر والمملكة المغربية، ويقوم وفد من هذه الدولة بزيارة جميع عواصم دول المغرب العربي، وبرأيي يجب أن يتألف الوفد من ممثلين من تونس وليبيا ويقع تكليفهم بمهمة زيارة الجزائر والمغرب وموريتانيا، ثم يقع تحديد موعد لانعقاد قمة مغربية في إحدى عواصم هذه الدول، ويطرح في هذه القمة جميع القضايا بكل أخوة وبكل صراحة على مائدة المفاوضات، وبذلك سنخطو خطوة إلى الأمام، لكن إلى الآن لم تأخذ أي دولة من دول المغرب العربي خطوة أو مبادرة في هذا الاتجاه، وهو برأيي تخلف عن الواجب المغاربي، وهو يضر بصورة المغرب الكبير أمام الأوروبيين وأمام الاتحاد الأفريقي وكل دول العالم.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس