آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. استبعد أحمد ونيس وزير الخارجية الأسبق في حواره مع”أفريقيا برس”، “أي نجاح للتكتل المغاربي الجديد الذي دعا إلى تشكيله مؤخرا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في ظل إقصائه للمغرب وعدم تشريكه كافة الدول المغاربية الخمسة، حيث اعتبر أن أي تركيبة إقليمية قائمة على الإقصاء سيكون مصيرها الفشل”.
ورأى ونيس أنه” بالرغم من الخلافات وحالة الفتور بين الجزائر والمغرب فإن الأخوة العميقة التي تجمع بين الشعبين بوسعها ترميم وإصلاح العلاقات وأن هذه الأخوة العميقة والترابط التاريخي بين شعوب المنطقة هو من سينقذ المغرب الكبير من مستقل مظلم”، حسب وصفه.
وأحمد ونيس هو دبلوماسي وسياسي تونسي سابق، وقد تولى منصب وزير للخارجية في الحكومة التي شكلها محمد الغنوشي في 17 جانفي/يناير 2011.
ما رأيكم في مبادرة التكتل المغاربي التي طرحها الرئيس الجزائري مؤخرا؟
هذا التصور الجزائري الداعي إلى إقامة منظومة مغاربية متكونة من أربعة دول فقط ويقصي فيه المملكة المغربية هو تصور فاشل لحاضر ومستقبل المغرب الكبير، من يعرف المغرب الكبير معرفة حقيقية ويشعر بالأخوة العميقة في صدور الشعوب المغاربية لا يتصور بناء تنظيم سياسي يقصي أي كان من دوله الخمسة، من يملك تصورا صحيحا لتاريخ المنطقة المشتركة ويدرك مدى التضامن العميق والذي جعلنا محصنين في منطقتنا وفي خارطتنا الجغرافية بصفة عميقة وناجحة إزاء كل التهديدات، من يعرف كل هذا لا يستطيع أن يتصور بناء تركيبة إقليمية تقصي دول من دول المغرب الكبير مهما كانت.
اتجاه المغرب نحو التطبيع مع الكيان الإسرائيلي في المجالات الأمنية والعسكرية والاقتصادية، في وجهة نظر الجزائر قد قضى بشكل نهائي على فكرة الاتحاد المغاربي، الأمر الذي يدفعها نحو تشكيل تكتل مغاربي بديل وبمن حضر؟
أولا:لا يوجد تكتل مغاربي بديل.. فقط الجزائر تريد بناء تصورات قائمة على إقصاء إحدى الدول المغاربية لكن لا يوجد ذلك في عقول أي كان من المواطنين أبناء المغرب الكبير.
ثانيا: إذا كانت المملكة المغربية اضطرت إلى تجرع “المرّ”والذي يعني الاعتراف بـ”إسرائيل” فذلك لأجل ماهو أمر منه، وما أمر منه هو العداء الجزائري الذي يرمي إلى القضاء على الدولة المغربية، المملكة المغربية ليس لها من الثروات ما يمكنها من مواصلة حرب دفاعية شنتها ضدها الجزائر ومتواصلة إلى اليوم، ليس لديها الثروات النابعة من الرمال التي تتمتع بها الجزائر والتي تقوم قياداتها العسكري باستغلالها، لو كان للمغرب كل هذه الثروات لما وصل بها الأمر إلى الاعتراف بـ”إسرائيل” لأن الشعب المغربي يكره “إسرائيل” أكثر من أي شيء آخر، ما اضطر المملكة المغربية إلى الاحتماء بالولايات المتحدة التي أقنعتها بالانضمام إلى الحوض الاستراتيجي وهو الحوض الذي يعترف بـ”إسرائيل” تجنبا لما “أمر” من ذلك وهو العداء الذي يقضي على كيانها كدولة مستقلة.
ما هي قراءتك للموقف التونسي من هذا التكتل الجديد خاصة أنه معروف عن تونس أنها لا ترغب بلعبة التكتلات؟
برأيي لا يوجد تكتل جديد، هو خيال لدى الرئيس الجزائري والقيادة العسكرية التي تتحكم في الجزائر، لكن إذا اختارت الجزائر اللجوء إلى الديمقراطية فحتما لن يصدر عن قياداتها أي قرار ببناء تكتل في منطقتنا قائم على إقصاء أي دولة من الدول مهما كانت شرقا أو غربا..
أما بالنسبة لتونس فهي لا تفكر بذلك ولا نحلم بذلك بل نقصي كل تصور يستثني أي دولة من دول المغرب الكبير الخمسة، في تقديري تونس لا تقبل المشاركة في أي تكتل يقوم على الإقصاء.
ما هي قراءتك للموقف الموريتاني من التكتل الجديد؟
بالنسبة للموقف الموريتاني فقد صرح رئيس الحكومة الموريتانية بأنه لا يمكن لبلده الانضمام إلى مجموعة سياسية أو إستراتيجية تقصي فيه المغرب وهذا تصريح إستراتيجي مهم يدل على العمق الأخوي التاريخي الأصيل عند إخواننا في موريتانيا.
هل يمكن لهذا التكتل المغاربي أن ينجح دون مشاركة المغرب وفي ظل تحفظ البعض؟
لا سبيل إلى تصور مثل هذا التكتل عند قياديين صادقين في أي دولة من دول المغرب الكبير بما فيها الجزائر نفسها فاليوم الذي ستكون الجزائر فيها ديمقراطية كل هذه الخيارات ستنمحي.
ما هي التحديات التي يمكن أن يواجهها هذا التكتل الجديد إذا وافقت دول أخرى الانضمام إليه؟
هذا التكتل ليس لديه أي حظوظ للنجاح في الخارطة السياسية لشمال أفريقيا، احتمالات نجاحه خيالية لن تقبل بها قيادات الدول الخمس، فالنظام الجزائري الذي يعتمد على الجيش يريد أن يبسط هيمنته على منطقتنا وهو الخاسر مسبقا.
“أفريقيا برس”: هل أهداف التكتل ستكون اقتصادية أم ستتجاوز لأدوار سياسية وأمنية؟
كما ذكرت لا أعتقد أن يكون لهذا التكتل مستقبل فهذا التكتل القائم على إقصاء المملكة المغربية لا يمكن أن يكون له مستقبل أو وجود، ولا أعتقد أن ليبيا أو موريتانيا ستقبلان المشاركة فيه فهما يؤكدان في كل مرة على استقلالية قرارهما، في اعتفادي هذا مشروع مبني على الهيمنة وبالنسبة لي المغرب الكبير مبني على الأخوة، وإذا كان هناك استنكار للأخوة لا يمكن أن يكون هناك بناء تاريخي قابل للوجود.
“أفريقيا برس”: كيف يمكن حسب تقديرك تجاوز الخلافات بين الجزائر والمغرب في ظل اتجاه الجزائر نحو المعسكر الشرقي والمغرب نحو المعسكر الغربي مدعوما بالتطبيع؟
القضية ليست قضية معسكر غربي أو معسكر شرقي، هذه قراءة خاطئة، في اعتقادي فإن هناك أخوة والأخوة تتغلب على كل شيء، لا شيء بوسعه أن يتغلب عليها ولو بالفعل هي مزروعة في الصدور فهي ستتغلب على كل المصاعب وعلى كل النوايا الخبيثة، الأخوة الحقيقية هي من ستجعل لنا مستقبلا، وستواجه مشاريع الهيمنة والاستعمار الجديد.. الأخوة الحقيقية هي التي ستمكننا من إعادة مراجعة الحدود الموروثة من الاستعمار والتي سطّرها النظام الاستعماري الأوروبي الذي تحكم في شعوبنا وفي أراضينا، برأيي يجب العودة إليها أي العودة إلى الحدود التاريخية الحقيقية.. هذا ما سيمكننا من بناء مغرب عربي حقيقي وممكن وقادر على الدوام على بناء المعجزات وتحقيق تقدم علمي وفكري لشعوبه.
“أفريقيا برس”: هل بإمكان الشعبين الجزائري والمغربي التوحد يوما ما؟
نعم لأن الإخوة موجودة في عمق الشعب الجزائري ولو يرجع الشعب الجزائري إلى نظام ديمقراطي حقيقي ويسمح للحراك الشعبي بأن يعيش ويعبّر عن إرادته بكل حرية فأنه سيعبّر عن الأخوة الصادقة العميقة التي تربط بين شعوب المغرب الكبير وهذا ممكن بين ليلة وضحاها، ونأمل أن يتحقق ذلك دون عنف وكراهية لأن الأخوة موجودة ومزروعة في الصدور لا يوجد كره للمملكة المغربية من طرف الشعب الجزائري ولا يوجد كره من الشعب المغربي للجزائر وهو ما لمسناه على أرض الواقع..هذه الأخوة هي من ستنقذ المغرب الكبير من مستقبل مظلم مهدد به.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس