أزمة المهاجرين الأفارقة في تونس وحلول الترحيل

16
أزمة المهاجرين الأفارقة في تونس وحلول الترحيل
أزمة المهاجرين الأفارقة في تونس وحلول الترحيل

إلهام اليمامة

أفريقيا برس – تونس. تصاعدت مجددا في تونس الدعوات إلى اعتماد التهجير القسري للمهاجرين الأفارقة الذين دخلوا بطرق غير شرعية للانتقال منها إلى أوروبا كحل لمعاجلة معضلة الهجرة المتفاقمة وسط تصاعد الغضب الشعبي من سياسات النظام تجاه هذا الملف.

وبينما دعا النائب في مجلس نواب الشعب طارق المهدي إلى “تدخل الجيش” للتصدي لـ “احتلال غابات الزياتين في مدينتي جبنيانة والعامرة المجاورتين، في مدينة صفاقس جنوب البلاد، وعمليات سطو متكررة ينفذها مهاجرون”، ترى النائبة فاطمة المسدي على ضرورة اعتماد سياسة “الترحيل” للمهاجرين الذين توافدوا بأعداد كبيرة من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء وانقطعت بهم طريق الوصول إلى أوروبا.

وقالت المسدّي في تصريحات لـ”أفريقيا برس”: “الحل يكمن في الترحيل… يجب أن يكون هناك ترحيل طوعي وترحيل قسري، وإنشاء مركز إيواء وقتي لمن سيقع ترحيلهم بعيدا عن مناطق العمران وتحت مراقبة أمنية، خاصة بوجود عناصر تهدد أمننا”.

وتضيف المسدّي: “فقط تنظيم الترحيل يكون بإشراف منظمات حقوق الإنسان وحماية المرأة مع ضرورة الكشف عن هويات المهاجرين الذين سيتم ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية… لا أجد خيارا غير الترحيل لحل هذا المشكل، لأننا نرفض الاستيطان”.

عمليّا، لا يبدو أن الحل الذي تقترحه فاطمة المسدّي ممكنا وقد سبق أن تقدّم بهذا المقترح عدد من النوّاب في البرلمان التونسي في 2024، استنادا إلى أن السلطات نجحت في ترحيل أكثر من سبعة آلاف مهاجر “طواعية”، لكن مهاجرون آخرون يرفضون العودة “طواعية” ما يعني إجبارهم على الرحيل، وهو ما قد يعني خرق للمعاهدات الدولية للهجرة التي تلتزم بها البلاد منذ سنوات طويلة”. ووفق عماد سلطاني، رئيس “جمعية الأرض للجميع” حل معضلة المهاجرين الأفارقة في تونس ” يحتاج إلى عمل دبلوماسي لأننا لا نملك اتفاقيات مع عدة دول في أفريقيا”.

وفي مسعى لرؤية القضية من زاوية خارجية “محايدة”، تواصلنا مع ياسر الجبري، وهو باحث يمني مختصّ في شؤون الهجرة واللاجئين، والذي قال لـ”أفريقيا برس”: إن قضية المهاجرين الأفارقة في تونس أصبحت اليوم واحدة من أعقد الإشكاليات التي تتقاطع فيها الاعتبارات الإنسانية مع التحديات الأمنية والسيادية، فمن جهة، لا يمكن إنكار أن الدولة التونسية تواجه ضغوطا حقيقية نتيجة تزايد أعداد المهاجرين غير النظاميين، والذين باتوا يتدفقون بكثافة بسبب الأوضاع الصعبة في بلدانهم الأصلية، ما يفرض على تونس أعباء أمنية واقتصادية واجتماعية كبيرة، ومن جهة أخرى، فإن التعامل مع هذه القضية يجب أن يظل محكوماً بضوابط احترام حقوق الإنسان والمواثيق الدولية التي صادقت عليها تونس، بعيداً عن خطاب الكراهية أو المعالجات الأمنية البحتة.

إن الحفاظ على سيادة تونس لا يعني التنكر لمبادئها الحقوقية، بل يفرض معالجة هذه الظاهرة عبر مقاربة شاملة، تبدأ بتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لمعالجة أسباب الهجرة من المنبع، وتوفير الدعم لتونس في تحمل أعباء هذه الظاهرة، عوض عن تحويلها إلى “جدار صدّ” نيابة عن أوروبا، وفي الوقت ذاته، يجب حماية كرامة المهاجرين ووقف أي انتهاكات أو اعتداءات قد تطالهم تحت أي مبرر، مع الالتزام بمبدأ عدم الترحيل القسري الذي يعرض حياتهم للخطر.

ومن المهم التأكيد على أن استغلال ملف المهاجرين لتحقيق أهداف سياسية داخلية أو للتغطية على أزمات أخرى (سياسية أو اقتصادية) لن يؤدي إلا إلى مزيد من الاحتقان، وتفاقم صورة تونس في الخارج كدولة لا تحترم التزاماتها، فالمطلوب اليوم هو خطاب مسؤول ومتزن، يوازن بين حماية الأمن القومي وضمان الحقوق الأساسية لكل إنسان فوق التراب التونسي.

إن السبيل إلى ذلك، وفق ياسر الجبري، يبدأ بفتح حوار جامع، يشارك فيه المجتمع المدني، والسلطات الرسمية، والخبراء، لإقرار إستراتيجية واضحة، تضمن تنظيم العملية بما يحفظ سيادة تونس ويصون كرامة المهاجرين، دون الوقوع في فخ العنصرية أو المعالجات الظرفية التي قد تضر بسمعة البلاد ومكانتها الدولية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here