أسامة النجار: السلطة ماضية في تغييب المعارضة

64
أسامة النجار: السلطة ماضية في تغييب المعارضة
أسامة النجار: السلطة ماضية في تغييب المعارضة

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. السلطة تواصل تغييب المعارضة ولا أفق لحوار وطني”، بهذه الكلمات استهل أسامة النجار، القيادي بحزب عمل وإنجاز، حديثه مع “أفريقيا برس”، مشيرًا إلى أن السلطة “تمكنت من السيطرة على كامل مفاصل الدولة، مما يعزز حالة الانسداد السياسي في تونس ويعقد إمكانية تحقيق حوار وطني.”

ورغم اعترافه بحالة الصدمة التي تعيشها المعارضة عقب الانتخابات الرئاسية، أكد النجار أن “المعارضة مطالبة الآن أكثر من أي وقت مضى بلم شتاتها، توحيد رؤاها، وتقديم بدائل عن السلطة القائمة من خلال الرهان على كوادرها الشابة.”

وفي معرض تقديمه لحزبه، شدد على أن “حزب عمل وإنجاز ليس بديلاً عن حركة النهضة، ويختلف معها جذريًا في الخيارات والتوجهات.”

أسامة النجار هو عضو المكتب السياسي لحزب عمل وإنجاز، مكلف بالشباب، وأستاذ تعليم ثانوي.

كقيادي في حزب “عمل وإنجاز”، ما هي المبادرات السياسية التي تسعون لطرحها لجمع شتات المعارضة وإيجاد حلول لأزمات البلاد؟

فيما يتعلق بجمع شتات المعارضة، كانت هناك محاولات جادة من الحزب خلال الانتخابات الرئاسية بهدف التوحيد. سعينا جاهدين لإيجاد مرشح موحد يمثل طيف المعارضة لتجاوز الانقسامات والشتات الذي يعاني منه هذا الطيف. لذلك، انخرطنا بقوة في مبادرة العياشي الهمامي لاختيار شخصية توافقية لخوض السباق الرئاسي، مع طرح برنامج سياسي واقتصادي مشترك، إلا أن هذه المبادرة لم تحقق النجاح المطلوب.

أما بعد الانتخابات، فإن حالة الشتات في صفوف المعارضة ما زالت مستمرة، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي. ومع ذلك، من الضروري أن تستفيق المعارضة وتلتف حول رؤية موحدة تهدف إلى الخروج من حالة الركود السياسي. يجب عليها العمل على طرح ميثاق سياسي واقتصادي واجتماعي شامل يهدف إلى إنقاذ البلاد. فلا شك أن استمرار هذا الشتات يسهم في تفاقم الأزمات التي تواجه البلاد.

ما رأيك في الانتقادات التي توجه للحزب بأنه بديل لحركة النهضة أو واجهة من واجهاتها؟

هذه الانتقادات التي تدّعي أن حزبنا بديل لحركة النهضة لا أساس لها من الصحة وينفيها الواقع. صحيح أن بعض مؤسسي الحزب كانوا سابقًا أعضاء في حركة النهضة ومن وجوهها المعروفة، لكن خياراتنا السياسية، وتموضعنا الحالي، وعلاقتنا مع الأحزاب تؤكد أننا لسنا بديلاً للحركة.

لقد أثبتنا عبر توجهاتنا السياسية أننا لا نمثل الإسلام السياسي. بالعكس، نُعرّف أنفسنا للرأي العام كتعبير اجتماعي محافظ، ولدينا توجهات مجتمعية محافظة، في حين أن حركة النهضة كانت ذات توجه ليبرالي تقريبًا. وبالتالي، هناك تقاطعات بيننا وبين الحركة، لكننا نختلف معها جذريًا في النهج والمواقف.

ذكرت جبهة الخلاص الوطني في بيانها الأخير أن “سياسة الهروب إلى الأمام لن تجدي نفعًا وأن الحل يكمن في حوار وطني شامل”. برأيك، هل ستستجيب السلطة لهذه الدعوات؟

في الواقع، يبدو أن السلطة مستمرة في اتباع سياسة الهروب إلى الأمام، وهو ما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع وتعقيدها بشكل أكبر. نحن، كحزب، نعتقد أنه لا يوجد أي أفق للتعاون أو الحوار مع سلطة ترفض الإصغاء لكافة الأطراف.

السلطة ماضية في تغييب المعارضة وإقصاء الأجسام الوسيطة، مثل اتحاد الشغل ومنظمات المجتمع المدني، التي لم يعد لها أي دور فعّال في المشهد الحالي. لذلك، من غير المتوقع أن تستجيب السلطة لدعوات الحوار الوطني، مما يعمّق حالة الجمود السياسي في البلاد.

فيما يتعلق بملف المعتقلين السياسيين، ومع تواصل دعوات المعارضة لإطلاق سراحهم، هل تتوقع تهدئة في هذا الملف نتيجة مساعي السلطة للتخلص من الضغوط ضدها؟

الرسائل السياسية التي صدرت عن ممثلي السلطة خلال فترة الانتخابات كانت تحمل دعوات للتهدئة والتركيز على معالجة الجانب الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. ومع ذلك، فإن استمرار اعتقال السياسيين بتهمة “التآمر على أمن الدولة” يعكس حالة من الانسداد السياسي، خاصة مع استمرار السلطة والقضاء في اتخاذ إجراءات تُعتبر قمعية بحق المعارضين.

هذا الوضع لا يبشر بتهدئة قريبة، بل قد يؤدي إلى تصعيد سياسي غير محمود العواقب، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي ويعرقل أي فرصة للحوار أو التوافق الوطني.

هل تزال المعارضة تعيش حالة من الصدمة بعد نتائج الانتخابات، أم أنها تدفع ثمن أخطائها وتسعى للتقييم والتدارك؟

في تقديري، المعارضة تواجه تحديات كبيرة بعد انتهاء السباق الرئاسي، وهي مطالبة بمراجعة خياراتها وخطابها السياسي. لا يمكن إنكار أن ما حدث في 25 يوليو زاد من شتاتها، خاصة مع دخول أغلب قياداتها إلى السجون، مما جعل الفعل السياسي للمعارضة يرتبط بشكل كبير بقضايا المعتقلين السياسيين.

للأسف، تحولت المعارضة إلى معارضة حقوقية نتيجة الوضع السياسي الراهن الذي يفرض ذلك، لكنها بحاجة إلى تقديم بدائل واقعية عن السلطة القائمة، من خلال أطروحات اقتصادية واجتماعية ملموسة والتفاعل بشكل أكبر مع الشارع. حتى الآن، اكتفت المعارضة بنقد السلطة دون تقديم حلول أو بدائل واضحة.

من الطبيعي أن تكون المعارضة في حالة من الصدمة بعد الانتخابات الرئاسية، لكن لا يزال أمامها الوقت الكافي لجمع شتاتها والتفاعل مع الواقع السياسي المتغير. ومع سيطرة السلطة القائمة على مفاصل الدولة، يبقى هامش الفعل السياسي محدودًا.

على المعارضة القيام بنقد ذاتي لأدائها خلال العشرية الماضية، والعمل على تجديد هياكلها وخطابها. يجب أن تراهن على القيادات الشابة وتدريب كوادرها ليكون لها حضور قوي في الساحة السياسية. في حزبنا، نعمل على ذلك، وأرى أن المعارضة بحاجة لتقديم وجوه جديدة وشابة في الانتخابات المقبلة، مع الاقتراب أكثر من المواطن لاسترجاع ثقته وتحقيق تأثير ملموس على الأرض.

مع احتفال التونسيين بذكرى 14 للثورة، ماذا ربح المواطنون وماذا خسروا؟ وهل ما زالت أهداف الثورة بعيدة المنال؟

للأسف، ما زلنا بعيدين عن تحقيق أهداف الثورة. صحيح أننا تقدمنا خطوات مهمة على الصعيدين السياسي والديمقراطي في السنوات الأولى، لكننا نعاني اليوم من تراجع واضح في مختلف المجالات. على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، نشهد تقهقرًا ملحوظًا، إلى جانب التراجع في المجال الحقوقي.

بعد مرور 14 عامًا على ثورة يناير، يبدو أننا نعيش مرحلة انتكاسة تتطلب من جميع الأطراف العقلانية في البلاد الجلوس إلى طاولة حوار مشتركة لإنقاذ الوطن من أزماته المتفاقمة. لا يزال تحقيق الأهداف المرسومة للثورة ممكنًا، لكنه يحتاج إلى إرادة وطنية صادقة وتكاتف الجهود لضمان مستقبل أفضل لتونس وشعبها.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here