أسامة سعد: غياب الأحزاب خلق فراغًا في المشهد التونسي

2
أسامة سعد: غياب الأحزاب خلق فراغًا في المشهد التونسي
أسامة سعد: غياب الأحزاب خلق فراغًا في المشهد التونسي

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. اعتبر أسامة سعد، القيادي بحزب العمل والإنجاز، في حواره مع “أفريقيا برس”، أن “غياب الأحزاب قاد إلى فراغ كبير في المشهد السياسي التونسي، لذلك يجب تمكينها من لعب دورها الطبيعي، لا محاصرتها أو تحميلها وحدها مسؤولية ما يجري”، وفق تقديره.

ولفت إلى أن “معالجة التجاوزات يجب أن تتم في إطار القانون، وبآليات المحاسبة لا بالإقصاء، فالأحزاب تُقصى بالصندوق، لا عبر الحلّ أو التصفية السياسية”.

وبيّن أن “حزب العمل والإنجاز يرحّب بكل المبادرات الجادّة التي تسعى إلى توحيد الجهود من أجل استعادة المسار الديمقراطي وضمان الحقوق والحريات في البلاد”، كما يرى أن “الحوار والانفتاح على مختلف الحساسيات ضروريان لتجاوز الاستقطاب العقيم، في سبيل بناء موقف وطني مشترك ينقذ البلاد من أزمتها”.

وأوضح أن “الحزب يرى أن دعم الإنتاج الوطني، وتشجيع المبادرة الخاصة، والقطع مع اقتصاد الريع، وتثبيت قواعد الحوكمة والشفافية، هي بوابات الإصلاح الحقيقي. كما أن تعزيز العدالة الجبائية وإعادة الاعتبار للمرفق العمومي أمران ضروريان لتخفيف الأزمة المالية في البلاد”.

وأسامة سعد هو سياسي تونسي، وعضو في المكتب السياسي لحزب عمل وإنجاز.

بعد انطلاق أولى الجلسات التحضيرية للمؤتمر الوطني للحقوق والحريات، هل سيشارك حزب “العمل والإنجاز” في هذا المؤتمر، وهل ستنخرطون في هذه المبادرات الجماعية التي تشهد زخماً في الفترة الأخيرة لأجل الدفاع عن الديمقراطية والحريات في تونس؟

حزب “العمل والإنجاز” من حيث المبدأ يرحّب بكل المبادرات الجادّة التي تسعى إلى توحيد الجهود من أجل استعادة المسار الديمقراطي وضمان الحقوق والحريات في تونس. ونعتبر أن العمل الجماعي ضرورة في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد. أما بخصوص المؤتمر الوطني للحقوق والحريات تحديداً، فإننا لم نتلقَّ بعد دعوة رسمية، وإن وُجّهت لنا، فستنظر مؤسسات الحزب في الأمر، وتتّخذ القرار المناسب وفق تقييمها للأهداف والمسارات المطروحة.

هل يمكن أن تُخفف هذه المبادرات من حدة الانقسامات الأيديولوجية داخل المعارضة؟

نحن في حزب “العمل والإنجاز” نؤمن بأهمية البحث عن المشترك الوطني كقاعدة لأي فعل سياسي مسؤول في هذه المرحلة الدقيقة. وقد سبق للحزب أن تفاعل إيجابياً مع عدد من المبادرات الوطنية التي تسعى لتوحيد الصفوف، كما دعونا قبل الانتخابات الرئاسية إلى تقديم مرشّح مشترك يُمثّل المعارضة الديمقراطية، دون إقصاء لأي طرف مدني ملتزم بالخيار الديمقراطي. نعتبر أن الحوار والانفتاح على مختلف الحساسيات ضروريان لتجاوز الاستقطاب العقيم، في سبيل بناء موقف وطني مشترك ينقذ البلاد من أزمتها.

كيف تُقيّمون سياسة الرئيس التونسي داخليًا، خاصة في إدارة الأوضاع الاجتماعية؟ وهل تعتقدون أن قوانين مثل قانون المناولة قادرة على تحسين الواقع؟

لا يخفى على أحد أن الأزمة الاجتماعية والاقتصادية تفاقمت في السنوات الأخيرة، في ظل غياب رؤية واضحة وخطط فعّالة للاستجابة لمطالب التونسيين. ونُذكّر هنا بأن رئيس الجمهورية يتفرّد بالسلطة منذ سنوات، وهو من تولّى تشكيل جميع الحكومات المتعاقبة منذ 2019، أي ما لا يقل عن ستّ حكومات، مما يجعله يتحمّل المسؤولية السياسية كاملة عمّا آلت إليه الأوضاع.

أما بخصوص القوانين الأخيرة مثل قانون المناولة، فنرى أنها جاءت في سياق يعاني من غياب الحوار الاجتماعي، وهي تشريعات تُطرح بشكل انفرادي، دون دراسة كافية لتأثيراتها على الشغالين وعلى توازن سوق الشغل، وهو ما يكرّس منطق القرارات الشعبوية التي لا تُعالج جوهر الأزمة.

ماهي رؤيتكم للخروج من حالة الانسداد السياسي؟

نؤمن في حزب “العمل والإنجاز” بأن الخروج من الأزمة السياسية يمرّ عبر حوار وطني شامل، دون إقصاء، يُفضي إلى انتخابات حرّة، نزيهة وشفافة تُعيد الكلمة للشعب. كما نؤكد أن أي مسار إصلاحي جدي يجب أن ينطلق بالإفراج عن المعتقلين السياسيين ووقف المحاكمات ذات الطابع السياسي.

ونُذكّر بأن حزبنا تقدّم بمرشّحه في الانتخابات الرئاسية الماضية وطرح برنامجاً واضحاً لإعادة بناء الدولة، لكنّ كل المترشحين تقريباً تمّ إقصاؤهم بطرق مباشرة أو غير مباشرة، وبعضهم لا يزال إلى اليوم قيد الإيقاف، وهو ما يعكس حجم الأزمة التي نعيشها.

ما هي الحلول التي تقترحونها لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية؟ وهل لا تزال الأحزاب قادرة على التأثير؟

لا يمكن الحديث عن إصلاح اقتصادي أو اجتماعي في غياب حياة سياسية طبيعية. نحن في”العمل والإنجاز” نرى أن دعم الإنتاج الوطني، وتشجيع المبادرة الخاصة، والقطع مع اقتصاد الريع، وتثبيت قواعد الحوكمة والشفافية، هي بوابات الإصلاح الحقيقي. كما أن تعزيز العدالة الجبائية وإعادة الاعتبار للمرفق العمومي أمران ضروريان.

لا يمكن بناء مستقبل دون أحزاب. الأحزاب ليست عبئًا على الدولة، بل هي أداة تنظيم الإرادة الشعبية، وغيابها أدّى إلى هذا الفراغ الكبير. يجب تمكينها من لعب دورها الطبيعي، لا محاصرتها أو تحميلها وحدها مسؤولية ما يجري.

هناك جدل حول إمكانية حلّ حركة النهضة، ويُقال إن حزبكم قد يتحول إلى مأوى بديل لها. كما يُوصف أحيانًا بأنه واجهة من واجهات النهضة، ما ردّكم؟

نحن نرى أن حلّ الأحزاب السياسية، أياً كانت، يُمثّل سابقة خطيرة تمسّ جوهر الحياة الديمقراطية. التعددية والتنوع في المشهد الحزبي من مقومات أي نظام ديمقراطي، ومعالجة التجاوزات يجب أن تتم في إطار القانون، وبآليات المحاسبة لا بالإقصاء. الأحزاب تُقصى بالصندوق، لا عبر الحلّ أو التصفية السياسية.

لسنا واجهة لأي طرف، ولا نُقدّم أنفسنا كبديل عن أحد، بل نحن تعبير عن حاجة وطنية لتجديد الفعل السياسي والخروج من الثنائية التي عطّلت الحياة العامة. نُعرّف أنفسنا من خلال مواقفنا، برنامجنا، وكفاءاتنا، لا من خلال ردود أفعالنا على اتهامات متكرّرة. والأهم بالنسبة لنا هو بناء الثقة مع المواطنين من خلال الميدان والعمل الجاد.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here