حوار آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. اعتبرت أمل الحمروني القيادية في حزب التيار الشعبي في حوارها مع “أفريقيا برس” أنه “لا يمكن الحديث عن مصالحة وطنية حقيقية في تونس دون أن تتم محاسبة كل المتورطين في قضايا الفساد والجرائم التي شهدتها البلاد خلال العشرية الأخيرة”.
ولفتت الحمروني أنه “لا يوجد مبرر لتأجيل الانتخابات الرئاسية وسط دعوات بعض الأطراف بذلك “، وأن “حزب التيار الشعبي يدعم إجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده”، مشيرة إلى أن “هذه الانتخابات ستشكل اختبارا لشعبية الرئيس قيس سعيد ولمشروعه السياسي إما بتجديد الثقة فيه أو بإزاحته من المشهد بطريقة ديمقراطية وسلمية”.
وأمل الحمروني هي قيادية بحزب التيار الشعبي وناشطة سياسية وأستاذة في القانون والعلوم الجنائية.
ما رأيكم في دعوات حزب مسار 25 جويلية بتأجيل الانتخابات الرئاسية، هل برأيك التأجيل والتمديد يفقد السباق الرئاسي المرتقب مصداقيته وشفافيته؟
يقع الحسم في مسالة تأجيل الانتخابات وفق المبررات التي طرحها حزب 25 جويلية إن كانت مثلا لدواع تنظيمية أو لعدم الاستعداد لخوض الانتخابات، لكن هذه المبررات غير موجودة حاليا والجميع بوسعه الترشح وحتى رئيس الجمهورية قد بعث بمؤشرات أولى تفيد بترشحه للانتخابات القادمة.. وأعتقد ليس هناك منافسين جديين للرئيس في السباق الرئاسي حسب سبر الآراء، لذلك لا نرى داع أو مبرر لتأجيل الانتخابات.
كحزب التيار الشعبي نحن مع شروط الديمقراطية ومع إجراء الانتخابات في آجالها، وقد تعهد بذلك رئيس الجمهورية منذ لحظة 25 جويلية حيث انطلق هذا المسار تحت عدة عناوين منها الإيفاء بالوعود المتعلقة سواء بآجال ومواعيد الاستحقاقات الانتخابية وهي الانتخابات الرئاسية والمحلية وهو ما يضع رئيس الجمهورية في اختبار جديد ومباشر مع شعبه إما بتجديد الثقة فيه وفي المسار الذي بدأ فيه، أو ربما يقرر إزاحته من المشهد بطريقة ديمقراطية وسلمية.
هل برأيك المناخ السياسي والاقتصادي يسمح بإجراء انتخابات رئاسية خاصة في ظل مقاطعة الشارع بشكل لافت للمواعيد الانتخابية؟
الانتخابات الرئاسية تتميز مقارنة بالانتخابات المحلية لأنها تتعلق عموما بشخص الرئيس في حد ذاته واقتصاديا قد نتفهم ذلك إذا كانت هذه الانتخابات ستتكلف ماليا ما سيثقل المالية العمومية للدولة، أما في علاقة بالمناخ السياسي فالكل يعلم حالة الركود الذي يشهدها المشهد نظرا لأن الفاعلين التقليدين في العشر سنوات الأخيرة أبرزهم في السجون، وإذا كانت الأحزاب تحترم نفسها بالفعل فعليها الإدراك أن هذه الانتخابات لا تتعلق بهؤلاء الأشخاص كما أن مسألة المحاسبة والمحاكمة يجب أن تستمر، وفي تقديري مسألة الترشح لا تعيقها مثل هذه المبررات بل هي حجج واهية، وإذا كان للأحزاب مرشحين جاهزين فبوسعهم المشاركة في السباق الرئاسي وعرض برنامجهم على الشعب.
مسألة العزوف متعلقة في النهاية بنوعية الانتخابات لأنه لا نستطيع المقارنة بأهمية انتخابات رئاسية في نظام رئاسي بنفس أهمية الانتخابات المحلية حتى لدى الوعي الشعبي البسيط.
ما رأيكم في التعديلات التي طالت مؤخرا حكومة الحشاني هل ستمهد برأيك لتعديلات أوسع؟ وهل هذه الخطوة اعتراف بفشل حكومة الحشاني في إدارة الأزمة الاقتصادية والأوضاع الاجتماعية؟
مسالة التعديل لا تعني الإقرار بالفشل، على العكس من ذلك فهو ما سيحسن من أدائها وهو ما نأمله، كما أن مسألة نجاح الحكومة وفشلها يتعلق ببرنامج يضمن تطور إصلاحي شامل رغم أنه هناك إصلاحات متفاوتة بين وزارة وأخرى، كما أن مسألة تغيير الوزراء هي مسألة ضرورية في المشهد الوزاري عموما حين يكون العمل غير ناجع يتطلب ذلك البحث عن بديل أفضل، ولا أعتقد أنه سيكون هناك تغيير شاملا آخرا بما أن رئيس الحكومة حديث المنصب، في المقابل سيقع استكمال الخطط الشاغرة واستبدال بعض الوزراء.
وفي مستوى تقييم أداء الحكومة لا نعتقد أن هناك نجاحات بارزة تحققت بخلاف المعركة على الفساد واللوبيات الاقتصادية الكبرى هذا لا يمكن أن ننكره، لكن نحن دائما نبحث عن الأفضل ونعتقد أن مستوى الأداء متوسط ونأمل أن تظهر نتائج وثمرة عمل الوزراء إن كان خفيا في الفترة القادمة.
ماهي مقترحاتكم كحزب التيار الشعبي لتجاوز الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في تونس؟
مقترحاتنا كما ذكرناها في السابق أولا: تحقيق إصلاح اقتصادي شامل وأن يقع تركيز مجلس اقتصادي أعلى يقوم بعدة مهام كالاتصال بالخبراء والمستشارين للعمل بطريقة مشتركة وإيجاد برنامج اقتصادي ناجع للبلاد.
ثانيا: ضرورة معالجة أو تعديل القانون المتعلق بالبنك المركزي وإعادة البنك المركزي لمكانته السابقة، أعتقد أن القانون الذي دعا إلى استقلاليته شكل خطرا كبيرا وهو ما لمسناه خلال أزمة تونس خلال فترة الوباء حيث حققت المؤسسات خسائر في حين حافظت البنوك على أرباحها، والى غاية الآن يعاني المشهد الاقتصادي نقصا في المؤسسات مقارنة بالبنوك التي لم تضرر.
وثالثا: معالجة مسألة المبادلات والمعاهدات التجارية حيث أن تونس مطالبة بالبحث عن بدائل والخروج من قيد الأوروبي والبحث عن أفق أرحب، وقد رحبنا بالاتفاقيات الأخيرة مع الصين وروسيا وهذا الترحيب ليس ذو طابع سياسي بقدر ما نريد البحث عن بدائل أخرى والتحرر من شروط الاتحاد الأوروبي التي أضرت باقتصادنا شئنا أم أبينا.
يعني تؤيدين انفتاح تونس على دول مثل الصين؟
طبعا نؤيد الانفتاح مع الصين ومع كل الدول والقوى الاقتصادية الصاعدة مثل دول بريكس كالهند والبرازيل وغيرها، يجب الانفتاح على مثل هذه الدول وأن لا نبقى رهن شراكة واحدة، لا يعني ذلك قطع العلاقات مع الاتحاد الأوروبي لكن علينا البحث عن بدائل أخرى تدعم الاقتصاد الوطني أكثر.
هناك انتقادات مستمرة تطال تعامل السلطة مع المعارضين، هل برأيك الوقت قد حان لتعديل المرسوم 54 المثير للجدل؟
هناك أشخاص تم إيقافهم ومحاكمتهم وفق هذا المرسوم وقد طالبنا جميعا بمسألة تنظيم الجرائم الالكترونية وغيرها لكن ربما كان هذا القانون متشددا وطال عدة معارضين ومواطنين بسطاء..أعتقد أن مسألة تعديل المرسوم سيتم النقاش فيها، لكن لا يعني ذلك أن هناك استهداف للمعارضين من قبل الرئاسة، رموز المعارضة اليوم هم من كانوا في السلطة في العشرية الأخيرة وفي كل مفاصل الدولة، وأنا ضد ربط علاقة الرئيس سعيد بالمعارضين والمرسوم 54.
هناك أشخاص ارتكبوا جرائم في تلك الفترة بينهم من يحاكم بسبب قضية الجهاز السري أو فساد مالي وهناك تهم متعلقة بالتجسس وأمن الدولة، ربما الخطأ هو أنه لم يتم الكشف أو تعرية ملابسات هذه الجرائم نظرا لسرية التحقيق، لكن لا يعني أن هؤلاء الناس هم أبرياء أو تم التنكيل بآرائهم السياسية.
أنا مع تعجيل إجراءات المحاكمة والكشف عن الملفات في النيابة العمومية وأن تكون هناك ندوة صحافية حتى يطلع الرأي العام التونسي عليها، لكن في المقابل هناك شخصيات معارضة نزيهة وهي موجودة بالساحة اليوم وتمارس نشاطها السياسي بشكل طبيعي.
هل مازلت هناك فرص لتنظيم حوار وطني في تونس خاصة مع دعوة اتحاد الشغل إلى مصالحة وطنية حقيقية لحل الأزمة السياسية؟
قبل الحديث عن مصالحة وطنية وحوار وطني يجب أن تتم المحاسبة لا يمكن الحديث عن مصالحة كاملة قبل الكشف عن حقيقة الاغتيالات والجهاز السري وما عاشته الدولة التونسية خلال العشرية الأخيرة بما فيها من اتفاقيات مشبوهة ومعاملات ملغومة وجرائم قتل وكل ما عاشته الدولة يجب أن نقوم بالمحاسبة وتحمل المسؤولية ثم نتحدث عن مصالحة ونبدأ من جديد على خطى كل الدول..
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس
شكرا