آمنة جبران
أهم ما يجب معرفته
أيمن العبيدي، نائب بمجلس الأقاليم، يسلط الضوء على التحديات التي تواجه المجلس بسبب البيروقراطية الإدارية. يشير إلى أن الحكومة لا تستمع لمشاكل المجلس، مما يؤثر سلبًا على المشاريع التنموية في ولاية القصرين. كما يتحدث عن مفهوم التمييز الإيجابي الذي لا يزال مجرد شعار، ويؤكد على ضرورة معالجة الفوارق الاجتماعية بين الجهات.
أفريقيا برس – تونس. كشف أيمن العبيدي، النائب بمجلس الأقاليم والجهات، في حواره مع “أفريقيا برس”، أن “البيروقراطية الإدارية تشكل عائقًا كبيرًا أمام عمل المجلس، على غرار التداخل مع القطاعات والوزارات في إنجاز المشاريع، في حين أن الحكومة لا تصغي ولا تكترث لما يواجهه المجلس من صعوبات وتحديات لإنجاز مهامه، والنهوض خاصة بالمشاريع المعطلة بالجهات.”
وبين أن “مفهوم التمييز الإيجابي ما زال مجرد شعار ترفعه الحكومات المتعاقبة” وأن “نواب الغرفة الثانية المهتمين بالتنمية، صار لزامًا عليهم الدفاع عن هذا المفهوم لتجاوز الفوارق الاجتماعية الحادة بين الجهات.”
وأوضح أن “ولاية القصرين ورغم ما تتمتع به من ثروات هامة إلا أنها تعاني من نقص في الخدمات والمرافق الضرورية، وأن مجلس الأقاليم يسعى لأجل حلحلة المشاريع المعطلة بالجهة بالتعاون مع الهياكل المعنية، حيث تسعى الولاية رغم النقائص والصعوبات للالتحاق بالركب، وبالانتقال من المناطق الأكثر فقرًا إلى المناطق الأقل فقرًا.”
أيمن العبيدي هو نائب تونسي عن ولاية القصرين في المجلس الوطني للجهات والأقاليم، وهو جزء من النخبة البرلمانية الجديدة التي أُنشئت لضمان مشاركة الجهات في صياغة السياسات الوطنية ومراقبة المشاريع الكبرى.
كيف تقيم أداء المجلس، أي صعوبات وتحديات واجهتكم في مهامكم منذ انطلاقه؟
المجلس الوطني للجهات والأقاليم هو تجربة جديدة تأتي بعد مسار كامل هدفه بناء رؤية استراتيجية لتنمية شاملة وعدالة اجتماعية تضمن حقوق التونسيين والتونسيات في إطار العمل المشترك بين 77 نائب تحت قبة الغرفة الثانية. أما عن تقييم التجربة إلى حد الآن فأعتقد أنه بإمكان المختصين أن يقيموا أدائنا، ولكن على الأقل يمكن أن أقول أننا وفقنا في حلحلة العديد من المشاكل العالقة، ونساهم في وضع التصورات وتقديم المقترحات ونرفع التقارير للجان خاصة بعد كل زيارة ميدانية، وهذا بالتنسيق مع مختلف المجالس المحلية والجهوية والإقليمية المعنية وفي علاقة بهياكل الدولة، وهو ما يميز هذه التجربة الفريدة التي أعتقد أنها سيكون لها نتائج طيبة.
بالنسبة للتحديات وما يرافقها من صعوبات، نعم، هناك العديد من الصعوبات التي تواجه عملنا، ومنها ما هو ذاتي ومنها ما هو موضوعي هيكلي، فالمجلس متنوع، بمعنى أن لكل جهة خصوصياتها ومشاغلها، وهو ما أقر به نواب الأقاليم مع جملة المشاريع التي نريدها مشتركة والتي تضمنها مخطط التنمية 26/30. فتداخل بعض القطاعات في قطاع واحد أو وجود مختلف الوزارات في مشروع واحد مثل عائقًا كبيرًا، كما أن البيروقراطية الإدارية تعتبر أكبر العوائق التي تعترض عملنا أو بالأحرى عمل القائمين على المشاريع.
ما هي رؤيتكم لتحسين أوضاع ولاية القصرين على مستوى الخدمات والقطاعات الضرورية مثل الصحة والتعليم؟
إن البناء القاعدي هو بناء تصاعدي ينطلق من العمادة نحو المركزي، واستنادًا على ما هو محلي/جهوي أصبح عملنا النيابي أكثر مرونة، ولتحسين أوضاع الولاية نعتمد أساسًا على هذه الفلسفة في العمل التشاركي حتى يتم نقل صوت المواطن بشكل واضح خدمة له وارتقاء بمستوى عيشه.
القطاع الصحي على سبيل المثال كغيره من القطاعات، كالتعليم والفلاحة، قطاع مريض يشكو نواقص عديدة، فبالرغم أننا ساهمنا في إحراج الحكومة للخروج من المكاتب وتعددت في هذا الإطار الزيارات، تحسنت الوضعية الخاصة بالمستشفى الجامعي “بدر الدين العلوي” بالقصرين، مع وصول تجهيزات حديثة، وقد صدر مؤخرًا بالرائد الرسمي وتم تسميته كمستشفى جامعي، وهذا ما نعتبره إنجاز تاريخي، ولكن في المقابل هناك نقص فادح في الإطار الطبي والشبه طبي، هذه الأزمة ألقت بظلالها على أرياف الولاية، فأغلب المعتمديات، بل كلها تكاد مشاكلها تتشارك… نقص في المعدات وفي الإطار الطبي والشبه طبي والعملة والأدوية ووسائل النقل، وما لاحظناه خلال مدة عملنا هذه هو التفاوت حتى بين مركز الولاية، يعني المدينة، وأريافها في الصحة كما في التعليم كما في مختلف المرافق الخدماتية، على غرار تقادم في المنظومة، والبنية التحتية المهترئة والوضعية الكارثية في أغلب المدارس الريفية خاصة، وهي وضعية عجلت بتتالي الاجتماعات مع أطراف حكومية وأخرى تابعة لهياكل الدولة ممثلة في المندوبيات خاصة من أجل إنقاذ هذه القطاعات الحياتية، وفي هذا الإطار، أكدنا على أهمية حل المشاكل التي لا تنتظر إجراءات كثيرة وتغيير سرعة نسق إنجاز بعض المشاريع التي اكتشفنا أنها بقيت حبيسة الرفوف لسنوات، في الواقع ثمة تداخل لمختلف الوزارات والتعطيل بات أمرًا مفهومًا ولابد من تقليص مدة الإنجاز.
ذكرت مؤخرًا أن “سياسة التمييز الإيجابي لم نر منها إلا الكلام”، ما هي مآخذكم بخصوص السياسة التنموية في البلاد؟
بالنسبة للتمييز الإيجابي، مفهوم أصبح للتندر لدى الكثيرين، وهذا أمر مفهوم باعتباره لم يخرج عن أن يكون مجرد شعار اعتمدته مختلف الحكومات. اليوم، نحن أمام أمر واقع، ألا وهو البناء القاعدي الذي يرفع حزمة من الطموحات الخاصة بالحياة الكريمة، المواطن اليوم في المناطق الداخلية يرغب في العيش الكريم… في بطاقة علاج مجانية وفي حافلة تنقله من موطنه إلى مركز الولاية للعلاج أو لقضاء شأن ما أو للدراسة. يعني، وخلافًا لطموحات مواطن بولاية أخرى، مطالبه بسيطة، ولكن نحن، كنواب بالغرفة الثانية التي تعمل على التنمية، صار لزامًا علينا الدفاع عن ما تم تسميته التمييز الإيجابي. نعم.. هناك فوارق اجتماعية أفرزت اختلالًا وأفقدت الاقتصاد توازنه وعمقت الفارق بين مختلف المناطق والجهات، وهذه هي مآخذنا إزاء السياسات الممنهجة الخاطئة، كيف لا و80% من المصانع تتمركز في الساحل. اليوم والقصرين، تنتمي للإقليم الثالث الذي يضم 6 ولايات من بينها سوسة والمنستير والمهدية، تسعى للالتحاق بالركب، وهي رؤية وطنية تسعى لتجسيد المقاربة التي تعتمد على التحاق المناطق الأكثر فقرًا بالمناطق الأقل فقرًا.
ما هي تحركاتكم لأجل النهوض بالمشاريع المعطلة في ولاية القصرين؟
القصرين تزخر بمقدرات كبيرة، ثروات طبيعية هائلة ولكنها مهدورة، وظلت حبيسة الأرض، وأيضًا ميزات تفاضلية تمتاز بها كل منطقة من مناطق الولاية، لكن اليوم المشاريع بالجهة معطلة ونعمل حاليًا على حلحلتها بالتعاون مع الهياكل المعنية، ومن خلال زيارات بالجملة خاصة مع لجنة الاستثمار والتعاون الدولي لمصنع العجين والحلفاء ومصنع الآجر ومصنع الرخام، هناك تقدم ملحوظ في هذه الملفات رغم التعثر الذي يحف العمل، اللجان تشتغل ليلاً نهارًا ولكن المشكل الحقيقي في ممثلي الحكومة. نعم.. هناك خطوات موكولة للحكومة، الحكومة في فترات معينة لا تقوم بدورها، المشاريع في القصرين كمشروع جنوب الولاية تتعثر، الاعتمادات مرصودة فلماذا لا تنجز عناصر المشروع الضخم؟ الفلاحة هي القطاع الاستراتيجي في الجهة، فلماذا يعاني صغار الفلاحين إلى اليوم؟
كيف تقيم تجربة البناء القاعدي في تونس، هل بوسعها تحقيق تنمية عادلة أم يصعب ذلك على أرض الواقع؟
البناء القاعدي، بناء تصاعدي يعزز قدرة المواطن في بناء رؤية مشتركة، تبقى التجربة تجربة فريدة، وعلى النقائص التي تشهدها، إلا أنها أثبتت نجاعتها رغم أن النتائج لم تظهر بالشكل الكافي لوجود العديد من المعيقات المتصلة؛ أساسًا إما بعدم التواصل بين الهياكل في ما بينها أو لعدم توفر الاعتمادات اللازمة لمشروع ما. نحن كنواب لجهة تعاني الضيم والحرمان، سنواصل الدفاع عنها رغم هذه الصعوبات ورغم البيروقراطية الإدارية التي تعاني منها تونس منذ عقود، كم من مرة نطالب بمندوب للفلاحة؟ وكم من مرة طالبنا بكاتب عام للولاية؟ وكم من مرة طالبنا بمعتمد أول للولاية؟! إذا، الحكومة لا تسمع ولا تتكلم.
هل برأيك الرهان على التنمية الجهوية قادر على تخفيف الفوارق الاجتماعية بين التونسيين؟
طالما هناك فكرة الأقاليم فوجودها يعني حتمًا تخفيف الفوارق بين التونسيين، حيث إن الفلسفة قائمة اليوم على الانسجام بين الولايات والجهات فيما بينها عبر جسور للتواصل والتعاون المادي واللامادي، وسيعزز ذلك حتمًا مواقع كل الشرائح ويقلص من التفاوت. التنمية الجهوية هي القاطرة الحقيقية لتحقيق التنمية الوطنية الشاملة، وفي هذا الإطار اقترحنا مراجعة بعض النصوص والتشريعات المنظمة للعمل. كما أعتقد أننا بحاجة اليوم إلى تحقيق المصالحة مع المواطن، المواطن اليوم يحتاج إلى من ينقل صوته، وبرأيي البناء القاعدي كفيل بذلك.





