استقبال تونس للاجئين الفلسطينيين: ممكن دون حسابات ترامب

استقبال تونس للاجئين الفلسطينيين: ممكن دون حسابات ترامب
استقبال تونس للاجئين الفلسطينيين: ممكن دون حسابات ترامب

إلهام اليمامة

أفريقيا برس – تونس. ذكرت رئيسة حزب الجمهورية الثالثة في تونس، ألفة الحامدي، في تدوينة على صفحتها على موقع فايسبوك، أن “الرئيس قيس سعيّد بدأ محادثات مع جهات عربية وغربية لاستقبال الفلسطينيين النازحين من غزة”، في تصريحات صنّفها مراقبون على أن غايتها إثارة الجدل والمناكفة السياسية، فموضوع “تهجير الفلسطينيين” خط أحمر عند التونسيين، لكن ذلك لا ينفي أيضا أهمية الوقوف أمام مخطط ترامب لتدمير قطاع غزة وإعادة بنائه بـ”هوية” أميركية-إسرائيلية.

وعلّق على ذلك النائب في مجلس نواب الشعب بوبكر يحي، قائلا في تصريحات لـ”أفريقيا برس”: “الحديث عن استقبال فلسطينيين مهجرين من قطاع غزة الوارد على لسان رئيسة حزب الجمهورية الثالثة فرضية بنيت على بعض التحليلات والمواقف الصادرة من بعض المتربصين بتونس والمتمثلة في محاولات خارجية للمس من استقرار البلاد ووحدتها”.

واستشفّ مؤيدو هذا الرأي ذلك من تصريحات ألفة الحامدي التي زعمت في تدوينتها أن “الرئيس التونسي شرع في محادثات متقدمة مع أطراف عربية وغربية لتهجير الفلسطينيين إلى تونس”، داعية نظام قيس سعيّد، الذي وصفته بأنه “أضعف حلقة في المنطقة العربية”، إلى “القيام باستفتاء قبل قبول دخول أي فلسطيني إلى تونس في إطار تهجير جزئي أو كلي لسكان غزة إلى تونس”.

وسبق أن دعت الحامدي في عام 2003 إلى استضافة مليون فلسطيني في مخيمات لجوء داخل تونس، معتبرة أن ذلك قد يساهم في التخفيف من معاناتهم، لكنها اليوم تحذّر من أن يفتح القبول بخطة استقبال المهجّرين من غزة الباب أمام “دخول أنصار جماعات مسلحة من غزة” (لم تحددّها).

وقالت الحامدي، التي لقيت دعوتها في 2003 رفضا شعبيا،: “نعبّر عن رفضنا القاطع لقبول كل من ينتمي لجماعات مسلحّة من غزّة بكلّ أنواعها وذلك للتبعات المؤكّدة والخطيرة لهذا القبول على الوضع الأمني التونسي وفي منطقة شمال أفريقيا… ويُعتبر قبول المسلّحين من غزّة في تونس نقلا للصراع من الشرق الأوسط إلى شمال أفريقيا”.

وكانت وزارة الخارجية التونسية أكّدت في بيان رسمي “رفضها القاطع لدعوات تهجير سكّان قطاع غزة وللمحاولات الصهيونية اليائسة لتصفية القضية الفلسطينية العادلة بعد عجز الاحتلال الغاشم عن كسر إرادة الشعب الفلسطيني الأبيّ والصامد والمُستميت في الدفاع عن أرضه”.

وشدّدت تونس “على ضرورة الوقوف في وجه مُخططات التهجير القسري التي تُعيد إلى الذاكرة أحد أبشع فصول المظلمة التاريخية في حقّ الفلسطينيين باستيلاء العصابات الصهيونية على أرضهم التاريخية”.

وأكّد بوبكر يحيى لـ”أفريقيا برس”: “موقف تونس واضح ومعلن وهو تحرير فلسطين كل فلسطين من النهر إلى البحر وإننا في حرب تحرير ضد الكيان الصهيوني الغاصب ومع عودة المهجرين إلى أرض فلسطين. ويعتبر هذا الموقف سياجا لا يمكن الخروج عنه لكل المواقف الأخرى التي يمكن أن تتخذ في أي لحظة كانت”.

لا شكّ أنه في هذا الظرف التاريخي الفارق سيرحّب التونسيون، الذين تربطهم علاقات تاريخية خاصة بالفلسطينيين تتوجّها أحداث حمام الشطّ (أكتوبر 1985) التي اختلط فيها الدم التونسي بالدم الفلسطيني، لكن ذلك لن يكون على حساب تحقيق خطّة الرئيس الأميركي وحلفائه الإسرائيليين المثيرة للجدل لنقل أهالي غزة، إلى مصر والأردن في المقام الأول، وتوسيع الرقعة لاحقا ليصل المدى إلى تونس.

تبدو مبادرة الرئيس الأميركي في ظاهرها غير واقعية وغير قابلة للتحقيق لكن ذلك لا ينفي أن هناك قلقا من سياسات ترامب ودعمه الأعمى لإسرائيل ومساعيه بكل السبل والضغوطات لتحقيق ما قال عنه “تحويل المنطقة التي مزقتها الحرب إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”، ويؤكّد ذلك التصعيد الإسرائيلي الأخير في الأراضي الفلسطينية.

ويراهن الرئيس الأميركي على المساعدات الأميركية لمصر والأردن، وحتى لتونس، للضغط على الأنظمة في هذه لدول للقبول بخطّته، وهي دول تواجه تحديات وعدم استقرار اقتصادي وحتى اضطرابات سياسية. وكان عضو الكونغرس الجمهوري جو ويلسون، والمؤيد القوي لدونالد ترامب، هاجم الرئيس التونسي بشدة ووصفه بـ”الديكتاتور” ودعا إلى تعليق المساعدات الأميركية حتى “استعادة الديمقراطية”. وأثارت مواقفه ضجة على شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام التونسية.

وكتب المحلل التونسي الدكتور سامي الرمادي في تدوينة لافتا إلى أن ترامب يعتمد على “إستراتيجية الدهشة”. ويشرح ذلك بقوله: “الرئيس الأمريكي يستعمل إستراتيجية الدهشة بطريقة فوضوية…يتهجم يوميا على الدول والشعوب والمجتمعات المدنية،… من ضم قناة بناما وتغيير الأنظمة إلى افتكاك غزة وتهجير الفلسطينيين… زيادة على كون بعض مناصريه (جو ويلسون) يتوعدون تونس ورئيسها… في لب إستراتيجية الدهشة تصبح الوحشية الفوضوية أمر فعّال…إن الوحشية الفوضوية والتطرف العدواني الذي يستعمله الرئيس الأميركي ينتظر منه الدهشة، وبما أن من الدهشة إلى الخضوع، هناك خطوة واحدة فقط، فهو يأمل في خضوع واستسلام مواجهيه… يجب أن لا نخضع وعلينا أن نواجه كل من يتدخل في شؤوننا، لأن الوحشية الفوضوية عمرها قصير”.

ويذكّر حديث الرمادي عن إستراتيجية الدهشة بإستراتيجية الفوضى الخلاقة التي بشّرت بها وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس وكانت نتيجتها دخول الشرق الأوسط في مستنقع من العنف الدموي والطائفي وسقوط العراق وبداية الانهيار الذي أعقبه الربيع العربي وصولا إلى ما تعيشه غزة والأراضي الفلسطينية اليوم.

تملك واشنطن ورقة ضغط على أغلب الأنظمة العربية، لكن لطالما كان الوضع مع فلسطين يسير في الاتجاه المعاكس، ومهما تباعدت المسافة بين الأنظمة العربية، في مصر أو الأردن أو تونس وغيرها، فإن فلسطين تجمعهما. و”حق العودة” شعار لا حياد أو تراجع عنه في الخطاب العربي الشعبي والرسمي بكل العام، حتى مع بعض محاولات التطبيع التي سارت على دربها دول عربية.

ويقول أحمد ونيس، وزير الخارجية التونسي السابق: “المشاورات الآن مكثفة بين عديد العواصم العربية، وهي خطيرة بخصوص هذا الملف وعدة ملفات أخرى، خاصة بعد تصريحات الرئيس ترامب أن الولايات المتحدة الأميركية ستتولى الحكم على غزة وبما أن إسرائيل هي الدولة المحتلة لغزة، تستطيع أن تسلم لها الحكم”.

ويضيف ونيس: “يعني الأمر سيفلت من بين يدي الدول العربية مهما كانت الاعترافات بالدولة الفلسطينية، وسيكون هذا الملف على رأس اهتمام القمة العربية التي ستعقد يوم 4 مارس، إلى جانب جملة من القضايا الأخرى، وحسب رأيي على جميع الدول العربية أن تقبل بعض العائلات الفلسطينية المنكوبة، وتونس لن ترفض ذلك وقد سبق أن استقبلت قيادات فلسطينية من سنة 1982، لكن طبعا لسنا بديلا للوطن الفلسطيني، لكن نحن ملجأ ما دامت الفلسطينيون لم يجدوا الأغلبية الضرورية لاستعادة السيادة الفلسطينية على أراضيهم”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here