العربي البوهالي، خبير في التمويل الدولي وإدارة الأصول
أفريقيا برس – تونس. يواجه الاقتصاد التونسي العديد من التحديات هذا العام، حيث يتباطأ الاقتصاد العالمي للتكيف مع تأثير رسوم ترامب الجمركية والتباطؤ الاقتصادي والانكماش الاقتصادي في الاقتصادات العالمية الرئيسية الثلاثة الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، وجميعها تواجه احتمالا كبيرا للركود العميق في عام 2025 مع خسائر فادحة في الوظائف وعجز مالي مرتفع ومستويات ديون عالية وانخفاض الإنتاج الصناعي على مدى العامين المقبلين.
ستواجه القطاعات الرئيسية الثلاثة التي تساهم في الناتج المحلي الإجمالي التونسي العديد من التحديات والصعوبات:
أولاً: ستتأثر السياحة بعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في ليبيا كمساهم رئيسي في قطاع السياحة في تونس بأكثر من 2،000،000 سائح، وبالتالي قد نشهد انخفاضًا في عائدات السياح الليبيين وانخفاضًا في القدرة الشرائية للسياح الأوروبيين الذين يأتون إلى تونس.
ثانيا: تقلصت الصناعات التحويلية العام الماضي ومع ركود أوروبا، سنشهد انكماشًا في الصناعات التحويلية وسنشهد انخفاضًا في عائدات زيت الزيتون حيث انخفض سعر زيت الزيتون العالمي بالفعل إلى النصف هذا العام.
ثالثا، قد تتأثر التحويلات المالية من قبل المغتربين التونسيين أيضا بالخسائر الكبيرة في الوظائف في أوروبا ودول مجلس التعاون الخليجي بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب والحرب التجارية، وسوف نبدأ في رؤية تأثير الرسوم الجمركية في الربع الثاني من هذا العام.
تساهم المرونة والإيرادات في السياحة والزراعة وتحويلات المغتربين التونسيين في نمو الناتج المحلي الإجمالي الصغير الذي تحقق العام الماضي، ولكنها قد لا تكون كافية لتحسين آفاق النمو لهذا العام حيث انكمش الاقتصاد بالفعل في الربع الأول من هذا العام بنسبة -0.2٪.
بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم اليقين في التجارة العالمية والفرص المحدودة لتلقي التمويل الخارجي قد تشكل بعض التحديات حيث يحتاج الاقتصاد التونسي إلى مبالغ كبيرة من العملات الأجنبية لدفع العجز التجاري الهائل ومدفوعات الديون الخارجية.
جمعت الحكومة التونسية / وزارة المالية المزيد من الضرائب العام الماضي في عام 2024، بزيادة قدرها 4600 مليون دينار تونسي إضافية بزيادة قدرها 8.7٪ إلى 47000 مليون دينار تونسي العام الماضي. أدى ارتفاع تحصيل الضرائب وارتفاع أسعار الفائدة إلى قتل الاستهلاك وقتل الاستثمارات في نفس الوقت في عام 2024، مما يعني انخفاض الطلب، مما يعني انخفاض النمو الاقتصادي وانخفاض الإيرادات الضريبية للحكومة، مما يعني ارتفاع عجز الموازنة حيث ستواصل الحكومة الإنفاق على دعم الغذاء والطاقة.
تضررت الأسر التونسية من جانبين؛ – زيادة الضرائب الحكومية بنسبة 8.7٪ في عام 2024، وحافظ البنك المركزي التونسي على سعر الفائدة مرتفعًا جدًا عند 8٪ لفترة طويلة، وإذا كررت الحكومة التونسية نفس السياسات الضريبية والمالية لهذا العام، فسنرى بالتأكيد انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام أيضًا.
من المتوقع أن يظل التضخم في تونس مرتفعا، وأن يظل معدل البطالة أعلى من 15%، وأن يظل الدينار التونسي مستقرا عند مستواه الحالي مقابل الدولار الأمريكي واليورو، ونعتقد أن الاقتصاد التونسي سينمو في نطاق 1.2% إلى 1.6% للعام بأكمله 2025.
المخاطر الخفية المباشرة التي تواجه الاقتصاد التونسي هذا العام والعام المقبل
ستأتي المخاطر الرئيسية من أوروبا، شريكنا التجاري الرئيسي، ومن العجز التجاري في الصين والجزائر، ومن حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي في ليبيا.
يعيش 1.5 مليون تونسي في أوروبا، وقد بدأت جميع الشركات الأوروبية في خفض الوظائف، وسيفقد العديد من التونسيين في أوروبا وظائفهم، مما سيؤثر على تحويلات المغتربين المالية.
سيتأثر 30 ألف تونسي يعيشون في كندا والولايات المتحدة بفقدان الوظائف، حيث تقوم العديد من الشركات بالفعل بخفض عدد كبير من الوظائف، مما سيؤثر على تحويلات المغتربين التونسيين المالية.
ستتباطأ الصادرات التونسية إلى أوروبا بعد انخفاض الطلب في أوروبا بسبب رسوم ترامب الجمركية. وسيتأثر عدد السياح من أوروبا إذا كانت عمليات خفض الوظائف مرتفعة للغاية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الزيادات في واردات الطاقة وتباطؤ حجم الصادرات سيؤديان إلى توسيع العجز التجاري، مما سيشكل بعض التحديات لميزان المدفوعات الخارجي.
سيتأثر 50 ألف تونسي يعيشون ويعملون في دول مجلس التعاون الخليجي بفقدان الوظائف، ومع انخفاض أسعار النفط الخام والغاز الطبيعي، ستبدأ العديد من الشركات الحكومية والخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي في خفض الوظائف.
بدأت الصين وتركيا حرب العملات بالفعل مع الولايات المتحدة، وستبدآن في إغراق السوق بمنتجاتهما وخدماتهما للتحول بعيدًا عن السوق الأمريكية، وهناك خطر من أن تشتري تونس منتجات أرخص من الصين وتركيا، مما سيزيد من عجز الميزان التجاري في تونس ويضعف الدينار التونسي.
قرر البنك المركزي الليبي هذا العام خفض قيمة الدينار الليبي بنسبة 13.3٪ مقابل الدولار الأمريكي؛ مما يعني أن الليبيين سينفقون أقل على المنتجات التونسية وقد ينخفض عدد السياح الليبيين مما سيؤثر على الموسم السياحي في تونس.
في الختام: إن الكلمات المفتاحية هنا هي عدم الاستقرار وعدم اليقين، بالإضافة إلى العديد من التحديات التي يواجهها الاقتصاد التونسي، وسيتم مراجعة تقديراتنا لنمو الناتج المحلي الإجمالي لاحقًا هذا العام بعد انتهاء الموسم السياحي في الربع الثالث من هذا العام.
نعتقد أن الاقتصاد التونسي سينمو في حدود 1.2% إلى 1.6% لعام 2025 بأكمله. وسيبقى التضخم في تونس مرتفعًا، وسيبقى معدل البطالة مرتفعًا عند 15%، وسيستقر سعر صرف الدينار التونسي عند مستواه الحالي مقابل الدولار الأمريكي واليورو.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس