الحوار التونسي على طريقة سعيّد: الدروس للسياسيين والمكافآت للمفسرين

23
الحوار التونسي على طريقة سعيّد: الدروس للسياسيين والمكافآت للمفسرين!
الحوار التونسي على طريقة سعيّد: الدروس للسياسيين والمكافآت للمفسرين!

أفريقيا برس – تونس. أمامكم 72 ساعة لكتابة مقترحات لدستور يستمر 4 عقود”. هكذا خاطب الصادق بلعيد رئيس الهيئة المكلّفة بصياغة الدستور الجديد، المشاركين في الحوار الوطني، في وقت توعّد فيه الرئيس قيس سعيد القضاة المعارضين لقراراته بعقوبات قاسية، وقام بتعيين عدد من أنصاره على رأس 13 ولاية تونسية.

وشكّل الحوار الوطني مناسبة للرئيس قيس سعيّد لاستعادة مهنة “الأستاذ” التي مارسها لعقود على مدرجات الجامعة، حيث طلب من أستاذه، الخبير الدستوري الصادق بلعيد، الحصول على مقترحات من الأطراف المشاركة حول رؤيتهم لتونس خلال أربعة عقود، لتتحول جلسة الحوار إلى “قاعة للدراسة”، وفق تعبير أحد المشاركين.

وفي دار الضيافة في قرطاج التي احتضنت الحوار، منح الصادق بلعيد رئيس الهيئة المكلفة بكتابة دستور جديد، المشاركين مهلة لا تتجاوز 72 ساعة لـ”تقديم ورقة تتضمن تصوراتهم لتونس خلال الـ40 عاما المقبلة وكيفية ترجمة هذا في نصوص دستورية”.

وعلّق نبيل حجي النائب السابق عن حزب التيار الديمقراطي بالقول “الصادق بلعيد في ما يسمى “الحوار الوطني”، متوجها لمن “شارك”: أريد من كل شخص أن يمدني بصفحتين، الأولى فيها تصوره لتونس للأربعين سنة المقبلة، والثانية فيها ترجمة هذا التصور في فصول دستورية. ولديه 72 ساعة فقط، وفي حال لم يتمكن من ذلك، أعتبر أنه اعتذر عن الأمر!”.

ومن ثمّ توجّه في تدوينة عتاب لشريكه السابق في الكتلة الديمقراطية، زهير المغزاوي أمين عام حركة الشعب بقوله “هل هانت عليك نفسك وحزبك؟ ألم تصرح أنك لن تحضر حوارا يدعو له الصادق بلعيد أو إبراهيم بودربالة (رئيس اللجنة المشرفة على الحوار)؟ هل انتهى حزبك الذي عقد مؤتمرين إلى هذا التعامل؟ وهل تقبل حضور “دروس مسيرة” (TD) يديرها الصادق بلعيد ثم يقرر من يعفي من الامتحان ومن يمنح صفرا؟”.

وكتب الإعلامي محمد كريشان “العميد الصادق بلعيد يطلب اليوم (كأستاذ من طلبته) في أول جلسة من الحوار الوطني الصوري الذي دعا إليه قيس سعيد، من أناس لا يمثلون سوى أنفسهم إعداد كل واحد منهم، في ورقة واحدة، تصورهم لتونس بعد 40 عاما! هزُلت”.

وتحت عنوان “دستور دار الضيافة”، كتب النائب السابق سالم لبيض “الكثير ممن أُعلن عن أسمائهم (أحزاب وشخصيات عامة) اعتذروا عن المشاركة، وفرّوا بجلودهم، خوفا من الوصم التاريخي، واعتذارهم ليس رفضا لخدمة الشأن العام وقضاياه، وإنما هو إدراك مسبق بأنهم مجرّد ديكور في عملية شكلية وصورية الغاية منها التقاط الصور التي ستبثها وسائل الإعلام لجمهور الداخل وقوى الخارج”.

وأضاف “حوار دار الضيافة هذه المرّة والنقاش العام المصاحب له، الذي تقاطعه شرائح واسعة من النخب التونسية الفكرية والسياسية والمدنية وخاصة الاتحاد العام التونسي للشغل برمزيته ومسيرته التاريخية، سيكون حوار الحَواريين والمؤلّفة قلوبهم والموالين، وسيفضي، إن كُتب له النجاح، إلى “دستور عبقري” لم تعرف البشرية مثيلا له، سيكون “دستور دار الضيافة” أو دستور “بلعيد” الذي تعاقد عليه الأصدقاء والأصحاب والرفقة والخلّان، وليس العقد الاجتماعي الذي يرتضيه كافة أفراد الشعب التونسي ويعكس اختلافهم وتنوعهم ويحمي تعددهم وحرياتهم وحقوقهم وتعايشهم”.

وبينما توعّد الرئيس قيس سعيد بمعاقبة القضاة الرافضين لقرارته المتعلقة بعزل 57 من زملائهم، أصدر لاحقا قرارا اعتبره البعض “مكافأة لأعضاء حملته التفسيرية”، ويقضي بتعيين عدد من أنصاره على رأس 13 ولاية تونسية.

وعلّق عبد الوهاب الهاني، رئيس حزب المجد، على التعيينات الجديدة بقوله “تعيينات المحاباة والموالاة لأعضاء “الهياكل التفسيرية المؤقتة” و”التنسيقيات” الرئاسية على رأس الولايات بعد الأمر المرسومي الرئاسي بدعوة الناخبين للاستفتاء الرئاسي على الدستور الرئاسي، بعد طول شغور مقصود على رأس الولايات، أمر غريب مريب، وتعيينات منافية للقانون المنظم لسلك الولاة المؤرخ في 21 جوان (حزيران) 1956، القائم على الكفاءة والخبرة والتجربة والنزاهة والحياد التام والولاء لتونس دون سواها”.

وعلق الإعلامي والناشط السياسي عامر بوعزة، ساخرا “حركة في سلك المفسّرين”، قبل أن يضيف في تدوينة أخرى “مع احترامنا لكل الولاة الجدد وتمنياتنا لهم بالنجاح في ما كلفوا به، فإن قراءة سيرهم الذاتية قراءة مقارنة ووضعها جنبا إلى جنب تجعلنا نستنتج أن المهارات التي أهلتهم لهذه الخطة ليست مكتوبة في السير الذاتية، ولا تدرس في الجامعات أصلا، العشرية التي توصف الآن بالسوداء بدأت هكذا بمنطق الغنيمة، وها هي الزبونية تظل القاسم المشترك بين كل العهود”.

وتحت عنوان “منطق الغنيمة وتفكيك الدولة”، كتب النائب السابق عن حزب التيار الديمقراطي، هشام العجبوني “قيس سعيد بصدد توزيع الهدايا على أعضاء حملته التفسيرية “الصادقين، الثابتين، المخلصين” وعلى بعض الانتهازيين والمتملّقين، ووضعهم في أعلى مناصب الدولة، وكأنّ البلاد لا تمرّ بفترة استثنائية هدفها، دستوريا، تجاوز الخطر الداهم والرجوع إلى السير العادي لدواليب الدولة. وكأنّ حكمه سيتأبّد!”.

وأضاف “لا خبرة ولا كفاءة لهم في إدارة شؤون الدولة، مثلهم مثل الرئيس. فقط بسبب انتمائهم لمشروعه الهلامي ولعلاقاتهم مع محيطه العائلي و”الحزبي”. نفس المنطق تم تبنّيه في علاقة بالمدعوّين للحوار المهزلة! بعضهم تمت دعوته بسبب تصفيقه وتطبيله لساكن قرطاج! والبعض الآخر انتمى سابقا لأحزاب فاسدة وكان جزءا لا يتجزأ من “العشريّة السوداء” ولكنه “قلب الفيستة” (بدل موقفه بشكل انتهازي) بعد 25 جويلية (تموز) وقطف ثمرة تطبيله للرئيس. فبحيث، هربنا من منطق الغنيمة والتمكين العزيز على قلب النهضة، فإذا بنا تحت “ميزاب” قيس سعيد”.

يأتي ذلك في ظل الاتهامات المتكررة لأنصار الرئيس سعيد بقيادة حملة تشهير و”تشويه للأعراض” ضد السياسيين والحقوقيين المعارضين لتدابير سعيّد.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here