أفريقيا برس – تونس. يواصل المجتمع المدني في تونس ضغوطه لأجل إطلاق سراح نشطاء سياسيين ونقابيين في ظل مخاوف من المزيد في تراجع مناخ الحريات في البلد بسبب انتهاج السلطة لسياسة وصفها متابعون بسياسة الإقصاء والتضييق ضد خصومها من المعارضة.
ودعت عشرون منظمة حقوقية في تونس، السلطات القضائية إلى الإفراج عن موقوفين من المجتمع المدني بسبب مشاركتهم في احتجاجات سياسية ونقابية، ورفع القيود عن حرية التظاهر والتعبير.
وحسب ما نقلته وسائل إعلامية فقد أصدرت المنظمات، ومن بينها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ونقابة الصحفيين التونسيين والمنتدى التونسي لحقوق الانسان، بيانا مشتركا طالبت فيه بـ”وقف الملاحقات القضائية ضد النشطاء السياسيين والمدنيين والاجتماعيين والنقابيين، وإنهاء تجريم ممارسة الحقوق والحريات، وقبول التعددية الفكرية والسياسية”.
وأوضح جمال مسلم الناشط الحقوقي والرئيس السابق للرابطة التونسية في حديثه لـ”أفريقيا برس” أنه “الايقافات قدد تتالت في الأونة الأخيرة بسبب تهم واهية وهو ما قاد الى تتبع نشطاء وملاحقتهم والأمر الذي يدفع المجتمع المدني الى مزيد التحرك”.
وأستدرك “لكن رغم دعواتنا المستمرة لأجل إطلاق سراحهم، فإننا نستبعد أن تستجيب السلطات الأمنية لمطالبنا”.
ورأى أنه “على السلطة مراجعة طريقة تعاطيها مع الملف الحقوقي خاصة أن الانتخابات الرئاسية قد انتهت ولا يوجد داع للتخوف من خصومها وملاحقة الأحزاب والنشطاء والجمعيات والنشطاء”.
وتابع “يجب أن تتوقف السلطة عن ممارسة التهديدات لكل من ينتقدها، كما يجب الالتزام بالقانون والتثبت من التهم”.
وعلق “رسالة ترهيب وتخويف النشطاء لم تعد مجدية، وسنواصل في الشجب والضغط عبر البيانات وعبر التحركات الاحتجاجية لأجل رفع اليد عن النشطاء السياسيين والنقابيين وغيرهم”.
وسبق أن اتهمت المعارضة الرئيس قيس سعيد بمساعيه إضعاف حضور منافسيه وخصومه في السباق الرئاسي والمشهد السياسي، وتوظيف القضاء لصالحه بهدف مزيد احكام قبضته على السلطة.
وعلى الرغم تلميحات الدوائر المقربة من السلطة بفتحها باب الحوار مع الطيف السياسي باختلافه موالاة ومعارضة بشرط الالتقاء على قاعدة 25 جويلية وذلك بعد فوز الرئيس سعيد بالرئاسة في محاولة لتحقيق الهدوء والاستقرار السياسي، الا أن أصوات معارضة تستبعد أي فرص للحوار مع السلطة.
وأشار نبيل حجي الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي في حديثه لـ”أفريقيا برس”؛ “لقد خَبِرنا السلطة وخبرتنا منذ أربع سنوات مع ذلك ترفض الإصغاء إلينا وهي لا تستمع الى نداءات أحد ولا أتوقع أي حوار معها”.
وأردف “الغريب أن السلطة ترفع شعار الشعب يريد وحين يعبر الشعب على ما يريد يكون جزائه الملاحقة القضائية، وهي تقرر ما يناسب مصالحها فقط”.
واعتبر أن “تحرك المدني والطيف السياسي والإعلامي غير كاف لأجل حماية حرية التعبير في البلد”.
ورغم إجماع الأوساط السياسية في تونس على ضرورة حماية الحريات باعتبارها أبرز مكاسب ثورة يناير، الا أن ملف الإيقافات يبقى الحسم فيه رهن القضاء بعيدا عن التجاذبات السياسية.
ويقول صهيب المزريقي القيادي في حركة البعث لـ “افريقيا برس” “فلنتفق من حيث المبدأ أن الحرية قيمة مقدسة وثابتة بالتالي لا يجوز لأي سلطة المس بها أو التضييق عليها وبطبيعة للحال فإن الحرية مدسترة بنص دستور 25 جويلية 2022 سواء حرية التعبير أو الصحافة والنشر والإعتقاد وغير ذلك من الحقوق الطبيعية أو المجتمعية”.
وأضاف “أما الدعوات المتكررة لإطلاق المساجين فذلك من اختصاص القضاء الذي يكيف الوقائع على النص القانوني من جهة، زد على ذلك فأن المساجين قضاياهم متعددة بحيث كل قضية وعنوانها وحيثياتها ووقائعها بالتالي ليس لأحد الحكم سواء ببراءة أو إدانة أي شخص لغياب الحيثيات وعدم الاطلاع على الملفات الموضوعة على طاولة القضاء”.
واستنتج “مع ذلك نأمل أن يتم التسريع في التقاضي وعدم ارجاء المحاكمات وفق عدالة قضائية ناجزة ونافذة”.
وكانت الإيقافات الجديدة قد شملت نشطاء وصحفيين تم استدعاؤهم للتحقيق، كانوا ضمن المسيرات المعارضة للدستور الجديد الذي كان عرضه الرئيس الحالي قيس سعيد، الفائز بولاية ثانية، على الاستفتاء الشعبي قبل عامين. كما ضمت الإيقافات عمالا ونقابيين شاركوا في احتجاجات ضد طرد 28 عاملا، بينهم نساء، في مصنع للأحذية والجلود لمستثمر أجنبي في مدينة السبيخة بولاية القيروان. وشارك نشطاء آخرون في مسيرات مؤيدة للبنان والفلسطينيين، وفق ما جاء في البيان.
وسيخضع العمال والنقابيون، ومن بينهم الكاتب العام لاتحاد الشغل المحلي بالسبيخة جمال الشريف، إلى جلسة محاكمة يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري. وأوقف الناشط عبد الله السعيد وهو رئيس جمعية “أطفال القمر” في ولاية مدنين جنوب البلاد، بتهمة تلقي تمويلات لمساعدة المهاجرين الوافدين من دول إفريقيا جنوب الصحراء.
ووجه الرئيس سعيد في وقت سابق خطابات مشددة بشأن تدفق المهاجرين على البلاد بنية العبور الى شمال البحر المتوسط. وأدى ذلك الى توقف أنشطة جمعيات تعمل في هذا المجال وتجميد حساباتها المالية.
وأوضح بيان المنظمات أن “هذه الملاحقات القضائية تأتي ضمن سياسة ممنهجة للتضييق على حرية التظاهر السلمي وحرية التعبير والحراك الاجتماعي والمدني والنقابي، وهي جزء من محاولات مستمرة لترهيب الشباب المناضل عبر ملاحقات ومحاكمات غير مبررة”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس