المزهود: على السلطة التقاط رسالة سكان قابس وتفكيك الوحدات الملوِّثة

المزهود: على السلطة التقاط رسالة سكان قابس وتفكيك الوحدات الملوِّثة
المزهود: على السلطة التقاط رسالة سكان قابس وتفكيك الوحدات الملوِّثة

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. تظاهر آلاف الأشخاص في ولاية قابس جنوب شرق تونس خلال الأيام الأخيرة، مطالبين بإغلاق المجمع الكيميائي التونسي الذي يعالج الفوسفات، مؤكدين أنه وراء عشرات حالات التسمم بالغاز ومشاكل صحية خطيرة مرتبطة بالتلوث.

وأشار ثامر المزهود، النائب بالبرلمان التونسي عن ولاية قابس، في حواره مع “أفريقيا برس”، إلى أن على السلطة التقاط رسالة سكان قابس والاستجابة لمطالبهم بتفكيك الوحدات الصناعية الملوثة، مؤكدًا أنه “لا مقايضة مع صحة الناس”.

ورأى أن نقل الوحدات دون التأثير على التوازنات المالية للدولة خطوة ممكنة إذا توفرت الإرادة السياسية، معتبرًا أن إنقاذ قابس لن يتم إلا عبر قرار سياسي شجاع يعيد الاعتبار للجهة وأهلها.

وأكد أن “الانجرار إلى المقاربة الأمنية لا يمكن أن يساهم في حل المشكلة، فالقضية بيئية بحتة، واحتواء توسع الاحتجاجات لا يكون إلا من خلال إدارة ناجعة للأزمة بسياسة تواصلية فعالة”.

وثامر المزهود نائب بالبرلمان عن دائرة قابس الجنوبية، وينتمي إلى كتلة الخط الوطني السيادي.

أعلنت الرئاسة التونسية مؤخرًا أن العمل جارٍ لإيجاد حلول عاجلة لمشكلة التلوث بولاية قابس. برأيك، هل بوسع السلطة حل هذه المشكلة في آجال قريبة؟

الحلول العاجلة يمكن أن تشمل فقط التسربات الحالية التي تسببت في حالات الاختناق المتكررة مؤخرًا. أما الحل الجذري لمشكلة التلوث، فلا أعتقد أن السلطة تملك حلاً آنياً لتراكمات خمسين سنة مست كل مظاهر الحياة في قابس.

مع تواصل الاحتجاجات في قابس لتفكيك المصنع الكيميائي، هل برأيك يزيد هذا المشكل من أعباء الحكومة؟

تفكيك الوحدات الصناعية الملوثة يتطلب اعتمادات مالية كبيرة، لذلك كانت وعود الحكومات السابقة بالتفكيك والنقل على مراحل وعلى مدى ثماني سنوات، وفق قرار المجلس الوزاري في 29 جوان 2017.

المركب الكيميائي يمثل موردًا هامًا لخزينة الدولة منذ عقود، لكن بتوفر الإرادة يمكن إعداد خطة وبرنامج متكامل لنقل الوحدات دون المساس بالتوازنات المالية للدولة.

ما رأيك في الانتقادات الموجهة للحكومة بسبب اعتمادها المقاربة الأمنية لاحتواء الاحتجاجات في قابس؟

الاعتماد على المقاربة الأمنية لا يمكن أن يساهم في حل المشكلة، لأنها بيئية بحتة. الحل يكمن في حسن إدارة الأزمة من خلال سياسة تواصلية فعالة، وسرعة التدخل، ومخاطبة الناس بشفافية لتوضيح الملابسات، وليس عبر الصمت والتراخي كما هو الحال حتى الآن.

في ظل الوضع الذي تواجهه الحكومة بين ضرورة الموازنة بين مطالب الصحة العامة وحماية الفوسفات، كيف يمكنها وفق تقديرك الخروج من هذا المأزق البيئي؟

المعادلة واضحة: لا مقايضة مع صحة الناس التي انتُهِكت على امتداد عشرات السنين. الصحة والعيش في محيط سليم حقوق دستورية لم تُحترم، وكفى جهة قابس ما قدمت وما عانت. لو تم احترام المعايير البيئية وتطوير التجهيزات والقيام بالصيانة اللازمة في مواعيدها، لما وصلت الوضعية إلى هذا الحد. لكنهم لا يسمعون، وقد تعاملوا مع المركب الكيميائي كبقرة حلوب دون إعطاء أي قيمة للجهة وأهلها. المقاربة في التصرف في الفوسفات وتحويله دون الإضرار بالصحة العامة ممكنة، وقد قدمنا عدة مقترحات في هذا الصدد، وعلى الحكومة تجسيدها، فهو واجبها.

هل الخيارات والتوجهات الحكومية القديمة هي سبب الأزمة البيئية في قابس؟

نعم، الخيارات والتوجهات السياسية القديمة هي سبب الأزمة البيئية في قابس، إذ إن قرار إحداث المركب الكيميائي في قابس في أواسط السبعينات كان قرارًا سياسيًا لم يُراعِ خصوصيات الجهة التي تتميز بالواحة والبحر، فدُمّرت بذلك أهم مقوماتها. لذلك، القرار الآن لا يمكن أن يكون إلا سياسيًا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وردّ الاعتبار للجهة وأهلها.

كيف يمكن تحسين الوضع البيئي في قابس في ظل ما تعانيه من تهميش؟ وما هي الحلول التي تقترحها كنائب عن الجهة؟

تحسين الوضع البيئي لا يكون إلا وفق ما عبّر عنه سكان الجهة في أكبر مسيرة خرجت في تاريخ تونس تقريبًا، أو من أكبر المسيرات التاريخية، وعلى السلطة التقاط الرسالة وتحقيق إرادة الشعب الذي كان مطلبه واضحًا: تفكيك الوحدات، كفى، انتهى.

أما الخروج من واقع التهميش، فلقابس عديد مقومات التنمية، ويمكن إيجاد منوال ومقاربة أخرى أكثر جدوى. الحلول موجودة، والحوار والتفاعل مع أبناء الجهة ومكوناتها هو السبيل للخروج من هذه الوضعية بشكل تشاركي. سبق لأبناء الجهة أن قدموا عشرات الحلول، لكن الحكومات مارست التسويف والمماطلة، لذلك وصلنا إلى مرحلة فقدان الثقة في القرارات الحكومية. لم نعد نتحمل فقدان أبنائنا وصحتنا وهواءنا وبحرنا وماءنا. الاستجابة لمطالب الناس والالتزام بها هو الكفيل بإيجاد الحل واسترجاع الثقة التي فُقدت منذ سنوات.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here