اليعقوبي: الهجوم على اتحاد الشغل محاولة لجر البلاد للفوضى

2
اليعقوبي: الهجوم على اتحاد الشغل محاولة لجر البلاد للفوضى
اليعقوبي: الهجوم على اتحاد الشغل محاولة لجر البلاد للفوضى

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. أثارت حادثة اقتحام محتجين للمقر المركزي للاتحاد العام التونسي للشغل، يوم الخميس، استنكارًا واسعًا في تونس، حيث نددت أحزاب ومنظمات بالاعتداء على مقر الاتحاد، فيما حمّلت المنظمة الشغيلة السلطات مسؤولية هذا الاعتداء، واعتبرته “نتيجة حملات تجييش وتحريض يقوم بها أنصار الرئيس قيس سعيد”.

وفي معرض تعليقه على حادثة اقتحام مقر اتحاد الشغل، رأى الأسعد اليعقوبي، النقابي التونسي، في حواره مع “أفريقيا برس”، أن “الاعتداء على الاتحاد بمثابة محاولة لدفع البلاد إلى الفوضى، وحل أزماتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بالبلطجة بدلًا من الحوار، وهو سلوك إذا لم يتوقف فسيدفع نحو انزلاقات خطيرة”، وفق تقديره.

وأشار إلى أنه “على رئاسة الجمهورية التدخل العاجل لتوضيح هذا الأمر”، لافتًا إلى أن “الرهان على غضب النقابيين والتونسيين من قيادة الاتحاد للإجهاز على المنظمة هو رهان خاطئ، بل على العكس، فقد قدّم المعتدون جرعة أكسجين مجانية وغبية لقيادة متهالكة وكانت تحتضر”.

واعتبر أن “الصراع الحالي بين السلطة والاتحاد مختلف، لأنه يأتي في وضع تعيش فيه المنظمة أسوأ حالات ضعفها، وهي لا تحتاج إلى جهد لإضعافها”، مستبعدًا في السياق ذاته “استقالة أمين عام المنظمة، نور الدين الطبوبي، من منصبه في الوقت الحالي، إلا أنه لن يقدّم ترشحه لمدّة نيابية أخرى، مقابل أن يقبل الجميع برئاسته للمؤتمر القادم، ومن ثم تأمين خروج محترم له”.

والأسعد اليعقوبي هو نقابي تونسي، يشغل منصب الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم الثانوي.

ما تعليقك بخصوص حادثة الاعتداء على مقر الاتحاد التونسي للشغل الخميس وقد أثارت الحادثة جدلا واسعا في تونس؟

الاعتداء علي المقر المركزي للاتحاد العام التونسي للشغل هو سلوك لا يمكن إدراجه إلا في خانة دفع البلاد إلى الفوضى، وحل أزماتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بالبلطجة بدلا من الحوار، وهو سلوك إذا لم يتوقف فسيدفع نحو انزلاقات خطيرة في ظل وضع إقليمي شديد الهشاشة والتعقيد، والذين قاموا بهذا الاعتداء لا يدركون حجم هذه المنظمة ومكانتها في وجدان النقابيين وغالبية التونسيين واعتقادهم كما إعتقد أسلافهم ممن حاولوا ضرب المنظمة زمن بورقيبة وبن علي والترويكا أن غضب النقابيين والتونسيين من قيادة الاتحاد فرصة سانحة للإجهاز علي منظمة فذلك غير صحيح بل سيصطدمون بحقيقة لا يعرفونها أن من سيدافعون عن المنظمة في الصف الأول هم الغاضبون داخلها من قيادتها، وللأسف لم يقدم المعتدون اليوم سوي جرعة أكسجين مجانية وغبية لقيادة متهالكة وتحتضر، أما الاتحاد فباق إلى الأبد وواهم من يعتقد أنه بإمكانه ضرب منظمة بحجم وطن.

برأيك من هي الأطراف التي تقف وراء الاعتداء على اتحاد الشغل، وهل ما حدث يشبه ما حدث زمن الترويكا سنة 2012 وهل تكرر بصيغة أسوأ؟

من دعي إلى سلوك اليوم هي مجموعات تدعي دعمها للرئيس حسب ما روج له الداعون لمسيرة اليوم نحو بطحاء محمد علي، وهي مجموعات بلا هوية وبلا ملامح، وهنا يتعين على رئاسة الجمهورية التدخل العاجل لتوضيح هذا الأمر، فالتأييد أو المعارضة حق مكفول لكل التونسيين، وهو حق دستوري أما أن يتحول إلى العنف فهذا تشريع للعنف المضاد، وهو ما سيدفع حتما إلى منزلقات خطيرة، وهو أمر يجب أن ينتهي، وعلى مؤسسات الدولة أن تلعب دورها بشكل حاسم وحازم في حماية البلاد من الانزلاق إلى مربع العنف والفوضى.

أما ما حدث زمن الترويكا فهو مختلف، فقد كان قرارا سياسيا واضحا من أحزاب حاكمة ومجموعات مرتبطة بها وهدفها معلن مسبقا وأسلوبها معلن لذلك وقع الاعتداء، وللأسف سكوت قيادة الاتحاد آن ذاك عن المطالبة بنتائج التحقيق ومحاسبة المعتدين هو ما ساهم في تصوير للبعض اليوم أن الاعتداء على المنظمة أمر هين. المختلف الحقيقي بين الحادثين أن في 2012 كان للمنظمة حاضنة شعبية واسعة ومؤمنة بدوره لذلك كان رد فعلها قوي وحاسم، أما اليوم فبرغم من أن الغالبية الشعبية ترفض الاعتداء علي المنظمة، ولكنها فقدت ثقتها في قيادة أساءت لسمعة المنظمة بفضيحة الانقلاب على قانونه الأساسي وما تبع ذلك من مهازل انتخابية سيحتاج الاتحاد إلى مدة طويلة لمحو آثارها، وبالرغم من أن القيادة الحالية ستحاول الاستثمار في الحادث ودق طبول الحرب الكاذبة لمحاولة استرجاع شرعية نقابية مفقودة، إلا أنني أعتقد أن وعي النقابيين وفهمهم الجيد بواجب الدفاع عن المنظمة لا على قيادة متهالكة سيحول دون ذلك.

هل تعتقد أن استهداف الاتحاد هدفه إضعاف الأجسام الوسطية لصالح مشروع الرئيس؟

لم تخلوا أي فترة من فترات الحكم في تونس من صراعات وأزمات بين الاتحاد والسلطة، وهي صراعات كانت تستهدف إضعاف الدور الاجتماعي والوطني للمنظمة، فكل سلطة عجزت علي تنفيذ سياساتها وخاصة الاجتماعية والاقتصادية بسبب معارضة الاتحاد لها دخلت في صراع معه. الصراع الحالي مختلف لأنه يأتي في وضع تعيش فيه المنظمة أسوأ حالات ضعفها وهي لا تحتاج إلى جهد الإضعاف، بل لعل الغباء الذي حصل اليوم منح كما قلت قيادة متهالكة جرعة أكسيجين مجانية، أنا أعتقد أن الصراع القائم حاليا هو صراع على دور المنظمة، فبقدر ما تسعى الأطراف المعارضة للرئيس للجر بالمنظمة في صراعها مع السلطة، يسعى بعض من داخل السلطة إلى منع أي إمكانية للقيادة الحالية والمنظمة للعب هذا الدور، وربما يرى البعض من داخل السلطة واهما أن حالة الضعف والوهن الحالية للمنظمة فرصة سانحة للتخلص من أي إمكانية لعودة المنظمة إلى دورها الوطني والاجتماعي.

هل يعيش الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي ضغوط داخلية من المعارضة النقابية لدفعه للانسحاب وتسهيل الحوار مع السلطة؟

هذا تصور كان ممكن قبل التصدع الذي حصل داخل المكتب التنفيذي الحالي، ولكني أعتقد أن الأمين العام كما أعرفه أصبح على قناعة بأنه لا أمل له في تصدر المشهد في المرحلة القادمة، وعلى قناعة أكبر أنه إذا تمسك بذلك فسيغدر به قبل أو أثناء الانتخابات، وربما غيابه نابع عن حالة غضب شديدة من هذه الحقيقة، وأيضا لاتهام البعض من داخل مجموعته المستمر منذ ما بعد 25 جويلية بأنه كان ولا يزال يشكل عقب رئيسية في أي إمكانية للانفراج في علاقة بالمفاوضات مع السلطة، خاصة بعد القطيعة بينه وبين الرئيس التي تجاوزت السنتين، وقلصت فرص اللجوء إلى تلك العلاقة حين تتعطل المفاوضات مع الأطراف الحكومية كما حصل في مفاوضات النقل الأخيرة، لذلك لا أعتقد أن انسحابه في ظرف صعب ودقيق هو ناجم عن الضغوط بل هو قناعة منه أنه سيكون كبش الفداء إذا واصل في إصراره على تصدر المشهد، وأعتقد أنه خير الانسحاب لأن الغالبية من داخل مجموعته ربما أدارت له ظهرها. الانسحاب المؤقت للأمين العام هو حالة غضب فقد فيها أي إمكانية لإدارة الملفات، وربما تجاوزه بعض أعضاء المكتب في التعاطي مع الملفات، وربما ملف المفاوضات لقطاع النقل هو إحداها، إذ كان غيابه عن المشهد أثناء المفاوضات وطيلة أيام الإضراب على غير العادة.

هل برأيك إقالة الطبوبي من منصبه سيدفع إلى فتح صفحة جديدة من المصالحة مع السلطة وإعادة توجيه الاتحاد إلى الحوار الاجتماعي التقليدي؟

أنا أميل إلى الاعتقاد أن الأمين العام لن يغادر مسؤوليته، وأن غيابه في تقديري هي مساحة زمنية سيعود بعدها إلى مهامه، ولكن أعتقد أنه لن يقدم ترشحه إلى مدة نيابية أخرى مقابل أن يقبل الجميع برئاسته للمؤتمر القادم، ومن ثمة تأمين خروج محترم له، أما فتح صفحة جديدة في الحوار مع السلطة فهو أمر أصبح صعب بعد الاعتداء الذي حدث اليوم، ولكن الأمر يبقي واردا إذا نجح من له قنوات تواصل مع السلطة من داخل المكتب الحالي في ذلك، ولكن الهاجس الانتخابي ووجود من يدفع إلى الضفة الأخرى من داخل المكتب الحالي أيضا ومن خارجه قد يحول دون ذلك.

وحتى بعد الانتخابات الفولكلورية المزمع إجراءها في مارس القادم لن يستطيع المكتب القادم لعب أي دور اجتماعي لأن النتيجة ستكون مزيد التشتت ومزيد الصراعات، لأن من فجر المنظمة وفتتها وأضعفها لن يكون قادرا على توحيدها وإعادتها إلى دورها الاجتماعي والوطني من جديد، ومن سيدفع الضريبة هم العمال وهياكلهم الوسطى والأساسية في ظل أزمة اقتصادية وظروف معيشية صعبة، وهم في أشد الحاجة إلى قيادة متماسكة وهياكل منسجمة وبرامج اجتماعية واضحة تشكل قاعدة تفاوض صلبة تهدف بالأساس إلى تحسين الظروف الاجتماعية للعمال وخلق مناخ اجتماعي مستقر يساهم في خلق حركية اقتصادية، وأيضا يسمح للمنظمة بلعب دورها الوطني في خلق مناخ للحوار السياسي يعالج كل القضايا العالقة.

كيف يمكن برأيك إنقاذ اتحاد الشغل من أزمته وقد سبق أن صرحت أنك مستعد للانخراط في أي مشروع يهدف لإنقاذ المنظمة الشغيلة؟

كنت على قناعة بأن القيادة التي قامت على إنفاذ الانقلاب على قوانين المنظمة لن تعمر، وستكون التداعيات خطيرة على المنظمة وزادة قناعتي بعد التصدع الأخير داخل القيادات الجهوية والمركزية، وهو ما حصل وما الدعوة إلى مؤتمر استثنائي في مارس القادم إلا نسخة مشوهة من مؤتمر الانقلاب الأخير والمولود سيكون أكثر تشوها وضعفا.

إذا ما الحل لعودة المنظمة؟ بالرغم من المكابرة والتعنت والعناد هناك ثلاثة خطوات ضرورية برأيي تخرج المنظمة من أزمتها وهي:

– حل المكتب التنفيذي الحالي وتشكيل لجنة تسييرية مؤقتة لمدة سنة وغير المنخرطة في الصراع القائم بين شقي المكتب والهيئة الإدارية الوطنية وممن غادروا المسؤولية النقابية قبل بدئ التخطيط للانقلاب على قوانين المنظمة.

– إعادة انتخاب كافة الهياكل الأساسية والجهوية على قاعدة القانون الأساسي والنظام الداخلي المنبثق عن مؤتمر الاتحاد لسنة 2017.

– عقد مؤتمر خارق للعادة قائم على المصالحة الداخلية والتوافق النضالي الذي يضع مصلحة المنظمة فوق كل اعتبار.

وإذا كنت قد أعلنت سابقا أني لن أتأخر في دعم أي مبادرة جادة لحل الأزمة داخل المنظمة، فإني إذ أجدد هذا الاستعداد وأجدد التأكيد أيضا أنني لن أترشح إطلاقا لأي موقع نقابي، فقط سأكون سعيدا ككل النقابيين بأن منظمتهم عادت أكثر تماسكا وقوة للعب دورها الاجتماعي والوطني.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here