بن أحمد: الحكومة لا تملك حلولا واقعية لمشاكل التونسيين

بن أحمد: الحكومة لا تملك حلولا واقعية لمشاكل التونسيين
بن أحمد: الحكومة لا تملك حلولا واقعية لمشاكل التونسيين

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. اعتبر الناشط السياسي والنائب السابق مصطفى بن أحمد، في حواره مع “أفريقيا برس”، أن “الحكومة التونسية لا تملك حلولًا واقعية أو تصورات واضحة لمشاكل المواطنين”، وذلك في تعليقه على تصاعد الأزمة البيئية في قابس.

ورأى أن “الحكومة لا تملك القرار في ظل افتقادها للصلاحيات”، مستبعدًا قدرتها على الاستجابة لمطالب أهالي قابس الداعية إلى تفكيك الوحدات الصناعية الملوثة.

وأشار إلى أن “المبادرات السياسية الجديدة لا تستجيب لمتطلبات المرحلة، فمعظمها ليس سوى استنساخ متكرر لمبادرات سابقة بنفس الخطاب والأدوات والأحزاب”، مؤكدًا أن “الحلول المطلوبة للخروج من الأزمات التي ترزح تحت وطأتها البلاد لا يمكن أن تأتي إلا عبر الحوار والتشاركية، وهذان لا يتحققان إلا في مناخ تسوده الحرية والديمقراطية، وهو ما يفتقده المشهد التونسي اليوم”.

ومصطفى بن أحمد هو ناشط سياسي وكاتب ونائب سابق في البرلمان التونسي.

كيف تقيم أداء الحكومة التونسية في التعاطي مع الأزمات والمطالب الاجتماعية، خاصة مع تصاعد الأزمة البيئية في قابس؟

لا يمكن تقييم أداء الحكومة، لأنها في الواقع لا تملك الصلاحيات لتحديد السياسات أو اتخاذ المبادرات، ودورها يقتصر على تنفيذ تعليمات رئيس الدولة. والدليل على ذلك أننا لم نسمع لها صوتًا بخصوص الأزمة البيئية في قابس، سوى بعض التصريحات الخجولة من بعض الوزراء، دون وجود موقف رسمي واضح أو خطة عملية.

هل بوسع الحكومة حل المشكل البيئي والاستجابة لمطالب السكان بتفكيك الوحدات الملوثة، أم أن الضغوط الاقتصادية تحول دون ذلك؟

كما ذكرت سابقًا، برأيي الحكومة لا تملك القرار، وستنفذ ما يأمرها به رئيس الدولة. ويبدو أنه ليست هناك نية حقيقية للاستجابة لمطلب تفكيك الوحدات الصناعية الملوثة، رغم أن هذا المطلب مشروع ويمسّ حياة المواطنين وصحتهم بشكل مباشر.

هل تؤيد استعانة الحكومة بالخبرات الصينية لحل هذا المشكل البيئي؟

لكي نتحدث عن الحلول أو الاستعانة بالخارج، لا بد أن تكون هناك رؤية واضحة تنطلق منها الدولة، وهذا ما هو غائب تمامًا اليوم. فكل الحديث يدور حول الاحتجاجات وكيفية احتوائها، مع تكرار الأسطوانة المعهودة عن “الأطراف والأيادي الخفية”، دون أي إشارة إلى تصورات أو حلول واقعية.

لذلك، لا أعتقد أن الصين أو غيرها يمكن أن تتدخل في هذا الملف ما دامت الحكومة التونسية لم تعلن بعد عن موقف واضح وصريح يحدد الاتجاه الذي ستسلكه: هل ستستجيب لمطالب أهالي قابس بتفكيك المجمع ونقله إلى منطقة بعيدة عن العمران؟ أم ستتجه نحو إصلاحه وتحديث معداته؟

وُقّع مؤخرًا الإعلان عن مبادرات لأحزاب معارضة، برأيك هل تملك مثل هذه المبادرات بديلاً ناجعًا قادرًا على حلّ مشاكل المواطن؟

من الإيجابي دائمًا أن تظهر مبادرات في ظلّ الركود الذي يسود الساحة السياسية، غير أنّ الإشكال يكمن في أنّ هذه المبادرات لا تستجيب فعليًا لمتطلّبات المرحلة، ولا تمتلك القدرة على تغيير ميزان القوى أو إيقاف نزيف الحريات والحقوق الاجتماعية والاقتصادية الذي تشهده البلاد.

فمعظمها ليس سوى استنساخ متكرّر لمبادرات سابقة بنفس الخطاب والأدوات والأحزاب، وكأنّها تدور في حلقة مفرغة. ورغم ما تعرّضت له من تهميش وما خاضته من مراجعات شكلية، فإنها لم تجرؤ بعد على الخطوة الجوهرية المطلوبة: ممارسة نقد ذاتي صادق، والتحرّر من قوالبها الإيديولوجية القديمة، والتعامل مع الواقع ببراغماتية فعّالة ومجدية.

ولهذا السبب انتهت كثير من تلك المبادرات إلى التلاشي والانحلال، وكأنها لم تكن يومًا.

هناك انتقادات طالت المبادرات الجديدة بسبب عودة اصطفافات قديمة للمشهد ووجوه سياسية أخذت فرصتها في الحكم مع استمرار تغييب الشباب، ما رأيكم في ذلك؟

فرزُ الجديد من القديم، والصالح من الطالح، يجب أن يقوم على تقييمٍ موضوعيٍّ وعلميّ، وإلّا سنقع مجددًا في دوامة الإقصاء والتشويه وتصفية الحسابات، كما يحدث الآن. فالقضية في جوهرها ليست صراعًا بين وجوه قديمة وأخرى جديدة، بل في غياب المضمون الحقيقي والمشروع الوطني الواضح.

والمصيبة أنّ هناك شبه إفلاس شامل: القدامى فشلوا في تقديم حلول، والجدد لم ينجحوا بعد في طرح بدائل. لذلك فإنّ طرح المسألة من زاوية “القديم والجديد” هو طرح مغلوط، يخفي في طيّاته نزعة إقصائية لا تخدم المصلحة العامة.

برأيك ما أبرز الحلول للخروج من المناخ السياسي المأزوم في ظل غياب الحوار والتشاركية؟

الحلول لا يمكن أن تأتي إلّا عبر الحوار والتشاركية، وهذان لا يتحقّقان إلّا في مناخ تسوده الحرية والديمقراطية، وهو ما نفتقده اليوم بشكل تام. لذلك، وإذا لم يطرأ وعي حقيقي لدى الأحزاب والمنظمات، ولم تتحمّل الجمعيات وسائر مكونات المجتمع مسؤوليتها في التلاقي للدفاع عن هذه القضايا، فإنّ الأزمة ستستمر وربما تتفاقم إلى حدٍّ لا يمكن لأحد أن يتنبأ بعواقبه.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here