تونس عشية الانتخابات.. مناخ سياسي متشنج وتوقعات بمشاركة ضعيفة

44
تونس عشية الانتخابات.. مناخ سياسي متشنج وتوقعات بمشاركة ضعيفة
تونس عشية الانتخابات.. مناخ سياسي متشنج وتوقعات بمشاركة ضعيفة

إلهام اليمامة

أفريقيا برس – تونس. أيام قليلة تفصل 9 ملايين و700 ألف ناخب تونسي، وفق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، للإدلاء بأصواتهم لانتخاب رئيس جديد للبلاد من بين ثلاث مرشحين، الرئيس قيس سعيّد، والنائب زهير المغزاوي ورجل الأعمال العياش زمال الذي يخوص السباق الانتخابي من السجن.

وخلافا لمواعيد انتخابية سابقة، يظهر التباعد واضح بين الشارع التونسي والطبقة السياسية في ظل حملة انتخابية بعيدة عن الإثارة ومناخ سياسي متشنج زاد من حدّته تعديل قانون الانتخابات عشية الانتخابات الرئاسية واستمرار التضييق على المترشحين.

لم يكن ينقص المشهد الانتخابي في تونس إلى تمرير مشروع القانون الذي يجرد المحكمة الإدارية من سلطتها في الفصل في النزاعات الانتخابية، واستمرار تعطّل انشاء المحكمة الدستورية ما يعني وفق المتابعين حسم نتيجة الانتخابات مسبقا لصالح المرشّح قيس سعيّد.

ويسعى سعيد إلى إعادة انتخابه لولاية ثانية مدتها 5 سنوات، في انتخابات السادس من أكتوبر 2024. وكان انتُخب لولاية أولى في عام 2019 في خضم مشهد انتخابي حافل بالأزمات والخلافات وبالمرشّحين وقد انتهى الأمر إلى جولة ثانية بين مرشح حزب قلب تونس نبيل القروي، الذي خاض الانتخابات من السجن، وقيس سعيد الذي لم يكن يعرف عنه التونسيون كثيرا حيث لم يكن متحزّبا وكان يظهر في الحوارات التلفزيونية كمحلل وخبير في القانون الدستوري.

يمكن القول إن “الانتخابات” الفعلية لقيس سعيد كانت يوم 25 جويلية 2021 عندما أعلن حلّ البرلمان ووضع نهاية لحكم حركة النهضة والطبقة السياسية التي ظهرت بعد 2011 بحكّامها ومعارضيها. وتولى السيطرة الكاملة على البلاد. وأنشأ دستور جديد، تمت الموافقة عليه في استفتاء عام 2022، نظامًا رئاسيًا.

بعدها دخلت البلاد منعرجا جديدا من الصراع حول الحريات وحملات الاعتقالات التي طالت معارضين كثر، فيما انشغل الشارع عن ذلك بحياته اليومية، ولم يعد هناك ذلك الاهتمام الدقيق بكل التفاصيل السياسية، الأمر الذي يبدو أنه يصبّ في صالح الرئيس قيس سعيّد والموالين له.

اليوم، بالكاد يتحدث الناس عن الانتخابات، بل وجاء خبر اغتيال زعيم حزب الله حسن نصرالله ليبعدهم تماما عن الانتخابات ومواضيعها وعن تعديل القانون والمظاهرات التي دعت إليها المعارضة سواء أمام البرلمان في ساحة باردو أو في شارع الحبيب بورقيبة.

إلى جانب انشغالهم بالعودة المدرسية وبأمورهم الحياتية الأخرى، يبدو أن الشارع يفتقد إلى تلك الحركية التي كانت تشهدها البلاد خلال الحملات الانتخابية، والتي كانت تتم على مستوى الأحزاب لا شخصيات مستقلة ما يعطيها زخما ماديا وتحركا أكبر.

ويبدو ذلك جليا من خلال حديثنا مع محمد الطاهر شيبوب، وهو في العقد السادس من عمره، حيث قال إنه لا يعرف شيئا عن المرشّحين سوى ما يتردد في الأخبار، هو لا يعرف إلاّ قيس سعيّد. وبسؤاله إن كان سيدلي بصوته أجاب بأنه لن يشارك هذه المرة، مفسرا ذلك بأن “المشاركة هذه المرة لا طعم لها ونحن نعرف من سيفوز”.

في المقابل، يقول العربي الهلالي، إنه سيذهب ويدلي بصوته أولا لأنه من أنصار قيس سعيّد ومؤيّد لسياسته وثانيا لأنه لا يعرف المرشح الذي يتحدثون عنه ويقولون إنه في السجن، هو رجل أعمال وكان نائبا فماذا قدّم لنا حين كان في مجلس النواب، كذلك زهير المغزاوي رغم أنه معروف أكثر من العياشي زمّل وآرائه محترمة خاصة حين كان في معارضة النهضة، لكنه اليوم لا يبدو واضحا مرة مؤيد لقيس سعيد مرة ينتقده ويترشح ضده”.

وفي حديث مع صهيب المزريقي، يقول القيادي بحركة البعث، لـ “أفريقيا برس”: “الحملة الانتخابية اليوم تجرى بعيدا عن المال الفاسد والاستغلال المادي لبعض فئات الشعب التونسي الذي طحنته الظروف الاجتماعية القاسية جراء عشرية اقتصادية سوداء وأيضا بعيدا عن شراء ذمم البعض واللعب بعواطفهم ومعتقداتهم كما جرى في حملات انتخابية سابقة، حيث طغى المال السياسي وشراء الأصوات على المشهد”.

ويضيف المزريقي: “زد على ذلك تأطير ميزانية الحملة وفق سقف مالي لا يتجاوز 150 ألف دينار لضمان بيئة انتخابية بعيدة عن المال الفاسد وترسيخ منطق التعويل على الذات وهذا ما جعل اليوم الحملات الانتخابية تكون ضعيفة ومتراجعة مقارنة بالسنوات الماضية التي شهدنا فيها استغلالا كبيرا للشباب وللمرأة على وجه الخصوص اللذين انضموا للحملات الانتخابية ليس ايمانا بالمترشحين بقدر ما كان نتيجة الأموال المدفوعة”.

ولا يرى القيادي في حركة البعث أن “هناك تضييقا على المترشحين فهم يمارسون ذلك بكل حرية ونحن كمتابعين للشأن العام نرى اليوم مثلا المترشح زهيرة المغزاوي يجوب كل تونس بشكل مدني ديمقراطي وأيضا تعاطي وسائل الاعلام العمومية والخاصة معه كان تعاملا ايجابيا من ناحية تغطية حملته بعيدا عن كل أشكال الوصاية أو التدخل وهو ما يؤكد أيضا أنه لا يوجد تدخل في عمل الإعلام فالمناخ العام هو ديمقراطي حر مفتوح أمام كل المترشحين دون تضييق لممارسة حق الاتصال بالشعب وحق طرح أنفسهم كبدائل سياسية”.

شهدت تونس ثلاث انتخابات تحت قيادة قيس سعيد، وفي كل منها كان إقبال الناخبين ضئيل، خاصة في الانتخابات البرلمانية التي سجلت أدنى نسبة تصويت. ففي جويلية 2022، صوّت أقل من ثلث الناخبين للموافقة على دستور جديد. وفي ديسمبر 2022، صوت 11% فقط لصالح أعضاء جدد في البرلمان، وهو أحد أدنى معدلات الإقبال على التصويت في أي انتخابات وطنية على مستوى العال. وتكرر ذلك في ديسمبر 2023 مع انتخابات المجالس المحلية.

وفي السادس من أكتوبر، ومع افتقار الناخبين إلى خيار حقيقي وانشغالهم بارتفاع معدلات البطالة والتضخم، من غير المرجح أن يخرج الناس بأعداد كافية لاختيار رئيسا جديدا للبلاد أو منح قيس سعيّد فرصة ولاية ثانية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here