“جماهيرية” سعيّد تصطدم بفيتو الاتحاد.. هل يعدّل الرئيس التونسي بوصلته السياسية؟

40
“جماهيرية” سعيّد تصطدم بفيتو الاتحاد.. هل يعدّل الرئيس التونسي بوصلته السياسية؟
“جماهيرية” سعيّد تصطدم بفيتو الاتحاد.. هل يعدّل الرئيس التونسي بوصلته السياسية؟

أفريقيا برس – تونس. التنازل في الاتجاه الإيجابي”، هذا ما طلبه نور الدين الطبوبي، أمين عام اتحاد الشغل، من الرئيس التونسي، قيس سعيّد، كشرط للموافقة على المشاركة في الحوار الوطني المُقبل والذي سيناقش دستورا جديدا يُعده سعيّد لتونس، ليترك بذلك الباب مواربا أمام سعيّد، إذا ما قرّر الأخير تعديل شروط الحوار والتراجع عن استبعاد الأحزاب السياسية.

وكان الاتحاد، الذي يعتبر الطرف الأكثر تأثيرا في البلاد، عبّر أخيرا عن رفضه لمرسوم سعيد المتعلق بإرساء “الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة”، الذي أكد أنه “لم ينبثق عن تشاور أو اتّفاق مسبق ولا يرقى إلى التطلّعات الوطنية ولا يستجيب لمطالب القوى الوطنية الصادقة التي رأت في حدث 25 جويلية (تدابير سعيّد) فرصة تاريخية للقطع مع عشريّة سوداء وبناء مسار تصحيحي يُرسي ديمقراطية حقيقية، يكون للعدالة الاجتماعية المحلّ الرئيس فيها”.

وشدد على رفضه “أيّ حوار شكلي تُحدَّد فيه الأدوار من جانب واحد وتُفرض فرضا، ويقصي القوى المدنية والسياسية الوطنية، فضلا عن أنّه حوار استشاري لا يمكن أن يفضي إلى اتفاقات جدّية ويراد منه تزكية نتائج معدّة سلفا يتمّ إسقاطها بشكل فردي وفرضها على طريقة المرور بقوّة وفرض الأمر الواقع ونعتبر الحوار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية بعد عشرة أشهر من الانتظار والرفض والتردّد وبالطريقة المضمّنة في المرسوم (..) غير قادر على إخراج البلاد من أزمتها، بل سيعمّقها ويطيل أمدها إلى حدّ تفكيك أوصالها وإلغاء ما راكمته أجيال متعاقبة، ولذلك فإنّ الاتحاد العام التونسي للشغل بكافّة هياكله يرفض المشاركة في الحوار بالصيغة المعلنة في المرسوم”.

لكن الطبوبي عاد بعد ساعات للتخفيف من حدة البيان الذي أصدرته منظمة الشغّيلة، حيث دعا سعيّد إلى تقديم تنازلات، معتبرا أن “التنازلات والمراجعات في الاتجاه الإيجابي ومن أجل مصلحة الوطن، هي من شيم الكبار وليست من شيم الضعفاء”.

كما بعث الاتحاد بـ”رسالة طمأنة” أخرى لسعيد، عبر الأمين العام المساعد، سمير الشفي، الذي أكد أن “رفض الاتحاد المشاركة في الحوار بشكله الحالي، لا يعني مطلقا أنّه يقف إلى جانب من يعتبرون أنفسهم ضدّ الانقلاب”، مضيفا “خبِرنا طريقتهم في إدارة الشأن العام للبلاد. وهم جزء من المشكل وليسوا الحل”.

وخلال الأشهر العشرة التي تلت إعلان الرئيس سعيّد عن تدابيره الاستثنائية، اتخذ اتحاد الشغل مواقف متناقضة بشكل صارخ، فمرة يؤكد ثقته بسعيّد ويتمسّك بشرعيته، محملا البرلمان المنحل مسؤولية الأوضاع القائمة في البلاد، وتارة يرفض “الخطاب العدائي” للرئيس واستخفافه بمقترح “الخيار الثالث” الذي طرحه الاتحاد لحل الأزمة في البلاد.

لكن، بالمقابل، كانت خطابات سعيد تتبدل تبعا لمزاج الاتحاد ومواقفه المتقلّبة، وهذا ما يفسّر لجوء سعيد في مناسبات عدة إلى اعتماد خطاب ودّي وأقل حدة، عقب تعرضه للانتقاد من قبل الطبوبي، فضلا عن دعواته المتكررة للطبوبي إلى قصر قرطاج.

وتوقع مراقبون أن يتراجع الرئيس عن خيار “إقصاء” الأحزاب من الحوار الوطني المقبل، وخاصة بعد تأكيد الاتحاد مرارا رفضه المشاركة في “جريمة قتل الأحزاب السياسية“.

كما أن موقف الاتحاد الأخير يأتي بعد ساعات من فشل سعيّد بإقناع الطبّوبي بجدوى حوار يقتصر على المنظمات الوطنية الكبرى وبعض الأحزاب المؤيدة للرئيس.

وقال عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري إن اتحاد الشغل كان في موقفه الرافض للمشاركة في الحوار الوطني “وفيّا لتوجهاته وتمشيه (…) فالاتحاد كان أوّل طرف اقترح فكرة الحوار الوطني لإخراج البلاد من أزمتها وكان له تصور واضح في الغرض، لكنه وجد نفسه في الأخير أمام الأمر الواقع ولم يقبل أن يكون في هيئة استشارية مُقيدة بمخرجات مضمّنة في استشارة شارك فيها 5 بالمائة من التونسيين وغُيّبت فيها الأحزاب”.

فيما توقع أمين عام حركة الشعب، زهير المغزاوي أن يتراجع اتحاد الشغل عن موقفه الرافض للمشاركة في الحوار الوطني، في حال قام الرئيس سعيد بتعديل نص المرسوم المتعلق بإحداث “الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة”، بحيث يتم السماح للأحزاب السياسية بالمشاركة في الحوار.

وأمام تصاعد الأصوات المعارضة للمرسوم الأخير المتعلق بالهيئة الاستشارية، يُتوقع أن يضطر الرئيس قيس سعيد إلى التراجع عن إقصاء الأحزاب السياسية من الحوار الوطني، وخاصة أنه سيسعى لإرضاء اتحاد الشغل، فالتاريخ يؤكد أن جميع المعارك التي خاضتها السلطة ضد منظمة الشغّيلة كانت تنتهي دوما لصالح الأخيرة.

اضغط على الرابط لمشاهدة الفیدیو

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here