آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. تشكو المدن الداخلية في تونس من التهميش والتغييب في ظل عجز الحكومات المتعاقبة على تحقيق تنمية عادلة بسبب إلتهاء الأحزاب والنخب بالمعارك السياسية والصراع على النفوذ والسلطة.
وأكد حسنين محفوظي النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم عن محافظة القصرين، في حواره مع “أفريقيا برس” أن “المجلس يعمل على إنصاف الجهات المظلومة والمقصية”، كما أن “الثقة مستمرة في قدرة مسار 25 جويلية على تحقيق العادلة الاجتماعية والتفاتة تنموية للمدن الداخلية خاصة القصرين، التي لم تلتحق بركب التنمية رغم ما تزخر به من ثروات طبيعية وكفاءات وطنية.”
وأشار إلى أنه “مع صدور القانون المنظم لعمل المجالس المحلية، من شأن ذلك أن يضفي نجاعة على عمل المجلس، الذي ترتكز مهامه على المسائلة والرقابة فيما يخص تنفيذ الميزانية ومخططات التنمية، ما يعني أنه على قدر الأهمية والمساواة مع مجلس نواب الشعب”.
كنائب بمجلس الجهات والأقاليم، ماهي الإضافة التي سيقدمها المجلس لتونس في مجال التنمية في ظل ضعف موارده وصلاحياته؟
في حديثنا عن المجلس الوطني للجهات والأقاليم يهمني أن أذكر بأن هذه المؤسسة التشريعية خلقت من رحم دستور 25جويلية 2022، الذي نال ثقة الشعب التونسي في استفتاء عام و مباشر، ويأتي إحداثه في إطار مقاربة جديدة وضمن فلسفة تنموية جديدة تقوم على أساس البناء القاعدي، بما يضمن حق المشاركة الشعبية الواسعة لكل الجهات والفئات في انتخابات مباشرة وعلى الأفراد بعيدا عن التمثليات الحزبية الضيقة.
الانتخابات في طورها الأول هي انتخابات من أجل التمثيلية في مجالس محلية، ثم عملية قرعة للترشح إلى مجالس جهوية ثمة انتخابات بين الأعضاء للترشح إلى مجالس إقليمية والمجلس الوطني للجهات والأقاليم. بالتالي وما يلاحظه الجميع أن المجالس المحلية مثلت القاعدة والأساس في هذه العملية الانتخابية، مما يؤكد مبدأ البناء القاعدي.
بالنسبة إلى ضعف موارده وصلاحيته، فأنا أوافقك في الجانب الأول ولاعتبارات عدة. أولا، المجلس الوطني للجهات والأقاليم هو مؤسسة دستورية حديثة وفي مرحلة التأسيس، مما يتطلب بعض الوقت لتوفير الموارد المادية والبشرية لها، والتي اعتبرناها شبه غائبة. إلا أن هذا لم يمنعنا على متابعة مهامنا وتحقيق الأهداف التي جئنا من أجلها، وهو ما لامسته لدى العديد من الزملاء، فالعزيمة التي تحذونا أقوى من كل الظروف والعراقيل التي تحول دون تقدمنا. في هذا الإطار، أؤكد أن ظروف العمل تحسنت ولو تدريجيا وخاصة بعد المصادقة على مهمة المجلس في انتظار استكمال الإجراءات القانونية الأخرى، والتي من شأنها أن تضعنا على قدر المساواة مع نواب البرلمان.
إضافة إلى مهامه الدستورية، كيف تقيم علاقة المجلس الوطني للجهات والأقاليم مع المواطن بشكل مباشر، هل استطاع تعزيز تمثيل المواطنين في سن قوانين خاصة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي؟
بالنسبة للمهام والصلوحيات حسب الدستور التونسي فنعتبرها واضحة منذ البداية. فالمجلس يمارس صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية والمصادقة على قانون المالية ومخططات التنمية التي سنقوم ببلورتها وتأليفها في مجلسنا بناء على كل المقترحات و الحلول والمطالب التي ستأتينا من مختلف الجهات، بعدما يتم تدارسها على مستوى المجالس المحلية باعتبارها منطلق أول، ثم المجالس الجهوية والإقليمية.
إن هذه الآلية ستعطي دورا كبيرا للمهمشين في صناعة القرار الوطني، وحق الدفاع عن مشاغلهم وحقهم في تنمية شاملة وعادلة لا كمجرد متلقين لسياسات تنموية هم آخر من يتحدثون فيها.
في لقائه بسفيرة فرنسا، اقترح رئيس مجلس الجهات والأقاليم مؤخرا تحويل جزء من الدين التونسي إلى استثمارات، هل تؤيد هذا المقترح لإنقاذ الجهات المهمشة؟
في علاقة بالزيارة الأخيرة لسفيرة فرنسا بتونس إلى رحاب المجلس الوطني للجهات والأقاليم. أنا كنائب شعب أثمن ما قاله السيد عماد الدربالي رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم. فتونس اليوم مازالت تعاني أثار الخراب التي تسببت فيه المنظومات السابقة، ورغم ما تقدمت به من جهود في تسديد الديون الخارجية، إلا أن هذا الأمر رغم مزاياه العديدة، له تداعياته على ميزانية الدولة وقد أضحى ذلك واضحا، باعتبار أن هذه الديون قد أثقلت كاهل الدولة، ورغم ذلك ظلت صامدة وتقاوم. وفي تحويل هذه الديون إلى استثمارات ومشاريع بالمناطق الأكثر تهميشا، وكخطوة أولى نذكر مستشفى متعدد الاختصاصات بجهة قفصة والقصرين وغيرهم من المناطق الداخلية. مثل هكذا حلا لا يتعارض مع سيادتنا ولا ينقص من شأننا لا داخليا ولا خارجيا.
ماهي تصوراتكم في مجلس الأقاليم للنهوض بولاية القصرين التي تعاني من ضعف التنمية والفقر، إضافة إلى ما تواجهه من تحديات أمنية؟
في حديثنا عن جهة القصرين أرض النضال والعطاء فهي كغيرها من المناطق التي عانت التهميش والتغييب لعقود طويلة، القصرين ورغم ما تزخر به من موارد طبيعية وكفاءات وطنية لم تلتحق بركب التنمية، إن لم نقل بأنها تعرضت للسطو والنهب من طرف منظومات الفساد والإفساد التي استنزفت مواردها وكرست الفقر والبطالة في صفوف شبابها. رغم هذه الوضعية إلا أننا مازلنا على العهد حيث ظلت القصرين حاضرة في كل المعارك الحاسمة من أجل الوطن.. فأملنا كبير وإرادتنا قوية في المضي قدما نحو الدفاع عن حقوقنا الشرعية، ولنا ثقة كبيرة في مسار 25 جويلية كتعبيرة صادقة عن إرادة الشعب الحر.
هل تعتقد أن متطلبات التنمية في تونس تتجاوز مدخرات البلاد، ولماذا تأخرت الحكومة في مراجعة منوال التنمية الذي يراه خبراء منوال محدود في توسيع حجم الثروة؟
المشروع الذي نبنيه اليوم هو مشروع وطني لن ينجح ولن يحقق أهدافه إلا إذا تحققت العدالة الاجتماعية والاقتصادية بين الجهات. ومن منبركم هذا أؤكد على أحقية القصرين في بنية تحتية قادرة على فك العزلة على المواطنين بالمناطق المعزولة، والحق في صحة جيدة هو أمر ضروري وعاجل والحق في التشغيل ليس بالكثير على مدينة الشهداء، نعم أيضا لنسيج اقتصادي متنوع يراعي خصوصيات الجهة، كلها مطالب سنفرضها في المجلس الوطني للجهات والأقاليم ضمن مقاربة تنموية جديدة تضمن حق الجهات المظلومة والمقصية عمدا في تنمية عادلة.
كيف تقيم أداء الرئيس في ولايته الثانية، وهل بوسعه الإيفاء بوعوده خاصة للطبقات المهمشة في تحقيق العدالة الاجتماعية، وهل تتوقع توسع دائرة الاحتجاجات الاجتماعية في حال فشله في ذلك؟
في علاقة بأداء رئيس الجمهورية الأستاذ قيس سعيد. مما لا شك فيه أنه فاز بثقة الشعب التونسي، وهذا لم يأتي من فراغ. فالشعب الذي جدد ثقته في الرئيس، فقد اختار طريقه بكل حرية وبدون أي ضغوطات لا داخلية ولا خارجية وحدها إرادته كانت المحددة. وبصفتي ابن شعب قبل أن أكون نائبا كنت ولازلت على يقين بأن هذا الرجل صادق لن يتنكر يوما للغلابة والمستضعفين، وهو قادر على أن يخلصنا من براثن حكم المافيات والقضاء على الأوليغارشيا (حكم الأقلية ) المالية الحاكمة التي جمعت الثروة بين أيديها. وفي فترة قصيرة لا تحسب في تاريخ الشعوب أكد انحيازه لشعبه، ولم يتراجع و لو قيد أنملة في محاسبة المجرمين والعملاء، زد على ذلك حالة الاستقرار السياسي التي وصلنا إليها، والتي من شأنها أن تفتح الباب أمام استقرارا اقتصاديا واجتماعيا إذا ما استمرت وحدتنا وتضافرت كل الجهود،. بإذن الله سنمر وسنعبر من أجل تونس أكثر رقي، تونس تضمن حقوق أبناء شعبها على قدر المساواة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس