حسين الرحيلي: السلطة تصم آذانها عن دعوات مواجهة التغير المناخي

2
حسين الرحيلي: السلطة تصم آذانها عن دعوات مواجهة التغير المناخي
حسين الرحيلي: السلطة تصم آذانها عن دعوات مواجهة التغير المناخي

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. دعا حسين الرحيلي، الخبير في التنمية والموارد المائية، مؤخرًا إلى ضرورة فتح حوار مجتمعي شامل لتحديد البرامج والسياسات الاستباقية للتكيّف مع تداعيات التغير المناخي التي فاقمت من أزمة المياه والجفاف في تونس.

وأوضح في حواره مع “أفريقيا برس” أن “هذه الدعوات، على الرغم من أهميتها، لم تلقَ أي رد إيجابي إلى حد الآن، بل على العكس، حيث تواصل السلطة صمّ آذانها وإعادة إنتاج نفس البرامج والخطط والسياسات السابقة التي تسببت فيما نعيشه اليوم من فقر مائي وغيرها من المشاكل البيئية”.

ورأى أن “الحلول في مواجهة نقص المياه في تونس تتطلب رسم رؤية واستراتيجيات متوسطة وبعيدة المدى للمياه ومجالات استعمالها، حيث يجب تنويع مصادر المياه، وخاصة إعادة استعمال مياه الصرف الصحي المعالجة، وكذلك الاستثمار في تجديد قنوات المياه والري باعتبارها مصدرًا أساسيًا لإضافة كمية مياه سنويًا تُقدَّر بأكثر من 850 مليون م3، إلى جانب إعادة النظر في خارطة الإنتاج الفلاحي”.

وحذّر من “الاتفاقيات والبرامج والخطط التي تُعدّها السلطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر لصالح بعض الدول الغربية، خاصة وأن البلاد تعاني شحًّا مائيًا وعجزًا طاقيًا، حيث من شأن هذه الاتفاقيات أن تُساهم في استنزاف المحيط البحري لتونس لصالح دول أخرى وعلى حساب الاقتصاد الوطني”، وفق تقديره.

وحسين الرحيلي هو خبير متخصص في التنمية والموارد المائية.

تشهد تونس انقطاعا مستمرا للمياه الصالحة للشرب بشكل متواتر خاصة في فصل الصيف، برأيك ما أسباب هذه الظاهرة؟

انقطاعات المياه وخاصة مياه الشرب في تونس أصبحت ظاهرة عامة وممتدة في المكان والزمان، ولم تعد مختصرة على الصيف فقط مثلما كانت منذ سنوات خلت. والسبب ليس ظرفيا مرتبط فقط بندرة المياه بل المشكل هيكلي بالأساس، أي أن ما نعيشه من انقطاعات مستمرة لمياه الشرب هو بسبب شح المياه وتراجع الاستثمارات العمومية منذ سنوات لتجديد القنوات، التي يراوح عمرها ما بين 20 إلى 50 سنة، إضافة إلى غياب التخطيط الاستباقي من طرف أجهزة الدولة، التي تعمل بشكل يدفع إلى خصخصة مياه الشرب على غرار الخدمات العمومية الأساسية الأخرى كالصحة والنقل والتعليم.

كيف يمكن معالجة نقص المياه في تونس خاصة أنها مصنفة من الدول التي تعيش إجهادا مائيا، أي حلول تقترحها لمعالجة هذه الأزمة؟

معالجة النقص في المياه في تونس يجب أن ينطلق من رسم رؤية واستراتيجيات متوسطة وبعيدة المدى للمياه ومجالات استعمالها، كما وجب تنويع مصادر المياه، وخاصة إعادة استعمال مياه الصرف الصحي المعالجة، والتي تهدر رغم أن كميتها السنوية تقدر بأكثر من 300 مليون م3، كذلك الاستثمار في تجديد قنوات المياه والري باعتبارها مصدر أساسي لإضافة كمية مياه سنويا تقدر بأكثر من 850 مليون م3، أيضا ضرورة إعادة النظر في خارطة الإنتاج الفلاحي نحو التخلي عن الفلاحة المستهلكة للمياه المسيطرة حاليا على الفلاحة التونسية، كذلك ضرورة نشر ثقافة الوي بقيمة الماء لدى المواطنين ولدى كل الأطراف المستعملة للماء، المواطن في البيت والصناعي و صاحب النزل والفلاح وفي كل المجالات.

قلت في تصريح سابق أن أزمة شحّ المياه في تونس هيكلية لا يجب مواجهتها بحلول ترقيعية، كيف ذلك؟

المشاكل الهيكلة لا تعالج بالحلول الظرفية بل تعالج في إطار حوار تشاركي واسع لرسم خطط وبرامج مستقبلية مبنية على تشخيص دقيق للوضع المائي، وتقديم حلول ومصادر التمويل اللازمة لانجازها لأن كلفة الماء مرتفعة.

ماهو تقييمك للسياسات العمومية والخيارات الاقتصادية والاجتماعية في مواجهة مشكل شح المياه في تونس وتداعيات التغير المناخي عموما؟

السياسات العمومية المرتبطة بالماء بقيت محافظة وتقليدية ومرهونة بتصوري بمقاربات الستينات. كما أن الخيارات الاقتصادية كانت تابعة لدوائر الرأسمالية العالمية وخاضعة للتقييم العالمي للعمل الذي تم إقراره بداية السبعينات، لذلك مازالت السياسات العمومية تجاه الماء ورغم التحولات المناخية لم تتغير في الشكل ولا في المضمون مدعومة بإدارة بيروقراطية و بنسق مغلق لا يؤمن بالحوار.

دعوت في تصريح سابق إلى ضرورة فتح حوار مجتمعي شامل لتحديد البرامج والسياسات الاستباقية للتكيف مع التغير المناخي، هل لقيت هذه الدعوة تفاعلا؟

الدعوات لحوار مجتمعي شامل لإعداد برامج استباقية لمواجهة التحولات المناخية لا تلقى أي رد فعل إيجابي بل تواصل السلطة صم آذانها وإعادة إنتاج نفس البرامج والخطط والسياسات السابقة التي تسببت فيما نعيشه اليوم.

طالبت كذلك بوجوب مراجعة الاتفاقيات التي تحول تونس إلى فضاءات لتبييض التلوث للدول الغربية ووصولها للحياد الكربوني على حساب سيادتنا المائية وسيادتنا الغذائية، كيف ذلك؟

ما أشرت إليه مرتبط بالاتفاقيات والبرامج والخطط التي تعدها السلطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر لصالح بعض الدول الغربية مثل ألمانيا وإيطاليا ونحن نعاني شحا مائيا فهل يعقل أن دولة تعاني عجزا طاقيا وشحا مائيا تعمل على استنزاف محيطها البحري وما بقي من مياهها لصالح الحياد الكربوني لدول أخرى تملك أموالا ومياه وبحارا أكثر منا؟ لذلك من الضروري إعادة النظر في كل هذه الاتفاقيات وربطها بحاجياتنا الداخلية واستعمال مائنا وبحرنا وطاقتنا الشمسية لصالحنا و لصالح اقتصادنا الوطني.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here