آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. أشار خليل الزاوية الأمين العام لحزب التكتل في تونس في حواره مع “أفريقيا برس” إلى أن “عزوف الشباب عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة يؤكد فشل العملية السياسية في البلد، وعدم نجاح النخب في استعادة ثقة الشارع المحبط من أداء الحكومات طيلة العشرية الأخيرة”، لافتا في المقابل إلى أن “الحكم الفردي في مشهد سياسي أحادي لن يقدر على تحسين الأوضاع ولن يحقق النهوض الاجتماعي والاقتصادي المنشود”.
وأقر بحاجة المعارضة الديمقراطية إلى “استخلاص الدروس من تجاربها قبل مرحلة 25 جويلية وبعدها، وأنها بصدد تقييم أداءها، كما ستحاول تطوير مقترحاتها والتقرب أكثر إلى المواطن من خلال نضالها عبر شبكة الحقوق والحريات”، مبينا على صعيد آخر أن “المعارضة تؤيد الحوار مع السلطة ما إذا توفرت الأرضية الملائمة”.
وخليل الزاوية هو سياسي وطبيب ونقابي تونسي، يترأس حاليا حزب التكتل ويعد من أبرز قياداته، وقد تولى منصب وزارة الشؤون الاجتماعية في الحكومة الانتقالية بين سنتي 2011- 2012.
كيف تقرأ المشهد السياسي التونسي بعد فوز قيس سعيد بولاية ثانية، وهل تعتقد أن البلد في الطريق الصحيح وأن أوضاعها ستسير نحو الأفضل؟
في تقديري العملية الانتخابية كانت فاشلة سياسيا، حيث أن الأرقام المسجلة في هذا الاستحقاق تؤكد هذا الفشل، فنسبة المشاركة الشعبية كانت أقل من 30 بالمئة، أما الرقم الثاني وهو الأهم هي نسبة مشاركة الشباب التي لم تتجاوز 6 بالمئة، في حين فاز قيس سعيد بنسبة 90 بالمئة، وهي أرقام تعكس هذا الفشل. لقد قاطع الشباب بشكل كبير وغير مسبوق العملية الانتخابية، وحتى إقبال الفئات العمرية الأخرى كان ضعيفا، أما عن نسبة فوز الرئيس فهي نسبة غير مقبولة لكل من يؤمن بالانتخابات.
وبالعودة إلى المسار الانتخابي، فقد تم إقصاء المرشحين من لهم وزن انتخابي وتم منعهم من المشاركة وعدم الإذعان إلى قرارات المحكمة الإدارية، حتى أنه هناك مترشحا مازال قابعا في السجن إلى حد الآن، كل هذا يؤكد فشل العملية السياسية في بلدنا.
يجب الإشارة إلى أن كل انتخابات في كل بلد تمثل تطلعات نخبها السياسية من مرحلة إلى أخرى، لكن هذه المرة كانت العملية إجرائية أكثر منها عملية سياسية التي على إثرها تعطي شرعية متجددة لمن يحكم، وقد فرضت علينا شرعية الأمر الواقع وهو ما جعل المشهد السياسي أحاديا بشكل كبير والأحادية تؤدي إلى الحكم الفردي الذي لا يؤدي إلى تطور المجتمعات ولا إلى نهوض اجتماعي واقتصادي.
وفيما يخص مرحلة ما بعد الانتخابات، لا أعتقد أن الأوضاع ستسير إلى الأفضل فالمناخ والأجواء العامة تشير إلى ذلك، فالحريات مهددة كحرية التعبير والصحافة ما يعني أن هناك مؤشرات لانزلاق سياسي، كما أن الشعارات الشعبوية والثورجية لا يمكن أن تؤدي إلى أي نتيجة ايجابية ترضي المواطن الذي يتطلع إلى تحسين أوضاعه المعيشية.
ما أسباب فشل المعارضة التونسية في استعادة ثقة الشارع من جديد، ولماذا لم تنجح في تجاوز خلافاتها والاصطفاف وراء مرشح موحد؟
أولا المعارضة هي معارضات، هناك معارضات يصعب أن تتوحد مع بعضها البعض بسبب اختلافاتها الفكرية وانتماءاتها، هناك من يمثل المنظومة القديمة والعكس، مع ذلك فإن تعدد الآراء مهم وليس سلبيا، ونحن نستحضر عدد المترشحين للانتخابات سنة 2019 وتنوع برامجهم، في حين غاب الحوار في الانتخابات الأخيرة ولم نرى أن برنامج انتخابي لأي مترشح.
وفيما يخص الشارع، نعتقد أن المواطن عاقب نخبه السياسية وانسحب من المشاركة في الشأن العام، وما يؤكد انسحابه النسبة الضعيفة في الانتخابات التشريعية وعدم الالتفات الشعبي حولها مقارنة بالانتخابات الرئاسية التي تحظى عادة بنسبة اهتمام أكبر، فمن يعرف اليوم من التونسيين مثلا أسماء النواب والوزراء كما السابق، ونحن نفسر ذلك إلى خيبة أمل المواطن بسبب أداء الحكومات المتعاقبة بعد ثورة يناير حيث لم يقع تطوير الحوار السياسي بشكل جدي ومسؤول وحتى نذهب قدما بالبلاد ونحسن من أوضاع الناس، وهو ما قاد في النهاية إلى نفور الشارع من الحياة السياسية، زد على ذلك تداعيات الوضع الاقتصادي المتردي والأزمة المالية الخانقة بالبلاد.
هل تعتقدون أن المعارضة بحاجة إلى مراجعة وتقييم لاستخلاص الدروس من تجارب قبل وبعد 25 جويلية؟
من المؤكد أن المعارضة في حاجة إلى استخلاص الدروس فيما ما وقع قبل 25 جويلية وحتى في ممارستها للمعارضة ما بعد 25 جويلية، وهذا ما يتطلبه العمل السياسي خاصة عند الهزيمة والفشل في محطة سياسية معينة، اليوم المعارضة التقدمية الديمقراطية تعبر عن وجودها عبر شبكة الحقوق والحريات حيث تقوم بنقاشات جادة وتحاول تطوير مقترحاتها وهذا ما نراه مهما حيث هناك عملية مد وجزر بين مكوناتها، ومخطئ من يعتقد أن تونس ذهبت إلى مسار لا يمكن تغييره، هذه من الأخطاء الكبرى التي وقع فيها السابقون.
كأمين عام حزب التكتل، كيف ستكون تحركات المعارضة في الفترة المقبلة، على ماذا تراهن المعارضة لاستعادة حضورها في المشهد السياسي؟
ستكون هناك في البداية فترة للتقييم، ثم ستكون لدينا تحركات في إطار شبكة الحقوق والحريات لمناقشة قانون المالية للعام الجديد حيث سنشرح للرأي العام كيف أن هذا القانون غير قادر على تطوير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين أو الاقتصاد التونسي بصفة عامة، كذلك لدينا ندوة مطلع العام القادم تناقش واقع الحريات والحقوق في تونس ومن المقرر تنظيمها في شهر جانفي/يناير القادم.
هل تعتقد أن شبكة الحقوق والحريات لديها القدرة على أن تحمي المسار الحقوقي بالبلد خاصة بعد أن لاقت دعواتها للاحتجاج تفاعلا شعبيا لا بأس به؟
التفاعل الشعبي مع شبكة الحقوق والحريات لم يكن كافيا، ويجب علينا التوجه إلى الجهات والالتفات إلى المواطنين الذين يواجهون ظروفا معيشية صعبة بسبب الوضع الاقتصادي غير المريح خاصة مع زيادة الجباية على الطبقة الوسطى حسب قانون المالية الجديد والذي يتضمن نقائص عدة خاصة في قطاعات ضرورية مثل قطاع الصحة باعتبار أن تمويل هذا القطاع لن يكون في المستوى المطلوب.
هل ستكون هناك فرصة للحوار بين مختلف الأحزاب والأجسام الوسيطة خاصة بعد دعوة شقيق الرئيس نوفل سعيد لالتقاء جميع القوى على قاعدة 25 جويلية؟
كرة الحوار بيد السلطة، ويجب التذكير بأن الأطراف المعارضة وحتى الأطراف المساندة لـ 25 جويلية لم يسمح لها بمحاورة الرئيس، على سبيل المثال حركة الشعب المؤيدة للمسار لم تنجح في ذلك، لذلك برأيي من يملك السلطة بوسعه فتح باب الحوار، وفي حال فتح هذا الباب بالتأكيد سننظر في ذلك كمعارضة، ونحن نؤيد فكرة الحوار إذا ما توفرت الأرضية الملائمة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس