آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. توقع رافع الطبيب، أستاذ العلوم الجيوسياسية، في حواره مع “أفريقيا برس” أن “تفرض الواقعية السياسية على دول عربية وخاصة دول الخليج مراجعة مواقفها من إيران، وذلك أعقاب نهاية جولة من جولات المعارك بين طهران وتل أبيب، خاصة أن العدوان كشف أن المظلة الأميركية والإسرائيلية لا يمكن الاحتماء بها، وقد تتجه هذه الدول نحو إعادة إصلاح العلاقات مع إيران بعد أن أثبت أنها قوة إقليمية لا يمكن الاستهانة بها.”
ورأى أن “الموقف الرسمي التونسي من العدوان متوازن إلى أبعد الحدود، كما يعكس نبض الشارع التونسي المندد بالاعتداءات الإسرائيلية بالمنطقة”، وقد “تنخرط تونس مستقبلا في تحالفات عربية ودولة في مواجهة هيمنة إسرائيل وحلفاءها في المنطقة”. وفق تقديره.
وأشار إلى “حاجة تونس إلى تطوير قدراتها الذاتية العسكرية، غير أن الملفات الاجتماعية والاقتصادية تعد أولوية في هذه المرحلة للاستجابة لتطلعات الشارع الذي يطالب السلطة بتطبيق وعودها والتسريع في تحسين أوضاعه المعيشية”.
ود. رافع الطبيب هو باحث وأكاديمي تونسي، وهو أستاذ العلوم الجيوسياسية والإستراتيجيات بالجامعة التونسية، وعضو المجلس العلمي لمنظمة الأعراف (منظمة أرباب العمل).
كيف تقيم الموقف الرسمي التونسي من العدوان الإسرائيلي الأخير على إيران؟
في الواقع كان الموقف التونسي متوازنا إلى أبعد الحدود، ويمثل نبض الشارع التونسي باعتبار أنه موقف ايجابي جدا لتنديده بالعدوان الإسرائيلي على إيران بشكل واضح وصريح.
أي تداعيات أمنية وسياسية واقتصادية لهذا العدوان على دول المغربي العربي؟
سيكون لهذا العدوان تداعيات على دول المنطقة القريبة أي دول المشرق، حيث أن هذا العدوان الذي قامت به الولايات المتحدة عن طريق أذرعها الاستخباراتية في المنطقة وهي إسرائيل، سنرى آثاره من جديد في غزة كردة فعل عما لحقها من خسائر، فيما ستواصل إسرائيل احترازتها الأمنية جراء مخاوف من رد إيراني محتمل.
أما بالنسبة للدول التي وقفت ضد العدوان ولم تخضع للتهديدات الأميركية أو لمحور التطبيع بالمنطقة العربية، كل هذه الدول ستأخذ العبرة والدرس، وستتجه نحو تقوية تحالفاتها لضمان وحماية أمنها القومي، ولما لا السعي نحو تشكيل تحالفات أمنية وعسكرية جديدة في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية والتوترات التي تسود المنطقة.
ماهو مستقبل السياسة الخارجية التونسية في ظل التغيرات بالشرق الأوسط، وهل ستغير تونس من مواقفها التقليدية؟
تونس غيرت مواقفها التقليدية بالفعل بعد 25 جويلية 2021، أصبح لها مواقف أكثر جدية في ملفات دولية حارقة، مثل إدراج القضية الفلسطينية في الدستور التونسي، كما بات الدفاع عن القضية الفلسطينية على رأس تحركات المجتمع المدني والقوى الاجتماعية في البلاد ولعل قافلة الصمود أبرز دليل على ذلك، هناك تغيير قوي على مستوى الشارع التونسي، أيضا أتوقع أن تطور تونس مواقفها مستقبلا لأجل مزيد دعم القضية الفلسطينية، أتوقع ولادة حلف جديد بين الدول العربية وغيرها المنددة والرافضة للتطبيع مع إسرائيل من إيران إلى عمان واليمن، إلى السودان وموريتانيا، وبالتأكيد ستشارك فيه تونس لأجل التصدي لهيمنة إسرائيل في المنطقة.
هل تفرض التوترات الأمنية بالمنطقة على تونس تعزيز قدراتها الذاتية العسكرية؟
تونس خرجت من عشرية كاسدة ومفسدة على صعيد اقتصادي حيث أضرت بميزانية الدولة، وبالتالي إعادة بناء القدرات الذاتية في ظل أوضاع اجتماعية واقتصادية صعبة لا تبدو في الوقت الحالي أولوية، هناك حركة اجتماعية قوية في البلاد تترقب الاستجابة لمطالبها والإجابة عن تساؤلاتها خاصة فيما يخص ملفات البطالة والفقر المستشري، هذه الملفات تعد أولوية حاليا، ثم في مرحلة ثانية نأمل أن تسعى تونس لبناء قوة عسكرية وأمنية لمواجهة الأجواء المتوترة بالمنطقة.
كيف سيكون شكل العلاقة بين إيران ودول العربية بعد هذه الحرب، هل سيكون هناك توجه نحو إصلاح وترميم العلاقة للحاجة إلى استقرار إقليمي؟
هنا لا نتحدث عن إصلاح، بقدر ما نتحدث عن واقعية ستكون مهمة بالنسبة لتمشي بعض الدول العربية وخاصة الدول الخليجية، فقد فهم الجميع أنه لا المظلة الأمريكية ولا المظلة الإسرائيلية قادرة على أن تحميهم، وبالتالي سيكون هناك إعادة قراءة لمواقف هذه الدول، وقد تتجه نحو إعادة إصلاح العلاقات مع إيران تفاديا لهذه القوة الجبارة والتي تتمتع بإرادة قتالية قوية، فهي لم تتردد في ضرب إحدى المواقع الأمريكية الموجودة بإحدى الدول الخليجية.
هل تتوقع أن تتجدد الحرب مرة أخرى بين إيران وإسرائيل؟
هي ليست حرب، بل معركة، ومثل هذه المعارك قائمة وجولاتها ستتكرر، خاصة أن الولايات المتحدة حليفة إسرائيل تريد كسر التحالف العالمي الجديد الذي تقوده الصين وإيران، لقد خسرت أميركا الجولة الأولى، ولا يعني ذلك أنها ستتخلف عن جولات أخرى، وستحاول إعادة بناء قدراتها، ثم استهداف إيران مرة أخرى وأصدقائها وحلفائها وشعبها.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس