سيدي الرئيس، نحن فاسدون.. إذن قضاؤنا مستقيل…‎

49

كتبه: توفيق الزعفوري..

في تونس نحتاج رجة قوية، حتى نستفيق و نستفيد..في تونس نحتاج قرارات ثورية لا صورية، في ملفات حارقة، إنتظر التونسيون الحسم فيها بكل حزم، منذ وقت طويل..في تونس لا نحتاج إلى مائة يوم أولى من عهدة الرئيس، أو مائة يوم أخيرة، في تونس نحتاج حربا آنية، فعلية ضد الفساد و المفسدين، لا تستثني أحدا مهما كانت سلطته، و مهما كان موقعه، القائد الفعلي لهذه المعركة سيحضى بالسند الشعبي المتين رئيسا كان أم غيره ، في تركيا مثلا، بعد الانقلاب على أردوغان صيف 2016، وقع اِعتقال 1000 شخص في يوم واحد!!!.

في تونس كم فاسدا لدينا، و كم وقتا نحتاجه للقبض عليهم لا لتحجير السفر عليهم أو إقالتهم، أو وضعهم تحت الإقامة الجبرية، أو إطلاق سراحهم بعد هدوء العاصفة من ثبت تورطه في الفساد مكانه السجن، لا العزل أو الإقالة، من ثبت تورطه في سرقة المال العام، مكانه السجن لا قبة البرلمان، أو إبعاده في سفارة، أو قنصلية في بلد عربي أو أروبي!!.

دبّ الفساد في كل مفاصل مؤسسات تونس، و الهيئة الوطنية لمحاربة الفساد توثق، و تحصي، و تحيل الى القضاء، و القضاء لا يستطيع إنفاذ القوانين، القضاء يدرك تغوّل الفساد و الفاسدين، و يستشعر حالة الوهن التي أصابته، و كأنه المستقيل لا المستقل!!.

في تونس نعرف أسماءهم واحدا واحدا، فاسدا، فاسدا ، و القضايا المنشورة لدى المحاكم ضدهم معروفة، و نعرف كم ستوفر هذه العملية الجراحية من أموال تغنينا عن الإقتراض، و تدعم محركات النمو، نعرف كل هذا و أكثر و لكن لا نعرف إن كنا فعلا جاهزين للإجهاز على الأخطبوط أم لا، لا نعلم إن كانت لدينا آليات الدخول في المعركة أم هي مجرد إطلاق بالونات في الهواء، و ديكورات كالتي بدأها الشاهد،. و إكتفت بالزج بشخصين في السجن ذراًّ للرماد في العيون، فكانت حصيلتها صفر تماما كحصيلته السياسية.. الأيادي المرتعشة هي الغير قادرة على البناء و التغيير و البدء في معركة بناء مؤسسات نظيفة، قد تأخر كثيرا حتى ” إن نحن أشقفنا عليهم اليوم، لن نجد أحدا يشفق علينا غدا ” لهذا الحرب ضد الفساد، هي حرب و جود، إما نحن أو هو، إمّا أن نبني دولة المواطنة، الدولة العادلة، الدولة الوطنية، الدولة القوية، و اِلاّ فعلى تونس السلام، يلزمنا “رجل ولد أمو” حتى نستفيق من النوم في العسل..

الرئيس لم يتباطئ في تسجيل نقاط لصالحه خاصة بعدما أمر بإجراء تدقيق مالي في الوزارات الراجعة إليه بالنظر وهي الرئاسة و الخارجية، جملة الإقالات، أو الإستقالات – إن شئتم- هي بداية جرد حساب مع من تقلّدوا مسؤوليات في مؤسسات الدولة التقارير المنجزة من طرف هيئة الرقابة المالية و الإدارية، و ما أثارته من جدل، هي مجرد مرجع يمكن الإستئناس به و البناء عليه، تقارير الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، و غيرها تمثل مدخلا وافيا للتعاطي مع ملفات الفساد، غير أن ما ينقصنا في التعاطي معها هو النجاعة، و السرعة المطلوبة مع ضمان المحاكمة العادلة..

أغلب القضايا مازالت عالقة في الرفوف منذ سنوات، و كأن إطالة أمد التقاضي، و عدم الحسم في شأنها، هو تواطؤ، و عرقلة للعدالة و تستّر على الفساد و الفاسدين، فالعدالة المتأخرة تفقد فاعليتها، و إن كانت هذه المعادلة صعبة فهي ليست مستحيلة، و علينا العمل على إنجاح هذه الحرب من أجل تونس و التونسيين..

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here