ضحى السالمي: الشراكة مع الصين فرصة لتونس دون قطيعة مع الشركاء التقليديين

41
ضحى السالمي: الشراكة مع الصين فرصة لتونس دون قطيعة مع الشركاء التقليديين
ضحى السالمي: الشراكة مع الصين فرصة لتونس دون قطيعة مع الشركاء التقليديين

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. عادت العلاقات التونسية–الصينية إلى دائرة الضوء، مع حديث السفير الصيني بتونس مؤخرًا عن مشاريع مهمة من شأنها تعزيز التعاون والتقارب الاقتصادي بين البلدين.

وأشارت ضحى السالمي، النائبة بالبرلمان التونسي، في حوارها مع “أفريقيا برس”، إلى أن “العلاقة مع الصين تمثل فرصة حقيقية لتونس في إطار سياسة تنويع الشراكات والانفتاح على القوى الصاعدة، كما أن الشراكة مع الصين لا تعني القطيعة مع شركائنا التقليديين، بل هي خيار استراتيجي يخدم المصلحة الوطنية ويحرر القرار السيادي من الارتهان لمحور بعينه.”

وفيما يخص الوضع الداخلي، أوضحت أن “البرلمان يمارس دوره الرقابي من خلال توجيه الأسئلة للفريق الحكومي ومتابعة الملفات الحارقة، وقد وقفت على معاناة الناس خلال زياراتها الميدانية الأخيرة إلى جهات مثل ‘برج السدرية’ التي تشهد شُحًّا في المياه والنقل والغاز، إضافة إلى التدهور البيئي”، مؤكدة على “مواصلة الضغط على الحكومة لأجل تحسين الخدمات وتوفير مقومات العيش الأساسية للمواطن.”

وأكدت أن “نجاح رئيسة الحكومة الجديدة في التفاعل مع البرلمان مرتبط بإرادتها السياسية ورغبتها في العمل بشفافية، وأنه لا يمكن تحقيق أي إصلاح حقيقي دون تعاون جدي مع السلطة التشريعية”، وفق تقديرها.

وضحى السالمي نائبة بالبرلمان التونسي عن دائرة “حمام الأنف – حمام الشط”، وتشغل منصب نائب مساعد لرئيس المجلس مكلفة بالعلاقات الخارجية والتونسيين بالخارج والهجرة، كما أنها قيادية بحركة الشعب.

ما هي قراءتك للمشاريع الصينية الأخيرة في تونس مع الحديث عن إمكانية شراء الصين مصنعا خاصا بالإسمنت، خاصة أنه معروف لحركة الشعب دعمها لتنويع العلاقات الخارجية، هل برأيك تشكل هذه المشاريع فرصة للاقتصاد التونسي؟

العلاقة مع الصين تمثل فرصة حقيقية لتونس في إطار سياسة تنويع الشراكات والانفتاح على القوى الصاعدة. نحن نؤمن بأن بناء علاقات متوازنة مع مختلف الدول، بما في ذلك الصين، هو خيار استراتيجي يخدم المصلحة الوطنية ويحرر القرار السيادي من الارتهان لمحور بعينه.

الصين ليست مجرد شريك اقتصادي مهم على المستوى الدولي، بل هي جزء من منظومة “البريكس”، التي تمثل قوة اقتصادية عالمية صاعدة تسعى إلى إعادة التوازن في النظام الاقتصادي الدولي. التعاون مع الصين ومع دول البريكس بشكل عام يفتح أمام تونس آفاقا جديدة بعيدا عن الهيمنة الغربية وشروط المؤسسات المالية التقليدية التي أثقلت كاهل الاقتصاد التونسي.

أي شراكة مع الصين أو دول البريكس يجب أن تكون قائمة على الاحترام المتبادل، ونقل التكنولوجيا، وخلق فرص العمل، وتعزيز التنمية المستدامة. كما ندعم أي توجه لكسر الاحتكار وتعزيز استقلالية القرار الوطني، شريطة أن تكون المشاريع شفافة وتحترم السيادة التونسية وتعود بالنفع المباشر على المواطنين.

ما رأيك في المخاوف من السياسة الصينية في تونس التي ستكون على حساب شركائها التقليديين، كما أنها تفتح الباب لتوسيع النفوذ الصيني بأفريقيا؟

من حق تونس أن تبني علاقاتها الخارجية بما يخدم مصالحها الوطنية، ولا يمكن أن تبقى أسيرة لمعادلات أو محاور تفرض عليها. الشراكة مع الصين أو غيرها من القوى الصاعدة لا تعني القطيعة مع شركائنا التقليديين، بل هي جزء من إستراتيجية وطنية لتعزيز التنوع في العلاقات الخارجية.

دول البريكس اليوم تقدم نموذجا بديلا يركز على التعاون المتكافئ بعيدا عن سياسات الإملاءات. لا يمكن أن نستمر في رهن سيادتنا للمؤسسات المالية الغربية، خصوصا بعد أن أثبتت السنوات الماضية أن هذه المؤسسات تتعامل مع تونس بمنطق الوصاية وليس بالشراكة. مصلحتنا أن نفتح أبواب التعاون مع كل جهة تحترم سيادتنا وتساهم في النهوض باقتصادنا.

ما هي تحركاتكم كنواب لأجل تحسين الخدمات مثل النقل والغاز والماء في جهات مختلفة مثل منطقة برج السدرية؟

تحسين الخدمات الأساسية مثل النقل والماء والغاز ليس مجرد مطلب شعبي، بل هو حق يكفله الدستور ويجب على الدولة تأمينه. بعد زياراتنا الميدانية الأخيرة إلى مناطق مثل برج السدرية 4 والحي البلدي وحي المستقبل وغيره، وقفنا على معاناة الأهالي بشكل مباشر. هناك غياب للماء الصالح للشرب رغم أن خزان المياه الموعود لم ينفذ منذ أكثر من 10 سنوات، وغياب الربط بشبكة التطهير مما يشكل خطرا بيئيا في المنطقة إضافة إلى تردي البنية التحتية ونقص في الخدمات الأساسية مثل النقاط الأمنية والصيدليات.

بناء على هذه المعاينات، قمنا بتوجيه عدة أسئلة كتابية وآخرها توجهنا بسؤال شفاهي رسمي لوزير الفلاحة حول تأخر تنفيذ خزان المياه إضافة إلى التدخل في الجلسات العامة حول هذه المواضيع وإثارتها أثناء مناقشة قانون المالية، كما نتابع هذا الملف بشكل مستمر مع السلطات المعنية إلى حين تنفيذ الحلول الميدانية. لن نقف عند نقل المطالب فقط، بل نمارس ضغطا مؤسسيا حقيقيا لضمان تحسين الخدمات، لأن كرامة المواطن تبدأ بتوفير مقومات العيش الأساسية.

هل برأيك ستستجيب الحكومة لمطالبكم بضرورة التصدي للتدهور البيئي في شواطئ الضاحية الجنوبية؟

التدهور البيئي في الضاحية الجنوبية ليس مشكلة ظرفية بل أزمة مستمرة تهدد صحة المواطنين والبيئة البحرية. لا يمكن القبول بتجاهل هذه الكارثة التي تطال مناطق واسعة من الضاحية الجنوبية، وخصوصا مع تأثيراتها السلبية على الأنشطة الحيوية مثل الصيد البحري والسياحة.

نحن نمارس دورنا الرقابي من خلال توجيه الأسئلة ومتابعة الملفات، وقد طالبنا بخطة وطنية شاملة لمعالجة التلوث ومحاسبة كل المتسببين فيه. الحكومة مطالبة اليوم باتخاذ إجراءات فورية، لأن البيئة ليست ترفا بل حق أساسي من حقوق المواطن. سنتابع هذا الملف ونواصل الضغط لضمان حق المواطنين في بيئة سليمة.

برأيك هل ستنجح رئيسة الحكومة الجديدة في التفاعل أكثر مع البرلمان، وهل برأيك قادرة على التصدي للوبيات النافذة في الإدارة التونسية؟

نجاح رئيسة الحكومة في التفاعل مع البرلمان مرتبط بإرادتها السياسية ورغبتها في العمل بشفافية. لا يمكن تحقيق أي إصلاح حقيقي دون تعاون جدي مع السلطة التشريعية واحترام دورها الرقابي. نأمل أن يكون هناك تواصل أكثر فعالية وجدية بعيدا عن الشكلية التي شهدناها في مراحل سابقة.

أما مسألة التصدي للوبيات النافذة، فهي التحدي الأكبر. هذه اللوبيات التي نخرت الإدارة التونسية لسنوات لا يمكن مواجهتها إلا بإرادة سياسية واضحة، وشراكة جدية مع القوى الوطنية المخلصة. سنكون داعمين لأي توجه إصلاحي حقيقي، لكننا أيضا سنكون في مواجهة أي محاولة لحماية مراكز النفوذ أو تمرير أجندات خفية على حساب مصلحة الشعب.

ذكرت في تصريح سابق أنه “يجب اقتراح فصول تكون قادرة على إعطاء الشرارة الأولى للثورة التشريعية”، أي الفصول أولوية حسب تقديرك وأي مجالات تشمل؟

الحديث عن الثورة التشريعية يعني تغيير القوانين التي تكرّس التبعية والفساد وتعطّل التنمية. الأولوية اليوم لفصول تعزز السيادة الوطنية وتحمي الاقتصاد من النهب المنظم وتفتح الطريق أمام العدالة الاجتماعية.

نطالب بتعديل القوانين المتعلقة بحماية الثروات الوطنية ومنع التفويت في المؤسسات العمومية الإستراتيجية. كما نؤكد على ضرورة تمرير تشريعات تجرّم التطبيع مع الكيان الصهيوني بشكل واضح وصريح. هذه ليست مجرد قضية سياسية بل موقف مبدئي ينسجم مع إرادة الشعب التونسي الرافضة لكل أشكال التطبيع.

في المجال الاجتماعي، الأولوية لوضع قوانين تحمي الفئات الهشة وتضمن التوزيع العادل للثروات. كما نتابع باستمرار تطوير التشريعات التي تعزز العدالة الاجتماعية وتسرّع تنفيذ المشاريع المعطلة في الجهات الداخلية.

أما على مستوى الإدارة والحوكمة، فإننا نؤكد على ضرورة مراجعة القوانين المتعلقة بمحاربة الفساد وتفعيل الرقابة على كل من يستغل مؤسسات الدولة لخدمة مصالحه الخاصة. هذه الإصلاحات ليست مجرد مطالب نظرية، بل هي خطوة نحو تأسيس دولة عادلة ومستقلة تخدم مصالح مواطنيها لا مصالح لوبيات النفوذ أو القوى الخارجية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here