ضحى العرفاوي: لن نسمح بعودة المحاصصة الحزبية للحوار

17
ضحى العرفاوي: لن نسمح بعودة المحاصصة الحزبية للحوار
ضحى العرفاوي: لن نسمح بعودة المحاصصة الحزبية للحوار

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. أعلنت الحركة الاجتماعية “مواطنون أنصار الوطن” مؤخرا، عن انطلاقها في مشاورات مع مكونات سياسية ومدنية ومستقلة،لأجل العمل على تنظيم حوار وطني هدفه تقديم بديل حقيقي لمعالجة أزمات البلاد، بعيدا عن الحلول التقليدية التي أثبتت محدوديتها.

وأوضحت ضحى العرفاوي نائبة رئيس حركة “مواطنون أنصار الوطن” في حوارها مع “أفريقيا برس” إلى أن”الحركة لن تسمح بعودة المحاصصة الحزبية على طاولة الحوار المرتقب”، وأن” الأولوية ستكون للمقاربة التشاركية التي تعمل على صياغتها حاليا، مع عدة أطراف تتسق معها في نفس الطرح والفكر والتوجه.”

وكشفت أن “أبرز الحلول والمشاريع التي تقترحها الحركة لإنقاذ البلاد،هي تحرير الاقتصاد وإعادة هيكلته بالتركيز على السيادة الاقتصادية والتشجيع على الإنتاج الوطني، إضافة إلى ضرورة تشجيع الشباب على ريادة الأعمال، وإطلاق يده نحو المبادرات الخاصة.”

وبينما أشادت بـ”جهود الرئيس قيس سعيد في مكافحة الفساد والبيروقراطية”، لكن برأيها” توجهاته وخطاباته في واد، وتصرفات السلطة التنفيذية في واد آخر، مشددة على ضرورة أن “تنتقل مكافحة الفساد من مرحلة الشعارات إلى التطبيق الفعلي.”

وضحى العرفاوي هي نائبة رئيس الحركة الاجتماعية “مواطنون أنصار الوطن”، التي وقع تأسيسها في ديسمبر 2020.

حركة “مواطنون أنصار الوطن” بصدد الإعداد لمقترح وطني لمعالجة الاخلالات والأزمات، هل ممكن تفاصيل أكثر عن هذا المقترح وآخر المشاورات بشأنه؟

نحن صلب حركة مواطنون أنصار الوطن نعمل على تقديم رؤية وطنية تقوم أساسا على مقاربة تشاركية، تستند إلى حوارات إقليمية وجهوية يتم من خلالها طرح قضايا إستراتيجية، كما يمكن أيضا الاستناد إلى الاستفتاء الشعبي لمناقشة هذه القضايا، بمعنى أننا نعمل على صياغة بديل حقيقي عن الحلول التقليدية التي أثبتت محدوديتها في معالجة أزمات البلاد.

بالنسبة للمشاورات فقد شملت عدة أطراف وطنية مع من يشاركنا نفس الفكر ونفس الطرح ونفس التوجه، لا أستطيع أن أذكر الآن من هي هذه الأطراف التي جلسنا معها، لأننا مازلنا في مرحلة المشاورات، لكنها أطراف عديدة حيث تعج تونس بالكفاءات، هناك من المختصين في القانون والاقتصاد والإدارة إلى جانب مكونات المجتمع المدني التي يمكننا الاستفادة من خبراتهم، نطمح كذلك إلى تقديم مشروع متكامل يعالج الإصلاحات الجوهرية المطلوبة، وذلك لضبط المنظومة المالية، وإصلاح الاقتصاد ومراجعة آليات الحوكمة داخل الإدارة لما نشهده من فوضى داخل الإدارة التونسية وبيروقراطية، كما نسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة عبر الديمقراطية التشاركية، ولا يمكن للتشاركية أن تكون ناجعة دون فتح الأبواب للحوار الاجتماعي والاقتصادي.

وبخصوص دعوتنا إلى وحدة وطنية صماء وذلك تماشيا مع ما دعا إليه رئيس الجمهورية قيس سعيد في عدة مناسبات، هذه الوحدة الصماء في تقديرنا لا يمكن أن تكون إلا عبر حوار اجتماعي وطني يجمع جميع الأطراف والانفتاح على كل اختلاف، ليس بالضرورة أن يكون كل المشاركين في الحوار جميعهم من المساندين لمسار 25 جويلية، لكن بشرط تمتعهم بالروح الوطنية ودفاعهم على مصالح بلدهم بكل بصدق، كما أن إدارة الاختلاف اليوم ضرورية، لأن تونس للجميع ويجب أن تكون هناك إرادة حقيقية لبناء الجمهورية الجديدة، إذن الدعوة إلى حوار اجتماعي اقتصادي وطني، هي دعوة إلى وحدة صماء مساندة لما دعا إليه رئيس الجمهورية.

ماهي أبرز البرامج والمشاريع التي تطرحها الحركة لإنقاذ الاقتصاد، وهل بات من الضروري مراجعة التشريعات المعطلة للاستثمار بالبلاد؟

إنقاذ الاقتصاد الوطني يجب أن يمر عبر حلول جذرية، والتي تعتمد على إعادة هيكلة المنظومة الاقتصادية برمتها، لأنه للأسف لدينا اقتصاد أعرج اليوم باعتبار تعويله على الاقتصاد الموازي بنسبة 60 بالمئة وهذا لا يخفى على أحد، كما أن الإجراءات الترقيعية لن تجدي نفعا، وفي رؤية حركة مواطنون أنصار الوطن، نركز على السيادة الاقتصادية والتشجيع على الإنتاج الوطني وتحسين مناخ الاستثمار، وتوجيه الموارد إلى القطاعات ذات القيمة المضافة، ولمحاربة الاقتصاد الموازي والاقتصاد الريعي نقترح رؤية شاملة للموضوع، والتي ترتكز أساسا على الحوكمة، وإدماج الاقتصاد الموازي داخل منظومة الاقتصاد الوطني، ولا يمكننا تحقيق هذه الإصلاحات الجذرية وتجاوز الإجراءات الترقيعية إلا عبر ثورة تشريعية وفكرية، ومن الأولوية اليوم مراجعة التشريعات المعطلة للاستثمار مثل كراسات الشروط وقوانين مجلة الاستثمار، يجب أن تراجع فورا لا سيما التشريعات التي تعيق المبادرة الخاصة وتعقد الإجراءات الإدارية.

نحن في حاجة إلى مناخ تنافسي مرن يستقطب المستثمرين ويشجع الشباب على ريادة الأعمال، نحن بحاجة إلى إطلاق يد الشباب في المبادرات الخاصة، وإلى تسهيل الإجراءات كالتي تخص الشركات الأهلية التي وعلى الرغم من أهميتها إلا أنها تواجه صعوبات كبيرة بسبب التشريعات القديمة، رغم أننا نقر أن الشركات الأهلية ليست الحل الوحيد، لكنها على الأقل حل من الحلول لإعادة هيكلة المنظومة الاقتصادية في تونس.

أمامنا عمل كبير، لذلك ندعو اليوم إلى حوار اجتماعي، حتى يتقدم كل كفاءة وطنية بفكرة واستراتيجة للمساهمة في حل مشاكل البلاد، وحتى تكون الرؤيا واضحة لدى المواطن.

ذكرت في تصريح أن الحركات الاجتماعيّة هي فكر جديد في تونس وهي آلية لإعطاء السلطة للشعب، برأيك ماهي نقاط قوة مثل هذه الحركات وكيف يمكن أن يستفيد منها المواطن التونسي ؟

فعلا الحركات الاجتماعية هي رؤية وطريقة تنظيمية جديدة وأداة فعلية لإعادة السلطة للشعب قولا وفعلا عبر الديمقراطية التشاركية، حيث ينبع القرار من المحلي فالجهوي فالوطني، الحركات الاجتماعية قوتها في انتشارها داخل الجهات، حيث أن هيكلتها نابعة عن الإرادة الشعبية بعيدا عن الأطر الحزبية التقليدية، اليوم الحركات الاجتماعية أداة فعلية حتى تجعل المواطن هو صاحب القرار، وتعمل على إيصال صوته من القاعدة إلى السلطة، وبرأيي ما جعل الأطر الحزبية التقليدية تفقد مصداقيتها لأنها أسقطت قرارات القيادات على القواعد وهذا لم يعد ممكنا اليوم، اليوم عبر الحركات الاجتماعية وعبر التنظيم القاعدي يمكن للمواطن التونسي الاستفادة من هذه الديناميكية الجديدة عبر الانخراط الفعلي في العمل الميداني وخاصة العمل الرقابي بدل الاكتفاء بدور المتفرج، يمكن للمواطن اليوم أن يكون شريكا فاعلا ومقررا، وهو شعار حركتنا الذي نراهن عليه.

ماهي رؤيتكم لمقاومة الفساد المستشري في تونس ومحاربة البيروقراطية ومساع العودة إلى مربع المحاصصة؟

في الواقع نلمس صدق كبير من رأس الدولة أي الرئيس قيس سعيد في مكافحة البيروقراطية، وهو يحاول تجسيد ذلك قولا وفعلا، لكننا نرى في المقابل أن خطابات الرئيس في واد وتصرفات السلطة التنفيذية في واد آخر وبعيد كل البعد على إرادة الرئيس وتوجهاته.

وفي تقديري مكافحة الفساد يجب أن تنتقل من مرحلة الشعارات إلى التطبيق الفعلي، وذلك عبر تعزيز الرقابة ومبدأ المساءلة وعدم الإفلات من العقاب، أما بالنسبة للبيروقراطية وهي أبرز العوائق أمام أي إصلاح، فيجب العمل على تبسيط الإجراءات واعتماد الرقمنة، وذلك لتقليل التدخل البشري، والحد من البيروقراطية المقيتة في المعاملات الإدارية.

وبالنسبة للعودة إلى مربع المحاصصة فهي بالنسبة لنا خط أحمر، لأن هذه العقلية، عقلية المحاصصة، هي التي كرست فشل الحكومات المتعاقبة في العشرية السوداء وما قبلها، اليوم لن نسمح بعودة المحاصصة الحزبية إلى طاولة الحوار، علينا أن ندعم بلدنا وننسى المصالح الضيقة، عبر العمل على صياغة أفكار ومشاريع ورؤية واضحة، وتخطيط محكم في عديد المجالات.

نددت الحركة كذلك بضرورة التصدي للانتقادات الخارجية التي تطال تونس في ملف الحريات، برأيك هل حان الوقت حتى تراجع السلطة سياستها في هذا الملف، خاصة أن أوساط سياسية حذرت من إمكانية فرض الولايات المتحدة عقوبات على تونس؟

يجب أن أؤكد هنا أن تونس دولة ذات سيادة، والسيادة الوطنية اليوم مجسدة قولا وفعلا، اليوم الشعب التونسي هو من سيحدد وحده مساره السياسي والاجتماعي، لكن للأسف نرى بعض الأطراف تستقوي بالدوائر الخارجية، وتستغل ملف الحريات حتى تمرر أجنداتها، في حين لا يمكن لأي جهة أن تعطي لتونس دروس في الحقوق والحريات، نرى اليوم المجازر في فلسطين وما يرتكبه الكيان الصهيوني في قطاع غزة،عن أي حقوق إنسان نتكلم في ظل صمت العالم عن هذه الجرائم الإنسانية، اليوم لا يمكن لأي طرف أن يعطي تونس دروس لأن دستورها، وهو أعلى هرم في القوانين في الدولة التونسية، يكرس كامل الحقوق والحريات ويحترم هذه المنظومة.

ولهذه الأطراف التي تستغل ملف الحريات لتمرير أجندات خارجية، أريد أن أقول لهم أن حقوق الإنسان تناقش بعيدا عن الضغوط وعن المصالح الضيقة، كل عمل بشري يحتمل الصواب والخطأ، وحتى إن كانت هناك اخلالات فيجب أن تناقش عبر حوار وطني تونسي -تونسي بالأساس، ولن نسمح بتدخل أي جهة خارجية في الشأن التونسي، وعلى السلطة أن تواصل نهجها في الدفاع عن السيادة الوطنية، ونحن نؤيدها وندعم الدفاع عن بلدنا وتعزيز الحقوق والحريات، بما يتماشى مع الهوية الوطنية وخصوصيات مجتمعنا، وليس مع ما يتماشى مع مصالح الخارج.

كيف يمكن لمسار 25 جويلية تدارك أخطائه وتجنب خسارة رصيده الشعبي في ظل غياب حوار اجتماعي موضوعي؟

لا يمكن لأحد أن ينكر أن مسار 25 جويلية مثل فرصة تاريخية لأجل إنقاذ تونس من حالة العبث السياسي، مع ذلك فإن هذا المسار بحاجة إلى تطوير وتصحيح آلياته من خلال الاستماع إلى نبض الشارع، وإرساء حوار اجتماعي اقتصادي حقيقي، بعيدا عن المساومات والمحاصصة والممارسات الحزبية القديمة.

حين نتحدث اليوم عن حوار اجتماعي اقتصادي حقيقي، يعني علينا أن نتحلى أولا بروح الوطنية والتطوع لخدمة البلاد، كما يجب التذكير أن الشعب مازال يمنح هذا المسار الدعم والشرعية رغم كل العراقيل والصعوبات، هذه الثقة يجب أن تترجم إلى قرارات ناجعة تستجيب إلى أولويات المواطن الحقيقية، وعلى رأسها تحسين مستوى المعيشة ومكافحة الفساد والاقتصاد الريعي، وإعادة منظومة الاقتصاد وتحريره من كل العراقيل، وتحرير المبادرة الخاصة والفردية، حيث يجب أن يحرر الاقتصاد عبر آليات عدة، كل هذا لن يتم دون إصلاح المنظومة التعليمية والعمل على تحسين العقليات، حتى ينشأ الشعب على روح الوطنية وخدمة بلده والدفاع على رايته وسيادته.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here