عبد السلام الدحماني لـ”أفريقيا برس”: مزاج الانتخابات متقلب والكلمة الفصل للشارع التونسي

44
عبد السلام الدحماني لـ
عبد السلام الدحماني لـ"أفريقيا برس": مزاج الانتخابات متقلب والكلمة الفصل للشارع التونسي

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. أشار النائب التونسي عبد السلام الدحماني في حواره مع “أفريقيا برس” أنه “يصعب توقع المرشح الفائز في السباق الرئاسي المرتقب حيث أن مزاج الانتخابات متقلب والكلمة الفصل هي للشارع”، لافتا أن “الحراك السياسي الدائر حاليا في البلد هو حراك مناسباتي هدفه تصيد أخطاء الحكم للتشكيك في شرعيته”، وفق تقديره.

وفي معرض تعليقه عن قيام مجموعة من النواب بمبادرة لتعديل القانون الانتخابي وعرضها على مجلس التشريع للنظر إليها بشكل عاجل، في خطوة أثارت جدلا واسعا بسبب مساعيها تحييد المحكمة الإدارية عن الخوض في الشأن الإنتخابي، رأى الدحماني أن “توقيت تعديل القانون يحرج السلطة، لكن مع ذلك فإن الحكم على أهمية أو عدم أهمية مشروع التعديل رهين الإطلاع عليه والتعمق في دراسته”.

وعبدالسلام الدحماني هو عضو بمجلس نواب الشعب الحالي عن دائرة “مارث دخيلة توجان مطماطة ومطماطة الجديدة” التابعة لولاية قابس، وهو أستاذ فلسفة وناشط بالمجتمع المدني ورئيس بلدية سابق.

كنائب في البرلمان التونسي، ما هي قراءتكم لمبادرة تعديل القانون الانتخابي التي عرضتها مجموعة من النواب على مجلس التشريع العام مؤخرا؟

القانون الانتخابي فيه العديد من النقاط التي ينبغي مراجعتها، وطرح تعديل له في هذا الوقت بالذات يثير إحراجات عدة لعلّ أهمها؛ أن هذا التعديل قد يفهم على أساس أنه مناصرة لمرشح بذاته وتحييد للمحكمة الإدارية عن الخوض في الشأن الانتخابي، ولكن في المقابل إذا كانت هناك أزمة قادمة يمكن أن تعصف بالاستقرار وتخلق حالة فوضى، إلا أنه ينبغي استباق الحلول لها وإيجاد نص تشريعي يستبعدها، ومع ذلك فإن الحكم على أهمية أو عدم أهمية مشروع تعديل القانون وتبعاته يظل رهين الاطلاع عليه والتعمق في دراسته، وتبقى الكلمة الفصل لقرار مجلس النواب.

كيف تقيّم الحراك السياسي في تونس مع اقتراب الانتخابات الرئاسية وسط جدل واسع بسبب حيادية هيئة الانتخابات وإقصاء مترشحيين ومنافسين بارزين للرئيس قيس سعيد؟

الحراك السياسي في تونس حراك مناسباتي يتصيد أخطاء الحكم ويرتكز عليها من أجل البرهنة على لاشرعية الحاكم، الحراك السياسي بهذه الشاكلة لا يمكن أن يمضي بعيدا لأنه مجرد انفعالات مؤقتة، ولو دققنا النظر في مقياس الحيادية وانطلقنا فيه من إقصاء مترشحين فإن ذلك سيضعنا أمام إشكال آخر يتمثل في السؤال التالي: كيف نفهم قبول مترشحين آخرين في السباق الانتخابي؟ هل يمكن للهيئة أن تكون غير محايدة (في الإقصاء)، ومحايدة (في القبول) في آن معا؟ أعتقد أننا إزاء جدل سياسي وقانوني لا يمكن حسمه، وبالتالي لا يمكن التفاعل معه واتخاذ موقف في ضوئه بالوضوح الكافي..

إن ما تسعى المعارضة إلى إثباته من عدم حيادية الانتخابات لمجرد عدم قبول مترشح بعينه، هو بمثابة الحكم بجواز إيقاف مباراة في كرة القدم لمجرد إقصاء لاعب بعد أن ثبت ارتكابه لخطأ ما، والأغرب أن من يهدد بإيقاف المقابلة وينعت الحكم بعدم الحيادية لا علاقة له باللاعب الذي تم إقصاءه، هدفه فقط إيقاف اللعب وهو من الخطورة التي سيستحيل معها إجراء أي مقابلة.

هل تعتقد أن الشارع التونسي سيدعم استمرار مسار 25 جويلية عبر تجديده التصويت للرئيس سعيد أم أن المعارضة بوسعها حشد الشارع وإحباط مشروع الرئيس؟

الكلمة الفصل للشارع التونسي ولا يمكن بحال من الأحوال توقع ما سيحدث، فمزاج الانتخابات متقلب وغير ثابت، بقي أن نقول أن الربط بين مسار 25 جويلية والتصويت للرئيس بحاجة إلى توضيح..25 جويلية ليست شخصا وإنما حدث تاريخي هو بمثابة الحتمية التي لا يمكن إرجاؤها أو تعطيلها، وإذا كان الرئيس قيس سعيد هو الذي أعلن ولادتها فإن المطروح الآن انجاز مهامها وإنجاحها، إلى ذلك فإن القول بأن 25 جويلية هو مشروع الرئيس ويحصره في غاية الحكم يظل قولا مبتورا لا عمق فيه، فالمطلوب أشمل وأعمق، إنه تجسيد لأهداف وتحقيق حلم المواطنة المتحررة من كل القيود وكسب معركة السيادة.

ما سبب ضعف الحملات الانتخابية للمترشحين مقارنة بالاستحقاقات السابقة، هل بسبب تضييق السلطة أم بسبب النفور من الشأن العام؟

خيبة الأمل من الشأن العام ليست وليدة الاستحقاقات السابقة فحسب وإنما نتاج تأزم الحياة السياسية في تونس، إذ ومنذ عهود طويلة تماهت مؤسسات الدولة مع الحزب الحاكم وحين أصبح الحزب أداة حكم لا تقوم على البرامج وإنما على الولاء والتسلط تهاوى مفهوم الدولة وتم تسميم مفهوم المواطنة وتلاشى معنى الانخراط الفاعل في الحياة المدنية، ومع الأزمات المتتالية فقدت الحياة السياسية جدواها وترافقت مع ذلك قوة اللامبالاة والاستقالة.

هل تعتقد أنه بالوسع المراهنة على مشروع البناء القاعدي في تونس، وهل هو قادر بالفعل على تغيير واقع التونسيين خاصة أنه مازال مشروعا غامضا وغير مفهوم لدى طيف واسع من الشارع؟

لا يمكن الحكم على نجاح مشروع أو فشله منذ البدايات، صحيح أن الغموض أحد المعطلات ولكن معطلات أخرى أشد أهمها البيروقراطية الإدارية المتنفذة والمتحكمة.

كنائب تونسي، هل سن قانون جديد ينظم العلاقة بين مجلس نواب الشعب ومجلس الجهات والأقاليم هو اعتراف بالتداخل الذي بدا لافتا مؤخرا في مهامهما وبالتالي يجب تحديد أدوار كل منهما؟

نظام الغرفتين نظام مستجد يتطلب تحديد الأدوار وحسم التداخلات والخلافات، التكامل هو الهدف الرئيسي ومدى قدرة المرسوم على تجاوز ما سيظهر من إشكاليات هو الذي ينبغي التركيز عليه وتجويد النص في ضوئه.

كيف تقيّم حصيلة الدورة النيابية الثانية للبرلمان الجديد في ظل ما تصفه أصوات معارضة بأن أداء البرلمان كان ضعيفا وتابعا للسلطة التنفيذية؟

أصوات المعارضة القائلة بأن أداء البرلمان ضعيف وتابع للسلطة التنفيذية بقيت في مستوى حكمها تصف السطح والظاهر لأنها لا تدرك حجم المعركة الحقيقية مع أصحاب المصالح والنفوذ الذين صنعوا القوانين على مقاسهم وتجندت لحراستها مؤسسات الدولة، المعركة ليست سهلة ولا بسيطة وإنما متشعبة ومعقدة ويصعب حسمها، وعلى هذا الأساس كان تعطيل عمل المجلس من خلال الإرجاء والتأجيل وإهدار الوقت وخلق الذرائع لعدم تمرير مشاريع القوانين التي يفترض أنها ستغير حياة المواطنين، إن تطهير الإدارة لا يمر فحسب من خلال التدقيق في الشهائد العلمية وكيفيات الانتداب فحسب وإنما من خلال إيقاف أذرع العصابات و اللوبيات.

ما هو سبب إقالة رئيس الحكومة السابق أحمد الحشاني حسب تقديرك، هل هو اعتراف بفشلها في مواجهة اللوبيات وأزمة المياه بالخصوص، وهل تعتقد أن الفريق الحكومي الجديد قادر على تحقيق تطور في هذه الملفات وإرضاء الشارع؟

كان الاختيار منذ البداية يفتقد للوجاهة إذ أن الضياع في متاهة الروتين الإداري هو الذي تلاشت فيه جهود حكومة الحشاني، وهو ما يطرح معايير الاختيار، إقالته جاءت متأخرة وكان لها انعكاس على أداء الوزارات والإدارات، الفريق الحكومي الجديد يجب أن يعي بأنه في حالة حرب شاملة ضد التعطيل والفساد والبيروقراطية ويظل بحاجة إلى مشروع محدد من حيث المهام والتوقيت، الفريق الحكومي الجديد يجب أن لا يضع الحواجز أمام مهمة النواب ودورهم، الفريق الحكومي الجديد يجب أن يخضع لتقييم دوري وأن يحاسب على كل إخلال أو تقصير.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here