عبد الفتاح تاغوتي لـ”أفريقيا برس”: نتائج الانتخابات عززت موقف المعارضة

105
عبد الفتاح تاغوتي لـ
عبد الفتاح تاغوتي لـ"أفريقيا برس": نتائج الانتخابات عززت موقف المعارضة

أفريقيا برس – تونس. أكد القيادي بحركة النهضة عبد الفتاح تاغوتي في حواره مع” أفريقيا برس” أن” نتائج الانتخابات عززت موقف المعارضة الماضية في إسقاط الانقلاب”، حسب وصفه، لافتا أن” جبهة الخلاص تشتغل على صياغة بدائل لمشروع قيس سعيد ترتكز على الجانب الاقتصادي والاجتماعي إضافة إلى الجانب السياسي لإنقاذ البلد من أزمتها”.

وبرأي تاغوتي فإن” مسار 25 جويلية نقل البلاد من أزمة إلى كارثة، وهو ما يستدعي المعارضة على توحيد صفوفها ومعالجة اختلافاتها وتقديم مبادرة موحدة تطرحا حلولا عاجلة”، مشيرا أن” مبادرات المعارضة هدفها ليس عودة النهضة إلى الحكم، حيث باتت الحركة على وعي بحاجة البلد إلى مرحلة انتقالية تستفيد فيها من أخطاء الماضي دون أن يستأثر فيها طرف بعينه على الحكم”.

آمنة جبران
جبهة الخلاص التي تعد حركة النهضة طرفا فيها دعت مؤخرا إلى العودة إلى دستور 2014، هل برأيك مثل هذه الدعوات تعمق المأزق السياسي أكثر؟

إن تعدد المبادرات في ظل أزمة متعددة الأوجه ومعقدة ومركبة في شقها السياسي أساسا وفي بعدها الاقتصادي والاجتماعي يدل على عمق الأزمة من ناحية ويدل على أنه لا يوجد مبادرة واحدة محل إجماع من ناحية أخرى. فمعارضو الانقلاب يقترحون مبادرات لحل الأزمة المتفاقمة، لكن المعارضة عموما سواء من داخل مسار 25 جويلية أو من خارجه، مازلت مقارباتها لم تجتمع على أرضية واحدة تفضي إلى مسار وخارطة طريق واضحة لإنقاذ البلد من هذا المأزق.

في ظل هذا الوضع يحاول كل طرف أن تكون له أرضية عن طريق بلورة مبادرة للإنقاذ، لكن تبقى هذه المبادرات مفتوحة للالتقاء على دعوات أخرى للحوار من أطراف سياسية أخرى، وبذلك كل مبادرة ليست مبادرة نهائية وهي للتفاعل، حيث كل طرف مطالب بتقديم تنازلات أو ربما هي مدخل أو مفتاح لتجميع المعارضة لأجل هدف واحد هو إسقاط الانقلاب أو على الأقل إنقاذ البلاد لأننا أيضا مطالبين بشيء من المرونة.

وطبعا المبادرات تحتاج إلى مرتكزات مثل العودة إلى الشرعية وكيفية الحل، نلاحظ المبادرات في البداية كانت تلتقي مع الرئيس وتراه جزءا من الحل وشيئا فشيئا تطور المشهد بين من يقبل به طرفا كمبادرة اتحاد الشغل، فيما طيف واسع من المعارضة تنتقد تعاطيه مع الدستور بشكل أحادي وانفرادي وهو ما عمق الأزمة أكثر.

لا يجب أن نكابر بالقول أن الأزمة تتحملها نخبة ما قبل 25 جويلية صحيح كان هناك فشل ذريع لكن كانت هناك أيضا نجاحات، في المقابل مرحلة ما بعد 25 جويلية لم تحسن وضعية التونسيين الاقتصادية والاجتماعية إضافة إلى الحريات المهددة بشكل واضح، ما يعني أننا تأخرنا كثيرا في المكاسب.

في الأخير علينا تجاوز ما قبل 25 جويلية والقيام بقراءة نقدية لتلك المرحلة وإنقاذ بلدنا من مسار ما بعد 25 جويلية الذي دشن حالة من الخراب في البلاد حيث سنعاني كثيرا لإعادة بناء الاقتصاد من جديد، وكما كان مدخل الأزمة سياسي فإن مدخل الأزمة لن يكون إلا سياسيا.

بحسب متابعين فان المعارضة فشلت في حشد الشارع في مظاهرات ذكرى الثورة، هل تعتقد عدم امتلاكها بديلا عن مشروع قيس سعيد وراء ذلك؟

الشارع الذي ينزل الآن هو شارع سياسي بامتياز، المعارضة التي لم تلتقي في الأشهر الماضية بدأت لديها قناعة أنه يجب عليها أن تلتقي، حيث ما وقع في السنوات الأخيرة من تجاذبات وتقاطعات صعبت عملية التقاء المعارضة على غرار ما حدث في 18 أكتوبر 2005.

لكن في الأخير الشارع نزل بالآلاف ولا يجب أن نغالط أنفسنا، وهو شارع سياسي ينمو يوما بعد يوم ونزل بالآلاف في المسيرات وهو عدد محترم لم نكن نراه في صفوف المعارضة مقارنة بالسابق.

وبخصوص قضية البديل في تقديري لن يكون من جبهة الخلاص أو من طرف معارض بمفرده، بل على كل طرف أن يحاول صناعة البدائل، وجبهة الخلاص تشتغل على صياغة بدائل بهدوء استنادا لنجاحات وإخفاقات العشرية الأخيرة، وهي تريد أن تصيغ مقاربة ليست فقط سياسية بل اجتماعية واقتصادية، فالقضية ليست فقط إسقاط الانقلاب، وحسب قناعاتي فأن مسار قيس سعيد فشل وسيفشل وليس بإمكانه النجاح في إدارة الدولة، والناس الآن تأمل في بديل لكن يجب أن يكون بديلا مقنعا فيه إدراك لتاريخ ومراحل البلاد وهو ما فشل فيه سعيد الذي تبين من خلال القانون الانتخابي أنه غير مطلع على تاريخ البلاد، لو كان مطلعا ما كان له أن يقوم بمثل هذا القانون الفاشل الذي يثير النعرات والجهويات.

من الجيد أن الانتخابات التشريعية فشلت، فالشعب التونسي ذكي ويعرف متى ينتفض في هزات ولحظات معينة وتاريخ الاحتجاجات في البلد شاهدة على ذلك.

كيف تقرأ تموقع المعارضة بعد نتائج الانتخابات التشريعية وتركيز برلمان جديد؟ كيف ستكون بوصلة الجديدة للمعارضة؟

هذا البرلمان غير شرعي بعد أن نفض الشارع يده من الانتخابات، وستمضي المعارضة في إسقاط الانقلاب بغض النظر عن نتائج الانتخابات ولن تتراجع عن ذلك وهو موقف مبدئي لأنه انقلاب على الشرعية والثورة ومؤسسات الدولة، وبعيدا عن ذلك ماذا قدم مسار25 جويلية؟ ماذا فعل لإنقاذ الاقتصاد وماهي رؤيته لذلك؟ أعتقد أن هذا المسار الذي ذهب فيه سعيد نقلنا من أزمة إلى كارثة.

بالنسبة لدور المعارضة في مرحلة ما بعد الانتخابات فقد عززت موقفها أكثر وقوتها أكثر.. نعلم أن الرئيس لن يعي ذلك، لكن ما يعنينا نحن كجبهة الخلاص وكمعارضة هو مواجهة الانقلاب وإنقاذ البلاد، ليس دورنا إعادة النهضة إلى الحكم، فنحن واعين جدا في حركة النهضة وجبهة الخلاص أننا بحاجة إلى مرحلة انتقالية نعالج فيها الأخطاء، لكن قبل ذلك علينا إنقاذ البلد من كارثة من خلال القيام بقراءة نقدية والأهم من ذلك استعادة المسار الديمقراطي وبناء ديمقراطية حقيقية.

توجه دائما انتقادات للمعارضة بعدم قدرتها على التوحد، هل يكشف ذلك ضعفها؟

المعارضة تعاني من ضعف وهنات ونحن لا ننكر ذلك، ورغم ذلك فهي تحاول أن تتقدم لكن عليها أن تسرع خطاها أكثر في مواجهة الانقلاب والكارثة المحدقة بالبلد، وليس هناك غير طريقة واحدة وهي التقاء المعارضة على خارطة طريق واضحة المعالم وذلك لن يتم إلا بالحوار، ونقطة النجاح هو القبول بالحوار دون تقديم شروط سوى المتفق عليها وهي أن البلاد تعاني من كارثة وعلينا إنقاذها، ثم بقية التفاصيل فعلى جميع الطبقة السياسية فيما بعد أن تقدم تنازلاتها الضرورية وتبتعد عن مركزة الأنا والانفراد بالرأي، فالأمراض موجودة بالطبقة السياسية ككل حكما ومعارضة، علينا التواضع أمام هذا الشعب الذكي، صحيح هو وجه رسالة عبر الانتخابات إلى الرئيس سعيد، لكن وجهها إلى المعارضة أيضا.

يرى متابعون لخريطة طريق قيس سعيد أنه بعد الانتهاء من الدور الثاني للانتخابات وبدء أعمال البرلمان الجديد ستبدأ عملية إخراج النهضة نهائيا من الساحة السياسية من خلال فتح ملفات قضائية وأمنية ومالية؟

القضايا التي فتحت في حق حركة النهضة وقياداتها هي قضايا ملفقة الغاية منها التشويه والإرباك واختراق الدولة وكلها فرقعات، والهشاشة في الملفات الملفقة تحدث عنها المحامون في ندوات سابقة وستكون هناك ندوات قادمة لكشف الخور في هذا التلفيق، وفي تقديري مثل هذه القضايا ستبيض حركة النهضة لأنه سيخرج الحركة على حقيقتها، ففي حين تريد التشويه زورا وبهتانا تجد في المقابل صمودا وثباتا منها ومن المعارضة ومقاومة من القضاء الذي يرفض أن يكون طيعا للسلطة التي تستهدف كل من ينتقدها، ومن ايجابيات الثورة أنها حررت قطاعات عديدة ومنها القضاء.

هذه القضايا ستبقى جارية إلى أن يسقط الانقلاب لسنا متخوفين منها وكشفنا حقائق ومازلنا سنكشف حقائق مدوية في هذا الجانب خاصة في قضية علي العريض وقريبا ستكون هناك ندوة صحفية ستكشف مزيد التفاصيل وذلك حسب عضو الهيئة القضائية لعلي العريض، سمير ديلو.

لا ننكر أن هذه الأجواء عطلت مؤتمر حركة النهضة مع وضع قيادات في الإقامة الجبرية وعبر تلفيق قضايا وزجهم في السجون، كنا نأمل أن نكون في وضعية أخرى، مع ذلك فأن الحركة تتقدم فيما يخص مضامين المؤتمر والإعداد المادي له لكنها تراقب في المقابل في الأجواء والمناخات غير الملائمة والغير مساعدة على انجازه.

كانت رؤية المؤتمر بالنسبة للحركة ورئيسها واضحة في عملية التجديد وقراءة الواقع وإحداث الانتقال الديمقراطي وتسليمه للشباب داخل الحركة عبر التأطير والتكوين، ورغم أن هذه القضايا أربكتنا وكبلتنا إلا أن لجان المؤتمر تشتغل على تنظيمه على مستوى الصورة والمضامين والمراجعة النقدية.

أي مستقبل لحركة النهضة بعد مسار 25 جويلية الذي يمضي فيه الرئيس رغم للانتقادات، وللأحزاب بشكل عام؟

مستقبل حركة النهضة هو مستقبل جيلها من الشباب وهو مستقبل البلاد، حركة النهضة أصبح لديها الآن من العمق في إدارة البلاد ما يجعلها تستوعب أن الفترات الانتقالية تتم في إطار مقاربات وطنية، وبالتالي في مقاربتنا الجديدة سنبحث عن تقاطعات في الساحة الوطنية ونبتعد أكثر عن كل ما يجعل الحركة تستأثر في الشأن العام وتذهب نحو مقاربات أكثر اندماجا من أجل بناء تجربة ديمقراطية، فالتأسيس للديمقراطية وفق العائلات الفكرية الموجودة يحتاج إلى هدوء والبعد عن تجاذبات، لذلك أعتقد أن المعارضة أمام فرصة تاريخية عليها اغتنامها ليس فقط في الالتقاء بإسقاط الانقلاب بل ببناء مؤسسات صلبة وقوية وبناء ديمقراطية حقيقية وعبر الحفاظ على الحريات وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.. هذا الأمل فبالبلد تحتاج لتشبيب الطبقة السياسية والربط بين الأجيال والاستفادة من التجارب، لكننا حاليا في مسار إنقاذ ولا نريد ارتكاب ذات الأخطاء.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here