
آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. أشار المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين”أونروا”، عدنان أبو حسنة في حوار خاص مع “أفريقيا برس” أن “تحرك إسرائيل لسن تشريع يصنف المنظمة التابعة للأمم المتحدة بأنها منظمة إرهابية يرمي إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين وتصفية أفق الحلول السياسية”، حسب تقديره.
وأكد أبو حسنة أن “الأونروا تراهن على دعم ومساندة المجتمع الدولي الذي لن يسمح لإسرائيل بالمضي قدما في تصنيفاتها”، لافتا في ذات السياق إلى “التدهور الخطير للأوضاع الإنسانية في قطاع غزة مع انتشار الأمراض والمجاعة ما ساهم في ارتفاع مستويات سوء التغذية خاصة لدى الأطفال”.
وعدنان أبو حسنة هو المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” وهي وكالة إغاثة وتنمية بشرية، أُسِّست بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1949، وتعمل على تقديم الدعم والحماية وكسب التأييد لقرابة 5.6 مليون لاجئ فلسطيني.
في البداية، ما مدى سوء الوضع الإنساني في قطاع غزة؟
الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة هي أوضاع كارثية عمليا، وليست مجرد شعارات، نتحدث الآن عن حشر حوالي مليون وسبعمئة ألف فلسطيني في المنطقة الواقعة ما بين أطراف مدينة رفح وحتى منطقة مخيم النصيرات وسط قطاع غزة وينقص هؤلاء كل شيء، هناك مئات الآلاف من المصابين بأمراض مختلفة جراء تلوث المياه وانهيار المنظومة الصحية وضعف المشافي والعيادات، هناك أمراض لا تعرفها غزة، غزة لم تكن تعرف التهاب الكبد الوبائي على سبيل المثال، هناك أيضا انتشار كبير للأمراض المعوية والرئوية، كما هناك تلوث كبير للمياه وللخزان الجوفي للمياه في القطاع.
كيف بالإمكان تجنب أزمة إنسانية في غزة المهددة بالمجاعة خاصة أن العمل الإنساني في القطاع بات في خطر كما وصفتم ذلك؟
نحن فعلا نخشى من هذا التدهور الخطير مع ارتفاع درجات الحرارة وعدم وجود مياه صالحة للشرب وانتشار الكوليرا، حجم ما يدخل من شاحنات لقطاع غزة حاليا هو حوالي 57 شاحنة بينما كان يدخل قبل السادس من مايو عندما تم إطلاق معبر رفح 170 شاحنة، اليوم ما يدخل إلى قطاع غزة هو نقطة في بحر الاحتياجات الإنسانية لذلك نتحدث عن شبح المجاعة الذي عاد ليخيم على شمال وجنوب قطاع غزة، هناك انتشار هائل لسوء التغذية حيث أن تسعة أطفال من مجموع عشرة يعانون من مستويات معينة من سوء التغذية، لذلك الأوضاع تتدهور بسرعة كبيرة حتى أطفال القطاع حديثي الولادة أوزانهم ضئيلة وقصار القامة، كما أن الأمهات لا يستطعن إرضاع أطفالهن لأنهن يعانين أصلا من سوء التغذية، نحن نعيش انهيارا كبيرا في المنظومة الصحية والإنسانية بالقطاع.
نددت مؤخرا بتحريك “إسرائيل” قانون يصنف “أونروا” على أنها “منظمة إرهابية” باعتبار ما سيسببه ذلك في كارثة إنسانية كبيرة على الفلسطينيين، كيف يمكن ردع “إسرائيل” في ظل تواصل الصمت الدولي إزاء الجرائم التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني؟
في الواقع لأول مرة في تاريخ الإنسانية يحدث ذلك، “إسرائيل” دولة عضو في الأمم المتحدة وحين تصنف منظمة أممية هي الأكبر على مستوى العالم بأنها إرهابية أو تضع تشريع لتصنيفها كمنظمة إرهابية، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ هذا لم يحدث في تاريخ الأمم المتحدة، “إسرائيل” أنشأت بقرار من الأمم المتحدة وأعطت الفلسطينيين الأونروا، الأونروا تأخذ تفويضها من الجمعية العامة للأمم المتحدة وقبل عامين صوتت 170 دولة لتجديد تفويضها لها والمجتمع الدولي برمته يعتقد أن هذه المنظمة يجب أن تبقى وتستمر في تقديم خدماتها تقريبا لـ6ملايين من اللاجئين الفلسطينيين، ولكن هذا التصنيف الإسرائيلي يدخل ضمن حملة سياسية إعلامية منظمة، “إسرائيل” تستهدف تصفية الأونروا وبالتالي تصفية قضية اللاجئين وتصفية أفق الحلول السياسية، القضية أبعد بكثير من تحقيقات حول مشاركة بعض أفراد المنظمة في أحداث السابع من أكتوبر، هذه الادعاءات إلى حد الآن لم تثبت صحتها، وقد ذكرت لي وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة “كاثرين كولونا” أن هناك آليات في الأونروا للتعامل مع موضوع الحيادية غير موجودة على الإطلاق في أي منظمات الأمم المتحدة وأن هذه المنظمة أي الأونروا ملتزمة بالقانون الدولي الإنساني وبقوانين الأمم المتحدة وبمعايير الأمم المتحدة.
المجتمع الدولي برمته هبّ ليدافع عن الأونروا حتى الدول التي علقت التمويل بعد الادعاءات الإسرائيلية أعادت تمويلها إلى الأونروا ما عدا الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، اليوم هناك جبهة عالمية كبرى متكونة من الاتحاد الأوروبي واستراليا وكندا وغيرها من الدول التي أعادات التمويل إلى المنظمة، حتى أن هناك بعض الدول الأوروبية زادت في تمويلها مثل إسبانيا وأيرلندا والنرويج.. أيضا هناك دول عربية جديدة انضمت إلى الممولين مثل الجزائر التي قدمت لنا 15 مليون دولار، أيضا العراق قدم 25 مليون دولار، لذلك نعتقد أن مساندة المجتمع الدولي للأونروا ووجودها لن يسمح لـ”إسرائيل” بالمضي قدما في تصنيفاتها.
ثانيا نحن نعمل في سوريا ولبنان والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية ونحن الجهة الوحيدة التي بقيت متماسكة في غزة وشريان الحياة للقطاع ونقدم هذه المساعدات بعيدا عما تريده “إسرائيل”، الواقع في النهاية هو الذي يحكم، نحن موجودون ولدينا الآلاف من الموظفين على الأرض ونعمل ليلا ونهارا، ومع احترام للمنظمات الأممية الشقيقة لكن الأونروا من هو موجود الآن على الأرض ومستمرة في تقديم خدماتها.
طالبتم مؤخرا بالتحقيق في الانتهاكات ضد الأمم المتحدة بما يشمل الهجمات على مبانيكم ومراكز إيواء اللاجئين، هل ستلاقى دعواتكم صدى برأيك وستنجح في الضغط على “إسرائيل” لإيقاف الاستهداف المستمر ضدكم؟
إلى حد الآن قتل 193 موظفا من موظفي الأونروا أي موظفي الأمم المتحدة، وهو ما لم يحدث منذ إنشاء الأمم المتحدة، أيضا دمر لنا حوالي 180 مبنى ومؤسسة تابعة لنا إما تدميرا كليا أو تدميرا جزئيا، أيضا قتل أكثر من 450 نازحا في مراكز الأونروا وجرى افتتاح هذه المراكز بموافقة “إسرائيل” وهي تتمتع حسب القانون الدولي بالحصانة، ونحن نعلم الجانب الإسرائيلي بإحداثيات هذه المراكز مرتين يوميا، ما نريده أن ينتبه الجميع إلى أن ما يحدث من استهداف لموظفي الأونروا ومؤسساتها قد يشكل سابقة لدول أخرى عبر الاستهانة بأعضاء وموظفي ومنشآت الأمم المتحدة، يجب أن يكون هناك تحقيق وتحمل لمسؤولية ما حدث من استهداف للمنظمة الأممية.
من “شريان حياة للاجئين إلى مؤسسة مهددة بالتفكيك والإغلاق في غزة”، كيف بوسع الأونروا الحفاظ على وجودها ودورها في حماية اللاجئين في ظل ما تعانيه من تحديات وصعوبات؟
نعم نحن أمام تحديات كبيرة مالية وسياسية، نتعرض إلى هجمة مكثفة تستهدف وجود الأونروا، هذه الهجمة تستهدف تصفية المنظمة ومنعها عن العمل عبر الادعاءات من هنا وهناك أو عبر تصنيفها كمنظمة إرهابية، لكن نحن نراهن على وعي العالم وعلى التزام المجتمع الدولي تجاه الأونروا وعلى القوى الفاعلة الكبرى في كل مكان، حتى وزير الخارجية الأميركي صرح قبل شهر تقريبا وقال أنه لا بديل عن الأونروا وأنها أفضل من يقدم هذه الخدمات، لذلك نحن سنواصل عملنا في هذا الإطار ولن نتراجع، ونحن نراهن على الشرعية الدولية وعلى القانون الدولي الإنساني وهذا الدعم السياسي والمالي من المجتمع الدولي والإصرار على وجود الأونروا.
كيف تقرأ الموقف الرسمي والشعبي لتونس منذ انطلاق العدوان الأخير على غزة؟
الموقف التونسي الشعبي والرسمي هو موقف مهم ومساند جدا للأونروا في كل المحافل الدولية، أيضا هناك التزام تاريخي وحاسم تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين وتجاه الشعب الفلسطيني بصفة عامة، ونحن نلمس ذلك في كافة المحاور، تونس هي دولة مركزية ودولة مهمة جدا ونعول دائما على هذا الدعم الكبير الذي نتلقاه من ناحية رسمية وشعبية، ونعتقد أيضا أن هناك تقدير تونسي مهم جدا لدور الأونروا ونحن على اتصال دائم مع السفير التونسي لدى فلسطين وهو شخصية جدا فعالة ونشطة ومؤيد كبير للمنظمة وكان دائم الاتصال بي شخصيا للاطمئنان على عملنا وللتعبير عن دعمه المستمر.
ما هو تقييمك للموقف العربي مما وصفته بالنكبة الجديدة للفلسطينيين؟
الموقف العربي مما يحدث بالنسبة لنا كمنظمة الأونروا هو موقف جيد وداعم لنا ومتفهم لأهمية وجود الأونروا كعنصر مهم للاستقرار الإقليمي وبدونها سيكون في المنطقة توترات لا أحد يقبل بها، نحن نتلقى دعما عربيا مهما لكننا نطمح إلى زيادة هذا الدعم نظرا للتحديات التي نواجهها، أيضا جامعة الدول العربية شكلت حاضنة كبيرة للدفاع عن الأونروا ومساعدتها، كذلك الدول المضيفة للاجئين مثل الأردن وفلسطين ولبنان وهي تعمل معنا بالتشاور باستمرار، وكما ذكرت نحن نأمل في دعم أكبر، وفي النهاية الموقف العربي من الأونروا ومن قضية اللاجئين الفلسطينيين هو موقف واضح وحاسم.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس