آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. قام علي الحمدوني، المعتمد السابق، مؤخرًا بمسيرة على الأقدام من ولاية سيدي بوزيد نحو قصر الرئاسة بقرطاج، للتعبير عن مطالبه الاجتماعية والدفاع عن حقه في التشغيل، شأنه شأن الآلاف من المعطلين عن العمل في تونس.
وفي حواره مع “أفريقيا برس”، كشف الحمدوني عن “التفاعل الإيجابي الذي لمسه من قبل السلطات مع مطالبه”. ورأى أن “أبرز الحلول لمشكلة المعطلين عن العمل هو إحداث منصة إعلامية للتشغيل، يُعتمد فيها على السن وسنة التخرج كمقياسين أساسيين، بحيث يكون الفرز عبر منظومة إعلامية شفافة، ويُجرى الانتداب على دفعات وفق عدد محدد كل سنة، ولمدة ثلاث سنوات، بما يتماشى مع ميزانية الدولة، مما يعيد الأمل لمن طالت بطالتهم”.
واعتبر الحمدوني أن “التعديلات المقترحة على قانون التشغيل من قبل الحكومة خطوة مهمة لمنع العبودية في سوق العمل”، وفق وصفه، لكنه أضاف أن “التحدي الأكبر يتمثل في فرض التطبيق الفعلي لهذه التعديلات، وضمان عدم التلاعب بها من قبل أصحاب الأعمال”.
ويُذكر أن علي الحمدوني هو معتمد سابق بوزارة الداخلية، وحاصل على الماجستير في الحقوق.
قمت مؤخرا بمسيرة على الأقدام من سيدي بوزيد إلى قصر الرئاسة للمطالبة بحقك في عيش كريم، هل ممكن تفاصيل عن هذه المسيرة، وهل نجحت في إيصال رسالتك إلى السلطة؟
بعد خدمة الدولة التونسية لقرابة 10 سنوات، سنتان في هيئة مكافحة الفساد و8 سنوات في خطة معتمد بوزارة الداخلية بكل من “سجنان، جومين بالنيابة، غزالة بالنيابة وزغوان، الزريبة بالنيابة، بئر مشارقة بالنيابة والفحص وماطر”، يتم إنهاء مهامي لأجد نفسي عاطلاً عن العمل، لأقرر على إثرها القيام بمسيرة على الأقدام من أمام مقر ولاية سيدي بوزيد في اتجاه قصر قرطاج.
فالمسيرة هدفها إيصال صوت تذمر من قساوة الحياة ورغبة في التجاوب مع وضعيتي الاجتماعية الصعبة، وقد تم التفاعل معي إيجابيا بعد أن تم استقبالي بمقر وزارة الداخلية. وعليه أشكر الرئيس قيس سعيد والسيد وزير الداخلية للتفهم والتفاعل إيجابيا وإيلاء الموضوع الأهمية اللازمة.
توليت في السابق منصب معتمد لولاية زغوان، لماذا قررت التخلي عن هذا المنصب، ماهي أهم الصعوبات التي واجهتك في هذه المهمة؟
لم أتخلى عن المنصب وإنما طلبت الانتقال إلى إحدى معتمديات ولاية بنزرت بهدف ترميم وجمع الأسرة. المهنة فيها عديد الصعوبات منها وأهمها تحقيق السلم الاجتماعي في ظل صعوبات اقتصادية تشهدها البلاد وهذا يتطلب رحابة صدر كبيرة وتفهم لدى المسؤول، ونحن سعيا دائما أينما كنا إلى بسط الأمان وتحقيق السلم الاجتماعي بالتنسيق مع كافة الأطراف المتدخلة وتشريك المجتمع المدني والمجالس المحلية الذين أصبحوا شريكا أساسيا في هذا المجال.
هل ممكن شرح دور المعتمديات في النظام القاعدي الجديد، وهل برأيك ستنجح المجالس المحلية في تحقيق التنمية في ظل ضعف الموارد والأزمة الاقتصادية؟
في النظام القاعدي الذي يسعى الرئيس قيس سعيّد إلى ترسيخه، تُعتبر المعتمديات نقطة إرتكاز في إعادة هيكلة السلطة المحلية، حيث يتم تحويلها إلى وحدات فاعلة داخل المجالس المحلية، ومنها نحو المجالس الجهوية ثم المجلس الوطني للأقاليم. هذه الهيكلة تهدف إلى تحقيق “ديمقراطية مباشرة”، بحيث يكون اتخاذ القرار أقرب إلى المواطنين.
هل تعتقد أن التعيينات في سلك الولاة وغيرها من مناصب الدولة مازلت قائمة على المحاباة، وكيف يمكن التصدي للفساد والمحسوبية في الإدارة التونسية؟
لا يمكن القول إن جميع التعيينات قائمة على المحاباة، لكن لا تزال هناك حالات تفتقر إلى معايير الشفافية والكفاءة. ولمكافحة الفساد والمحسوبية، يجب فرض معايير واضحة، وتفعيل آليات الرقابة، وتعزيز استقلالية المؤسسات عن أي تدخلات غير مهنية. فالتعيينات في السنوات الأخيرة تتم على الكفاءة، وهذا معيار ايجابي ويتطلب مزيدا من الوقت لتحقيق نتائج على أرض الواقع.
كيف يمكن معالجة ملف العاطلين عن العمل في تونس وسط المماطلة في تطبيق الوعود الحكومية على أرض الواقع، هل سيؤدي العجز عن حل هذا الملف في تراجع وتآكل شعبية الرئيس قيس سعيد؟
ملف العاطلين عن العمل في تونس يعدّ أحد أعقد القضايا التي لم تجد الحكومات المتعاقبة حلولًا جذرية لها، ويزيد من تعقيدها تراجع نسب النمو وضعف الاستثمارات. الدولة كانت قد وعدت مرارًا بمعالجة الأزمة من خلال مبادرات مثل “الصلح الجزائي” وتمويل المشاريع الشبابية، لكن مع ذلك لا أعتقد أن الرئيس شعبيته ستتآكل بسبب هذا الملف لأنه يحمل فكر والفكر لا يموت.
وفيما يخص الأداء الحكومي لمعالجة ملف العاطلين عن العمل، فهو أداء ايجابي لكنه غير كافي، ناهيك عن قرار ترسيم الأساتذة والمعلمين النواب، كذلك نستبشر خيرا بعد عودة فتح المناظرات في الوظيفة العمومية والقطاع العام نهاية 2024 بداية 2025.
وما نقترحه كحلول لهذا المشكل، هو إحداث منصة إعلامية للتشغيل يكون فيها اعتماد السن وسنة التخرج كمقياس أساسي، ويكون الفرز عن طريق المنظومة الإعلامية بشفافية مطلقة، ويكون الانتداب على دفعات عدد معين كل سنة على ثلاثة سنوات تماشيا وتناغما مع ميزانية الدولة، بذلك يعود باب الأمل لمن طالت بطالتهن.
أيضا من المهم تحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي عبر تسهيلات ضريبية وإدارية، إصلاح التعليم والتكوين المهني ليتماشى مع متطلبات السوق، ودعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة بتمويلات ميسّرة، وإدماج القطاع غير المهيكل. إطلاق مشاريع كبرى في البنية التحتية والطاقة والذكاء الاصطناعي.
ما رأيك في التعديلات الجديدة الخاص بقانون الشغل وقد وصفتها بقرارات لمنع العبودية، هل يمكن أن تحد هذه التعديلات من التجاوزات في هذا القطاع؟
التعديلات الجديدة على قانون الشغل، التي وُصفت بأنها قرارات لـ”منع العبودية”، تستهدف الحد من التجاوزات في سوق العمل، لا سيما في ما يتعلق بعقود التشغيل الهشة وظروف العمل غير الإنسانية في بعض القطاعات.
من أبرز هذه التعديلات فرض رقابة أكبر على عقود العمل المؤقتة وضمان الحد الأدنى من الحقوق للعمال، خصوصًا في القطاع الفلاحي والخدماتي. لكن نجاح هذه الإصلاحات يعتمد على آليات التنفيذ، إذ أن القوانين وحدها لا تكفي دون تعزيز دور أجهزة التفتيش العمّالي، وضمان احترام الحقوق في القطاع الخاص. وفي ظل الاقتصاد الموازي وضعف الالتزام القانوني، سيبقى التحدي الأكبر هو فرض التطبيق الفعلي لهذه التعديلات وضمان عدم التلاعب بها من قبل أصحاب الأعمال.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس