علي الزرمديني لـ”أفريقيا برس”: الدعم العسكري الأميركي لتونس مستمر لحماية المصالح المشتركة

58
الزرمديني: الدعم العسكري الأميركي لتونس مستمر لحماية المصالح المشتركة
الزرمديني: الدعم العسكري الأميركي لتونس مستمر لحماية المصالح المشتركة

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. أكد الخبير الأمني علي الزرمديني في حواره مع “أفريقيا برس”، أن التحالف التونسي الأميركي يشهد تجديدًا مستمرًا، في ظل حرص الولايات المتحدة على حماية مصالحها في شمال أفريقيا من خلال تعاونها العسكري والأمني العريق مع تونس.

وبيّن أن واشنطن تراهن على الموقع الاستراتيجي لتونس، خاصةً في مواجهة التمدد الروسي والصيني المتزايد في القارة الأفريقية.

ورغم وجود بعض التحفظات لدى الإدارة الأميركية حيال سياسات الرئيس قيس سعيد، إلا أن الزرمديني أوضح أن دعم الولايات المتحدة لتونس في المجال الأمني والعسكري لا يزال ثابتًا، لما يمثله ذلك من أهمية حيوية لكلا الطرفين.

وأشار الخبير الأمني إلى أن “المناورات العسكرية الجارية حاليا في تونس بإشراف أميركي هي مجرد تقاليد تنتهجها البلدان منذ الاستقلال، وتعكس مدى التقارب التاريخي بينهما حيث حرصت واشنطن على دعم تونس في المجال الأمني والعسكري بسبب موقعها الإستراتيجي المهم ولحماية مصالحها في المنطقة في ذات الوقت”، وفق تقديره.

ورأى أن “التحديات الأمنية والمخاطر الإرهابية تفرض على تونس أن تكون شريكا فاعلا مع الدوائر الغربية”، لافتا في سياق آخر إلى “تعافي المؤسسة الأمنية في الآونة الأخيرة وبداية استرجاعها لكل مقوماتها رغم ما عاشته من هزات ومحاولات اختراق خلال العشرية السابقة”.

وعلي الزرمديني هو خبير أمني وعميد سابق بالحرس الوطني التونسي.

ما هي قراءتكم للمناورات العسكرية التونسية-الأميركية والمتعددة الأطراف التي تستضيفها تونس حاليا؟

يجب الإشارة إلى أنه هنالك تعاون تاريخي بين تونس والولايات المتحدة الأميركية على مستوى العسكري والأمني، وهي ليست المرة الأولى التي تستضيف فيها تونس مثل هذه التمارين، فقد تعددت منذ الاستقلال إلى اليوم، ففي كل سنة نشهد العديد من المناورات سواء على مستوى الوحدات الخاصة أو على مستوى التمارين البحرية أو العمليات العسكرية الشاملة.

أي تأثير للبرنامج الأميركي في تونس لتدريب أجهزة الأمن والدفاع على سياسة تونس الأمنية؟

التعاون العسكري مع واشنطن لا يقتصر على هذه المناورات والتدريبات بل يشمل كذلك المد بالتجهيزات، ونحن نعلم أن من أنشأ الوحدة المختصة للحرس الوطني وأشرف على تدريبها وتزوديها بالإمكانيات هي الولايات المتحدة الأميركية، كذلك الوحدات الخاصة للجيش الوطني، وبالتالي هناك تعاون عميق تاريخي ومتجذر بين تونس والولايات المتحدة على مستوى التدريب وعلى مستوى التجهيزات وفي كل المجالات التي تتعلق بالأمن والجيش، وهو ما سيكون له مردود ايجابي على أداء الجهاز الأمني لبلدنا.

تعتبر الولايات المتحدة تونس شريكا على المستوى العسكري في شمال أفريقيا، هل تراهن على تونس لأجل قيامها بدور إقليمي أكبر خاصة لمواجهة التحديات الأمنية والإرهابية؟

لا أعتقد أن هذا التعاون العسكري يمهد لأي دور سياسي أوسع لتونس في المنطقة، بل هي مجرد تقاليد تنتهجها تونس منذ السنوات الأولى للاستقلال وتتواصل إلى اليوم على نفس النسق وبنفس الكيفية، والثابت أن تونس اختارت الشق الغربي فيما يخص التعاون العسكري والأمني، وفي عهد الرئيس الراحل السبسي أصبحت تونس عضوا ملاحظا في حلف الشمال الأطلسي “الناتو”، وهو دليل على المواصلة في هذا الخيار والنهج، وفيما يخص الدبلوماسية التونسية صحيح أنها معتدلة لكنها تميل أكثر إلى الغرب.

وبالنسبة للولايات المتحدة فهي تعتبر تونس شريكا فاعلا على المستوى العسكري في شمال أفريقيا منذ بداية الاستقلال، وكانت سندا وداعما لتطوير القدرات الميدانية واللوجستية للجيش الوطني وكذلك لبعض الهياكل والمؤسسات الأمنية، ونعلم جيدا أنه من بين المسائل التي تعمل عليها حاليا الولايات المتحدة لدعم تونس هي إنشاء الأكاديمية الأمنية في “النفيضة” وهي بتمويل أميركي كامل.

كذلك تعد تونس شريكا فاعلا للولايات المتحدة في مواجهة التحديات الأمنية والإرهابية في المنطقة، ونحن نعلم أن منطقتنا اليوم من أهم المناطق التي تحتضن الجماعات الإرهابية بكل فصائلها، وبالتالي لتونس دور مهم خاصة أن موقعها الإستراتيجي يفرض عليها ويحتم عليها أن يكون شريكا فاعلا لواشنطن وأوروبا ولكل الدول التي تتواجد في المنطقة للتصدي للإرهاب أو التي تعمل على مواجهة التحديات الأمنية القائمة، وهي تحديات عميقة وكبيرة ومتجذرة، هذا الموقع الاستراتيجي يجعلها محل اهتمام من كل هذه الدوائر التي تسعى لمواجهة مثل هذه التحديات والتي تمس كذلك منطقتنا، فتونس على بعد خطوات من أوروبا وهو ما يجعلها شريكا فاعلا ولن ننسى أنها عضو ملاحظ في الناتو.

هل تسعى واشنطن لإحداث تقارب ناعم مع تونس في مواجهة الطموح الروسي والصيني في أفريقيا؟

جانب مهم للإستراتيجية الجغرافية لتونس أنها تتواجد بين مضيقين أي بين مضيق “صقلية” ومضيق “جالطا” التي تمر منه نسبة مهمة جدا من البواخر على مختلف أنواعها سواء تجارية أو عسكرية، وهذا الموقع ساهم في زيادة الاهتمام الأميركي بتونس حيث نعلم مدى أهمية البواخر في العقيدة العسكرية الأميركية، وبالتالي باتت تونس محل اهتمام بالغ من المعسكر الغربي مثل أوروبا وكذلك المعسكر الشرقي الذي سعى تاريخيا أن يتمدد فيها وأن يكون لها حضور فيها باعتبار هذه الأهمية الإستراتيجية.

ما هو تقييمك للعلاقات التونسية-الأميركية منذ تولي الرئيس قيس سعيد الرئاسية، هل سيتعزز التحالف التقليدي بين البلدين أم أن التحفظات الأميركية حيال سياسة سعيد ستعيق ذلك؟

العلاقات الأميركية-التونسية لا تغيرها الأطراف التي تحكم هذا البلد أو ذاك، هي علاقات متجذرة فللولايات المتحدة جذور هنا ولتونس جذور هناك، ونحن نعلم أن هذه العلاقات تمتد إلى “العهد الحسيني” وحتى ما سبق تلك الفترة، وقد كانت تونس من بين الأوائل الذين اعترفوا باستقلال الولايات المتحدة، وبالتالي المسار الذي يتبعه قيس سعيد لا يختلف عن المسارات التي اتبعه كل الرؤساء الذين تداولوا على إدارة الشأن السياسي في تونس، هي علاقة متقاربة جدا مع بعض الفوارق النسبية التي ليست لها أي تأثير سلبي على مسار هذه العلاقات.

وإذا ما تحدثنا على التحفظات الأميركية بخصوص تونس فقد عرف عن واشنطن تركيزها على ملف حقوق الإنسان وهي مقاربة تعتمدها مع تونس منذ عهد بورقيبة، وعلى غرار هذا الملف لا يوجد أي تحفظ أميركي آخر على تونس، ويجب التذكير أنه لا يهم الولايات المتحدة في كل بلد إلا مصالحها، ومصالحها في المنطقة عديدة ومتعددة وارتباطها كذلك بالشأن الليبي يجعلها تتعامل مع تونس بسياسة فيها الكثير من الحذر، فهي لا تريد أن تنغمس كثيرا في الشأن الداخلي التونسي فما يهمها بالأساس هو المجال الحيوي والإستراتيجي لتونس وما يهمها هو مصالحها الواسعة في الدائرة الإقليمية المحيطة ببلدنا.

كيف تقيّم السياسة الأمنية في تونس منذ تولي الرئيس سعيد الرئاسة مقارنة بالعشرية السابقة، هل نجحت تونس في تحقيق استقرار أمني؟

السياسة الأمنية في تونس هي سياسة لها تقاليد، وبصفتي ابن المؤسسة الأمنية فنحن نعلم كيف تم بنائها على أسس صحيحة وثابتة وعلمية، ونلاحظ اليوم أن هذه المؤسسة تحاول استعادة عافيتها تدريجيا شيئا فشيئا، فرغم ما أصابها في العشرية السابقة من ضرر كبير حيث حاول من حكموا البلاد حينها الدوس على هذه المؤسسة والسيطرة عليها، إلا أنها اليوم تحاول استرجاع كل مقوماتها تدريجيا رغم ما أصابها من هزات ومحاولات اختراق ومحاولة لتغيير المنهج العلمي الذي بنيت عليه، اليوم هذه المؤسسة بصدد التعافي وقد حققت نتائج مهمة لكن مازال الكثير لأجل إعادتها إلى مدارها الطبيعي سواء على مستوى الإمكانيات المادية والبشرية أو على مستوى الرفع من درجات التدريب وفق ما يقتضيه العصر من متطلبات وما تتطلبه الجريمة من معطيات خصوصا العلمية والمادية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here