علي زغدود: قانون توظيف البطالة خطوة إيجابية نحو الحل

علي زغدود: قانون توظيف البطالة خطوة إيجابية نحو الحل
علي زغدود: قانون توظيف البطالة خطوة إيجابية نحو الحل

آمنة جبران

أهم ما يجب معرفته

دخل قانون توظيف خريجي التعليم العالي الذين طالت بطالتهم حيز التنفيذ في تونس، حيث اعتبر النائب علي زغدود أن هذا القانون يمثل خطوة إيجابية لمعالجة البطالة. يشدد زغدود على أهمية الإرادة السياسية لتطبيق القانون بشكل فعلي، ويشير إلى ضرورة وجود رؤية تنموية شاملة لتحسين الأوضاع المعيشية في البلاد. كما يتناول القانون آليات انتداب محددة تهدف إلى إنصاف الفئات المهمشة.

أفريقيا برس – تونس. دخل القانون المتعلق بأحكام استثنائية لتوظيف خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم بالقطاع العام والوظيفة العمومية حيز التنفيذ في تونس، وذلك بداية من الثلاثاء 23 ديسمبر 2025، تاريخ صدوره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.

واعتبر علي زغدود، النائب بالبرلمان التونسي، في حواره مع “أفريقيا برس” أن “قانون تشغيل من طالت بطالتهم خطوة في الاتجاه الصحيح لمعالجة أحد أعمق المعضلات الاجتماعية في تونس وهي البطالة، غير أن تطبيقه على أرض الواقع يشترط توفر إرادة سياسية حقيقية وحسن التصرف.”

وأوضح أن “القانون لم يُبنَ على منطق المجازفة المالية، بل على التدرج والبرمجة الزمنية، وهو ما يسمح للدولة باستيعاب الكلفة دون إنهاك الميزانية، كما أن القانون لا يفتح باب الانتداب العشوائي، بل يؤسس لمسار منظم يهدف إلى إنصاف فئة مهمشة، وفي الآن ذاته سدّ نقائص حقيقية داخل الإدارة العمومية.”

وأشار إلى أن “ميزانية 2026 حاولت الاستجابة للضغط الاجتماعي الكبير، لكنها ما زالت تعاني من غياب رؤية تنموية شاملة”، لافتًا أن “المطلوب لتحسين الأوضاع المعيشية هو انتهاج مقاربة مزدوجة: حماية اجتماعية من جهة، واستثمار وتنمية من جهة أخرى، خاصة في الجهات الداخلية”. وفق تقديره.

وعلي زغدود هو نائب تونسي، وهو رئيس كتلة لينتصر الشعب، وعضو لجنة المالية والميزانية بمجلس النواب.

مع مصادقة البرلمان مؤخرًا على مقترح قانون لتشغيل من طالت بطالتهم، هل يمكن شرح مضامين وتفاصيل هذه المبادرة؟

هذا القانون يندرج في إطار معالجة واحدة من أعمق المعضلات الاجتماعية التي تعيشها تونس، وهي بطالة أصحاب الشهادات العليا الذين طال انتظارهم لسنوات دون أفق. المبادرة تقوم على آلية انتداب استثنائية ومحددة زمنيًا في القطاع العام والوظيفة العمومية، لفائدة فئات دقيقة تم ضبطها وفق معايير موضوعية، أبرزها طول مدة البطالة، وسنّ المترشح، والوضعية الاجتماعية. القانون لا يفتح باب الانتداب العشوائي، بل يؤسس لمسار منظم يهدف إلى إنصاف فئة مهمشة، وفي الآن ذاته سدّ نقائص حقيقية داخل الإدارة العمومية، بما يحقق التوازن بين الحق الاجتماعي وحاجيات الدولة.

ذكرتم أنكم دققتم في شروط الانتداب حتى لا نقع في فخ القانون 38، كيف ذلك؟

استفدنا بوعي من دروس التجارب السابقة، وعلى رأسها القانون 38، الذي اصطدم بإشكاليات التطبيق بسبب غياب الضبط الدقيق والمعايير القابلة للتنفيذ. في هذا القانون تم تحديد الشروط بدقة: ضبط الفئة العمرية، تحديد مدة البطالة بصفة واضحة، ربط الانتداب بالحاجيات الفعلية للإدارات، توزيع الانتدابات على سنوات مالية متعددة لتفادي الصدمة الميزانياتية. بذلك انتقلنا من منطق الوعود العامة إلى نص تشريعي قابل للتنفيذ الواقعي.

برأيك هل يمكن تطبيق هذا القانون فعليًا على أرض الواقع في ظل ما تعانيه تونس من ضغوط مالية؟

نعم، يمكن تطبيقه إذا توفرت الإرادة السياسية وحسن التصرف. القانون لم يُبنَ على منطق المجازفة المالية، بل على التدرج والبرمجة الزمنية، وهو ما يسمح للدولة باستيعاب الكلفة دون إنهاك الميزانية. كما أن تشغيل آلاف الشباب يخلق ديناميكية اقتصادية إيجابية، ويحدّ من كلفة البطالة الاجتماعية، وهو استثمار في الاستقرار لا عبء إضافي.

هل تعتقد أن ميزانية 2026 ركزت على ملف البطالة والفئات الاجتماعية دون رؤية تنموية واضحة، وعلى حساب الاستثمار؟

ميزانية 2026 حاولت الاستجابة للضغط الاجتماعي الكبير، وهذا مفهوم في سياق أزمة خانقة، لكنها ما زالت تعاني من غياب رؤية تنموية شاملة. التركيز على الأجور والدعم دون دفع قوي للاستثمار العمومي والخاص لن يحلّ جذور الأزمة. المطلوب هو مقاربة مزدوجة: حماية اجتماعية من جهة، واستثمار وتنمية من جهة أخرى، خاصة في الجهات الداخلية.

هل من شأن هذا القانون أن يعيد ثقة الشباب في ثورة يناير؟

هذا القانون خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنه ليس كافيًا بمفرده. الثقة تُبنى بالفعل لا بالشعارات، وبالنتائج لا بالنوايا. إذا رافق هذا القانون مسار اقتصادي منتج، وعدالة جهوية، وإصلاح حقيقي للإدارة، يمكن حينها استعادة جزء من الثقة المفقودة. أما إن بقي معزولًا، فسيظل إنجازًا جزئيًا في بحر من الإحباط.

هل برأيك ميزانية 2026 محاولة لإسكات الشارع الاحتجاجي؟

لا أعتقد أنها محاولة لإسكات بقدر ما هي محاولة احتواء اجتماعي في ظرف دقيق. لكن الاحتواء دون حلول جذرية لا يدوم. الشارع لا يطالب بالمسكنات، بل بحقه في التنمية والكرامة والفرص المتكافئة.

ما رأيك في الانتقادات الموجهة لأداء البرلمان؟ وهل سقط في فخ الشعبوية؟

البرلمان، كأي مؤسسة منتخبة، ليس فوق النقد. نعم، هناك محاولات شعبوية من بعض النواب، وهناك أيضًا اختلافات طبيعية بدأت تطفو، لكن هذا لا يعني فشل البرلمان. المطلوب اليوم هو الارتقاء بالنقاش من منطق الاستعراض إلى منطق الحلول، وربط العمل التشريعي أكثر بالواقع الاجتماعي والاقتصادي للناس.

كيف تقيم برنامج الحكومة في تحسين واقع الجهات الداخلية؟

بصراحة، وتيرة التحركات مازالت بطيئة، وهو ما ينعكس سلبًا على ثقة المواطن، وعلى صورة الدولة عمومًا، بما فيها البرلمان. الجهات الداخلية لا تحتاج خطابات، بل مشاريع جاهزة للتنفيذ، وبنية تحتية، واستثمار عمومي حقيقي. أي تأخير إضافي يراكم الإحباط ويعمّق الفجوة.

ماهي أولويات الجهات بشكل دقيق ومستعجل؟ وهل قمتم بإحصائها؟

نعم، قمنا بإحصاء وتدوين الأولويات من خلال التواصل المباشر مع المواطنين والفاعلين المحليين، وأبرزها: التشغيل وخلق فرص العمل، الصحة والبنية التحتية الأساسية، الماء والنقل، دعم الاستثمار المحلي، فك العزلة عن المناطق الحدودية والداخلية. هذه الأولويات ليست نظرية، بل مطالب يومية عاجلة، والعمل النيابي الحقيقي يبدأ من تحويلها إلى سياسات عمومية ملموسة.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here