آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. أكد فتحي العيادي، القيادي بحركة النهضة التونسية، في حواره مع “أفريقيا برس”أن “الحركة ترحب بكل حوار وطني لا يقصي أي طرف، لأن فكرة إقصاء النهضة أو أي طرف آخر يفرغ الحوار من حقيقته ويجعل مخرجاته بلا معنى، وأن قيمة أي حوار وطني هو في تقديم إجابة واضحة ودقيقة وجامعة لتحديات ورهانات الحالة الوطنية”، وفق تقديره.
واستبعد أن يشهد ملف الموقوفين السياسيين انفراجة بهدف تخفيف الاحتقان، حيث لا مؤشرات على ذلك رغم ما تتعرض له السلطة من ضغوط في هذا الملف”، مقرا” بتسلل الانقسام السياسي والخلافات الإيديولوجية إلى دائرة التضامن مع الموقوفين من الحركة الذين لم يتلقوا الدعم أو التنديد الكافي جراء الأحكام القاسية التي طالتهم مؤخرا”، مشيرا إلى أن “الانقسام سبب ضعف المعارضة التونسية اليوم.”
وفيما يخص تعامل السلطة التونسية مع تطورات الملف السوري، رأى أن “السلطة تأخرت في مساندة الثورة السورية والتضامن مع الشعب السوري وتدعيم العلاقة مع الحكومة السورية الجديدة، حيث أن إدارة العلاقات وسياسات تونس الخارجية تسير في أفق ضيقة”، وفق تعبيره.
وفتحي العيادي هو قيادي في حركة النهضة، ورئيس مجلس شوراها بين 2012 و2016، وهو عضو المكتب التنفيذي الحالي للحركة ومدير أكاديمية ريادة للتكوين والتدريب القيادي.
كيف تقيمون الوضع الحالي داخل حركة النهضة بعد التحديات الأخيرة التي واجهتها؟
وضع الحركة من الوضع العام لبلادنا بعد انقلاب 25 جويلية 2021، الذي أجهض التجربة الديمقراطية وبدأ في تصفية إرث ثورة الحرية والكرامة وتغيير طبيعة الحكم وهيئة الدولة من نظام ديمقراطي إلى نظام سلطوي، اجتمعت فيه كل السلط بيد شخص واحد، هو رئيس الجمهورية يفعل ما يريد دون مساءلة أو محاسبة.
ضمن هذه البيئة الاستبدادية تعيش الحركة كغيرها من المكونات الأخرى وضعا صعبا ربما لم تعرفه الحركة منذ نشأتها. فإضافة إلى حملات التشويه الإعلامي التي لم تتوقف إلى اليوم، والتحريض عليها لضرب مصداقيتها لدى الرأي العام اتجهت سلطة الانقلاب إلى اعتقال قيادة الحركة وغلق كل مقراتها منذ سنتين، وحرمانها من كل وسائل العمل وجر أبنائها وبناتها أمام المحاكم. ما يحصل للحركة هو حرب استئصال باردة تهدف إلى إقصاء الحركة عن المشهد، وإسكات صوتها المدافع عن حق التونسيين في الحرية وحقهم في تجربة ديمقراطية تليق بنضالاتهم ونضال الأجيال السابقة والعيش بكرامة بعيدا عن كل إشكال الاحتقار والمهانة، التي تمارسها أدوات سلطة الانقلاب، والاستخفاف بعقول الناس وبيع الوهم لهم ومعاملتهم كرعايا وليس مواطنين.
مع كل هذه الانتهاكات والتجاوزات غير القانونية التي تقوم بها السلطة ضد الحركة وضد كل نفس معارض، فإن بعضا من اليسار الاستئصالي الوظيفي وخاصة ما يسمى “الوطد” يجتهدون دائما في تحريض السلطة على الحركة ودعوتها سرا وجهرا لحلها وتصفيتها ومصادرة حقها في العمل السياسي. إن سعيهم القديم والمتواصل في محاربة الحركة باستخدام أدوات الدولة لتحقيق حلمهم المريض في مشهد سياسي ومجتمعي دون النهضة في معاندة لاتجاه التاريخ وتجاهل لحقائق الواقع التونسي.
فالنهضة ليست إلا منتجا تونسيا خالصا ولد في سياقات ثقافية واجتماعية وسياسية تونسية وهي تمثل جزء واسعا من التونسيين. النهضة وليدة بيئتها وهي باقية ما بقيت تونس عربية مسلمة تعمل على بناء دولة حرة ديمقراطية متصالحة مع هوية عموم الشعب التونسي.
صحيح أننا نتألم لحال إخواننا في السجون، ونتألم لعجزنا عن زيارة مقراتنا والقيام بمهامنا ونتألم لحال كل تونسي، لكننا موقنون أن الحرية أقوى من كل قيد وأن سنبلة النهضة حتى وإن انحت لفترة من الزمن أمام الرياح، فلا شك أنه سينعدل عودها يوما لتنثر خيرها من جديد في تراب تونس.
ما هي الخطوات التي اتخذتها حركة النهضة لإعادة بناء الثقة داخل صفوفها ومع الشارع التونسي؟
أولا، تحرص الحركة على تنمية الثقة بالله عز وجل قبل كل شيء، والصبر على صعوبات المرحلة التي نمر بها في صفوف أبنائها والحمد لله أن جاء طوفان الأقصى ونجاح الثورة السورية ليعززا هذا الشعور ويفتحا آفاقا جديدة للأمل في الحرية وقدرة الشعوب على تحقيق التغيير. كما تحرص الحركة على المساهمة في مزيد من تثبيت القيم والمبادئ والأخلاق السياسية الإيجابية داخل صفوف الشعب التونسي من خلال مواقفها السياسية التي تمسكت بها واستمرت تدافع عنها رغم ما أصابها.
ثانيا، تحرص الحركة على استدامة التواصل مع أبنائها، ما وسعها ذلك وسمحت به ظروف الواقع الصعب الذي تعيشه تونس، ورعاية حوار داخلي حول سياسات الحركة ومواقفها وحول خياراتها المستقبلية، كل ذلك في سياق الإعداد لإنجاز مؤتمرنا القادم، الذي يمثل أرقى أشكال تجديد التعاقدات داخل الحركة، وتجديد الثقة بين كل العائلة النهضوية الواسعة.
من المهم الإشارة في هذا السياق إلى أن الطريق نحو المؤتمر لا تزال محفوفة بالكثير من الصعوبات المعطلة، منها إجراءات التضييق والحصار، التي تمارسها السلطة على الحركة منذ سنتين وتواصل اعتقال رئيس الحركة ونوابه وعدد غير قليل من القيادات، ووضع البقية تحت ضغط الاعتقال والملاحقة.
أما بالنسبة لإعادة بناء الثقة مع الشارع التونسي، نحن ندرك جيدا أهمية رأي شعبنا في تحديد خياراتنا الوطنية ودوره المتقدم في تطوير الحياة السياسية. لأجل ذلك نستمر في التواصل معه وتوضيح سياساتنا ومواقفنا في تواضع واستعداد لتعديل مسارنا حسب الوجهة العامة التي يعبر عنها التونسيون.
في هذا السياق نعمل على إطلاق منصة إلكترونية مفتوحة لعموم التونسيين في الداخل والخارج وتفاعلية نعرض فيها للتداول العام عددا من القضايا الهامة، يتعلق بعضها بتقييم تجربة النهضة وأداءها في عشرية الحرية والانتقال الديمقراطي، ويتعلق بعضها الآخر بالخيارات الإستراتيجية المستقبلية للنهضة في إطار مستقبل الحالة التونسية عموما.
من جهة أخرى، تواصل الحركة دفاعها عن الحقوق الأساسية للتونسيين، ومنها خاصة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية التي شهدت تراجعات كبرى منذ الانقلاب، نتيجة عدم وضوح الرؤية وضبابية السياسات وسوء التدبير وتراجع أداء المؤسسات في ظل مركزية حادة.
كيف تقيّم حركة النهضة قرار تمديد الإيقاف التحفظي لأمينها العام العجمي الوريمي؟ وما هو ردكم على التهم الموجهة إليه واثنين آخرين من منتسبي الحركة؟
بات واضحا لدى كل المتابعين أن كلفة تحويل القضاء من سلطة لها مؤسساتها التمثيلية والتعديلية وعلى رأسها المجلس الأعلى للقضاء، الذي حلّه الانقلاب ستكون كلفة عالية جدا في مجال الحقوق والحريات. إن تحويل القضاء إلى مجرد وظيفة بيد السلطة التنفيذية أفقد المسارات القضائية كل استقلالية، كما ألغى حق المتهمين في محاكمات عادلة. لم يعد القرار قرارا قضائيا يمكن تعليله أو فهمه بقدر ما أصبح قرارا تحت طلب سلطة الأمر الواقع لأجل ذلك لا يمكن تفسير قرار تمديد الإيقاف التحفظي للأخ الأمين العام ولبقية الإخوة مثل رئيس الحركة ونوابه وبقية المعتقلين السياسيين والإعلاميين والمدونين، إلا بكونه تعبيرا عن إرادة الانقلاب في تصفية معارضيه وإقصائهم من الفضاء العام.
كل الاعتقالات تعود إلى أمر واحد، هو رغبة السلطة في محاصرة معارضيها والتضييق عليهم بفبركة التهم في حقهم ومنعهم من حقهم في العمل السياسي، والتمتع بحرياتهم وحقوقهم السياسية وقتل السياسة.
ليس هناك من تهمة للأخ الأمين العام العجمي الوريمي غير إيمانه بالتعايش والعمل السلمي المدني والاستعداد غير المشروط للحوار مع الجميع، والتمسك بحق التونسيين في حياة حرة وكريمة بعيدا عن كل أشكال الإقصاء والكراهية والعنف واستعمال أدوات الحكم، لإكراه الناس على شي لا يرونه مناسبا لحياتهم.
نحن نعيش زمن شعبوية تحولت إلى منظومة تسيطر على كل شيء، السياسة والقضاء والاقتصاد والثقافة والمال العام والتدخل حتى في حياتنا الخاصة.
هل تتوقع أن يشهد ملف الموقوفين السياسيين انفراجة خاصة بعد إطلاق سراح سهام بن سدرين مؤخرا بهدف تخفيف الاحتقان؟
بادرت الحركة فور إطلاق سراح السيدة سهام بن سدرين بتهنئتها باستعادة حريتها، بعد أشهر من السجن كما هنأت الحركة كل الذين تم إطلاق سراحهم واستعادوا جزءٍ من حقوقهم المواطنية، ودعت إلى إسقاط كل القضايا المرفوعة ضدهم ظلمًا، وإيقاف التتبعات الجارية بحقهم وطالبت بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وفي مقدمتهم الأستاذ راشد الغنوشي رئيس مجلس نواب الشعب، ووقف مسار الاعتداء على القانون والحريات الفردية والعامة.
ومع ذلك، لا أرى أن إطلاق سراح السيدة سهام بن سدرين وآخرين مؤشر على نية السلطة تخفيف الاحتقان في تونس، لأن الطريق إلى ذلك واضحة المعالم، ولا توجد مؤشرات جادة على ذلك، فمازال خطاب السلطة هو نفسه ولا زالت عمليات الاعتقال مستمرة في حق العديد من السياسيين، ولا زالت المحاكم تنتصب وتصدر أحكاما ظالمة وصادمة، كما يتواصل تمديد فترة اعتقال السياسيين، كما حصل مع المترشح للانتخابات الرئاسية لطفي المرايحي، كما لا تزال السلطة مستمرة في تجاهل مطالب المعطلين على العمل والفئات الهشة من شعبنا فهي سلطة منغلقة تماما، إلا على مناصري سعيد الذين حولوا الحكم والدولة إلى غنيمة.
هل تعتقد أن الانقسام السياسي يؤثر على عملية التضامن مع كافة المعتقلين السياسيين؟
الانقسام السياسي كان سببا في تسلل سعيد إلى السلطة ونجاح انقلابه، وهو سبب أيضا في استمرار ضعف المعارضة وعجزها عن إقناع المواطن التونسي بقدرتها على إدارة الشأن العام وإنهاء الحالة الانقلابية في بلادنا، وما نأسف له حقا أن يمتد تأثير هذا الانقسام إلى دائرة التضامن مع الحقوق الأساسية للإنسان. بعض الأصوات أصابها الخرس، ولم نسمع لها صوتا للتنديد بالأحكام الأخيرة الصادرة في حق إخواننا. ومع ذلك تبقى هذه الأصوات المبحوحة استثناء في المشهد السياسي والحقوقي التونسي الذي بدأ يتجه خطوات وإن كانت بطيئة، ولكننا نراها راسخة للتعالي عن الخلافات الأيديولوجية من أجل بناء المشتركات أو الجذع الوطني المشترك وأساسه الحرية، والديمقراطية وتبادل الاعتراف والتعايش.
ما هو موقف حركة النهضة من الحوار الوطني المرتقب؟ وهل تعتقدون أنه سيكون شاملًا لكل القوى السياسية؟
ليس هناك ما يؤشر على أن هناك حوارا وطنيا مرتقبا أو يتم الإعداد له. من جهتها، ترحب الحركة بكل حوار وطني لا يقصي أحدا. فكرة الحوار هي مسالة أصيلة في فكر النهضة، كما أنها عنوان بارز لمشروعها السياسي ومقاربتها لمعالجة القضايا الوطنية الكبرى.
فقد ساهمت الحركة في إنجاح تجربة الحوار الوطني سنة 2013، وقدمت في سبيل ذلك العديد من التضحيات على رأسها خروجنا من الحكومة وحقن دماء التونسيين من أجل العبور بمسار الانتقال الديمقراطي إلى مرحلة مستقرة تسمح بتواصله عبر الانتهاء من صياغة الدستور وتحديد موعد للانتخابات وتشكيل هيئة مستقلة للإشراف عليها.
كيف تقيّمون استثناء بعض القوى السياسية، بما في ذلك حركة النهضة، من المشاورات الأولية للحوار الوطني؟
لا أعلم أن هناك مشاورات سياسية في تونس وكل الأحزاب السياسية نفت ذلك بما فيها التي ساندت مسار الانقلاب. من جهتنا نحن ضد إقصاء أي طرف من الحوار إلا من أقصى نفسه، لأن فكرة إقصاء النهضة أو أي طرف آخر يفرغ الحوار من حقيقته ويجعل مخرجاته بلا معنى.
كيف ترون علاقة حركة النهضة بباقي الأحزاب السياسية في تونس اليوم؟ وهل هناك نية لإطلاق حوار وطني بين قوى المعارضة قبل أي حوار مع السلطة؟
دعت حركتنا كل مكونات الطيف السياسي على اختلافاته إلى كلمة سواء من أجل مصلحة تونس، وعملت على صناعة المشترك الوطني وتدعيم كل خطوة في اتجاه جمع كلمة التونسيين ومحاربة كل نزعات التقسيم والإقصاء. وتجدد الحركة هذه الدعوة إلى كل المعارضة الديمقراطية الجادة لإطلاق حوار جدي، عميق ومسؤول على أساس قيم دستور الثورة وهي الحرية والديمقراطية والمدنية والاعتراف بما يفضي إلى بناء مشروع وطني جامع يثبت المشتركات، ويحترم الاختلافات ويؤمن آليات ديمقراطية لإدارتها.
الحركة مندرجة في جبهة الخلاص الوطني وترعى علاقاتها السياسية مع كل الأطراف بما لا يتعارض مع التزامها مع الجبهة وتدعم كل المبادرات الهادفة إلى التقاء الأحزاب السياسية حول حوار وطني يساعد على تعزيز الثقة وتيسير استعادة حالة ديمقراطية خالية من أعطاب حالة ما قبل الانقلاب تضع حدا للحكم الفردي التسلطي.
ما هي أبرز النقاط التي ترغب حركة النهضة في طرحها على طاولة الحوار الوطني إذا تمت دعوتها؟
ليس للحركة نقاط خاصة بها، ونعتبر أن قيمة أي حوار وطني هو تقديم إجابة واضحة ودقيقة وجامعة لتحديات ورهانات الحالة الوطنية، والتي يمكن إجمالها في بلورة عرض سياسي جديد يشمل مسألتين هامتين، الأولى جوابا على سؤال كيف تستعيد تونس ديمقراطيتها ومكتسبات ثورتها، والثانية جوابا على سؤال كيف يمكن إنقاذ تونس من الانهيار الاقتصادي والاحتقان الاجتماعي، بما يضع حدا لتراجع المقدرة الشرائية للمواطن، ويحسن من خدمات المرفق العمومي ويضيق دائرة الفقر التي اتسعت في السنوات الأخيرة.
كيف ترى حركة النهضة وصول الإخوان المسلمين أو هيئة تحرير الشام إلى سدة الحكم في سوريا؟ وهل تدعم النهضة هذا التطور؟
بداية من قاد الثورة وأنهى نظام الأسد المخلوع هم مجموعة من فصائل المعارضة السورية المسلحة وأهمها هيئة تحرير الشام.
ثم إن ما أشرتم إليه وجه من وجوه صورة ما حدث في سوريا، لكن الوجه الآخر هو سقوط بشار وما مثله في حياة السوريين من رعب وخوف وقتل وتشريد. لكل ظلم نهاية مهما اشتد ومهما طال ودماء الشهداء وعذابات الأمهات والآباء لن تضيع سدى ستثمر حتما بإذن الله، وفي زمن قد يراه الظالم بعيدا لكنه قريب فيأخذه الله في غفلة كما حصل مع زين العابدين بن علي وغيره من جبابرة هذه المرحلة من تاريخ أمتنا.
ما حصل في سوريا انتصار لثورة ظن الكثيرون أن نارها تحولت رمادا، فإذا ما تحته يصبح لهيبا بعد أن نفخ فيه الشعب السوري من إرادته يحرق وجوه المستبدين ويقتلع جذورهم من أرض سوريا.هو انتصار لإرادة الثورة نسأل الله لها مزيدا من النصر والتمكين، في وضع شديد التعقيد إذ لا تزال للثورة المضادة فيه جولات وصولات.
النهضة تدعم سعي الشعوب للحرية وحقهم في التحرر، وتدعو كل الأحرار في سوريا إلى العمل المشترك من أجل حماية ثورتهم، فمعارك البناء أشد من معارك الهدم ولا نجاة إلا بالالتحام بالشعب السوري والعمل معه ولأجله وحماية وحدته والتكافل والتآزر ونبذ الفرقة والانقسام فمستقبل سوريا أمانة السوريين.
هل تؤيدون إقامة علاقات رسمية مع الحكومة السورية الحالية؟
نأسف جدا لتأخر بلادنا في مساندة الثورة السورية والتضامن مع الشعب السوري وتدعيم العلاقة مع الحكومة السورية الحالية، ونأسف أكثر إلى أن بلادنا قد بقيت الوحيدة التي لم تتواصل مع القيادة السورية الجديدة، بعد أن أرسلت الجزائر وزير خارجيتها إلى دمشق، وبعد أن وجّهت مصر دعوة للرئيس السوري لحضور القمة العربية المزمع عقدها قريبا.
يواصل الانقلاب إدارة علاقات وسياسات تونس الخارجية في أفق ضيقة جدا أدت إلى عزلة بلادنا لم تعرفها من قبل، وخاصة بعد أن ساهمت الثورة في التعريف بتونس وتوسيع علاقاتها وتحسين موقعها دوليا.
فقد نقل الانقلاب تونس من سعة الحضور في الفضاء الدولي إلى ضيق العزلة نتيجة الزج بتونس في سياسة المحاور دون أن تكون لتونس أي مصلحة في ذلك، إلا إشباع رغبة الرئيس في المخالفة حتى ولو كان في ذلك إساءة وخسارة لتونس.
حرصت النهضة طيلة عشرية الحرية والانتقال الديمقراطي على تطوير علاقات بلادنا بمحيطها العربي والمغاربي وتوسيع علاقاتها الدولية وتنويعها، وقد كان للأستاذ راشد الغنوشي رئيس الحركة مساهمات مقدرة من خلال الدبلوماسية الشعبية التي فتحت له أبواب العديد من الدول و الهيئات والفضاءات الدولية وفتحت لتونس أبوابا جديدة للاستثمار.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس