فتحي المشرقي لـ”أفريقيا برس”: خلاص ديون العشرية السابقة أهم إنجاز للبرلمان التونسي

53
فتحي المشرقي لـ
فتحي المشرقي لـ"أفريقيا برس": خلاص ديون العشرية السابقة أهم إنجاز للبرلمان التونسي

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. اعتبر النائب في البرلمان التونسي فتحي المشرقي في حواره مع”أفريقيا برس” أن “خلاص ديون العشرية السابقة يعد أهم انجاز للبرلمان، كما تم الإيفاء بتعهدات الدولة التونسية تجاه الخارج، وتم سداد ما يقارب 53% من جملة ديون للسنة الحالية بتاريخ موفى جوان/حزيران 2024″، وذلك في معرض تقييمه للدور التشريعي للبرلمان مع اقتراب نهاية السنة البرلمانية.

ورأى المشرقي أن “معالجة الأزمة الاقتصادية تقتضي بالأساس تحرير الاستثمار، فهو أولى خطوات الخروج من الأزمة”، إضافة إلى “ضرورة إنقاذ المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تعد العمود الفقري للاقتصاد التونسي”. ورغم “المؤشرات الاقتصادية الإيجابية بسبب اعتماد مسار 25 جويلية على سياسة التعويل على الذات وانفتاحه على علاقات خارجية جديدة تتجاوز شراكته التقليدية مع الغرب بتوجهه نحو الشرق في جرأة دبلوماسية وسياسية، لكن لا يخفي حجم التحديات التي يواجهها هذا المسار”، وفق تقديره.

وفتحي المشرقي هو نائب بالبرلمان التونسي عن دائرة بنزرت الشمالية، وهو عضو لجنة التشريع العام بالبرلمان ومتحصل على الأستاذية في القانون الخاص منذ سنة 2010.

ما هو تقييمكم لأداء البرلمان مع اقتراب نهاية السنة البرلمانية فيما يخص دوره التشريعي ودوره الرقابي مع الحكومة؟ هل نجح في تمرير القوانين ذات الأولوية للمواطن التونسي؟

من الضيم الحكم على برلمان في مدة وجيزة لأن تغيير الواقع الموجود بالتركة الثقيلة للعشرية الأخيرة وما سبقها يحتاج إلى رسم مخططات وسياسات دقيقة ومبنية على دراسات يطول إنجازها، ووفقا لتجارب الدول السابقة تحتاج الانتعاشة الاقتصادية الحقيقية إلى ما لا يقل عن 30 سنة والبرلمان التونسي ليس المسؤول الوحيد عن تحقيقها.

إن العمل الفعلي للبرلمان التونسي انطلق فعليا من غرة أكتوبر 2023 لأن الفترة التي انطلقت منذ أداء اليمين أي 13 مارس 2023 خصصت لإعداد النظام الداخلي وتركيز اللجان والكتل وانتخابات رئيس المجلس ونائبيه. ولعل أهم إنجاز للبرلمان التونسي هو خلاص ديون العشرية السابقة والتي قدرت لسنة 2023 بـ11.714 مليار دينار ونفس الشيء بالنسبة لسنة 2024 تم الإيفاء بتعهدات الدولة التونسية تجاه الخارج وتم سداد ما يقارب 53% من جملة ديون للسنة الحالية بتاريخ موفى جوان 2024.

يمارس مجلس نواب الشعب الدور التشريعي والرقابي وفق الآليات المنصوص عليها بدستور 2022 والنظام الداخلي للبرلمان ويبرز ذلك من أهمية القوانين التي صادق عليها، وأهمها القانون المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية للدواء ومواد الصحة وقانون متعلق بتنقيح وإتمام المركز الوطني لرسم الخرائط والاستشعار عن بعد وقانون بطاقة التعريف الوطنية وجواز السفر البيومتري وقانون سن أحكام خاصة بالإعفاء من واجب أداء الخدمة الوطنية وقانون متعلق بالبنايات المتداعية للسقوط وقانون المسؤولية الطبية وقانون تنقيح المرسوم المتعلق بالصلح الجزائي وقانون أساسي متعلق بالجريمة الإلكترونية المعتمدة ببوداباست في 23 نوفمبر 2001، وقانون أساسي متعلق بانضمام تونس للبروتوكول معدل لاتفاقية المنظمة العالمية للتجارة، وبجوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة المعتمد بجينيف لسنة 2005، وغيرها من القوانين، وسوف نختم هذه الدورة النيابية الحالية بالمصادقة على مشروع قانون تنقيح المجلة التجارية أو ما يعرف بقانون الشيكات وذلك في الجلسة العامة والتي ستكون يومي 30 و31 جويلية 2024، وسوف يكون كهدية للشعب التونسي والمؤسسات الصغرى والمتوسطة وكافة المتضرّرين من الشيكات بدون رصيد.

أما فيما يخص الدور الرقابي يبرز ذلك من خلال جلسات الحوار مع الحكومة والأسئلة الشفاهية والكتابية بالإضافة إلى الزيارات الميدانية: لقد عقد مجلس نواب الشعب من جانفي 2024 إلى موفي مارس 2024، 9 جلسات عامة صادق خلالها على 20 مشروع قانون. كما بلغ العدد الجملي للأسئلة الكتابية الموجهة إلى أعضاء الحكومة منذ بداية الدورة الثانية وإلى غاية مارس 2024؛ 1013 سؤال مقارنة بالدورة الأولى فلقد تم توجيه 289 سؤال كتابي للحكومة وجل هذه الأسئلة شملت البنية التحتية والشؤون الاقتصادية والتربية والتعليم والتكوين المهني والشباب والصحة والشؤون الاجتماعية والأسرة.

كنائب تونسي، ما هي الحلول للخروج من الأزمة الاقتصادية، وهل بإمكان الحكومة إنقاذ الأوضاع بالاعتماد على سياسة التعويل على الذات ودون إتباع سياسة الاقتراض الخارجي؟

مسار 25 جويلية يقوم على سياسة التعويل على الذات، ولعل أهم حلّ لخروج تونس من الأزمة الاقتصادية بفضل التركة القديمة بالإضافة لجائحة كورونا وحرب روسيا وأوكرانيا؛ هو تحرير الاستثمار لأن الاستثمار يعتبر أولى خطوات الخروج من الأزمة ولذلك فنحن ننتظر في مجلة الاستثمار ومجلة الصرف من الطرف الحكومي لتكون حقيقة الانطلاقة الاقتصادية كما وجب معالجة موضوع البيروقراطية التي لا ينفك بتكييل الاقتصاد وهو ما يفسر تراجع الاقتصاد التونسي رغم أن مؤشرات الاستثمار الصناعية لسنة 2023 حققت زيادة بحوالي 7 % فيما يتعلق بنوايا الاستثمار، ويجب تحرير الأنشطة الاقتصادية عن طريق حذف منظومة الرخص وكراسات الشروط، ويجب تنظيم مسالك التوزيع بالإضافة لوجوبية تنظيم القطاع الموازي وضمه للقطاع المنظم بشكل فعلي ويجب إنقاذ المؤسسات الصغرى والمتوسطة بما أنها العمود الفقري للاقتصاد التونسي ودعمها المادي ولقد تم تركيز نقطة إيجابية بمشروع قانون تنقيح المجلة التجارية أو ما يعرف قانون الشيكات هو وجوبية إحداث صندوق بكل مصرف ويشمل 8 % من الأرباح البنكية كل سنة ويكون خاص بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة كقروض ميسرة بدون فوائد.

إن التعويل على الذات بدون إتباع سياسة الاقتراض الخارجي يعتبر ناجحا وهو إيجابي، أما بالنسبة لمشاريع قوانين القروض فتجدر الإشارة أن تونس كعضوة بعدة منظمات بنكية دولية، فمثلا إفريقيا 50 فتونس مساهمة منذ 2015 في هذه المنظمة ولها أسهم محترمة.

لماذا بقيت ملفات البيئة والتلوث والتغير المناخي خارج حسابات الحكومات التونسية المتعاقبة رغم خطورتها؟

إن الحكومة الحالية تحاول بكل الوسائل معالجة الملفات البيئية والتلوث والتغيير المناخي ولقد وقع العمل على قانون تحسين مردودية النفايات وذلك بسن قانون التصرف في النفايات أصبح جهويا مع البلديات ويسعى البرلمان التونسي لتنقيح مجلة البيئة ولعل من أهم المشاريع الوطنية هو مشروع حماية بحيرة بنزرت من التلوث ولقد وقع رصد اعتمادات ناهزت 400 مليون دينار.

وقد وقع الإعلان عن هذا المشروع الضخم منذ 2014 لكنه لم يرى النور إلا بوصول البرلمان التونسي والحكومة وتمت حلحلة الإشكاليات وتذليل الصعوبات، ولقد أعطت إشارة الانطلاق لهذا المشروع ويوجد تحت قبة البرلمان مقترح قانون يتعلق بمكافحة جرائم الاعتداء على البيئة ومقترح قانون يتعلق بتنقيح القانون عدد 12 لسنة 2015 المؤرخ في 11 مايو 2015 المتعلق بإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة.

ونلاحظ أن العالم بدأ ينتقل بشكل متسارع نحو الاعتماد على الطاقات المتجددة. كما نلاحظ أن العالم بدأ ينتقل بشكل متسارع نحو الاعتماد على الطاقات المتجددة للتزود بالطاقة الكهربائية ويمكن أن تدعم هذه الجهود من خلال الانتقال إلى شبكة صديقة للبيئة والمساهمة في خفض الانبعاثات الكهربائية.

هل تعتقد أن المنافسة الانتخابية ستحظى بالشفافية في ظل رفض ملفات مرشحين منافسين للرئيس قيس سعيد وتواصل الإيقافات؟

إن المنافسة الانتخابية تحظى بالشفافية والنزاهة ولعل أهم عنصر هو تقديم أكثر من 90 مرشح للانتخابات الرئاسية المحددة يوم 6 أكتوبر 2024، ونذكر بعض الأشخاص المعارضين للمسار تم قبول ترشحهم من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وأن الذين تم رفض قبول ملفاتهم من قبل الهيئة وذلك لنقص ملفاتهم وعدم توفر الشروط الواجب توفرها وهي نفس الشروط القديمة منذ 2014 وقد تم إضافة شرط الجنسية والسن وبطاقة عدد 03، أما تواصل الإيقافات يتم بأمر النيابة العمومية وللمواطن كامل الحرية في الترشح من عدمه.

هناك انتقادات مستمرة للمرسوم 54 المثير الجدل، هل سيعمل البرلمان على تعدليه أم هناك انقسامات بشأنه؟

إن المرسوم عدد 54 المثير للجدل الصادر في 13 سبتمبر 2022 والمتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال ولقد جاء استجابة لمطلب المجتمع المدني الحقوقي والنسوي بتجريم العنف السيبيراني بصفة عامة، ولعل هذا المرسوم يختزل في الفصل 24 منه ويعاب أنه توجد مبالغة في تطبيق المرسوم عدد 54 أو بالأحرى الفصل 24 منه ونلاحظ أن عددا من النواب تقدموا بمقترح لتعديل المرسوم 54 وسوف يتم تدارسه في الدورة البرلمانية القادمة. ولعل توقيع رئيس الجمهورية يوم الأربعاء 24 جويلية 2024 أمرا يتعلق بمنح عفو رئاسي خاص يقضي بإسقاط العقاب عن عدد من المحكوم عليهم ممن ارتكبوا جرائم تتعلق بنشر تدوينات على صفحات تواصل اجتماعي واستثنى من حكم عليهم بجرائم أخرى تمت إثارة تبعات ضد مرتكبها من قبل النيابة العمومية.

كيف تقيّم المشهد السياسي والاقتصادي في تونس مع مرور ثلاث سنوات على انطلاق مسار 25 جويلية، هل بوسع هذا المسار الصمود أكثر في وجه الأزمات وتحسين أوضاع التونسيين؟

إن مسار 25 جويلية 2021 جاء لإصلاح ما تم إفساده إثر الحراك الثوري الشعبي، ولعل ما يميز المسار هو خروجه من رحم الشعب، ولعل أهم ركيزة هي رفض الوصفات الخارجية من المؤسسات الدولية والتي كانت تعتبر تونس تحت الوصاية أو ضيعة تابعة لها ولقد تم التعويل على الذات وتم خلاص ديون سنة 2023، وسوف يتم كذلك لسنة 2024 وعدم اعتمادنا على صندوق النقد الدولي، ولقد برزت جرأة في التعبير عن المواقف الدبلوماسية والسياسية، وبرز للعيان تغيير واضح في العلاقات الاقتصادية من علاقات تقليدية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية إلى انفتاح جديد على الشرق من بوابة روسيا ثم الخليج العربي وخصوصا العربية السعودية وهو انفتاح لصالح تونس ولقد تم تسجيل أرقام إيجابية مع موفى سنة 2023 حيث بلغ عدد السياح أكثر من 6.2 مليون سائح وبمداخيل بلغت 1.9 مليون دولار، وتطمح الحكومة التونسية لاستقبال 10 مليون سائح للسنة الحالية 2024 فضلا عن تراجع نسبة التضخم من 10% إلى 8.3% من سنة 2023 كما تراجعت نسبة المديونية وخلاص الديون الخارجية لسنة 2023، أما اليوم فلقد ارتفع مخزون العملة الأجنبية إلى 113 يوم توريد وهو مرشح لمزيد الارتفاع وكما سجل الميزان التجاري فائضا إيجابيا، وكلها مؤشرات اقتصادية إيجابية لكنها لا تخفي حجم التحديات وسوف يصمد مسار 25 جويلية أمام التحديات الداخلية والخارجية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here